أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - من علم العبد (.....) مكرمة.















المزيد.....

من علم العبد (.....) مكرمة.


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 20:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترددت منذ مدة أن أكتب في هذا الموضوع .. فسيواجهه هجوم ، عناد ، نكران ، عدم فهم من أطراف عديدة .. الذى يعلم ، و الذى فضل أن يعيش داخل عباءة التغييب .
وحتي بعد أن رأيت الصور المتواجدة على الفيسبوك للسادة الجنود الذين يبولون على المتظاهرين من أعلى مبنى رئاسة الحكومة ، أو الأبطال الذين توحشوا على السيدات المسنات والفتيات وعرّوهن فى عرض الطريق ، أو بعد ان رأيت الفيديو الذى يتكتل فيه مجموعة من الصناديد بخوذاتهم وأزيائهم الأمريكية على شاب يضربونه ، يلكمونه ، يرفسونه ويسحلونه .. فإننى كنت كلما حاولت أن أكتب أتوقف بعد كل كلمة محاولا ألا أبدأ مقالى بأننا لسنا بأحفاد للفراعنة .
الفراعنة العظام الذين بهروا العالم القديم والحديث بإنجازاتهم المادية ، العلمية ، والخلقية أسسوا نظام عدالة ، رسوا أخلاقا راقية وتميزوا بصفات سامية ثم إندثروا بعد أن سطى مرتزقة كهنة آمون على العرش الشامخ .
أما نحن ( فى الغالب الأعم ) أحفاد العبيد الذين كانوا على أرض كيميت بعد أن صاغوا لأنفسهم سلوكا وأخلاقا وصفات تؤهلهم لأن يتعايشوا مع أسافل البشر من معتدين ومستعمرين ويتأقلمون مع أحط أنواع الحكام .. فيرضون بالدونية والمهانة وبدور العبد الذى لا مكرمة له .
فى شبابى كان المد الثقافى الذى صاحب وزارة ثروت عكاشة وإقترابنا من أسوار المعاصرة فلسفة وفنا وسلوكا يجعلنا نتجاهل كل ما كتبه المؤرخون المسلمون عن المصريين (الشيخ احمد الرمال ، محمد بن اياس ، ابن الحسن المسعودى ، ابن عبد الحكم ..) ، وعن تندرهم بالفلاح (اللاوى) ( أبو شادوف ) ، وما كتبه الرحّالة الأوربيون ( ادوارد لين ،كريستوفر هيرولد )عن تخلف المصريين خلال القرون الوسطى البادى فى حياتهم ومجتمعاتهم ، وما ذكر فى كتب الحملة الفرنسية عن القذارة والتدهور الذى رصدوه .. وكنا عندما نتكلم عن التاريخ الحديث نبدأ بمحمد على الذى نقل مصر الى المعاصرة ( شكلا ) وما استكمله بعده الخديوى اسماعيل من تحديث للقاهرة والاسكندرية ، ثم عن النهضة التى أعقبت 1919 ونتجاهل حقيقة أن مصرظلت مستعمرة لثلاث آلاف سنة تركت ندوبا وعاهات قهر وظلم وتخلف على أجيال متتالية من المصريين .
لقد كان تجاهلنا لعيوبنا ( اللاشعورى ) يجعلنا نبالغ فى وصف حضارة مصر ومجدها وأن الشرق لن تقوم له قائمة بدونها أو من بعدها .. ونزيد من تقديرنا لأبسط مظاهر التقدم ونصرخ فى كل مناسبة باننا نحب مصر ، ونحكى عن إعجاز الماضى والحاضر لأفضل شعوب الأرض ، لقد كان عبد الحليم حافظ وصلاح جاهين وجيش الملحنين والمغنيين يغسلون كل صباح نفوسنا مبتعدين بنا عن فكرة أننا كنا ولازلنا عبيدا .
