نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 17:29
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
يكشف لنا التاريخ كيف تعاون الفرعون ( أو السلطان أو الملك أو الخليفة ) مع الكاهن (أو الحاخام أو الفقيه)على نهب الناس ووأد الحريات وتقويض العدالة والمساواة , وكيف تعاونا على خلق الطبقيات والامتيازات , وكيف استأثرا بالثروة والأراضي والأموال والعبيد وإن كان المقابل هو سحق الفقراء والتضحية بالدين والملة والمقدس , وكيف استثمر رجال الدين أديانهم للارتزاق والاحتيال على المغفلين من "المؤمنين" ! فقد انعقد تحالف أزلي- لا جعله الله أبديا - بين السلطة الدينية والسلطة السياسية للسيطرة على الناس وترويضهم . وكان هذا التحالف الشيطاني هو رأس الحربة المغروس في أعناق خلق الله منذ عرف الإنسان الدين والسلطة على هذا الكوكب .
ويحق لسائل أن يسأل : هل فعلا الأمر دين وعقيدة أم مكاسب ومنافع؟ فالراصد لمكاسب السلطات الدينية على مدار التاريخ , يجدها مكاسب ضخمة هائلة . كان ذلك في العصور الخوالي أيام الشرق القديم , ومصر القديمة , وأيام البطالمة والرومان , وفي القرون الوسطى حيث استأثرت الكنيسة أيضا بثروات هائلة , ومثل هذه الثروات استولى عليها الملوك والسلاطين . والفرق الوحيد هو أن فراعين الأمم تقاسموا المنهوبات مع الكهنة ورجال الدين , إلا في حالة خلفاء المسلمين , فقد استأثروا بكل المنهوبات لأنهم في واقع الأمر كانوا يمثلون السلطة الدينية أيضا .
" وفي أيام رمسيس الثاني لم يكن في البلاد كلها سلطة بشرية تعلو على سلطته إلا سلطة الكهنة , ثم قام النزاع في مصر كما قام في غيرها من البلاد خلال جميع العهود بين الدولة والدين , فقد كانت أسلاب كل حرب والجزء الأكبر من خراج البلاد المفتوحة تتدفق في أثناء حكمه وحكم خلفائه الذين تولوا الملك بعده مباشرة إلى خزائن الهياكل والكهنة .... , وكان من شأن هذه السياسة أن يصبح الملوك خُدَّام الآلهة عاجلا كان ذلك أم آجلا . فلما جلس على العرش آخر الملوك الذين تسموا باسم رمسيس , اغتصب المُلْك الكاهن الأكبر للإله آمون , وحكم حكما كان له فيه السلطان الأعلى. وأمست الإمبراطورية المصرية حكومة دينية راكدة ازدهر فيها البناء والتخريف , واضمحل فيها كل ما عدا هذين من مقومات الحياة القومية . ووضعت الرُّقََى لتصبغ كل قرار يصدره الكهنة بالصبغة المقدسة الإلهية . وامتص الكهنة " باسم الآلهة " كل ما في مصر من مصادر الحياة حتى نضب معينها في الوقت الذي كان فيه الغزاة الأجانب يعدون العدة للانقضاض على كل هذه الثروة المتجمعة " .بتصرف من كتاب :خرافةاسمها الخلافة-قراءة في سقوط الدولة الدينية-الكتاب متاح في مكتبة الحوار المتمدن
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