راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 3587 - 2011 / 12 / 25 - 20:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا شك أن عالم اليوم الذي تبدل -بفضل التقدم المذهل للعلوم وتوسع الصناعة والتجارة- إلى هيكلٍ واحدٍ معقدٍ حي قد بدأ يئن ويتخبط تحت ضغط القوى الإقتصادية للمدنية المادية. في عالمٍ كهذا يجب إعلان وإعلام الحقائق المختفية في هوية الظهورات السابقة بلسان جديد ونداء يتلاءم مع مقتضيات وظروف عالمنا المعاصر. وأي نداءٍ هو أبلغ من نداء حضرة بهاءالله -المظهر الإلهي لهذا الزمان- يمكنه تقليب الهيئة الإجتماعية وهز كيانها؟ إنه نداءٌ ألّف بين قلوب أناسٍ كانوا بالظاهر مختلفي الطبائع والأمزجة ورافضين للصلح ومتخاصمين فإذا بهم وقد صاروا من أتباع هذا الدين في كل أنحاء العالم. ولا ينكر هذه الحقيقة إلا قلة قليلة أن وحدة العالم الإنساني -هذه اللفظة الفخيمة الموحية بالقوة- تترعرع حالياً في أذهان الناس تدريجياً وترتفع أصوات الناس وتتوحد جهودهم لحمايتها والدفاع عنها وأن خواصها البارزة تتجلى وتتبلور أكثر فأكثر في وجدان قادة العالم. ولا يستطيع أحد أن ينكر -إلا من غطى قلبه صدأ التعصبات- بأن ذلك المفهوم العظيم المتمثل في وحدة العالم الإنساني قد تشكل -في بداياته ومراحله الأولية- في قالب التشكيلات العالمية لأتباع حضرة بهاءالله. إذاً فهو واجبنا أيها الزملاء الأعزاء أن نهب بنظرٍ ثاقب وهمةٍ عالية وأن نجاهد لتشييد بنيانٍ وضع حضرة بهاءالله أساسه في قلوبنا، كما ينبغي لنا أن نستمد من زخم الأحداث العالمية الأخيرة -وإن كانت محزنة ومؤلمة- قوة دافعة ونمتليء أملاً وثقة وندعو من صميم قلوبنا أن يحقق الجمال الإلهي ذلك الهدف السماوي-والذي هو أعظم نتيجة لقريحة حضرة بهاءالله المتوقدة وأبهى ثمرة لتمدن أهل العالم- بأسرع ما يمكن في عالم الإمكان لإظهار أمر حضرة بهاءالله مع تدشين عصر نوراني كهذا في تاريخ العالم الإنساني.
لو نظرنا بعينٍ متفحصة وبصيرةٍ نافذة إلى تلك التغيرات والتحولات العظمى المتنامية والمتسعة بإطراد لاكتشفنا أن جميعها كانت بمنزلة وسائل وإرهاصات تمهد للتحولات الباهرة والتبدلات الفخيمة الجسيمة التي من المقدر لها أن تكون من نصيب البشرية في هذا العصر. شيء مؤسف يبعث على الحسرة بأن تكون شدة المصائب والبلايا هي السبيل الوحيد الذي يمكنه ظاهرياً أن يغير نهج الناس وآرائهم وطريقة تفكيرهم. أمرٌ محزن أنه ليس بإمكان شيء غير نيران الإمتحان والإفتتان الشديدة أن تصهر العوامل المتضادة والمتنافرة المؤلفة لأجزاء تمدننا المركب وتلحمهم بعضهم إلى بعض لتجعلهم جميعاً أجزاء مركبة في إتحاد العالم المستقبلي، وإن إنذار حضرة بهاءالله هذا لهو موجود في أواخر الكلمات المكنونة بما مضمونه: "قل يا أهل الأرض. إعلموا علم اليقين أنَّ من وراءكم بلاءً مباغتاً وأن في أعقابكم عقاباً عظيماً يتعقبكم". كأن مصير البشر المحزن والعاجل يقتضي بأنه طالما لم يخرج من بؤرة المشقات والبلايا بشكلٍ صحيحٍ ونقي فإن إحساس المسئولية -والذي هو من مستلزمات هذا العصر الجديد- سوف لن يتولد أبداً في قلوب قادة العالم. وأكرر هنا الإشارة إلى بيان حضرة بهاءالله الذي يتفضل فيه: "إذا تمت الميقات يظهر بغتةً ما ترتعد به فرائص العالم". (من النظام العالمي لحضرة بهاءالله)
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