|
محاكمة البعث ورموزه
ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)
الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 11:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من مفارقات التاريخ السياسي العراقي المعاصر أن يتحول "البعث" فيه إلى "قيامة"، تضع الجميع أمام امتحان غاية في التعقيد، وتعيد إلى الأذهان قيمة الجدل اللاهوتي القديم عن القيامة والبعث بالمعنى الذي كان سائدا وحساسا في العلوم الإسلامية. إننا نقف أمام مفارقة يقوم فحواها في أن "البعث" العراقي ينبغي أن "يبعث" أمام قيامة الفصل الاجتماعي والسياسي والوطني من اجل محاكمته التاريخية، باعتبارها إحدى المقدمات والشروط الضرورية لبناء الدولة الشرعية وسيادة القانون في كل فعل من أفعالها. لقد تغير الواقع السياسي في العراق، وهو في طريقه إلى أن يتخذ معالم الصورة التي يستحق العراق أن يتأطر بها، باعتباره موطن المدارس الكبرى. وهو أمر يضع أمامنا في آن واحد التخلص من ركاكة الخطاب السياسي والحالة الهشة للذهنية السياسية التي غرسها البعث في العراق من جهة، واقتلاع جذور الطبيعة الرخوية للهامشية السياسية والاجتماعية التي مثلها البعث في تاريخ العراق المعاصر من جهة أخرى. وهي مهمة تتجاوز حدود التعامل المباشر مع البعث ومخلفاته في العراق. فمن الناحية الفعلية ليست هذه المخلفات أكثر من قشور يابسة وحراشف سريعة الزوال. والقضية هنا ليست فقط في أنها كانت على الدوام مغتربة عن الواقع وعدائية حتى تجاه حملته، بل وبفعل لا عقلانيتها الفجة وابتعادها عن ابسط مقومات العرف والتقاليد الإنسانية دع عنك متطلبات الفكر المتسامي والأبعاد الكبرى التي يفرضها منطق الدعوة القائمة في كلمات ا"لوحدة والحرية والاشتراكية"، التي كانت تتربص بالعراقيين في كل مكان. وهو أمر غريب للغاية. وإذا كانت الغربة الغريبة مثار الإبداع الأصيل في الفكر والعمل على امتداد التاريخ، بوصفها الحالة المحيرة للعقل والضمير في مواجهة النفس والواقع من اجل تغيرهما نحو الأحسن والأفضل، فان غرابة "البعث" تقوم في تحويله الكلمات الجميلة بحد ذاتها إلى هراوة خشنة، وشعاراته إلى سوط لجلد العقل والضمير. بحيث لم يعد المرء في العراق وخارجه ممن هجرّ وهاجر وتشرد يرى حتى في حروف الكلمات اكثر من ثقوب الريبة والمطاردة التي كانت تملئ العيون الساهرة لأجهزة القمع في العراق الصدامي! وهي حالة نادرة للغاية في التاريخ السياسي للأحزاب في كل مكان! وإذا كان للندرة قيمتها المتميزة على الدوام في مختلف الأشياء والظواهر، فان "قيمتها" هنا تقوم بالنسبة لنا في ضرورة تذليلها التام والشامل. وهي مهمة لا تنحصر على الإطلاق في الموقف من "البعث" ومخلفاته. إذ ليس فيهما من القوة في شئ. لقد تحول "البعث" إلى مجرد آلة خشنة صدئة مهمتها القتل والذبح والسجن والتخريب والتدمير والتهميش. وهي ممارسة أدت إلى قتل كل ما فيه، وسجن كل بديل ممكن، وذبح كل بادرة واقعية أو مفتعلة، وتخريب كل الأبعاد الإنسانية، وتهميش كل المقومات الاجتماعية المحتملة. مما جعل منه كيانا خارج التاريخ سواء من وجهة نظر الواقع أو الواجب. لاسيما وان "البعث" من حيث أفكاره الأساسية ونموذجها الصدامي قد توافقا على ممارسة جوهرية يقوم فحواها في تجاهل واحتقار منطق الحقيقة وحقيقة الأخلاق مقابل اليقين المبني على الجهل بحقائق التاريخ ومتطلبات التطور المتجانس للدولة والمجتمع. من هنا لم