|
شيفونية المصريين
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 3587 - 2011 / 12 / 25 - 20:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مصر ترتدي ثوبا جديدا على جسد متسخ، فلا الثوب سيبقى على نظافته، ولا الجسد سيطهره الثوب الجديد من أوساخة. جاء في أحد المعاجم العلمية أن الشيفونية هي: (فكرة متطرفة وغير معقولة وهي التحزب باسم المجموعة التي ينتمي إليها الفرد، وخاصة عندما يتضمن الحزب حقد وكراهية تجاه أي فريق منافس. كأصحاب التمييز العرقي (حركة منشأها بريطانية). في الوقت الحاضر الشوفينية هي مصطلح شائع الاستخدام يدل على عنجهية الرجل بالإنجليزية: ( male chauvinism)، والتي تشير إلى الاعتقاد بأن الذكور تتفوق على الإناث. كذلك الأمر بالنسبة للإناث الشوفينيات بالإنجليزية: (female chauvinism) التي تعتقد أن الإناث أعلى من الذكور. بمعنى آخر الشوفينية هي المغالاة في التعصب. ففي حال التعصب القومي وحب الوطن يعتبر الشوفيني وطنه أفضل الأوطان وأمته فوق كل الأمم وخصوصاً عندما تكون هذه المغالاة مصحوبة بكره للأمم أخرى. وقد جاءت هذه الكلمة من اسم (نيكولا شوفان) الجندي الفرنسي الذي جرح عدة مرات في حروب الثورة الفرنسية وحروب نابليون ولكنه ظل أبداً يقاتل في سبيل مجد فرنسا ومجد نابليون، وتستعمل الشوفينية حالياً في مجال الاستهجان وعدم الاستحسان وتمثل النازية الألمانية قمة التعصب الشوفيني). انتهى
ويقول الأستاذ (جبار قادر) في مقاله: "الشيفونية والشيفونية الجديدة": (الشوفينية تعني أصلا المغالاة في حب الوطن أو الأمة التي ينتمي اليها الإنسان. و مع مرور الزمن أصبحت صفة تلصق بالأشخاص المتعصبين لقوميتهم و الذين يتعاملون بصورة استعلائية إزاء الأمم و الشعوب الأخرى. كثيرا ما يعتبر هؤلاء شعوبهم شعوبا مختارة لأداء رسالات سامية، بينما تحتل الشعوب الأخرى برأيهم مواقع دونية. ومن هنا فهم ينكرون على الأمم الأخرى الحقوق والتطلعات التي يعتبرونها شرعية لشعوبهم. وتؤدي الشوفينية في نهاية المطاف الى تبني المفاهيم العنصرية والتمييز العنصري. ويمكننا القول بأن الشوفينية كانت دائما وراء زرع بذور الفرقة و الخصام بين الشعوب والأمم المتعايشة مع بعضها وتسببت في كوارث إنسانية كبرى وبخاصة خلال القرنين الأخيرين. فالشوفينية الألمانية أفرزت هتلر والهتلرية المعادية للجنس البشري). انتهى
أما الشيفونية المصرية فهي شيفونية من نوع فريد يكاد لا يكون له مثيلا على الإطلاق، ويبدو أن علماء الاجتماع وعلماء النفس لم ينتبهوا بعد لدراستها وفحصها وتحليلها حتى هذه اللحظة، حتى يجعلوا منها مقياسا ورمزا ومرجعا لشيفونية لم تعهدها البشرية من قبل حتى في العصر النازي الهتلري، إذ إن الشيفونية النازية الهتلرية التقليدية كانت موجه إلى الجنس البشري كله عدا العرق الآري الألماني، أما في حالة الشيفونية المصرية فهي شيفونية مركبة (مصرية غير مصرية ومصرية مصرية) في آن واحد، بمعنى أنها ليست فقط موجهة لكل ما هو غير مصري بل إن الشعب المصري بطوائفه الدينية والجهوية وجماعاته وتياراته السياسية والفكرية وطبقاته الاجتماعية يمارسون الشيفونية بأبشع صورها ضد بعضهم البعض، بل لن أكون مبالغا إذا قلت إن الشيفونية المصرية تمارس بين الابن وأبيه والأخ وأخيه والزوج وزوجه والجار وجاره والصديق وصديقه.
ومن هنا أقول: لا أدري أي وسواس خناس وأي إبليس لعين وسوس في صدور المصريين بأنهم: (شعب متدين) بينما أرى المصريين من أكثر شعوب الأرض كفرا بالله وإلحادا وسخرية واستهزاء بالأديان. وأنهم: (شعب متحضر) وأنهم: (شعب ذكي) وأنهم: (شعب ميضحكش عليه) وأنهم: (شعب واعي وفاهم) وأنهم: (شعب طيب).
كل هذه الشيفونية وكل هذا الهراء والادعاء والدجل والشعوذة والكذب والضلال المبين وكل هذه الشعارات الجوفاء التي لا حقيقة لها في واقع المصريين وممارساتهم وسلوكياتهم وأخلاقياتهم تذكرني بقصة طريفة كانت تحكيها لي جدتي وأنا طفل صغير، حول امرأة مات زوجها فقام المغسل بوضع الميت على خشبة الغسل وأخذ يغسله فوقفت الزوجة على رأس المغسل وأمام إخوة الميت وأخواته وأخذت تولول وتعدد وتنافق وتشعوذ وتقول: (ده وشه كان زي البدر المنور، وعينيه زي الفناجين، ومناخيره قد النبقة، وبقه زي خاتم سليمان، فالراجل المغسل يسمع كلام الست ويروح يبص في خلقة الميت يلاقي (شكله عكر) و(خلقته عفشة) فيستشيط غيظا منها، ولما شافها مش عايزة تخلص ولا تقصر رفع وشه وبصلها وقالها: (ما المرحوم قدامنا أهو، كان بان عليه يا حاجة).
يبدو لي من سلوكيات المصريين وممارساتهم المرضية الحمقاء في المجال السياسي أنه لن يصلح لحكمهم أي حاكم إلا إذا كان معه (هامان وجنوده الخاطئين).
نهرو طنطاوي كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر مصر _ أسيوط موبايل : 01064355385 _ 002 إيميل: [email protected]
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(توفيق عكاشة) نموذج معبر عن حقيقة الشخصية المصرية
-
من ينقذ المصريين من أنفسهم؟
-
من حق (فاطمة خير الدين) أن تكون عاهرة وتفتخر
-
أما أنا فأقول لكم
-
ما لا يقال ولن يقال حول الصراع الإسلامي المسيحي في مصر
-
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى) رد على: علال البسيط
-
تعليقات على مقال أم قداس في كنيسة؟
-
(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا)
-
الرجل هو من استعبد المرأة والرجل هو من حررها
-
علاقة الغرب العلماني المتحضر بالحاكم العربي
-
هل الإجماع مصدر من مصادر التشريع في الإسلام؟
-
الحرية كذبة كبرى
-
هل الاجتهاد مصدر من مصادر التشريع في الإسلام؟؟
-
وماذا بعد سقوط حسني مبارك ومحاكمته؟
-
المواقيت الصحيحة للإفطار والسحور
-
لا دية لأسر شهداء 25 يناير
-
النظام المديني وزوال الديمقراطية – الجزء الثاني
-
النظام المديني وزوال الديمقراطية – الجزء الأول
-
من أجل إنقاذ مصر
-
الدعاء في سجن (مزرعة طرة) مستجاب
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|