جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 20:58
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
أنا روحي معلقة في قلب من أحب من معتقدات وأفكار وغير ذلك, ولي طريقتي في الحياة كما أن لكل إنسان طريقته في الحياة وسأموتُ إذا فقدتُ روحي وسأستحيلُ إلى رمادٍ تذروه الرياح إذا غابت عني روحي,وكما أن لكل إنسان طريقته في الحياة فكذلك للدولة أو لكل مجموعة سكانية أو لكل أمة طريقتها في التفكير الجماعي وينشأ الصغار والكبار على ممارسة الفكر كعادة غير سرية,وكذلك مفهوم الأمة العربية روحها معلقة بالوحدة وبالقومية, وتلهث الأمة العربية كلها خلف أي معتقد فكري يحقق لها الوحدة الوطنية والقومية وكان الإسلام وما زال هو روح القومية أو هو الفكر الوحيد الذي يحقق للعرب فكرة الخلود في الدنيا والآخرة ,ومن جهة أخرى روح الأمة الإسرائيلية معلقة بالأمن وبالاستقرار,فإن ضاع الأمن ضاع معه كل شيء وخرجت الروح منه,وكل أمةٍ من الأمم أو كل جماعة ثقافية(اثنية) لها فكرة رئيسية تدور وتحوم حولها وترفرف حولها مثل الروح التي ترفرف فوق الجسد أو كما النسور ترفرف بأجنحتها فوق الجيف والأجساد الميتة,وهذا معناه أن للجماعة روح جماعية هي التي تحافظ على بقاءها وهي الروح التي تمدها بالطاقة وبالبقاء الأبدي وبالخلود الأبدي بعد أن تعود الأرواح إلى خالقها ومصورها فمنها خلقت ومن أجلها ستموت وإليها ستعود وتعتقد تلك الجماعة بأن هذه الفكرة هي كل ما لديها من رأس مال ولا تملك غيرها رأس مال على الإطلاق.
وروح الأمة العربية هي (القومية)وهذه القومية هي الرأس مال الذي يكون على الغالب هو السبب في ضعف أدائها إن قلّ رأسمالها وهو سبب قوتها إن زاد رأسمالها,وهو سبب انحطاط تلك الأمة إن ضعفت الفكرة وتراجع عدد مؤيديها أو إن تخلت تلك الأمة عنه تماما كما يعتقد العربُ المسلمون أن ابتعادهم عن الإسلام-مثلا- هو سبب خروج أرواحهم من أجسادهم فروح المسلم معلقة بالإسلام وبالوحدة وبالاتحاد وبالقومية,وإن ماتت تلك الروح يموت معها كل شيء من كائنات حية ومن جمادات,وهذه الروح الإسلامية هي سبب تراجع وحدتهم القومية ولو يعودون إلى الإسلام فستعود إليهم روحهم وعزنهم وكرامتهم وعصرهم الذهبي-على حسب ما يعتقدون- فلم يستطع أي فكر أيديولوجي أن يحقق الوحدة بين القبائل العربية في بداية القرون الوسطى إلا الإسلام والإسلام هو الذي أوجد اللغة كرابط قومي بين آسيا الوسطى وأفريقيا البيضاء وجزءا كبيرا من أفريقيا السوداء,وكل ما جاء بعد الإسلام من نظريات قومية من أجل تحقيق القومية فشل فشلا ذريعا كالأحزاب القومية من بعثية وما شابه ذلك ولم تستطع تحقيق مفهوم الوحدة كما حققه الإسلام نفسه على فترة من التاريخ العصيب للأمة, لذلك الإسلام أو فكرة الوحدة القومية هي المسيطرة على المسلمين العرب وهي التي يبحثون عنها أو هي روحهم المعلقة بأجسامهم ومهما كان نوع الفكرة التي يؤمن فيها العرب فإن الوحدة والقومية هما الركيزة الأساسية وأهم شيء يحاول العربي تحقيقه هو الوحدة التي تنطلق منها كل مبادئهم وبدون القومية اليوم لا يمكن أن تستمر حياتها وبالمثال الآخر على ذلك فرنسا لا ترتكز على الوحدة والقومية بل ترتكز على فكرة (الرومانسية) التي لديها قناعة بأنها هي التي تميزها عن الآخرين ومنها خلقت,وروحها فيها معلقة وإليها ستعود الروح مهما ابتعدت عنها ومهما امتد بها الزمن ومهما طال بعادها وشطح مزارها, غير أن الرومانسية هي التي يعتبرها العرب المسلمون سببا في دخول الناس النار وسببا في غضب الله على كل من يحاول الحصول على الحرية من الرومانسية الفردية أو الجماعية ولكن الحرية الرومانسية عند الفرنسيين هي سبب تحضرهم ولا يرون في الوحدة الوطنية أو الوحدة القومية سببا في نهضتهم, وانكلترا أو الشعب الانكليزي تسيطر عليه فكرة الديمقراطية والحرية الليبرالية فروح المواطن الأمريكي مُعلقة في الحرية وفي الديمقراطية فمنها خُلقوا وولدوا وإليها سيعودون مهما ابتعدوا عنها,وفي ذلك كل أمة لها روحها التي تنعشها والتي تحييها وتميتها ,وهم في ذلك شأنهم شأن الأمريكان تتجاذبهم وتتنازعهم فكرة الديمقراطية الليبرالية من جهة والجمهور المحافظ من جهة أخرى,وكل الدول العربية تركز على مفهوم الوحدة سواء أكانت الوحدة عن طريق الإسلام السني أو الإسلام الشيعي أو الشيوعية أو البعث ...إلخ.
