|
تطوير ثقافة الاكراد الفيلية مساهمة في تطوير الثقافة العراقية
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 1062 - 2004 / 12 / 29 - 07:15
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
إن أية ثقافة مغايرة ، تعيش حالة تبادل ، أو تلاقح عضوي مع الثقافات الاخرى التي تحيط بها، وينعكس هذا التبادل سلبا او ايجابا حسب التعامل بين أبناء الثقافتين، فعلى سبيل المثال ، عملت العصابة العنصرية في حزب البعث الحاكم في العراق على طمس الثقافة الكردية ، والثقافات الاخرى مثل الديانة الايزدية ، والديانة المسيحية ( باعتبار ان الدين ثقافة ) والثقافة التركمانية ، فكانت سياسة التعريب والتهجير ثمرة فجة لتلك النظرة في التعامل مع الاخر ، وقد جرت المصائب والويلات على الجميع، لذلك تحرص المجتمعات المتحضرة على إقامة صلات انسانية مع الثقافات الاخرى ، ومن هذه الزاوية تتعامل المجتمعات الاوربية الحديثة مع ثقافات المهاجرين الوافدين اليها، فهي تعطيها الحق في الظهور والنمو والعيش مع ثقافة البلد المضيف، وتحث أبناء الثقافة الاخرى على تعلم لغتهم الأم وتخصص لها المبالغ الوافية في ميزانياتها، وتهيئ لها المعلمين لتدريسها، وتساعد على طبع صحفها وكتبها ونشراتها، بل وتخصص لها أوقاتا معينة للبث والارسال الاذاعي والتلفزيوني، وقد ساهمت الاذاعة العربية في لندن، على سبيل المثال، في تعريف لجالية العراقية على المجتمع الجديد الذي انتقلوا اليه، بينما كبحت الانظمة الدكتاتورية والمتخلفة ثقافات شعوب بلدانها وحاولت الغاءها، وما علمت انها بذلك تلغي نفسها، وتدفن نفسها في قبر تحفره باظافرها، فان موت الاخر لايوفر الحياة لها، والغاء الاخر لا يفسح الطريق لولادة جديدة، وكم عرفنا منظمات تدافع عن حق حشرة في الحياة ، حفظا على التوازن البيئي، ونذكر جيدا الجدل الطويل الذي دار في السويد بين الاحزاب السياسية قبل سنوات ،حول إنشاء جسر بين السويد والدانمرك ، وتناولت النقاشات اختفاء وموت نوع معين من الاسماك الصغيرة بسبب الجسر مما يؤثر على البيئة، ويهدد الطبيعة. هذا في المجتمعات المتقدمة ، اما في مجتمعاتنا التي رزحت تحت سطوة حكومات جاهلة ومتخلفة، فقد اختفت حياة شرائح بشرية كبيرة نتتيجة المقابر الجماعية والانفال واستخدام الاسلحة الكيمياوية وغيرها من الاساليب الهمجية في ابادة الجنس البشري . ولذلك فان تطوير ثقافة الاكراد الفيلية يندرج ضمن واجبات وزارة الثقافة والمؤسسات الاخرى ذات الاختصاص ، لان هذه الشريحة من أبناء الشعب العراقي ، استماتت في الدفاع عن عموم الشعب العراقي والشعب الكردي خاصة ، وكانت الفدائي الاول الذي استخدم النظام الصدامي المقبور جميع وسائله الجهنمية في محاولة للتخلص منها، ولطالما كانت شوكة قذى في عينه لم تتركه ينعم بالعيش الرغيد طوال عهده ، لذلك ظل يراقب سكنات وحركات الكرد الفيليين أينما كانوا، داخل العراق وخارجه، محاولا كسر شوكتهم وتشتيت أسرهم وفصل أولادهم عن امهاتهم وآبائهم، ولم يترك سلاحا مؤذيا وقاتلا الا واستخدمه ضدهم ، حتى سولت له نفسه المريضة ان يقدم المال هدية لكل عربي يطلق زوجته الكردية الفيلية أو عربية تطلق زوجها الكردي الفيلي ، ومع ذلك لم يجني سوى العار على أفعاله المشينة تلك . إن تخصيص الميزانية اللازمة والكوادر القادرة على تطوير ثقافة الكرد الفيليين ستكون مساهمة رائدة في تطوير الثقافة العراقية عامة، وينبغي أن تكون سياسة نحرص عليها جميعا من أجل تطوير الواقع الثقافي العراقي الذي عاني من السياسة الهمجية للسلطة الدكتاتورية المتخلفة ، التي عرقلت تطور المجتمع العراقي ، وعملت على تجهيل الاجيال التي شاء القدر أن تولد تحت سماء ظلمها وعهدها الاسود، وسلبت حقوق الناس امعانا في الاضرار بهم، واوغلت في عرقلة نمو وتطور المجتمع العراقي الذي كان متقدما على العديد من المجتمعات المجاورة له ، و أصبح تحت سلطة العصابة المتخلفة يعاني من أمراض يصعب الشفاء منها دون تضافر الجهود الخيرة ،والتي سيتحمل شعبنا عبء علاجها، ويحتاج في ذلك الى دعم دولي وشعبي كبير ، لذلك علينا الاستفادة من جميع الامكانات التي توفرها الدول والمنظمات العالمية من أجل إعادة الامل الى نفوس أبناء شعبنا في الخلاص من التخلف الذي فرض عليه ، واللحاق بركب التقدم الحضاري الذي تجاوزنا بعقود من السنين .
