أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد نصره - غربلة المقدسات-39-الشعب غير المقدس














المزيد.....

غربلة المقدسات-39-الشعب غير المقدس


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 1061 - 2004 / 12 / 28 - 09:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ العام /1916/ ظهرت طلائع المدرسة الشيوعية في مصر، وسورية، والسودان، والعراق، وتشكلت على اثر ذلك أحزاب شيوعية بدعم مباشر من الكومنتيرن..ولكون معظم المؤسسين الشيوعيين الأوائل نتاج مجتمعات يهيِّمن عليها الموروث الديني منذ عشرات القرون ، فإن ذلك كان يعني أهلّية النخب على اختلاف مشاربها الإيديولوجية لإنتاج، وتكريس فكر، وثقافة التقديس..! وانطلاقاً من هذه الحقيقة التاريخية،كان من الطبيعي أن ينتج الشيوعيون، والقوميون العرب، ثقافة تقديس التراث الماركسي اللينيني، وتقديس رموزه..! ومن ثم تقديس القادة السياسيين للأحزاب، وتقديس أبطال الانقلابات العسكرية المتحولة إلى ثورات بالنسبة للقوميين في مقابل تقديس الإسلاميين ومنظماتهم لتراث الإسلام ورموزه بكلِّ تفاصيله ..وهكذا، انتشرت في أوساط الأحزاب الشيوعية ثقافة تقديس ماركس وانغلز.. ومن بعدهما لينين ثم ستالين.. وبعضهم ماو.. وبعد ذلك هوشي منه، و غيفارا، وكيم إيل سونغ، وبكداش ورياض الترك ووصال فرحة ويوسف فيصل و غيره باستثناء الرفيق المسكين يوسف نمر..! كما شاعت الطقوس البروليتارية، وانتشرت رموز كالمنجل والمطرقة.. والعلم الأحمر وغير ذلك..! وقد استمرَّ إنتاج واعادة إنتاج الفكر التقديسي لأكثر من نصف قرن فعوضاً عن إنتاج فكر سياسي جديد انطلاقاً من المرجعية الديالكتيكية فحسب، اقتصر الأمر على منهج استيراد المقولات، والأكليشيهات، والتخريجات المحلية الماركسية، واللينينية، والتروتسكية، والماوية، والهوشي منية، والريجيس دوبرية، والغيفارية، والكاستروية، والبكداشية، ومؤخراً القاسيونية، من واقع تقديس مبدعيها لا أكثر ولا أقل..! وقد جرى حفظ الكثير من تلك المقولات غيباً كما الآيات القرآنية عند المسلمين حتى أنه كان بالإمكان تسيمعها من الرفاق كلمة كلمة..! وقد صار المواطن العادي أو غير العادي، يتعرَّف على الرفيق الشيوعي السري من أول كلمة ينطقها..!
المتدينون العرب، ينتجون، ويعيدون إنتاج ثقافة تقديس الفقه الإسلامي، و الرموز الإسلامية، وعلى رأسهم الصحابة وبخاصة أصحاب البطاقات المسبقة لدخول الجنة،إضافة إلى الأئمة المعصومين وغيرهم من رموز الديانات السماوية الأخرى من أنبياء ومندوبين الذين أقرَّ بهم الدين الإسلامي ..!
والشيوعيون، والقوميون على اختلاف مقدسا تهم، ينتجون ثقافة تقديس أصحاب المنطلقات النظريات، والمدارس، والفلسفات الأرضية التي لا تعتمد مرجعاً سماوياً..! وتبعاً لذلك عايش بسطاء الناس في البلدان العربية بدءاً من بدايات القرن العشرين مدرستين تقديسيتين متعارضتين في الطروحات و النتائج، واحدة يدعي أصحابها بأن مرجعها رباني وهم ورثوها فانقادوا لتفاصيلها.. والأخرى أرضية لا مرجع سماوي لها وهي تعد بجنة أرضية لا طبقية بالضد من المدرسة الربانية التي تعد بجنة طبقية خالدة لكن في دنيا ما بعد الموت..! وكان أن أبعدت كلتا المدرستين العقل النقدي لحساب استمرار هيمنة العقل النقلي: الأولى بالتكفير وأحكام الردة ( الأمثلة لا تحصى ) والثانية بالتخوين والتأثيم ( الياس مرقص وياسين الحافظ كمثالين نموذجيين ).
في المدرسة التقديسية الأولى، ظلَّ عامة الناس لقرون عديدة يشكلون رعية يرعاها راعٍ مقدس يرث أولاده: قداسته، ومهامه الجليلة..أما في المدرسة التقديسية الثانية فقد انقلبوا إلى جماهير غفيرة من البروليتاريا والفلاحين يرعاها الأمين العام المقدس، ومن بعده ذريته، ومن ثمَّ آل بيته..!
واليوم، من الطبيعي أن يعود الذين فضَّلوا جنة الدنيا بعد خيبتهم المريرة إلى المربع الأول حيث الوعد بالجنة الخالدة وهو وعدٌ مؤجلٌ لا تترتب عليه أية استحقاقات أرضية أي غير قابل للاختبار..وبالرغم من وضوح المسألة، يتخبط الكثيرون في تفسير وفهم أسباب الردة الدينية المنتشرة هذه الأيام على نطاق واسع في كامل الدول العربية..! ويرى أصحاب التقديس الأرضي أن الإمبريالية، والصهيونية العالمية، وراء هذه الردة الغيبية، فيما يرى أصحاب التقديس السماوي أن الشيوعيين، والقوميين ، وقد فشلوا في مسعاهم بعد أن انهارت طلائعهم في المعسكر الشرقي فتبخَّر الاتحاد السوفييتي ومن بعده كل أنظمة أوروبا الشرقية، وانهزم عبد الناصر وسواه شرَّ هزيمة فإنه من المحتم أن يعود الناس إلى ربهم ومعتقداتهم.
إذن،كل شيء مقدس هاهنا: الأرض الإسلامية العربية، ولغة القرآن العربية، والتراث الإسلامي العربي، و الحفظ البصم العربي للماركسية اللينينية، والخطابات القومية العربية..! وحدهم الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة وعلى اختلاف جنسياتهم، وعقائدهم، ظلوا غير مقدّسين من حيث أنهم مادة، وموضوع العمل، لا أكثر ولا أقل..! فهم إما رعية يجري سوقها نحو أخرتها بعيداً عن التحولات الحياتية الكونية .. أو مجرَّد جماهير طبقية يجري تحشيدهاحول الحزب القومي، أو البروليتاري، أو حول الزعيم القائد الاستثنائي إن كان أميناً عاماً أم غير ذلك..!



