|
حب الذات(Self-Love) طاقة ايجابية بين مشاعر متناقضة (الجزء الثاني)
جودت شاكر محمود
()
الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 19:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أنا اعمل بفكري، وأنت تعمل بفكرك. أنا لست في هذا العالم أعيش وفقاً لرغباتك وتوقعاتك. وأنت لست في هذا العالم تعيش وفقاً لما أريد. أنت، أنت............ وأنا، أنا....... فأن وجدنا مع بعضنا بالصدفة.... فأنه شيء جميل. وأن لم يكن ذلك، فلن تكون هناك مأساة. فما يجمعنا هو حب الذات، أنا مَنْ أحبه يكون ذاتي أو جزءاً منها. أن ما يجمعنا لبعضنا هو الحب في الإنسانية، ويوحدنا معاً الوجود الأزلي. فنحن قد نكون متشابهان، أو قد نكون ضدان. في كلا الحالتين لا تبتئس، وعش بين أفياء الأمل، وتنفس الحب. فكل ما هو جميل في هذا الوجود يأتي من اجتماع الأضداد. أحداهن تصف الحالة التي كانت تعيش فيها، وهي أشبه بحالة من التدمير الذاتي self-destruction والشعور بالحط من القيمة(Disvalue). فتقول: (كرهت كل شيء تقريبا عن نفسي، ومشيت في هذه الحياة أركز على كل ما خاطئ فيها، وكانت نتيجة كل ذلك، المعاناة(Suffering). معاناة من انعدام الأمن، والخوف، والأوهام، والارتباك. أدمنتُ الطعام، والتسوق، والكحول، ومررت بساعات من الاكتئاب، والقلق، مما دفعني إلى محاولة الانتحار أكثر من مرة. وعندما كنت اسمع الآخرون يتحدثون عن "حب الذات" لم يكن لدي أي فكرة عن ما يعني ذلك. ولكن بعد ذلك أتيحت لي فرصة لاكتشاف ذاتي. عرفت خلالها ما هو موجود في أعماق نفسي. لذا فأنني لم أعد من الممكن تقبل بعض الأجزاء من جسدي(عيني، وجهي)، في حين أرفض الباقي منه (ما املك ما بين الفخذين). لم يعد يمكنني أن أدعي بأني جميلة (سعيدة)، واشعر في وقت آخر بالقباحة تملؤني( حزينة). لا يمكنني بعد اليوم أن أكون بدون شيء جديد يجتاحني واشعر بالحاجة له(الحب). وها قد شعرت بالتراضي مع ذاتي. وأقبل، وبكل ما املك من طاقة على المشاركة مع الآخرين(القبول والاحترام). ها أنا على حقيقتي وتحت نور الشمس، بعد أن أدركت بان ممارسة فعل حب الذات هو عنوان وجوهر رحلتي في هذه الحياة. فالعالم اليوم لا يحتاج إلى المزيد من الأدعياء، أو المختبئين تحت واجهات من ورق الحمامات، الذي يحترق حينما تسلط عليه أنوار الحقيقة). من الواضح، حب الذات يمكننا تمثله وفق سلسلة متصلة. معظمنا لديه درجة ما من حب الذات والقبول. ومع ذلك، هناك مستويات منخفضة أو غير كافية منه، بما يؤدي بنا إلى مواجه صعوبات جمة من اجل التأقلم مع الحياة. ومن الممكن أن يسمح ذلك بسحق أنفسنا إلى درجة أننا غير قادرين على العمل بشكل جيد. أن كراهية الذات تؤدي إلى تخريب السلوك والتسويف، والاكتئاب والإدمان على تناول الكحول أو اضطراب في الأكل. أن أنماط كره الذات يمكن لها من أن تؤثر على مسيرة حياتنا ولسنوات قد تطول، إذا لم نفعل أي شيء لمنع ذلك. لقد نظرنا في الجزء الأول في بعض المظاهر السلوكية التي يمكن لنا التعرض لها حينما يكون هناك مستوى واطئ أو نقص في حب الذات. والحالة السابقة من كراهية الذات والتي كانت تعيشها صاحبة هذه الحكاية، ولكنها استطاعت أن تكتشف ذاتها، بالرغم من مرورها بالكثير من السلبيات. وتدلل على المأزق الذي يمكن أن نكون فيه حينما تسوء علاقتنا بجزئنا المهم والصغير وهو الذات. ولكن ما تعرضنا له في الجزء الأول هو جانب واحد من المعادلة. فهناك أناس آخرون على النقيض من اضطراب كراهية الذات. وبالرغم من أن البعض يشير إلى أن حب الذات ليس هو الحب الأعظم في حياة الإنسان، بل هو الشر الذي يجب تجنبه. ومع ذلك، فمن الغريب، أن معظمنا معرض للوقوع في التطرف في مشاعره. هناك بعض الأفراد يعتقدون أن العالم يدور من حولهم وهم