آريين آمد
الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 22:15
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هالني ما قرأت في مسودة قانون حرية التعبير، فحجم المحضورات والتقييدات التي يقننها هذا القانون يصلح بامتياز لتأسيس دولة دينية وليس العراق الديمقراطي التعددي الاتحادي، فالمسودة تعكس للاسف وجهة نظر الحكومة للكيفية التي يجب ان تكون عليها حرية التعبير مع ميل واضح للاستبداد وتقييد التعبير تحت مسميات شتى مثل النظام العام والاداب العامة والمصلحة العامة، وجمعينا يعرف مدى مطاطية مثل هذه المصطلحات ومدى امكانية ان يتم توظيفها ازاء اية قضية حسب الزمان والمكان.
من السهل جدا لكل متلقي ان يعرف اهداف هذه المسودة، لان الغالب فيها على روح النص هو الفكرة الدينية، والطائفة، لا بل حتى الشعيرة بحيث تقرأ ببساطة شديدة في المادة (13) ثالثا. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (1) سنة واحدة وبغرامة لا تقل عن (1000000) مليون دينار ولا تزيد عن (10000000) عشرة ملايين دينار كل من:
أ. اعتدى باحد الطرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية أو حقر شعائرها.
ب. تعمد التشويش على اقامة شعائر طائفة دينية أو حفل أو اجتماع ديني أو تعمد منعها أو تعطيل اقامتها .
ج. خرب أو اتلف أو شوه أو دنس بناء معدا لاقامة شعائر دينية أو رمزا أو شيئا آخر له حرمة دينية.
د. طبع ونشر كتابا مقدسا عن طائفة دينية حرف فيه نصا عمدا تحريفا يغير معناه أو استخف بحكم من احكامه أو تعاليمه.
ه. اهان علنا نسكا أو رمزا او شخصا موضع تقديس أو تمجيد او احترام لدى طائفة معينة.
و. قلد نسكا أو حفلا دينيا بقصد السخرية.
جميع هذه النصوص تؤكد تقييد حرية التعبير في وقت يركز فيه العالم الحر وتحت باب حرية التعبير عن الرأي بأنه "لا شيء مقدس... كل شيء خاضع للنقاش والتفكير".
يبدو ان عقلية الاستبداد لا تريد ان تغادر الدولة حتى في زمن الربيع العربي، ويبدو بان المشرع العراقي لا يزال غير مدرك لحقائق مهمة عن الحرية وعن الدولة وطبيعة التزامها امام الحرية في القرن الحادي والعشرين، حيث يجب ان يكون واضحا للجميع بان زمنا جديدا قد بدأ وعالم جديد آخذ بالتشكل، فاذا كان جوهر حرية التعبير يتضمن في شقه الاول التعبير عن الرأي بالكلمة، بالتظاهر، او بالتجمع وفي شقه الثاني حرية الحصول على المعلومات من الدولة، فعلى المشرع أن يتذكر حقيقة اننا في بداية القرن الحادي والعشرين بتنا نعيش في عالم رقمي، عالم تعطلت فيه الكثير من القوانين الصارمة واصبحت عديمة الجدوى، وساحات التحرير في دول الربيع العربي تشهد على ذلك، واذا لم يفهم المشرع حقيقة هذا العالم الجديد ببعده الرقمي الذي يضم (الويكيليكس والفيس بوك والتويتر) فانه سيظل يلوك بالكلمات ويدور في فلك الاستبداد. بينما الحل يكمن في اطلاق المزيد من الحريات وعلى رأسها حرية التعبير عن الرأي(Freedom of speech)، فنظام حسني مبارك كان يحكم في ظل احكام الطوارئ ولكن تم ازالته في اسابيع، بفعل تقنية الفيس بوك، حيث انهارت المنظومة الامنية وعجزت قوانين الطوارئ عن معرفة ما يجري على صفحات التواصل الاجتماعي والسرعة التي تتم بها تبادل المعلومات بواسطة رسائل الـ (SMS).
ان جميع القوى الوطنية الديمقراطية والليبرالية مدعوة اليوم الى العمل من اجل اعادة صياغة هذا القانون لينسجم مع روح الدستور العراقي التي افردت مساحة واسعة للحريات. “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”
انتهت
للاتصال بنا [email protected]
#آريين_آمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