يكن تاريخه في العراق اكثر من "تاريخ" اقتلاع العراق من عروقه. والنتيجة جلية للغاية! بل أنها لم تعد بحاجة إلى تأويل كبير وتنظير عميق من اجل إدراك كنهها الفعلي. إلا أن خطورتها الكبرى بالنسبة لنا تقوم في مهمة ما يدعوه المتصوفة بمحاسبة النفس. طبعا أننا لسنا ملزمين بالتوبة، واقصد بذلك كل من تعرض للمطاردة والسجن والتعذيب والمصادرة والقتل. فهي أولا وقبل كل شئ مهمة "جنود البعث" أنفسهم. فالتوبة الصادقة تفترض هنا مهمة تحويلها إلى فعل اجتماعي أخلاقي، مثل التوبة العلنية واعتزال العمل السياسي والتنازل عن كل رغبة في السلطة والعمل في مؤسساتها وتسليم كل الأموال المسروقة و"التبرع" بالأموال والممتلكات قبل مصادرتها استنادا إلى القانون. على أن يجري ذلك من خلال التعويض المباشر بما في ذلك ما يمس وجود البشر والعائلات والأماكن.فمن الضروري أن يجري تعويض كل من قتلته وهجرته وسجنته التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية لاعتبارات سياسية وفكرية. والأولوية بذلك تكون على حساب إرجاع من جاء منهم من "الأطراف" بإرجاعهم إليها. وإرجاع المدن والأحياء إلى سكنتها الأصليين. والعمل على إشراك الجميع في عملية بناء جديدة للنفس. وينطبق ذلك على كل من استفاد من السلطة السابقة عن طريق الرشوة والابتزاز والتقرب إليها واستغلال موقعه في مؤسساتها. واعتبار كل ذلك مجرد حد أدنى للتوبة الظاهرية. وهي توبة لا دخل للعراقيين بها. وذلك لان المهمة المطروحة أمام "جنود البعث" تقوم في رجوعهم إلى حقيقة الهوية العراقية التي ابعدوا أنفسهم عنها من خلال انخراطهم في "جيوش القمع" السافر والشامل وتدميرهم لكل مقوماتها التاريخية والثقافية. لقد جففوها مثلما فعلوا باهوار العراق. وكما يعمل أهل الاهوار من اجل إرجاع المياه إلى مجاريها كذلك ينبغي على "جنود البعث" في العراق العمل من اجل إرجاع أنفسهم إلى مياه العراق ومجاريها، في حال من تبقى في جسده نفس قابل للحياة! وهي مهمة تتعدى هذه الحدود إلى ما يمكن دعوته بحاجة العراق ككل إلى رؤية تطهر المجتمع من كل أرجاس التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية. وإذا كان الفكر الفلسفي الإسلامي يقول بان الوجود خير من العدم، فلا بأس من أن نجعل من وجود التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية في قيود العدم، حلا عقلانيا وإنسانيا للجميع! إن مجرد تناول تاريخ العراق السياسي والإشكاليات المتعلقة بالموقف من محاكمة التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية، تجعل من الصعب "ضبط النفس"، إلا أننا ندرك، بأن للوجدان الصادق منطقه الصارم أيضا، لأنه يفترض العزيمة في الفعل والرغبة الصادقة في الخلاص. وهي مهمة يقف أمامها الفكر السياسي في محولاته تأسيس رؤية معقولة ومقبولة من جانب الأغلبية تجاه الأسلوب الأمثل في هذه المحاكمة. وهي مهمة غاية في الأهمية من الناحية السياسية والأخلاقية والتاريخية والاجتماعية والمدنية. وذلك لارتباطها الجوهري بمهمة إعادة بناء الهوية العراقية. وشأن كل هوية تعرضت لإعصار الخراب، فإنها عادة ما ترغب في التعامل مع النفس و"الأعداء" بمنطق الانتقام. إلا أن الانتقام لا يصنع نظاما، والبديل الأكثر إنسانية وكمالا هنا هو الفعل بمعايير القانون والحق. وهو الأمر الذي يضع أمامنا مهمة إرساء أسس البنية القانونية والعقلانية والسياسية لوحدة النظام والحرية، التي تشكل