|
القضية الوطنية والمسألة الفلسطينية فى الثورات العربية
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 01:23
المحور:
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها
جاءت الثورات العربية فى مجملها انتصارا حتميا لنضالات الآباء من روادالحركة الوطنية بمختلف أطيافهم وفى القلب منهم تيار اليسار الوطنى، فعندما طرد فؤاد الشمالى العضو النشط فى الحزب الشيوعى المصرى فى بدايات عشرينيات القرن الماضى الى موطنه سوريا، أسس هناك الحزب الشيوعى السورى الذى ضم الى جوار سوريا كل من لبنان وفلسطين، وناضل الشيوعيين العرب نضالا طويلا لتحرير بلادهم من الإحتلال الإنجليزى والفرنسى ودفعوا فى سبيل ذلك ثمنا باهظا، وهذا لا يقلل من نضال البرجوازية الوليدة فى الوطن العربى فى سبيل تحرير بلدانها من الإستعمار والإستئثار باسواقها الداخلية. رفعت فى ميدان التحرير على استحياء بعض الأعلام الفلسطينية فى جمعات التوافق الوطنى وبجوارها بعض أعلام لتونس وعلم الثورة الليبية وفى المقابل رفع علم السعودية وبه السيف والشهادتين والرايات السود فى الجمع الإسلامية التى عرفت بجمعة قندهار ولم يرفع فيها العلم الفلسطينى، على أنه من الملاحظ فلم يتم احراق العلم الإسرائيلى أو الأمريكى فى الميدان طوال الثمانية عشر يوما المجيدة وما تلا ذلك من مليونيات رغم تكرر إحراقهما فى كل الوقفات الإحتجاجية التى سبقت ثورة يناير اللهم الا أثناء محاولة إقتحام السفارة الإسرائيلية، كما لم ترفع فى الميدان صور جيفارا ولا عبد الناصر بشكل ملحوظ. رغم مشاركة الإخوان المسلمين المتأخرة فى اللحاق بالثورة، وكما نعلم فإن حماس تعتبر الإبنة غير الشرعية لحركة الإخوان فى مصر منذ أن أسسها الشيخ أحمد ياسين العضو السابق فى الجماعة قبل الإحتلال الصهيونى لقطاع غزة، ولكن هذه الجماعة هى من أغفلت أى حديث عن القضية الفلسطينية مع محاولات خجولة لإثارة نصرة حماس وفلسطين فى بعض المناسبات مثل ذكرى النكبة. مع تحولات النظام الدولي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، تعرض الفكر الثوري والحركات الثورية لنكسة، حيث أن الثورات التي شهدها العالم وخصوصا خلال القرن العشرين، كانت تحصل على الدعم من المعسكر الاشتراكي وحركة التحرر العالمية وكانت ترفع شعارات معادية للرأسمالية والإمبريالية ولكن الديمقراطية لم تكن هدفا لها أو على الأقل لم تكن على سلم اولوياتها كما أن الثورة الفلسطينية التي لم تستطع أن تنجز مشروعها التحرري في ظل الثنائية القطبية تتعرض اليوم لتحديات كبيرة وهي تواجه إسرائيل من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر. لقد جرى اهتمام شباب التحرير بقضية فلسطين كجزء ثانوى ومكمل أحيانا وذلك بمناسبة الحديث على الفضاء الإلكترونى عن الإنتفاضة الثالثة أو بمناسبة توقيع الصلح الشكلانى بين فتح وحماس وبمناسبة صفقة شاليط، على أن ما ألهب مشاعر الشباب هو الإعتداء الإسرائيلى على حدودنا الشرقية ومقتل ستة من الضباط المصريين، لقد تفجرت المشاعر بسبب ذلك وتحرك متظاهروا التحرير لحصار السفارة الإسرائيلية فى الدقى وإنزال العلم الإسرائيلى والمطالبة بطرد السفير وقطع العلاقات، وتطور الأمر الى صدام دموى مع أجهزة الأمن، ولكن سرعان ماتم تجاوز ذلك سريعا وعاد الثوار الى ميدان التحرير. وحتى الموقف من إتفاقية كامب ديفيد والمطالبة بتعديلها لم يتجذر فى الميدان الا فى الفترة التى