وأي معتقد تاريخي يتحدث عن الوحدة والقومية يعتبرونه العرب سلاحهم وروحهم أو أي فكرة مهما كان نوعها نجدها أنها ترتكز على مفهوم الوحدة على مبدأ (الاتحاد قوة) والمهم والأهم أنها تعتقد بأن خلاصها ونجاحها وفلاحها هو فقط بالوحدة القومية التي تجمعها طريقة حكم واحدة ولغة عربية واحدة وهذه اللغة تلعب دورا كبيرا في تعزيز فكرة الوحدة والقومية تحت أي لواء من الألوية ويعتقد العرب أنهم بغير تحقيق مفهوم الوحدة لا يمكن أن تقوم لهم قائمة وتبقى الأمة العربية تبحث دوما عن (وحدتها) تحت لواء واحد سواء أكان النظام الذي يحكمها سياسيا إسلاميا أو بعثيا أو اشتراكيا أو حتى شيوعيا وبالمناسبة لا أريد أن أنسى القول والتأكيد بأن فكرة وموضوع ومحور بحث واعتماد الدول العربية دائما على (الوحدة-القومية) نتيجة التضاريس الطبيعية التي لا تضع حدا فاصلا بين الدول العربية كلها لأن أغلب تلك الدول تعتمد اعتمادا مباشرا على نفس التضاريس وهي الفكرة الرئيسية التي تدور حولها كل أنظمة الحكم السياسي في شتى أقطار الوطن العربي هذا على اعتبار أن هنالك نظاماً عربياً رسمياً يحكمنا ولكن نقول هذا جزافا على اعتبار أن ما نسمع به صحيحا,وكل جماعة لها ما للدول العربية من شان في هذا الموضوع أي أن كل أمةٍ لها نظام تفكيري وأيديولوجيا تولد منها وتنطلقُ منها انطلاقةَ الرصاصةَ من بيت النار لذلك تبقى تلك الأمةُ مثل الطفل تحوم حول المعتقد الذي تعتقده كأنها أمها التي ولدت منها أو مهدها الذي تبعثُ منها من جديد ولو نظرنا إلى الشعب الفرنسي لوجدنا أن محور بحثه واهتمامه قائمٌ على فكرة (الحرية) وبالمثال الآخر لو نظرنا إلى الشعب الانكليزي والأمريكي لوجدنا أن فكرة(الديمقراطية) هي محور اهتمام العامة والخاصة من الناس وكأنه لا يوجد في العالم طريقة حكم إلا عن طريق الديمقراطية وفي هذا تتعصب كل أمة إلى مبدأها وكأن العالم بتركهم للديمقراطية معناه نهاية الكون وبأن الدنيا قد (خربت) على الآخر,وكذلك الإسلام يعتقد أنه هو الأصلح وهو الذي عليه أن تتبعه كل الناس ,وتبقى تلك الفكرة تدور حولها تلك الجماعة ونعتبرها نحنُ معوقاً من المعوقات التي تعوقها ويجب أن تنتصر عليها تماما ,أي أن العرب المسلمين دائما لديهم شعور بأنه من الواجب عليهم أن ينتصروا لمبدئهم وبأن يُروّضوا أو يُذللوا العقبات التي تقف في طريق وحدتهم,طبعا هذا كان قديما أما اليوم فإن الموضوع مختلف وأريد أن أوضح مبدأ مهما في هذه العجالة القصيرة وهي أن العرب هم الوحيدون الذين يملكون بعدا نظريا كبيرا غير موجود على أرض الواقع إنهم في جسد الوطن العربي الكبير مثل النفس التي لا يشاهدها أحد أي أن لدى العرب المسلمون فكرا ومنهجا نظريا فقط لا غير وغير موجود على أرض الواقع بتاتا,وبالتالي الوهم يعشش على مجمل أصقاع الوطن العربي الكبير بحجمه والصغير بعطائه.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