محاكمة التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية خطوتها الأولى وحجر الأساس فيها بالنسبة للمستقبل. وقد يكون من الضروري هنا الانطلاق من الفكرة العميقة التي شرحها ابن عربي في معرض حديثه عما اسماه "بمعرفة القيامة ومنازلها وكيفية البعث". طبعا، لم يدر بخلد ابن عربي ولا حتى في أقصى "وساوسه" أن يطابق بين "بعث" الإسلام و"بعث" صدام! إلا أن الفكرة التي بلورها عما اسماه بمعرفة معنى القيامة ومنازل البعث يمكن تأويلها سياسيا بالشكل الذي يكشف عن عبثية "البعث" في العراق، ويضعه في نفس الوقت أمام "محاسبة" تاريخية تفترض كحد أدنى تذليل ما اسماه ابن عربي، بمنازل المرور، التي حصرها بخمسين موقفا، كل موقف ألف سنة! أولها الخروج من القبور ويتجاوزه المرء في حالة إذا كان في حياته مؤمنا حقيقيا. ثم يساق إلى مقام المحشر فيقف فيه ألف عام في سرادقات النيران فمن لقي الله بالإخلاص وكان بريئا من الشرك وإهراق دماء المسلمين تجاوزه إلى سرادقات الحساب وهي عشر، الأول منها وهو سرداق المحارم، فإن لم يكن وقع في شئ منها جاز إلى الثاني وهو سرداق الأهواء. وان نجا منها جاز إلى سرداق السؤال عن عقوق الوالدين. والشيء نفسه يمكن قوله عن سرداق السؤال عن حقوق من فوض الله إليهم أموره، وعمن ملكت يمينه، وحقوق القرابة، وصلة الرحم، والسؤال عن الحسد، والسؤال عن المكر، والسؤال عن الخديعة. ثم يحشر بعد ذلك إلى من "اخذ كتابه" ليمر بخمسة عشر موقفا يتعرض فيها إلى المسائلة عن الصدقات، وقول الحق والعفو عن الناس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحسن الخلق، والحب والبغض في الله، ومال الحرام، وشرب الخمر، والفروج الحرام، وقول الزور، والإيمان الكاذبة، وأكل الربا، وقذف المحصنات، وشهادة الزور، والبهتان. وتجاوز كل سؤال يفترض تحقيق ما فيه، وإلا فانه ملزم بالوقوف ألف عام إلى أن يقضي الله بما يشاء. ثم ينتظر الإنسان بعد ذلك مقام قراءة الكتاب، وهو ألف عام. بعدها يحشر الناس إلى الميزان، فمن رجح ميزانه عبر وإلا فانه ملزم بالانتظار ألف عام إلى أن يقضي الله بما يشاء. بعدها يقف الإنسان في موقف الوقوف بين يدي الله في اثني عشر موقفا كل منها بمقدار ألف عام. فيسأل عن عتق الرقاب، والقرآن وحق قراءته، والجهاد، والغيبة، والنميمة، والكذب، وطلب العلم، والعجب بالنفس، والتكبر، والقنوط، والأمن من مكر الله، وحق الجار. وفي حال عدم استجابة سلوكه لمتطلبات كل موقف، فانه ملزم بالانتظار ألف عام حتى يقضي الله بما يشاء. وأخيرا يؤمر الإنسان بالمرور على جسور الصراط، وهي سبعة على كل جسر منها عقبة هي مسيرة ثلاث آلاف سنة، ألف عام صعود وألف عام استواء وألف عام هبوط. الأول هو جسر الإيمان، والثاني هو جسر الصلاة، والثالث هو جسر الزكاة، والرابع هو جسر الصيام، والخامس هو جسر الحج، والسادس هو جسر الطهر، والسابع هو جسر السؤال عن المظالم، وان كان قصر في واحدة منهم حبس على كل جسر منه ألف سنة حتى يقضي الله فيه بما يشاء. إن هذه المسائلة الحية عن سلوك الإنسان، كما بلورتها الثقافة الإسلامية تعبر عن إحساس مرهف بقيمة الحساب وأهميته أمام الحق. وهي محاسبة تشمل كل نواحي الروح والجسد. فلكل شئ قيامته الخاصة، بمعنى وقوفه أما الحساب. والتاريخ بمعناه الحقوقي المادي والمعنوي هو حساب دائم. أما المسائلة فيه فهي المهمة التي تدفعها إلى الأمام أحداث التاريخ و"منطقه" أيضا. فعندما "تخرج" "سلطة البعث" من قبرها لتقف أمام المسائلة الأولى عما إذا كانت في حياتها تؤمن إيمانا حقيقيا بالإخلاص للحق، فإن التاريخ وأحداثه ووقائعه تصرخ بأعلى أصواتها قائلة "لا إيمان لها بغير الخرق الشامل والدائم لأبسط الحقوق". وهو موقف لا يمكن لسلطة كهذه أن تتجاوزه. ثم كيف لها أن تجاوز السرادقات العشر لموقف الحساب وهي التي اقترفت كل المحارم وتمسكت بأكثر الأهواء طغيانا، وعبثت بحقوق الأباء والأمهات، وخانت اليمين والعهود، وأفسدت القرابة، وقتلت الرحم والرحمة، وجعلت الحسد خلقها، والمكر عملها، والخديعة شيمتها ؟! ثم كيف لها أن تتجاوز المواقف الخمسة عشر في مرورها بالحشر؟! وهي التي لم "تتصدق" إلا بأرواح الناس، وجعلت العفو عن القتلة والمجرمين دينها، وحاربت الأمر بالمعروف، وجعلت من النهي عن المنكر جريمة، وأفسدت الأخلاق، وجعلت الحب للسلطة الغاشمة والبغض فيها معيارا لكل شئ، وشربت خمور الرذيلة بكل أنواعها، وأفرجت عن الحرام ، وقالت الزور في كل ما نطق به لسانها، وجعلت من الكذب ركنا من إيمانها، وأكلت أموال الدولة والمجتمع بحيث اصبح الربا مقارنة بما تفعل، "نسبة" معقولة ومقبولة، وقذفت كل المحصنات بحيث لم يبق للعراقي حصن "يتحصن" به سوى الخضوع والخنوع أمامها، وجعلت من شهادة الزور شهادة الإخلاص لها، ومن البهتان إعجابا بها. ثم كيف لها أن تتجاوز المواقف الاثني عشر من مواقف المرور بالميزان، الذي يفرضه منطق الحق والحقيقة!؟ وهي التي جعلت من عتق الرقاب قطعها، ومن قراءة القرآن "خطابا سياسيا" فجا كهذا الذي كان يطالعنا به رموز التوتاليتارية والدكتاتورية وعبيدها، ومن الجهاد حربا شعواء على المجتمع والدولة، ومن النميمة يقظة، ومن الكذب مصدرا للرزق، ومن طلب العلم خدمة وضيعة لها، ومن الإعجاب بالنفس علامتها المميزة، ومن التكبر ولعها، ومن القنوط أسلوبها في إذلال المجتمع، ومن المكر سر استمرارها، ومن انتهاك جيرانها سياستها؟! ثم كيف لها أن تتجاوز بعد ذلك جسور الصراط؟! وهي التي إيمانها خدعة، وصلاتها عبودية للغريزة، وزكاتها سرقة، وصيامها وليمة فجور، وحجها لف ودوران حول ركام الخطأ والخطيئة، وطهرها نجاسة، وظلم الناس دينها؟! طبعا أن للإيمان "منطقه" الخاص به. إلا انه يوصل من خلال موشور الثقافة إلى رؤية الأبعاد الأخلاقية والإخلاص لها. وهي حقيقة واضحة المعالم في الصورة التي استعرضتها قبل قليل. أنها توصلنا إلى حقيقة بسيطة تقول، بان "منطق الإيمان" هو أيضا إيمان بالمنطق الأخلاقي، الذي يجعل من مرور العصاة معاناة تقدر بعشرات الآلاف من السنين من اجل أن تتبلور رحمة الشفاعة عنهم. إلا أن هذه الشفاعة ممكنة في تقاليد الإسلام بالنسبة لمرتكبي الصغائر لا الكبائر من الذنوب. وما اقترفه البعث في العراق هي من الكبائر وليس من الصغائر. أنها جريمة الخروج عن منطق الحق والحقيقة. بعبارة أخرى، أن ما جرى هو ليس معصية أفراد بقدر ما هو جريمة رؤية ومنهج وسلوك ومعتقد. وهي جريمة تعطني لنا إمكانية القول، بأنه لا بعث "للبعث" في العراق. وهي رؤية ينبغي أن تشرك الجميع في فعل سياسي يجعل من إفناء الشروط المولدة لمنهج الجريمة مهمة أولى بالنسبة لبناء عراق له موقعه الفعال في المنطقة والعالم العربي، وبما يكفل له أيضا إمكانية المشاركة البناءة في الحضارة العالمية المعاصرة. لقد أدى حزب البعث وأيديولوجيته في العراق بكل شئ إلى الحضيض، بحيث جل من كل ما فيه رخوا هشا. وحول البلد إلى