وقد سبق لي ان قدمت هذه الورقة المعنونة ( تطوير ثقافة الاكراد الفيلية مساهمة في تطوير الثقافة العراقية) ضمن ورقتين ثقافيتين الى وزارة الثقافة العراقية التي أعلنت عزمها عن عقد مؤتمر ثقافي عام 2004 م يساهم فيه المثقفون العراقيون من داخل العراق وخارجه، ولما كانت فكرة المؤتمر قد تأجلت أو ألغيت ، لذلك ارتأيت نشرها عسى أن تستفيد منها الوزارة او الجهات الثقافية العراقية الاخرى ومنظمات الشعب الكردي وأحزابه عامة ومنظمات الكرد الفيليين خاصة .وتشمل الورقة :
أولا : لمحات عامة عن الاكراد الفيلية أ- نبذة تاريخية عن الاكراد الفيلية في العراق و جغرافية بلادهم . ج- الواقع الاجتماعي والثقافي للاكراد الفيلية في العراق.
ثانيا : طرق تطوير الثقافة الكوردية الفيلية أ – إنشاء معهد دراسات للثقافة الكوردية يعنى بـ : 1- اللغة الكوردية / اللهجة الفيلية ، ووضع برامج لدراستها والبحث في العلاقة اللغوية بينها وبين اللهجات الكوردية الاخرى ، وعلاقتها باللغة السومرية ولغات العراق القديمة الاخرى . 2- التراث الشعبي الكردي الفيلي من موسيقى وغناء وأمثال و قصص وأشعار وحكايات . ب- الاهتمام بالاثارالموجودة في مناطق الاكراد الفيلية وتخصيص مؤسسة خاصة بها و متحف لعرضها. ج – إنشاء مركز للصناعات الشعبية الكردية الفيلية والاهتمام بتطويرها مثل صناعة السجاد وصناعة الادوات الحديد و الالات الزراعية والصناعات الجلدية و الصوفية وغيرها. د- إنشاء دار الازياء الكردية ، وتطوير انتاج الازياء والملبوسات الكردية ومحاولة إيجاد الاسواق لها في العراق وايران وبلدان العالم الاخرى . هـ - إنشاء قسم خاص ، ضمن معهد الدراسات الكردية يعنى بـ العلاقات الثقافية والاجتماعية والتاريخية بين العراق وايران من خلال تطوير العلاقات بين قسمي الاكراد الفيلية في العراق وايران، و يختص بالعلاقات المتبادلة بين الشعبين العراقي والايراني . ثالثا: اصدار مجلة خاصة بالدراسات الكردية الفيلية . ونأمل ان تلقى هذه المقترحات الرعاية من قادة العراق الجديد، وأخص بالذكر قادة الكرد في اقليم كردستان ، وتخصيص البرامج الثقافية في محطات التلفزة الكردية لتطوير ثقافة الكرد الفيليين الذين أصاب تاريخهم وحاضرهم إجحاف كبير في محاولة لابادتهم من قبل القوى العنصرية في النظام الصدامي المقبور.
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا دفاعا عن ايران..... ولا زغرا بالشعلان
-
آفاق استخدام اللغة الانجليزية في كردستان
-
الانتخابات والدول المجاورة للعراق
-
شهادة حب لكردستان
-
السياسة بين الجد والهزل : دردشة مع القشطيني في حله وترحاله
-
اقتراح بشان الانتخابات
-
امرأة من ورق
-
رحيل الابطال في الايام العصيبة
-
عرفات رهينة سهى أم فرنسا
-
رحل عرفات فمتى سيرحل شارون
-
الكاميرا الخفية ....حين يتنكر الممثل بزي الشرطي
-
نجاح في اوانه
-
الورد.....والخبز
-
النسر الاحمر في سماء القطب الشمالي
-
المجد لك في الاعالي
-
انهيار السلطة الثورية : ملاحظات سريعة
-
جريمة الاعتداء على المسيحيين
-
خطيئة مصر في رعاية المجرم صدام حسين
-
نداء الى السيد وزير العدل مالك دوهان الحسن المحترم
-
الشعب الكردي في كردستان تركيا يحقق أولى أمانيه المشروعة
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|