المركز فيه. ثمة نمط من الصفات والسلوكيات يمتلكونها تدل على الافتتان والهوس الذاتي بما يستدعي منهم إلى استبعاد جميع الآخرين من مجال رؤيتهم. والسعي الأناني والقاسي للهيمنة الواحدة، وإرضاء الطموح. وكأن العالم خلق لهم فقط، والآخرون كائنات خلقت من اجل راحتهم وإشباع مشاعر الغرور والأنانية والنرجسية والعظمة التي لديهم. أن الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه الجميع هو السعادة، ولكن هذا لا يعني أن لا نكترث للآخرين، وان حياة الآخرين لا قيمة لها، وانه ليس من الضروري مساعدة الآخرين حينما يحتاجون إلى مساعدة، والسعادة هي ليست إخضاع الآخرين لرغباتنا وسلطتنا، وأن لا نسعى لتخفيف معاناتهم. فإلى جانب مشاعر كراهية ذات هناك ما يسمى بعشق الذات المفرط أو تمركز الذات(self-centered) أو يمكن أن نسميها بالتمركز حول الذات. وهي تركيز الإنسان مشاعر الحب والإعجاب والافتنان على نفسه فقط، وبشكل مفرط للغاية، وذلك في سعيه لحصول على الرفاهية والمتعة، ودون اعتبار للآخرين. هؤلاء الأشخاص يشعرون بالقلق على مصالحهم الفردية الخاصة فقط، بدلاً من مصالح المجتمع والأفراد الذين يعيشون فيه. ويقتصر منظورهم للقلق من نظرتهم للحاجات والأنشطة التي تتعلق بهم، والتي تكون مستقلة نسبيا عن أي تأثير خارجي. وخير من وصف هذا السلوك الشاعر العربي أبي فراس الحمداني حينما قال:(إذا مت عطشاناً فلا نزل القطرُ)، أنا وبعدي الدمار أو الطوفان، حيث يشعر هذا الشخص بأنه مركز هذا الكون، والكون كله يتمحور حوله، وخلق لمتعته فقط، وهو الشخص الذي يتمتع بكل شيء. أو نقول أن هؤلاء لديهم تضخم بـ(الأنا) ولكن!!!!!! • ما هو الأنا (Ego) ؟ الأنا هويتنا في عالم الإنسان، هو ما نعتقد أننا نكون، هو وجهة نظرنا ومرجعيتنا، هو وطننا في العالم الخارجي. هو من يوفر إحساسنا بكوننا منفصلين عن الآخرين في هذا العالم. يخلق حدودنا، يوفر لنا العزلة، إلى جانب أنها تتميز بنفسها فهي فريدة في نوعها. هي مركز الوعي، والعين التي ننظر بها إلى هذا العالم. السلطة التنفيذية، إرادتنا التي تنفذ، هي المنظم الذي يميز بين العالم الخارجي والعالم الداخلي. الذي يلاحظ تصوراتنا، وتنظيم تلك التصورات. الأنا هو الواجهة، كما أن جسدنا هو واجهة مع العالم المادي، فان الأنا في المقام الأول هي واجهة الإنسان مع المجتمع والناس. فهي تحاول إرسال المعلومات والأفكار من النفس والعقل إلى العالم الخارجي، وفي شكل مفهوم ومناسب لهؤلاء الأفراد. أو تقوم بترجمة المعلومات الواردة من العالم الخارجي ودمجها في خبرتنا لكي تصبح مفهومة وذات معنى لذلك الفرد. الأنا هي الوسيط في حل النزاعات التي قد تحدث بين أجزاء من النفس بما في ذلك العقل اللاواعي. أنها عبارة عن مجموعة من الصور والأفكار والنماذج المفاهيمية التي تمثل لنا أنفسنا. كما تتمثل لنا عالم الرموز في حياتنا، كرمز الحبيبة، أو الصديقة، أو الابن، أو الأم، أو الأخ. كما انها، تمثل لنا النجاح والقوة والعزة. أنها نمط من الاستمرارية، تقول للآخرين(أنا هذا النوع من الناس)، وبذلك فإنها تعطينا الشعور بالأمن والاستقرار، والإحساس بهما، كما تعبر عن التغير المستمر بالواقع المعاش، وذلك، من خلال الذكريات، وصورة الذات، والمشاعر والأفكار المتغيرة، العادات والقيم التي لدينا، لذا يجب أن تكون الأنا مستقرة واضحة المعالم متطورة، لا متضخمة ولا متدهورة. وان ضعف الأنا نتيجته الغرور والغطرسة، والغطرسة هي محاولة للتعويض عن الافتقار للوفاء والراحة. الأنا(Ego) هي وظيفة التنظيم الذاتي للنفس. وهي المعبرة عن الذات. فالأنا هي التي تحدد الكيفية التي تكون عليها الذات. وهي جزء من منظومتنا العقلية المعرفية، والذي يعبر عن فرديتنا. فحينما تقول(أنا