مستنقع، لا قوة "فاعلة" فيه إلا للرخويات. وهي حالة لا تحسد عليها دولة، وحال لا يتمناه المرء حتى لأعدائه. وذلك لأنه يؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف النفس. فالنفس القوية تفترض في الخصوم بأس العزيمة وقوة الشكيمة من اجل أن يكون للفوز والهزيمة قيمتهما المعنوية. أما بالنسبة لحزب لا يتقن غير أساليب المكر والعنف بحيث يتطابق مفهوم "النظام" عنده مع الإرهاب والقهر المنظم، فان قيم البأس والعزيمة تتحول في أعينه إلى "قوة مخربة". وهي ممارسة تؤدي بالضرورة إلى الدجل الشامل في التعامل مع كل القيم والمفاهيم والأعراف. وبالتالي إلى ابتذال كل القيم المتسامية والانهماك في تهشيم الأسس الوجودية للدولة، وتهميش المجتمع وتدمير قواه. حينذاك يتحول الماضي والحاضر والمستقبل عنده إلى كيانات غريبة، لان الزمن الوحيد بالنسبة له هو زمن وجوده في السلطة. مما يؤدي إلى سيادة الزمن الميت، أي إلى زمن خارج التاريخ. مما يقفل على المجتمع والدولة آفاق التطور الحر، وتصبح "النهاية" "بعثا" جديدا. وهي مفارقة يقف أمامها الآن "حزب البعث" من اجل مواجهة حكم التاريخ العراقي فيه. فقد ابتدأ "البعث العراقي" بتدمير المسار التاريخي الطبيعي للعراق. وأدى في النهاية إلى حالة تنذر بشؤم "القيامة" الفعلية. وهي نتيجة طبيعية أيضا. لان الخراب الشامل للدولة والمجتمع يؤدي بالضرورة إلى فقدان السلطة "لقوة" استمرارها. فقوة السلطة ليست من سلطة القوة وبطشها، بل من قوة المجتمع وقواه الاجتماعية والسياسية. لقد جسد "حزب البعث" في ذاته وبذاته كل هذه النتائج، بحيث اصبح نموذجا لخواء الروح والجسد المميز للدكتاتورية البائدة. طبعا، أن للعراق فيما مضى اثر في العالم كبير. وأثره الآن لا يقل أهمية من معاني الحياة والموت. إلا أنها مجرد دورة، سوف تنتهي بانتهاء دوامة العنف التي صنعها "نظام" خارج التاريخ. وهي عبرة للمستقبل، لاسيما وانه مصدر الرهان الأكبر لنا جميعا. أما الضمانة المطلقة فيه فتقوم في إرساء أسس دولة المؤسسات والقانون باعتباره "الحاكم المطلق". وهو حاكم لا خيار أمامه من اجل أن يكون عادلا سوى "استئصال البعث". إذ من المستحيل بناء عراقي ديمقراطي وإنساني ومتطور دون إنجاز هذه المهمة.
#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)
Maythem_Al-janabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استئصال البعث ومهمة البديل الديمقراطي في العراق
-
العراق وإشكالية المثلث الهمجي
-
القضية الكردية وإشكاليات الوطنية العراقية
-
العراق وعقدة الطائفية السياسية
-
الغلاة الجدد وأيدبولوجية الإرهاب المقدس
-
زمن السلطة
-
الطريق المسدود للمؤقتين الجدد
-
المثقف والسلطة، أو إشكالية القوة والروح المبدع
-
السلام القومي والمصالحة الوطنية في العراق
-
المؤقتون القدماء والجدد
-
المعارضة والمقاومة – المفهوم والغاية
-
الإرهاب والمخاض التاريخي للحرية في العراق
-
المهمة التاريخية للمثقف العراقي
-
علماء السوء – التدين المفتعل والسياسة المغامرة
-
تأجيل الانتخابات ونفسية المصلحة السياسية
-
معارك المدن العراقية - الأبعاد الوطنية والاجتماعية
-
تأجيل الانتخابات أم تأصيل المغامرات
-
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به في طالع الشمس ما يغنيك عن زحل
-
أدب التصوف
-
اسلام الشرق و الشرق الاسلامي
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|