أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس: كي يكون أداء حكومة -البارسا- عالميا














المزيد.....

تونس: كي يكون أداء حكومة -البارسا- عالميا


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3588 - 2011 / 12 / 26 - 00:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حكومة تونسية فيها نسبة هامة من الأعضاء الإسلاميين المَهجَريين. طارق ذياب أيقونة الكرة التونسية والعربية يتنازل عن منصبه كمحلل رياضي في قناة الجزيرة، حاملة مشعل قَطر، ليصبح أساسيا في تشكيل "بارسا" الحكومات العربية. وزير الخارجية في الفريق كان باحثا في مركز تابع لنفس القناة. زعيم حزب النهضة، راعي الفريق، صديق حميم لمفتي القناة ومتعاون لصيق معه. كما أنّه ما فتئ يُذَكر أجهزة الإعلام أنّ كتاباته مترجمة للغة التركية ومعتمدة في سياسات أردوغان، صديق قَطر. نظام الحكم الفريد من نوعه في تركيا والمعروف بعلمانيته رغم إسلام المجتمع أضحى يُراد له أن يكون نموذجا مستنسخا في كل بلد عربي. ثنائي التنجيم الميطا-عربي برنارد لويس وبرنار هنري ليفي ما انفكا يتوعدان أكثر من نظام عربي ساقطٍ بالاستبدال بأفضل منه، مشمّرَين على السواعد لتوجيه سفينة الربيع العربي إلى حيث تشتهي رياحهما؛ ربما إلى خريف عاصف أو شتاء قارص . أخبارٌ تصلنا عن تمتع حركة الإخوان المسلمين في مصر بتمويلات قَطرية فلكية (جريدة الشروق ليوم 22-12-2011 ص 25).

هذه العلامات، ومثلها كثير ممّا لم نذكر، تجتمع حول مواصفات العولمة الثقافية، آخر مراحل العولمة وأخطرها بعد الاقتصاد والسلوك الاستهلاكي والنمطية بمختلف أبعادها. وإن تؤشر على شيء فتؤشر على تنميط التفكير وعلى الأخص السلوك السياسي لدى الإنسانية قاطبة. كما أن هذه العلامات ومثيلاتها تعتمد النمذجة السلوكية، في المجتمع وفي السياسة، باسم الإسلام. ونتيجة ذلك أن تمّ حبس الإسلام، معاذ الله، في بوتقة ليس متعودا بها: في وضعٍ تابعٍ للاقتصاد الكوني وللتفكير الكوني المعلمَنَين. من هذا المنطلق نشاهد اليوم أنّ الثقافات المنتمية إلى الإسلام، على غرار تونس، صارت تشكك في هويتها الفاعلة، المعتمِدة تاريخيا الإسلامَ كمحرك لها، حتى باتت على شفا حفرة من التنازل عن هذه الهوية الأصلية لكي ترى نفسها مرغمة على تبني هوية هاوية وواهية باسم العولمة.

بينما الثورة العربية جاءت في وقت يقدم فيه العالم بأسره نفسه على أنه في أمسّ الحاجة إلى تغيير جذري في الكثير من أنساقه لكي يتخلص من عولمةٍ أثبتت إفلاسها على أكثر من صعيد واحد. والتحرر من العولمة يعني استبدال روافدها الجبارة مثل اقتصاد السوق والخوصصة بآليات تخدم الإنسان بطريقة أكثر إنسانية. كما أنّ التحرر من العولمة يعني الوقاية من مخلفاتٍ مثل ذوبان الهوية الفردية في الهوية العامة وتفتت الهوية الخصوصية والنسبية على حساب تغَول الهوية الكلية.
إنّ ما حدث في تونس وفي المجتمع العربي عموما منذ بدء الربيع العربي ليس نتيجة تباين بين الإسلام والثورة كما يحلو للكثير تأصيله في الوعي العربي. وليس هو أيضا صراعا بين الإسلام والعروبة. وإنما هو تباين بين ظروف أريدَ للإسلام العربي أن يُزجّ فيها (شروط العولمة بريادة رأس المال وهيمنة أصحابه) وبين شروط تتمتع بأكثر مشروعية وبأكثر اقتراب من الواقع: شروط استدامة الثورة العربية.

يمكن التخلص للقول إن أزمة التشكل الحكومي في تونس، وما سبقها من تجاذبات وإرهاصات، وما سيتبعها من هزات مرتقبة، إنما هي الوجه الظاهر لأزمة كامنة: تعثر الثورة التونسية، والعربية عموما، أمام مضادات من الحجم الثقيل أهمها غياب الوعي بأن الإسلام لن يرضَى بأقل من دور الريادة في إنتاج الحداثة. وهو دوره الطبيعي في مساندة المد الثوري للإنسان أينما كان شريطة أن يتم ذلك عبر قنوات يعترف بها الإسلام دون سواها: الفكر والثقافة.

في ضوء هذا، الأجدى ألاّ ترتبط التخوفات حول تركيبة هذه الحكومة التعددية الأولى في تاريخ البلاد، وحول سياستها المرتقبة، وحول النظام المجتمعي الذي ستدافع عنه، بكونها موغلة في الإسلام. بالعكس، إن تُرعبُ هذه الحكومة فتُرعب لأنها قد تعيد، من حيث لا تشعر، إنتاج العولمة بكل جوانبها، وبالتالي قد تعرقل بذلك مسار التحرر لدى الإسلام الشعبي وتعوق إمكانياته الضخمة في التعبير عن الحداثة.

إلاّ أنّ اجتناب الخطيئة ممكن، شريطة أن تتظافر جهود الجميع، وبكل جرأة وبلا توجس من منهاج الإسلام الصحيح، المنهاج التلقائي الشعبي، لتوجيه الحكومة نحو تحقيق أهداف الثورة كاملة، ونحو تصحيح مسار الربيع العربي. وفي نفس الوقت يستردّ هكذا الإسلام عالميته وتُقطعُ السبل أمام "العولميّة" التي يحشره فيها الحاشرون.

محمد الحمّار



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب بين ديمقراطية الاستجداء وواجب الاعتلاء
- من لغة التشرذم إلى لغة التعميم بفضل إصلاح التعليم
- الإصلاح اللغوي مُضاد حيوي لفيروس التطرف
- هل تنفع أنصاف الأفكار في مجابهة الرجعية الدينية؟
- عقيدة الكلام للتحرر من الرجعية باسم الإسلام
- تصحيح المسار في باب اليمين واليسار
- تونس اليسار المؤمن: دعم ثورة الشعب بثورة الفكر
- العلمانية خادمٌ مُطيعٌ للإسلام، تُخصِب التربة لتأصيل الحداثة ...
- نحن نعيش خارج التاريخ بسبب الاحتباس التواصلي، والحلّ هو الاج ...
- لكي تكون قمّة الوُجود العربيّ
- لا إسلامي ولا علماني، المواطن العربيّ سلوكُه إنساني وقانونُه ...
- لوحات من الفكر الديني المُجَدَّد: فهمُ الإسلام
- في تجديد الفكر الديني
- مقاومة التخلّف اللغوي بوّابة لانفتاح الحداثة على الإسلام
- الأُسُس النظرية للفهم المَيداني للإسلام*
- هل انقرض العرب ثقافيا من أجل أن يولدوا من جديد؟!
- المسلم المعاصر منارة علم ووَرَع وليس كوما من الإسمنت والهَلع
- أخي الإنسان العربي المسلم، تمهّل! الطريق من هنا...


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس: كي يكون أداء حكومة -البارسا- عالميا