نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3587 - 2011 / 12 / 25 - 16:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الفرق بيِّن بين الدين والاحتيال باسم الدين , فهناك شعرة دقيقة - أدق من شعرة معاوية - فاصلة بين الدين والنَّصب باسم الدين , وهي تحقق الغايات لكل من يحسن جذبها عندما يكون المغنم في الجذب , وإرخاءها عندما يكون المكسب في الإرخاء . وقد تحقق الحال المثال في دنيا الواقع كومضة خاطفة في صفحة الزمان أيام الخلافة الراشدة , إذ لم توجد أرستقراطية حاكمة تستأثر بالمغانم , فكان أبو بكر وعمر- مثلا- فقيرين لم تمتد أيديهما إلى أموال المسلمين , ولم يشتريا الجواري والعبيد والقيان , ولم يجزلا العطاء للمادحين والشعراء مثلما فعل سائر الخلفاء . وبغياب الأرستقراطية الحاكمة لا تكون ثمة حاجة لطبقة الكهنوت التي توطئ الأمر وتتبادل المنافع , ولا يكون الظرف مهيئا للحكم الثيوقراطي على غرار ما كانت عليه مكة نفسها قبل الإسلام . وكانت أول معارك الإسلام هي التصدي للنظام الثيوقراطي المتمثل في "دولة مكة" التي كانت في صورة "مدينة سياسية" , والمدن السياسية هي الطور المبكر للمجتمعات السياسية المنظمة السابقة لظهور الدولة على غرار روما وأثينا وأسبرطة قديما , والفاتيكان وموناكو حديثا . ولذا فقد كانت مكة هي أول "دولة" عرفها عرب الحجاز قبل الإسلام , فلها برلمانها ( دار الندوة ) للبت في شؤونهم السياسية والعسكرية والتجارية , وكانت تَمنح الامتيازات التجارية للقوافل وتُبرم المعاهدات مع الدول المجاورة مما عُرف بعهود قيصر وكسرى .
ولتحقيق التوازن بين مختلف القوى في مكة , تم توزيع السلطات وتقسيم الكعكة على نحو يحقق الاستقرار بين الجميع , فدارت المناصب كلها في فلك "الدين" الذي مثلته الكعبة والأوثان وارتكز عليه نشاطهم الاقتصادي كله , فكان منهم صاحب السدانة ( ومعه مفتاح الكعبة ) , وصاحب السقاية ( يتولى سقاية الحجيج ) , وصاحب الرفادة ( والرفادة هي مبلغ من المال تدفعه قريش لإطعام الفقراء ) , وغير ذلك .
" فدولة مكة " قبل الإسلام كانت دولة ثيوقراطية إذ قام نظامها السياسي كله على الدين والمتاجرة به , وفيها تمتع رجال السياسة بنفوذ ديني . وفي الكيانات الثيوقراطية , يعد الخروج على السياسة مروقا دينيا , كما يُنظر إلى المخالفة الدينية على أنها معارضة سياسية . لذا اعتبروا النبي معارضا لنظامهم السياسي وخارجا على دينهم , ورأوا في الإسلام نذير خراب لدولتهم الثيوقراطية . نبيل هلال هلال
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