المصريون ( نحن ) يملكون أضخم جهاز تغييب وتبرير وتزيين فى التاريخ المعاصر بعد جهاز ( جوبلز ) ، ان لدينا قدرات ذاتية غريبة تقلب الهزائم الى انتصارات وتمارس خداع النفس والتغاضى عن الكوارث بسرعة تغيير صفحة الكتاب ، فلا نذكر من حُرقوا ، غرقوا ، قُتِلوا ، دُهِسوا أو سقطت عليهم المبانى أو من خرجوا من السجون أشباه بشر ، قدرة عجيبة على تجاهل من سبـّـنا وخدعنا وقال عن مصر والمصريين( طظ )، او سرقنا واستعبدنا لصالح مشاريعه ، ولكننا نذكر ان حسن شحاتة ( المعلم ) انتصر فى كرة القدم وحصل على جائزة ، وأن الجيش حمى انتفاضة الشباب وأن الاخوان يوزعون الطعام والملابس على الفقراء ، ونجرى الى صناديق الاقتراع نؤيد من خاننا وغرر بنا ونهبنا ، وينوى الفتك بما تبقى .
فى مصر منذ أن ( شرفنا ) العرب بغزوهم لنا و استعبادنا ، ونحن لم يظهر بيننا عالم أو فنان أو فيلسوف يعتد به إلا هؤلاء الذين هاجروا بحثا عن متنفس صحى خارج المنظومة الموبوءة بأفكار العربان والعبيد .. فالعبيد لا يبنون حضارات ولا يقيمون صروحا للمعرفة والادراك ، إنهم أغنام تسير وفقا لإرادة الراعى .. لقد كنا هكذا حتي فى زمن حكم اول مصرى لمصر فالزعيم نقلنا الي الاشتراكية كما يراها ونكــّل بكل صوت معارض وفتح السجون والمعتقلات وعذب ونفى وحارب فى الرزق ولم ننطق بكلمة واحدة إلا بالروح بالدم نفديك يا جمال ، إنه خوف العبيد ورعبهم من قطع لقمة عيشهم ومستقبل أطفالهم بعد امتلاك الدولة لكل وسائل الانتاج ومفاتيح الخزائن والثروات .. فى زمن خالد الذكر المؤمن تحولنا من الاشتراكية الى الرأسمالية الطفيلية وجرينا خلف الحلم والمظهر واستدنا وتسولنا وسجنا واعتقلنا وتم إفقارنا ومع ذلك لم نتكلم إنه حرص العبيد على عدم إغضاب السادة حتي لو غالوا في التحكم أو جاءت قرارتهم مثل قرارات الحاكم بأمر الله مانع اكل الملوخية.. حكمنا أحمق فاشل متخلف وكنا نرى الاسراف ونشاهد الفساد ونتجنب البلطجية ، وقدم لنا ديموقراطيته المهلبية المخلوطة بقرع عسل التوريث ، ومع ذلك لم نتحرك إلا بعد ثلاثة عقود من العبودية والذل والهوان ، إنها انتهازية العبيد واستسهالهم .
والآن تسقط كل الغلالات والأقنعة والتهويمات ، ويقفز على أكتافنا من يتخيل أنه السيد الجديد، عبيد الامس يتحكمون فى عبيد الغد ويل للاثنين .
طبقات من العبوديه تعقب بعضها بعضا فاليوناني الذى كان سيدا مسموعا في زمن البطالسة .. تحول الي قن يخدم الرومان بعد موقعة اكتيوما والروماني الذى حكم المصريون واستغلهم وذبح الملايين من المخالفين دينيا تحول الي طبقة المحكومين عبيد عمرو بن العاص والعربي الذى صال وجال ينعم بالجزية الفردية والجزية الجماعية علي كل قرية وحق الضيافة لثلاث ليالي حتي لو كان بصحبته جيش جرار انكمش في زمن الفاطميين واصبح من طبقات الشعب الاقرب للاقنان .. الملوك والسلاطين الفاطميين خضعوا لصلاح الدين يذبح ويقتل ويستعبد ليجد مصاريف جيوشه .. وهكذا انضم للمهانين المذلين طبقات فوق طبقات من الحكام الذين ازيحوا و حل محلهم غاصب جديد بما في ذلك عناصر المماليك والاتراك والفرنسيين الذين يمكن تتبع حركتهم من انتشار العيون الزرقاء في الصعيد والمنصورة ودمياط .. نسيج المصريون يشتمل علي عناصر من كل الاجناس التي قهرتهم ثم قـُهـِرت لا يجمع بينهم الا الخوف و اخلاق العبيد .