أفكر) فانك تصف الجانب العقلي أو المعرفي من الذات، وحينما تقول (أنا بصحة جيدة) فانك تعبر عن الجانب المادي الجسدي، وحينما تتأفف أو تغضب فإنها تعبر عن الجانب العاطفي أو النفسي، وهكذا هي الحال دائماً. والانا هي حلقة الوصل بين الذات والعالم الخارجي، أي هي الواجهة الأمامية للذات، وهي في تغير دائم، ليس لها حدود تمنعها من التواصل مع الأشياء والأفكار والأحداث، حتى حينما نتكلم عن الأخلاق والثقافة. فهي المعيار الذي يحدد نوعية ذات الفرد أو شخصيته، فهي التي تشير لتقول من أنت: أنت العالم، أنت الشاعر، أنت السياسي، أنت الطالب، أنتِ الجميلة، أنت المواطن، أنت الحب. هي مركز القيادة المهم في النفس(الذات)، والتي تنسق مختلف جوانب النفس. ومركز القيادة هذا يجب أن يكون في حالة عمل دائم وفاعل وجيد للإنسان، لكي يكون قادرا على أداء وظيفته والتي هي أدارة العلاقات مع العالم الخارجي مع درجة معقولة من الكفاءة، هي الخبير بشؤون السياسة والدبلوماسية. والأنا هي ما يفصل بيننا وبين بقية الوجود البشري والمادي. فالأنا التي لدينا دائما تجد تعبيرا عن نفسها في الفخر والتكبر والغطرسة، وغالبا ما يكون لدينا ما يجعلنا أسوأ الأعداء والخصوم معها. وحين يكون هناك عشق للذات متطرف(لا اقصد إرهابي) يتم للأنا التعبير عن ذلك العشق عبر سلسلة من السلوكيات قد يكون ابسطها الغرور، ومن ثم الأنانية، وبعد ذلك تكون النرجسية، والتي هي اضطراب في الشخصية، وقد نصل إلى حب العظمة. وكل ذلك يعتمد على صورة الأنا وطريقتها في التعامل مع الواقع، لكونها هي المعبر والمفكر والمدبر لمسيرة الذات، وهي النافذة الأمامية التي نطل من خلالها على العالم الذي نعيش فيه ونتعامل معه. البعض يقول بان الأنا هو أشرس عدو لدينا، في حين هناك من يصفه بالحليف الأكبر لدينا في التفاوض للسيطرة على تقلبات الحياة. ولكن الطبيعة الحقيقية لهذا الشبح هي المراوغة. البعض يشير إلى أن الأنا هي المشكلة الرئيسية في النفس الإنسانية، بالرغم من أنها الجزء المهم والضروري الذي يكمن في صميم النفس البشرية، ولكن، من دون الأنا ومن دون المشاعر، نحن لا يمكننا أن نعرف من نكون. ولكن الحب والصداقة والاحترام والإعجاب والاستجابة العاطفية هي من الخصائص الفضلى للإنسان إلى جانب الكثير غيرها. فمن السذاجة المساواة بين حقيقة تقديس أو الخشوع لأنفسنا self-reverence وبين حقيقة تمركز الذات self-centeredness.، وهذه من المفارقات الكبيرة في الحياة. كان هناك دائما غموض كبير في التوفيق بين هذين المفهومين، فضلا عن العلاقة بين مفهوم محبة الذات والخشوع لها، وبين مفهوم الأنانية أو النرجسية أو ما يسمى بعشق الذات المفرط. أن الشعور بالامتلاء والاكتمال الذي يأتي من تهدئة العقل والحصول على تواصل مع مجالنا النفسي، مع إشاعة الحكمة والبصيرة عندما نتحدث أو حينما نستمع. تلك هي لحظات التي لم يعرف قيمتها ولم يتمكن من الوصول إليها الملايين من الأشخاص. علم النفس يتحرك ليدفع بالناس ليكونوا اقرب إلى حدا كبير من تحقيق هدفهم بالسعادة والوصول إلى تحقيق ذواتهم، من خلال العمل على تطوير نظم محو الأمية النفسية، وتوفير المعرفة وبصورتها المتجددة، واكتشاف وفهم أعماق الفكر والخيال، والعمل على الرؤية الداخلية، والاستبصار الذاتي. انطلاقا من قدرة العقل البشري على إعادة صياغة الطرق والكيفيات التي يعالج بها جميع المعلومات التي يتوصل إليها، في اتجاه التحكم بالفضاء النفسي للإنسان، حين أذن تصبح وظيفة العمليات النفسية والمعرفية ذات طابع تكاملي، واقعي. وبما يؤدي إلى تطوير مشاعر جديدة من اجل تلبية الحاجات الحياتية المتغيرة والمتجددة، وخلق سبل لتعامل مع التحديات اليومية. ولا يتم ذلك إلا من خلال تصوير كيان نفسي ذو طابع