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام الغائب والصحافة المفترضة
- المملكة المتحدة.!؟
- غربلة المقدسات-38-الأرض المقدسة
- كتابة في الإقامة الجبرية
- غربلة المقدسات -37- المحدِّث الجليل: عبد الله بن عمرو بن الع ...
- غربلة المقدسات -36- اللغة المقدسة..!؟
- الويسكي الصدامية في الاتجاه المعكوس
- الخطاب السياسي بين حقبتين - الواقعة الفلوجية -
- اللجنة الوطنية تحيِّي أعداء العراق
- الكادر الشيوعي العراقي يتحدث بلسان القرضاوي
- تضامناً مع التجمع الليبرالي حزب الكلكة يحل نفسه
- غربلة المقدسات -35- حول المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية
- غربلة المقدسات -34- متاهة الأحاديث
- حزورة رمضان.؟
- الدعارة الأيديولوجية
- غربلة المقدسات -33- المشترَكَات بين الجاهلية والإسلام
- غربلة المقدسات -32-
- غربلة المقدسات -31-
- الوحدة الوطنية أم الوحدة المدنية..؟
- غربلة المقدسات -30-


المزيد.....




- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود ...
- ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر ...
- استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب ...
- ‏المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية ‏صاروخية كبيرة ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر ...
- خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي ...
- غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تصدر البيان التالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد نصره - غربلة المقدسات-39-الشعب غير المقدس