العبوديه سلوك ، منهج ، اخلاق .. سلوك يتسم بالرضاء بما قسم للانسان في دنياه الرضاء بالتميز الطبقي وعدم استنكار وجود أسياد لهم سلطة وتجَبُّر علي الاخر .. و علي العبد ان يرضي وأن يطيع والا يفكر في تغيير أوامر الاسياد وهو يدافع عن سيده بالروح والدم ويفديه بالغالي والرخيص .. هذا العبد عندما يصبح مسئولا عن قطاع معين او عمل ما فانه يطلب من الاخرين ان يتعاملوا معه بنفس الاسلوب .. ويا ويل من لديه عزة نفس او احترام للذات ان الرئيس و زبانيته سيحاربونه و يكسرونه حتي يقبل الايادى ويعترف انه حشرة تتخبط في نور السيد العظيم .
أخلاق العبيد هي اخلاق اللصوص عندما يغفل السيد عنهم و لقد رأيناهم في شوارع القاهرة يروعون ويسرقون ويخربون والعبد يتسلل الي مكان الجوارى يفترس من يوقعها حظها العاثر تحت مخالبه ويهددها ويشهر بها ويحكي قصة حياتها ويدّعي عليها .. لقد رايناهم في برامج التلفزيون يشهرون بالمحتجات و يدّعون عليهن و يكشفون علي عذريتهن .. إنها اخلاق العبيد.
العبد يسرق ويهلب ويخفي ما يملك لا تستطيع ان تعرف أبدا مقدار ثروته .. فاذا ما هجم علي منزله قطـّاع الطرق لا يجدون شيئا لقد أخفي الاثار وهو يتمسكن حتي يتمكن حينها ترى وحشا شرسا لا يتوقف عن سفك الدماء والترويع وتهديد الآمنين كما فعل قراقوش عبد صلاح الدين أو كافور الاخشيدى .. الذى قال عنه المتنبي (( لا تشترى العبد الا والعصا معه)) ..اما اذا استفرد بالاطفال في الكتـّاب فلا علاج الا الفلكة اى الضرب علي الاقدام بعد الامساك بالسيقان ..اني انظر حولي فلا ارى الا عبيدا اطلقوا اللحي واستسلموا لقهر شيوخهم او سيدات أخفين وجودهن واستسلمن لجور الرجال عبيد ابناء عبيد .. عبيد في المصالح والوزارات وأماكن العمل في طول الجهاز البيروقراطي و عرضه وكل عبد يصدِّر نقصه و خيبته و عجزه علي مرؤسيه و يقبل اقدام من بيدهم الحل و العقد ..
كنت اخشي ان اكتب هذا و لكنني كتبته نحن في حاجة الي ثورة علي العبودية تشبه ثورة سبارتاكوس قبل ان نذهب الي صناديق الاقتراع
آسف ولكن هذا هو ما أراه في الاحزاب ، الوحدات الاقتصادية ، بين رجال الامن و النواب الشعب وكل ما يتصل بالجهاز شديد التخلف شديد الانحطاط الذى يدير بلادنا منذ عقود طويله.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقر الفكر .. وفكر الفقر
- ديموقراطية خلط الحليب بالمجارى
- في مصر مجتمعات يحكمها البهاليل .
- الريف ينتقم و المدينة عاجزة
- أبدا ..لن تسرقوا احلامنا
- تغيير جلد النظام .. ثم الكمون.
- انتخابات اليوم ..تقديم طلب الانضمام للعصابة
- النوح ، و البوح أمام مقابر الشهداء .
- لكي لا تحرثوا في البحر.
- و.. جعلوا أعزة أهلها أذلة.
- هل ضاع كفاح قرن في عشرة شهور!!.
- انا مضاد للسلفية..حتي النهاية.
- البكاء أمام محراب نيتنياهو
- النهضة الاسلامية سراب و وهم للغافلين
- الاسلام السياسي (ايدز) المجتمعات.
- كوميديا السلفيين و تراجيديا الاخوان المسلمين
- الدولة الدينية كابوس لا يتحقق.
- آسف .. مصرلن يحكمها السلفيون.
- الخلف الطالح و البروتاليتي.
- النداء الاخير قبل الاظلام الوهابى


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - من علم العبد (.....) مكرمة.