مركزي، يعتبر من المحركات والتنظيمات الأساسية في الشخصية الإنسانية، ألا وهو، الأنا (Ego). فمن منظور التحليل النفسي وآراء (سيغموند فرويدFreud Sigmond-) (1856-1939)على وجه التحديد، والتي تستخدم كطريقة فنية في العلاج النفسي، "الأنا" (Ego) له معنى محدد للغاية. فرويد يقسم الشخصية الإنسانية إلى ثلاث بنى عقلية نظرية، الهو(Id)، والانا(Ego)، والانا العليا(Super-Ego). الهو يرتبط بأهواء الشخص ورغباته أن كانت جنسية أو عدوانية، وهدفه بالحياة كسب السيطرة على هذه المشاعر، والاستفادة منها، وبالطريقة الأكثر فعالية. لدى الإنسان العديد من الدوافع، وهدفه الأساسي هو الحصول على التوازن عند استخدام هذه الدوافع، وفي الوقت نفسه الحد منها وفق بعض الطرق. لهذا فأن مفهوم الأنا العليا يأتي في المرتبة الأولى في التفكير التحليل النفسي. الأنا العليا في ابسط أشكالها تنشا وتتنمى من خلال الحياة الاجتماعية للطفل، وخصوصا من خلال التفاعل مع أولياء الأمور. كمثال بسيط لو أن طفل يريد أن يأكل في كل وقت، ويريد الاستيلاء على كل شيء، حين أذن الوالدين وبشكل خاص الأم وفي وقت مبكر سوف تبدأ بفرض قيود على تلك الطلبات. ومن جانب آخر عندما يبدأ الطفل بالزحف ويريد أن يضع يديه على المدفأة التي أمامه، هنا يندفع من هو بجانبه ليقول له(لا)، لا يمكنك أن تفعل ذلك. لذا فان كلمة (لا) هي جزء مهم جداً من نمو الطفل. وفي نهاية المطاف نتعلم بأن هناك نوع من التوازن بين سلطتنا في أن نفعل ما نريد، وسلطة أخرى تقول لنا(لا)، لا يمكننا أن نفعل هذا فانه ليس من حقنا. يجب أن تكون لدينا سيطرة على أفعالنا، ولدينا قرار في تأخير عملية الإشباع أو تأجيلها أو البحث عن منافذ أخرى مقبولة من قبل الآخرين من اجل نزع تك الاستثارة التي نحملها. هذا هو المكان الذي تأتي منه الأنا. انه ينطوي على قدرات الأنا الخاصة بالذاكرة، والتي هي قدرات إدراكية وقدرات مراقبه وضبط لما نقول أو نفعل. الفرويدية تشير إلى أن اللعنة أصابت أول شخص تحدث بالكلمات وليس أول من نرمى حجارة. أي حينما قلنا أول مرة: (أنا غاضب منك)، (أنا لا أتحدث معكم). هذا هو مفهوم مهم جداً لفهمنا الطريقة التي تتطور بها قدرتنا الفردية في العيش ضمن بيئة اجتماعية. لا يمكن أن يكون للأنا وجود في حد ذاتها، أن لم يكن هناك سياق من العلاقات مع الآخرين. لذا، الأنا هي مكون جزئي من العقل الشخصي الذي يحقق التسويات بين مجموعة متنوعة من القوى المتعارضة والتي تسعى لتطوير الذات وتكيفها ضمن بيئة اجتماعية أو لوقفها ومنعها. الأنا يصنع علاقات تكيفية مع الوضع الاجتماعي الذي نعيش فيه. وفي ذات الوقت تعمل على حل النزاع القائم بين رغباتنا الداخلية وإحساسنا الداخلي بالشعور الأخلاقي. وكأننا في عملية جدال بين شخصين يقول الأول لون القمر ابيض والآخر يقول لونه أسود. فالأنا وظيفتها الرئيسية هي التفاوض بين مختلف الدوافع والرغبات والقوى الاجتماعية من اجل التكيف وعلى نحو أفضل مع البيئة. هذا هو مفهوم الأنا العليا. فالأنا العليا لها معنى واحد هو الأخلاق. وفق وجهة النظر هذه، أن تنمية الأخلاق مفهوم بالغ الأهمية، يبدأ من اليوم الأول لنا في هذه الدنيا. لذا فان تربيتك الحقيقة للأطفال، هي عليك أن تقول (لا) في وقت مبكر جداً. فعندما تضع الطفل في السرير وهو يقول: لا أريد الذهاب إلى السرير، يجب عليك أنت أن تقول له(لا)، يجب أن تذهب. نحن نعلم بان للأطفال مشاعر وهم يسعون للعب، والمرح، ولكن ليس هذا في كل الوقت. وفي ذات الوقت نحن نريد العمل على تنمية ضمير لهذا الطفل. نريد خلق وجدان وشعور ايجابي، ليس بالقوي الشديد، ولا بالضعيف الهش جداً. العملية ذات طرفين متصلين، كلنا لديه شعور داخلي بالتحكم والسيطرة إلى حدا ما. فعلى سبيل