أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إبراهيم عبدالمعطي متولي - كراهية العلم والثورة














المزيد.....


كراهية العلم والثورة


إبراهيم عبدالمعطي متولي

الحوار المتمدن-العدد: 3582 - 2011 / 12 / 20 - 01:15
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


أصاب الاستفزاز كل مواطن غيور رأى على شاشة الفضائيات وعلى الإنترنت لقطات لشابين يتضاحكان ويظهران الفرحة الغامرة ويكادان يرقصان بعد إشعالهما النار في شبابيك المجمع العلمي المصري، وكأنهما قد حققا انتصارا يشبه عبور خط بارليف عام 1973، لقد أظهرا ابتهاجا شديدا بتحقيق الرغبة في التخلص من هذا المبنى العريق بما يحتويه من كتب ومخطوطات ووثائق نادرة قد لا توجد إلا في هذا المكان. لا ندري إن كان الأشخاص الذين أحرقوا المجمع العلمي يعلمون قيمته أم لا، لكن الفعل نفسه يدل على كراهية العلم، وإن كنت أشك في أن هؤلاء الأشخاص يعلمون بما فيه، وأرجح أن مهمتهم اقتصرت على تنفيذ الأوامر بإحراق المكان، وأنهم تلقوا وعدا بثمن كبير في حالة إنجاز المهمة، لذلك حرصوا على إتمامها بنجاح، وعندما أنجزوا ما كلفوا به ظهرت الفرحة العارمة على وجوههم.
لا يعرف قيمة هذا المبنى العريق إلا من دخله ورأى بعينيه الكنوز العظيمة التي يحتوي عليها. لقد حالفني الحظ بالتردد على المبنى عدة مرات، وفي أول مرة دخلته فيها كنت بصحبة أستاذنا العالم الجليل الدكتور محمود فهمي حجازي رئيس دار الكتب الأسبق، وذلك منذ أكثر من عشر سنوات، وشعرت بجلال المكان وعظمته، فالكتب والمخطوطات والوثائق ترجع إلى زمن الحملة الفرنسية، أي أن عمرها أكثر من مئتي عام. وسقف الدور الأرضي الذي تقع فيه المكتبة عالٍ جدا، والوصول إلى الكتب يحتاج –في كثير من الأحيان- إلى ارتقاء سلم طويل لم أعهده من قبل في مثل هذه الأماكن، لكن لا سبيل إلى الوصول إلى الكتب في الرفوف العليا إلا بارتقاء هذا السلم الطويل جدا، والكتب معظمها باللغة الفرنسية، ويضفي اللون الأصفر وقارا عليها يدل على ندرتها وأهميتها التاريخية، ومن الصعب تعويض ضياع أحد هذه الكتب. حرق المجمع العلمي ضربة قوية لأحد الآثار العلمية التي تركتها لنا الحملة الفرنسية، وكان القائمون عليها يظنون أنهم سيقيمون في مصر إلى الأبد، لكن ظلمهم للشعب المصري لم يمكنهم من البقاء فيها، رغم أسلحتهم المتقدمة في ذلك الوقت، ليبقى الدرس الذي يجب أن تعيه السلطة في أي وقت، وهو أن الشعب لا يقبل بالاستعباد والتعامل بالعنف، وأن الطغاة يذهبون ويبقى العلم وما ينفع الناس.
من أحرقوا المجمع العلمي المصري يكرهون العلم ويريدون للجهل أن يسود في هذا البلد، لأن الطغاة يخشون من المتعلمين الذين يعرفون حقوقهم ويطالبون بها، ويفضلون أن يظل الشعب في حالة الأمية حتى يسهل قيادته، ويظل الطاغية في مأمن من صداع معارضته أو رفض سياساته التي تتسم في الغالب بالجهل.
كارهو العلم والثورة فئة واحدة، تضيق صدورها بالرأي الآخر، لذا فإنها لم تتحمل الثوار ووجهت الرصاص الحي إلى صدورهم، دون أن يشعروا بألم الجريمة التي يرتكبونها أو حتى بوخز الضمير، ولو أن لديهم بعضا من الضمير ما كانوا قد صوبوا رصاصة غادرة إلى عالم أزهري جليل مثل الشيخ عماد عفت، وهو أحد رموز العلم في الأزهر، لتكون العداوة للعلم في صورة قتل هذا العالم يوم الجمعة، وإحراق المجمع العلمي يوم السبت.
هؤلاء الكارهون للثورة لم يتورعوا عن ضرب النساء، وليس لديهم شيء من حمرة الخجل يمنعهم من الاعتداء على البنات الضعيفات اللاتي لا يملكن من القوة سوي الإرادة الجسورة على التعبير عن الرأي والإحساس بالمسئولية تجاه وطن يحاول الطغاة أن يسرقوه ويستأثروا به. آفة مصر الآن هم كارهو العلم والثورة، لكن محاولاتهم لن تفلح في إجهاض الحلم المصري بالحرية والعدالة والعيش الكريم.



#إبراهيم_عبدالمعطي_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلاف والاختلاف
- التعصُّب من سمات التخلف
- -الشاطر والمشطور- والافتراء على المجمع!
- التعصُّب نوعان
- التعصب .. نار تحرق الإنسان


المزيد.....




- محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج ...
- الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو ...
- الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا ...
- -ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي.. ...
- الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
- إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
- أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك ...
- سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو ...
- حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر ...
- مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إبراهيم عبدالمعطي متولي - كراهية العلم والثورة