تلت العدوان الإسرائيلى على الحدود، وبالفعل كان رد الفعل الإسرائيلى هادئا على غير العادة ووصل الى حد الإعتذار عن عملية القتل وانها تمت على سبيل الخطأ، كما أبدى الجانب الإسرائيلى استعداده لمناقشة زيادة القوات المصرية على الحدود لضبطها ضد عمليات التهريب للأسلحة والمخدرات واللجوء الغير شرعى وايضا للمساهمة فى مطاردة القوى الإرهابية الأصولية فى سيناء. لم يتحدث أحدا فى الميدان بجدية عن إلغاء كامب ديفيد أو قطع العلاقات، ولم يأت إطلاقا اى ذكر لإتفاقية الكويز مع اسرائيل ولا عن وقف الصادرات اليها والواردات منها ولم يجر اى تلميح الى منع السياحة الإسرائيلية ودخول الإسرائيلين الى سيناء بدون تأشيرات، ناهيك عن المطالبة بموقف ولو ثانوى من الولايات المتحدة الأمريكية أو من إتفاقية الجات وظهر أوباما وكأنه يقود الثورات العربية ويستنجد به العرب لمزيد من التدخل فى ليبيا وسوريا بحجة حماية المدنيين وتصور البعض ان امريكا مع التغيير ، ولكن الحقيقة أنها تريد حماية مصالح الكيان الصهيوني، ومن هنا علينا ان نذكّر بان أمريكا ليست مع الديمقراطية لأنها هي التي دعمت الأنظمة السابقة وساهمت في احتلال العراق وتساهم بشكل مباشر في تصفية الحقوق الفلسطينية ، وهي التي تمارس عملية نفاق، ولا تريد مجتمعات ديمقراطية عربية... إن الشباب الذى فجر الثورة يعى الى حد كبير ان الظروف الإقتصادية التى تمر بها مصر على درجة عالية من الخطورة ويدركون أن الاقتصاد المصري يعتمد بشكل كبير على الخارج – معونات أمريكية سنوية ،عائدات قناة السويس ،السياحة ،الاستثمارات الخارجية وان تغيير هذا الواقع يحتاج الى جهد طويل. لقد كان اهم شعارات الثورة فى ميدان التحرير وكافة ميادين التحرير فى مصر والدول العربية هو المطالبة بالحرية والديموقراطية وحتى قضية العدالة الإجتماعية لم يستطع الثوار تجذيرها وتم تلخيصها فى وضع حد ادنى وحد اقصى للأجور، واسترداد الأموال المنهوبة. لقد تتالت محاولة تطمين الإدارة الأمريكية والإسرائيلية من الجانب العربى فمن محاولة التيار الإسلامى فى تونس على لسان الشيخ راشد الغنوشى وعلى لسان برهان غليون فى سوريا وتكرار المجلس العسكرى والإخوان فى مصر احترام الإتفاقيات التى ابرمتها الأنظمة السابقة وعلى رأسها اتفاقية كامب ديفيد.
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لائحة طلابية جامعية.. فى زمن الثورة
-
يسار مغامر. أم مراهقة ثورية
-
الإخوان المسلمون...إختلافات ورؤى 2- إخوان السودان و الدكتور
...
-
الإخوان المسلمون .. إختلافات ورؤى 1-حركة النهضة التونسية
-
كلام فى الثورة
-
الشيوعية والأخلاق
-
رثاء الرفيق الراحل ( رفيق عبد الستار الشناوى ).
-
عن الثورة والحزب
-
الإخوان والعنف...مؤامرة 1965
-
هذه الثورة ..طبيعتها وآفاقها
-
الحسن والحسين... ذكر نصف الحقيقة
-
واحد من الشهداء
-
الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
-
حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
-
حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
-
حادثة السقيفة...والصراع على السلطة
-
المصالحة بين فتح وحماس.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
-
مصر ومشاكلها الزراعية ( فى ذكرى شهيد الفلاحين المصريين صلاح
...
-
السلفيون والثورة
-
الثورة...والثورة المضادة
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
المزيد.....
|