المثال: لو كنا في حالة سكر فان الأنا العليا العائدة لنا تصبح في حالة ذوبان أو غياب، ونتيجة لذلك نقوم بأشياء لن نقوى على القيام بها في حالتنا الطبيعية. أو إذا كنتُ بعيداً عن المنزل ورقابة الوالدين، فان الأنا العليا العائدة لي تبقي في المنزل، وأنا قد افعل ما أريد وبدون أي رقيب أو حسيب. هناك تدرج إلى حدا اكبر أو اقل في السيطرة على دوافعنا. بعض الناس بحاجة إلى شرطي يرافقه في كل وقت، وإلا سوف يقوم بأعمال تؤذيه أو تؤذي الآخرين وقد يرتكب جرائم، كالسرقة أو العراك وما شابه ذلك. في حين هناك إنسان آخر، حينما يلتقط ورقه من الأرض يشعر بوخزة ضميره. وانه يشعر بالذنب لذا عليه الاعتراف للآخرين بما فعل. وهذان ليس نوعين من الضمير وإنما هناك استمرارية بين نقيضين. فحينما تنطلق دوافعنا وغرائزنا دون رادع وضابط لها، فان ذلك يؤدي إلى فوضى تجتاح الشخصية بأكملها. وبذلك لا يمكنك العيش حياة اجتماعية طبيعية، وكذلك أيضا لا تستطيع العيش مع نفسك. سيؤدي ذلك إلى حدوث مشكلات كبيرة حقا، بحيث لا يمكنك العيش حياة متوازنة. إن الهدف النهائي للتحليل النفسي يتمثل بتقديم المساعدة للشخص على الفهم بقدر الإمكان، من أن العوامل التي كانت في الماضي لازالت ثابتة في الحاضر، وأن اكتساب وعي أفضل بالسيطرة على بعض هذه العوامل، ضروري من أجل اتخاذ أفضل القرارات على التكيف في الوقت الحاضر. التكيف هي قضية هامة جدا هنا، وهو مفهوم مهم جدا أيضاً. التكيف هو السير أو الأداء الأفضل للذات. هو المكان الذي لا نواجه به بالكثير من القلق أو الآلام. أي أن تتحقق حالة من التوازن بين البيئة الخارجية والقوى الفاعلة داخليا في شخصيتك. ويتم ذلك من خلال عملية التعلم. فإننا نكتسب أجهزة خاصة للدفاع، أو طرق للتعامل مع الحالات غير السارة. وهي ما تسمى بدفاعات الأنا (الحيل الدفاعية) وذلك من خلال عملية التعلم. الكثيرين يعتقدون بان الدفاعات النفسية بوصفها أشياء غير طبيعية. ولكن في الحقيقة هي جزء طبيعي من الحياة، وهي جزء طبيعي من الطريقة التي يعمل بها العقل. فهناك دفاعات تعتبر أكثر نضجا من غيرها. فالإنكار هو مثال على الدفاع غير الناضج، والإنكار(Denial) هو عملية نفسية يعمل من خلالها البشر على حماية أنفسهم من الأمور التي تهددهم، وذلك عن طريق منع تلك الأشياء من البقاء ضمن أفكارهم، وإبعادها عن وعيهم، ذلك عبر آلية الرفض الكلي من أجل مواجهة الواقع لأن تلك الأفكار تعتبر غير مقبولة أو من الصعب جدا التعامل معها. وهذا النوع من الدفاعات هو الذي يشوه الواقع، بل يمنعنا من الشعور بالألم والحقيقة غير المريحة عن أشياء لا نريد مواجهتها. إذا كنا لا يمكن أن نشعر أو نرى عواقب أفعالنا، وأن كل شيء على ما يرام، فنحن يمكننا أن نستمر في العيش من دون إجراء أية تغييرات. والى جانب تلك الدفاعات هناك دفاعات مفيدة جداً مثل التسامي، وهو تحويل الرغبات والدوافع السيئة إلى أعمال جيدة، فحينما اغضب يجب أن اغضب من اجل الحق والدفاع عن المظلوم. الهدف من العلاج النفسي هو التراجع عن ذلك الكبت أو القمع الذي تعرض له الشخص، وذلك وفقاً للنظرية الأولى للقلق. على سبيل المثال، إذا كان لديك بعض الصدمات في وقت مبكر أو تخيلات جنسية مكبوتة، والتي نسيت بعضها وتتذكر البعض الآخر، فأن مهمة المعالج النفسي جلب تلك الذكريات المنسية والمركونة في اللاوعي، إلى ساحة الوعي. وهذا كان سببا معقولا للأعراض العصابية. ولكن فرويد في نظرية القلق الثانية(1926) أشار إلى أن العصاب ليس بسبب القمع أو الكبت. أي هي ليس مجرد أوهام أو رغبات قديمة في اللاوعي. ولكن، هذه آليات هي دفعات نفسية موجودة في اللاوعي. وبذلك أصبح هدف التحليل النفسي هو محاولة فهم عمل آليات الدفاعات النفسية التي يقوم الشخص