|
الحكمة الآن تقتضي أن يحكمنا بنكيران
عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 11:21
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
أولا وللأمانة لابد من الاعتراف بأن حزب العدالة والتنمية قد احتل المركز الأول في استحقاقات 25 نوفمبر عن جدارة و استحقاق، والعديد من الناخبين قد منحوه أصواتهم من منطلقات مبدئية دون مقابل وكان من الممكن أن يحقق رفاق بنكيران نتيجة أروع لو أن الدولة قامت بتحقيقات مع العديد من وكلاء اللوائح المحسوبة على الكثير من الأحزاب بما فيها شركاء العدالة والتنمية في التكتل الحكومي الحالي، ولو فتح تحقيق جاد ونزيه حول حملات وكلاء اللوائح المشبوهة لتم إلغاء أغلب النتائج و لتم الزج بالسواد الأعظم من وكلاء اللوائح في سجن الزاكي بمدينة سلا على خلفية استعمال المال لشراء أصوات الناخبين فقد كان وكلاء اللوائح لهذه الأحزاب يتعاملون مع وسطاء وهم في غالبيتهم أعضاء المجالس القروية والبلدية من أجل الحصول على أصوات سكان المداشر والدواويير و أحياء الهامش و الصفيح ، فكان العضو على سبيل المثال يتلقى من وكيل اللائحة مبلغا قيمته 40.000 درهم يتصرف فيها لشراء أصوات دائرة ما فيوزع 30.000 درهم على الناخبين 200 درهم عن كل صوت مثلا و يحتفظ لنفسه .10.000 درهم مثلا "ايوا الخير و البركة" ، و أغلب المرتشين هم من الفقراء والمحرومين و الأميين أو أشباه المتعلمين ....لو امتنعت الدولة عن حيادها السلبي وضربت بيد من حديد على هؤلاء المفسدين لتمكن المصباح من الحصول على أغلبية جد مريحة تمكنه من تشكيل حكومة على مزاجه دون أن يخطب ود الفاسي أو التودد للعنصر أو تكميل الطبخة بالحزب الشيوعي المغربي المعتدل الذي يقوده سي نبيل ...
السلطات تعلم كل هذه التجاوزات وهي غير غافلة عنها لكنها ترى فيها نوعا من الرواج الذي يتيح للمال أن يتحرك وللسيولة أن تنسكب في مثل هذه المناسبات وترى فيها كذلك طريقة فنية ناجعة لتكبيل حزب العدالة و التنمية وبالتالي منعه من الحصول على أغلبية مريـــــــــــــــــحة تمكنه من الاستغناء على تشكيل حكومة مع شركاء تشوبهم الشبهة قد يوظفهم المخزن مستقبلا تبعا للظروف والتقلبات ضد بنكيران إن هو زاغ عن الطريق أو تجاوز الخطوط الحمراء ببعض السنتميرترات أو ثارت ثائرة الشارع نتيجة أزمة اقتصادية، فمن السهل بمكان وتبعا لظرف ما أن ينسحب حزب أو حزبان من حكومة بن كيران ليصطف إلى جانب كتائب بيد الله ليتم التشهير بحزب المصباح والإطاحة به وحاكته ، وابن كيران يعلم هذا لكنه مجبر أن يضع يده في أيدي هؤلاء القوم من أجل تدبير المرحلة و المساهمة في إنقاذ المغرب ليس من السكتة القلبية فقط بل من كارثة عظمى، تخيلوا ونحن نعايش هذا الربيع العربي الذي أطاح بالجبابرة و القياصرة فلنتصور لو تم منع العدالة والتنمية من تغطية العديد من الدوائر أو لو تم التضييق عليه في بعض الجهات و تم فسح المجال مثلا لحزب الاستقلال أو الأصالة و المعاصرة لاحتلال المركز الأول لقيادة الحكومة لو حدث هذا لشهد المغرب انفلاتا أمنيا خطيرا غير مسبوق و فوضى مدمرة كانت ستقود البلاد لا قدر الله لمتاهات ومنعطفات حالكة غير محمودة العواقب... لقد دبر حزب المصباح حملته الانتخابية بنزاهة ومهنية كبيرة و نضالية تطوعية منقطعة النظير شارك فيها منتسبون و متعاطفون من شتى الفئات العمرية كانوا يتبرعون بوقتهم و جهدهم ومالهم عكس الأغلبية العظمى من الأحزاب بما فيها شركاء العدالة والتنمية التي وظفت في حملاتها أشخاصا من المحرومين و أنصاف المتعلمين والذين لا علاقة لهم بالعمل الحزبي، أشخاص أشبه بالمرتزقة أو الشماكرية يتم منحهم أجرة يومية مقابل توزيع المنشورات وترديد شعارات وهتافات تشيد بمناقب الوكيل و أريحيته وسجله، وكل هذا الشعارات لا تخرج من القلب لأنها مؤدى عنها بل هناك من هؤلاء من كان يتقاضى أجرته و يردد شعارات الحزب و صبيحة التصويت لم يذهب للإدلاء بصوته ...حملة رفاق بنكيران كانت نظيفة ومثالية بشهادة الجميع عكس الكثير من الأحزاب التي وكلت وكلاء لم يتوانوا من شراء الذمم و استعمال المال السياسي من أجل شراء الأصوات في البوادي و أحياء الهوامش حيث يعشش الفقر و الأمية والجريمة وكل أنواع الخصاص ...