بتوظيفها في حياته اليومية. وقد يكون الشخص غير واعي أو ليس على علم بكل ما يقوم به، أو لماذا يقوم به. أي هي محاولة فهم السبل التي يتعامل بها الشخص مع الضغوط غير المدركة. والهدف من التحليل النفسي هو جعل كل شيء موجود في الذات، الأنا واعية به. فإننا حينما نجعل اللاوعي شيئا مدركا ومعروفا من قبلنا فإننا بدأنا بالخطوة الأولى نحو الصحة النفسية. نحن بحاجة إلى هذه الدفاعات وحين نستخدمها ليس بالأمر السيئ. لكوننا نتعرض لمواقف قد تؤدي بحياتنا فنحن علينا أن نتصرف بطريقة معينة، ومناسبة ومعقولة. أن هدف التحليل النفسي يهدف لمساعدة شخص على تعامل مع الاضطراب العصابي من أجل أن يكون قادرا على مواجهة كوارث الحياة اليومية. أن الهدف من أي نوع من العلاج النفسي هو التعامل مع الواقع بشكل أفضل. والواقع من وجهة نظر منظور التحليل النفسي، يشبه فكرة أن هناك واقع ميتافيزيقي نحاول أن نحلم به ونعيش في أكنافه. ولكن عندما نفكر في الواقع، يجب علينا أن أفكر بطريقة مبسطة للغاية، من حيث التعامل الحقيقي مع الناس، والتعامل الحقيقي مع النفس، وكيف أنهم الجسد، ونفهم العلاقات مع العائلية والأصدقاء. وهذا ما تسعى إليه الأناEgo. " الأناEgo- "هي دائما وراء كل سلوك سيء، إلى جانب السلوك الحسن والجيد. انظر إلى حروفها وكأنها طلسم سحري، أنها مملوءة: بالشهوة، الفخر، الاشتهاء، بالذاتية، الزنا، الخوف الحقد، الغضب، بالتحقير للآخر. ولكن لا يخفى علينا فأنها مملوءة أيضا: بالحب، بالتقدير بالاحترام، بالقبول، بالرضا، بالاستحسان، بالرحمة، بالتعاطف، بالانجذاب، بالرغبة لمعانقة الآخر، للمسه، لاحتضانه. أنها شكل من أشكال "الأنا " التي امتلكها. ويشير (أدلرAdler) إلى انه ليس هناك سوى معنى واحد حقيقي للوجود الإنساني، هو الرعاية والحب لكل المحيطين بنا والذين لهم بصمة ما في حياتنا الإنسانية. دائما هناك رجال فهموا هذه الحقيقة، واعتنقوها ودافعوا عنها، وهي أن معنى الحياة يتجسد في أن يكون اهتمامك يشمل البشرية جمعاء. فقد حاولوا وضع المصلحة الاجتماعية والمحبة كطريق للخلاص من القلق الإنساني والضياع والاغتراب. ويتجسد ذلك في أن تكون لنا تجربتنا الواعية، كما أن لدينا شعور متزايد برعاية الأشخاص الأقرب منا، مثلما نرعى الإنسانية جمعاء. وخاصة عالم اليوم الذي تقلصت فيه المسافات المكانية وأصبحت أشبة بالمعدومة الأثر. مما تطلب منا شعورنا المتزايد بالمحبة والعطف والرعاية والقبول والتسامح، اتجاه الملايين من الناس، والذين هم ليس في مدينتنا أو بلدنا وإنما موزعون في جميع أرجاء هذا الكون. وبذلك أصبح تحقيق الصحة النفسية والسعادة الحقيقة ليست مرتبطة بالفرد أو المقربين منه أو الذين يعيش معهم وإنما الإنسان أينما يكون وكيفما يكون. احترام الذات هي بداية الشعور بالرضا عن النفس. وهو مكون أساسي لتحديد من نحن كأفراد، إلى جانب انه يظهر للآخرين من نحن في المجتمع. ويعزى الكثير من الاستياء في شكل من العلل الاجتماعية مثل الفقر والجريمة والإدمان، إلى جانب بعض السلوكيات المضطربة مثل عدم الثقة بالنفس، والشعور الواطئ باحترام الذات. ولكن هذا ليس كل شيئا. هذه المشاعر تبدأ من مرحلة الطفولة، لذا جميع المختصون في مجال علوم النفسية والسلوكية يدعون إلى التركيز الشديد على أهمية تفعيل التعزيز الإيجابي للصورة الذاتية للإنسان، في سن مبكرة. أنهم، في الواقع، إلى جانب معظم الآباء والأمهات، يعترفون بحاجة الأطفال إلى شعور ايجابي بالذات من أجل إرساء أساس جيد للحياة الاجتماعية ومن اجل التواصل مع العالم من حوله. ولا تقتصر هذه الحاجة العاطفية العميقة الجذور على الأطفال فقط، كما أنها ليست سيئة في حد ذاتها. فمن المؤكد أن نظرة متفائلة لأنفسنا تمكننا من المساهمة في هذا العالم الذي من حولنا. ولكن قد يكون ذلك ببساطة مقدمة للشعور بالرضا عن أنفسنا، ومن ثم يتبعها تلقائيا، النجاح في حياتنا الخاصة والعامة، وبما يؤدي إلى أن نعطي وزنا اكبر من مشاعر الجدارة والكفاءة والانجاز إلى أنفسنا، وبما يؤدي إلى انفراط ثقتنا بأنفسنا. ومن ثم يؤدي إلى خلق سلوكيات مرضية غير متكيفة مع مسار الحياة الاجتماعية التي نعيش فيها. وبما يخلق تشوهات لصورة الذات. وبذلك يصبح التركيز الرئيسي أو بؤرة حياتنا هو السعي الضال من اجل تعزيز احترام الذات. وبما يؤدي إلى نتائج كارثية في حياتنا. وهو ما نلاحظه من سلوك الجشع والأنانية التي يتميز بها بعض الأفراد. نحن نعلم بان موضوعات مثل احترام الذات تنبع مباشرة من تاريخ الفكر الفلسفي الغربي. وبشكل أكثر تحديداً، فهي ثمرة منطقية للفردانية(individualism)، والذي تزامنة إلى حد كبير مع العلمنة(secularization). وقد تم التركيز على هذا السبب أو على العقلانية كقوة دافعة في تطور الفردية. ولاحظ عالم الاجتماع أميل دوركهايم(Emile Durkheim) قبل أكثر من(100) سنة مضت أن تطوير العقلانية لا يتحقق بدون تطور مواز للفردية. أدى ذلك إلى حركة شاملة هدفها الحط من قيمة المعايير الاجتماعية والعقوبات. وتركيز العالم على الداخل فقط، وفق أشكال، مثل: تعزيز الذات، التسامح، مساعدة الضحية، النرجسية، الأنانية. كل هذه الرؤى الضبابية تعيق عملية رؤيتنا لحقيقة احترام الذات وكيفية التأسيس عليها. مما أدى إلى سقوطنا في فخ موافقة أنفسنا، ودعا الكثيرين إلى أننا يجب علينا قبول مَنْ نكون( أي ما أنا عليه) بغض النظر عن( مَنْ، وكيف، ولماذا كون أنا هكذا). وبهذا أصبح الشعور بالرضا عن الذات بغض النظر عن الفردية أو الحياة الاجتماعية أو الخصائص التي أتمتع بها. وبعبارة أخرى، أصبحنا نسعى لتعزيز قيمة أنفسنا من خلال رفضنا الانصياع، أو رفض أنفسنا مسايرة المعايير الخارجية أو الاجتماعية السائدة حيثما نعيش. بهذه الطريقة تم تحويل الخصائص الإيجابية للتسامح (الصبر والإحسان والاحترام) في المواقف المتساهلة، لكي تسمح للصفات السلبية بالظهور وللبقاء دون منازع. أن موافقة أنفسنا دون النظر إلى المعايير الخارجية وهو الجانب الخطير والكاذب في احترام الذات. إذا كان لنا أن نتعلم التسامح مع الأخطاء والعيوب الشخصية لدينا، ثم نأتي إلى قبول أنفسنا كما هي في الأساس بكل نقائصها وشوائبها. هكذا موقف لا يمكننا من أن نرى أنفسنا على حقيقتها، وبذلك نسعى بالتأكيد لتبرير ما نقوم به، والدفاع عن حقوقنا المتصورة والمتخيلة، وندعو ذلك بالموقف العادل اتجاهنا. هذا الموقف يمكن أن يتدهور وبسرعة إلى الافتراض بأن العالم مدين لنا بشيء ما. وتعزيز شعورنا بالاستحقاق والذي مفاده أننا نستحق أشياء كثيرة يجب أن يقدمها لنا الآخرون. وبغض النظر عن مَنْ أنا، ومَنْ أكون، وماذا فعلت. هذا الموقف المدمر يتطور في كثير من الأحيان، في وقت مبكر من مراحل الطفولة الأولى. هناك حيث انه من الطبيعي والمنطقي أن يطلب الطفل ما يريد، ولكن بعض الأطفال يطالبون وبشكل مفرط، وبالرغم من أنهم غير محتاجين. فهم لم يتعلموا تحقيق التوازن مع الآخرين أثناء مطالبتهم باحتياجاتهم. كل ذلك يمكن أن يدفع هذا الطفل لتطوير نوع من السلوك الأناني، أن لم يردع ذلك السلوك ويقوم وفقا للوسائل العلاجية الصحيحة. وبذلك يظهر ذلك السلوك طوال حياة الفرد كنمط سلوكي يهدف للحصول على كل شيء لنفسه. هذا السلوك يمكن أن يتجلى في سلوكيات مثل الغضب في الشارع بدون مبرر، المطالبة بدرجات أكثر من زملائه في الصف بالرغم من عدم استحقاقه، أو يظهر في سنوات متقدمة حيث أن هناك بعض الموظفين التنفيذيين الذين يمنحون أنفسهم رواتب باهظة هم لا يستحقونها(وهو ما موجود حاليا في العراق للأسف