نعم إن العديد من الأحزاب بما فيها شركاء سي بنكيران في الحكومة لم تكن نتائجهم بالمستحقة بالمرة.... في ظل الحراك الشعبي التي تشهده منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقية أو ما يصطلح على تسميته بالربيع العربي فقد ارتأى المخزن أنه لابد من الحكمة من فتح المجال و تمكين الإسلاميين من قيادة الحكومة في الظرف الراهن لامتصاص أو الحد من غضب الشارع، وفي المقابل فقد ارتئ قادة العدالة والتنمية أنه من الحكمة كذلك القبول بتحمل المسؤولية ولو تطلب الأمر أن يضعوا أيديهم مكرهين مجبرين مع يد شركاء كانت نتائجهم غير مستحقة بل مشبوهة، و قد ارتأى العديد من المغاربة كذالك أن يمنحوا فرصة لحزب يلمسون فيه الجدية والنزاهة وهو الذي لم تتح له الفرصة لتحمل المسؤولية ولم تكن له سوابق مشبوهة ... إن المزاج العام الدولي اليوم بما فيه صناع القرار بالبيت الأبيض والاتحاد الأوربي قد ارتأوا في ظل هذا الظرف المفصلي الدقيق التي ثارت فيه الشعوب على جلاديها وكانت النتيجة فرار بنعلي و حبس مبارك و سحل القذافي فقد آثرت الدول الوازنة التعامل مع الإسلام المعتدل حفاظا على مصالحها و أمنها القومي ، فها هو حزب النهضة الإسلامي بتونس يحظى بثقة المواطن وهاهو حزب العدالة و الحرية بمصر الجناح السياسي لتنظيم الإخوان قاب قوسين أ أدنى لقيادة البلاد و إسلاميو ليبيا هاهم في الواجهة مرحب بهم مرغوب فيه اقليميا ودوليا وها هيا الثورة السورية حيث الإسلاميون فاعلون ومتواجدون في مخاضها الأخير، والمغرب لن يخرج عن القاعدة ولن يشكل الاستثناء و لهذا ارتأى المخزن أن لابد لتدبير المرحلة و تجنيب البلاد من الكارثة من الاستعانة وتجنيد بنكيران شريطة تقييده بتحالفات يتحكم هو في فراملها ودواليبها ودفتها ...وها هي مدام كلينتون وكل رؤساء وصناع القرار بأوروبا يبعثون ببرقيات التهاني تونس الخضراء و قاهرة المعتصم وطرابلس الغرب و رباط الفتح على وصول الإسلام المعتدل لسدة الحكم.... ثم ماذا عن المعارضة المرتقبة التي من المنتظر أن يلعب فيها حزب الأصالة والمعاصرة دورا مؤثرا؟؟ فهل ستكون معارضة بناءة منطقية ومفيدة؟؟ أم ستكون معارضة وضع المطبات والعراقيل و التشويش على الحزب الأول بالمغرب؟؟ فالكثير من المتتبعين ومناضلي حزب المصباح وكذا حركة 20 فبراير يرون في الوافد الجديد أي البام حزب غير شرعي التحق به أناس لتحقيق المآرب و المصالح الشخصية أو من أصحاب السوابق ، فماذا لو قام شخص آخر غير فؤاد عالي الهمة بتأسيس حركة كل الديمقراطيين والتي كانت عبارة عن قنطرة قادته لإنشاء حزب البام والذي انضوى تحته أناس هبوا من كل حدب و صوب ومن مختلف الطيف السياسي ، نعم ماذا لو كان شخص آ خر غير هذا الهمة؟؟ فهل كان بمقدوره تأسيس حزب مرعب كحزب الأصالة والمعاصرة و الحصول على هذه النتائج الغير المسبوقة سواء بالمجالس الجماعية أو البرلمان؟؟ لا أحد كان سيتبعه لكن مادام فؤاد عالي الهمة صديق الملك و القادم من سراديب و دهاليز أم الوزارات فقد تبعه من تبعه إما طمعا في الاستوزار أو الحصول على مناصب حكومية أو رغبة في دخول البرلمان أو رئاسة الجماعات من أبوابها الواسعة أو للتغطية ومحو الآثام وملفات الفساد، نعم هكذا كان..
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتائب المشير طنطاوي تعري وتسحل فتاة بميدان التحرير ....
-
جمعات الربيع العربي ...
-
مجزرة ماسبيرو والمماليك الجدد.
-
جريمة النظام الجزائري في حق الشعب الليبي ...
-
الرئيس السوري قد يهاجم إسرائيل....
-
بشار الأسد: من حق الدولة التصدي للخارجين عن القانون....
-
عاوزين نشوف حسني مبارك وراء القضبان...
-
أيها السوريون، لم أشبع بعد من دمائكم: بشار الأسد ...
-
حوار مع الرئيس السوري بشار الأسد ....
-
الكسب الغير المشروع، ماما سوزان نموذجا....
-
رشيد نيني وبوادر مولد حزب سياسي ...
-
جرائم النظام السعودي ...
-
سجن مزرعة طرة بانتظار حسني مبارك...
-
مفهوم المؤامرة عند بشار الأسد....
-
هذه الثورات ببلدانا، من ورائها؟؟ ..
-
قطر القوة الخامسة عالميا...
-
رسالة إلى سيف الإسلام القذافي ....
-
النظام السعودي في منأى عن الثورة
-
من بين اللذين قتلهم النظام السعودي
-
سنقطع أي أصبع يمتد للسعودية!!؟؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|