الشديد)، أو محاولة البعض أعطاء نفسه قيمة أكثر من حجمها الطبيعي في المواقف الاجتماعية والسياسية،فاليوم الكثيرين من هؤلاء من يدعون الثورية وكونه قائد ومناضل استطاع إسقاط نظم وتغيير سياسات، فهو لا يستطيع أن ينظر ويستوعب جميع المتغيرات خارج ذاته، هو لا ينظر أو يفكر ابعد من أرنبة انفه. أن عدم مراعاة أفعال الشخص والسعي لنقدها وتغييرها أولاً، قبل التسامح والانفتاح وقبول الذات، فان كل ذلك قد يؤدي إلى الانغماس الذاتي بالعديد من الاضطرابات، والانفصال عن الواقع، وتعزز الاستجابات المتطرفة للحاجات والرغبات، والتي هي طبيعية تماما. فهؤلاء يطلبون اهتماماً وإعجاباً دائمين، وهم في الكثير من الأحيان يحق لهم الحصول على امتيازات خاصة دون الحاجة للرد بالمثل. والميل إلى استغلال الآخرين. كما يسعون لطلب الكثير من الخبرات، والأحاسيس، والإثارة، ويكونوا عرضة للملل. أن الكثير من هذه الخصائص يتميز بها اضطراب الشخصية النرجسية، والشخص المغرور، والإنسان الأناني. وهو يبدو انه ينطبق على ثقافتنا الحالية بشكل عام، وعلى كثير من شبابنا وسياسينا على وجه الخصوص. فهؤلاء يشكون في كثير من الأحيان من أن حياتهم فارغة أو أنها لا معنى لها، في حين أنهم غالبا لا يظهرون الحساسية أو أي نوع من الإدراك لاحتياجات الآخرين. الثقة بالنفس هي شيء جيد ومهم بالنسبة لعلاقتنا مع الآخرين. ولكن، يجب أن تكون تلك الثقة هي نتيجة لحسن السير والسلوك. وبعبارة أخرى، يجب أن تشعر بالرضا عن نفسك لأنك فعلت شيئا صحيحا، وان يكون تعزيز الثقة بالنفس يأتي من الإنجاز ومن خدمة الآخرين وهذا يمثل نوعا مختلفا وشكل واضح جدا من الحب. هناك نوعان أساسيان من الحب. ويمكن التعبير عن الأولى، حب الذات، في مجموعة متنوعة من الأشكال المظللة، ولكن في جوهره، الشخص هو دائما مغرور أناني نرجسي. انه شخص موجود على حافة العجز، لأن الدوافع المريضة، أولاً وقبل كل شيء، كامنة هناك وراء تلك العواطف والرغبات. أنه يحب فقط، بسبب السرور والارتياح، لأنه يأمل في الكسب والربح. أما النوع الثاني هو أكثر ندرة: الحب غير المشروط. لأنه يقوم على القلق الحقيقي لرفاه الآخرين، وفق رغبات موجهة داخليا من الذات. هذا الحب هو جوهر صحي لاحترام الذات. عندما تصبح الذات مركز كون الفرد، وحينما يحدث فصل للذات عن الذوات الأخرى، فأن مشاعر واحتياجات الآخرين تتخذ مكانا بعيدا ونائياً ضمن ذلك العالم، والسعي الدائم لذلك الفرد لحشر الهوية الشخصية داخل مجموعات ضيقة تحقق لهذا الأناني بعض رغباته(مثل: الحزب، الطائفة، المنطقة، المجموعة، العائلة، الذات)، والتي تتفق مع وجهات نظره الضيقة. بهذه الطريقة، ينظر إلى العالم من منظور عاطفي بدلا من المنظور العقلاني، بمنظور مصلحي ذاتي، فالحق الذي بجانب الآخر يصبح باطلاً عنده، والباطل الذي إلى جانبه يصبح حقا وعدلا لديه. وبذلك فان مشاعر هذه الشخصية غير قادرة على التمييز بين الصواب والخطأ. ويصبح سلوكه متمحور ضمن حلقة مفرغة من الأنشطة والممارسات. فالفرد لا يستطيع أن يعثر على احترام الذات بمعزل عن العلاقات مع الآخرين لأنه لا وجود للفرد بعيدا عن هذه العلاقات، وعندما نحاول وضع قيمة على أنفسنا ونتجاهل قيمة الآخرين، فإننا نغفل المكان الحقيقي الذي ينبع منه احترام الذات. كما أن سعي الناس الحثيث لتحقيق الفردية، فإنها بذلك فقدت بعداً هاماً في تحقيق الثقة بالنفس، الذي هو المعيار الأهم في تقييم علاقة الذات بالآخرين. فالكثيرين يعتقدون بان الذات هي مصدر حب الذات، والحقيقة الدائمة هي أن ذلك يأتي من مصدر آخر مختلف. أننا في وجودناً امتداد للآخرين. حب الذات هو ليس الهوس بالذات(self-obsession) أو الانهماك بالذات(self-absorption). فالاعتماد على الذات ليست سوى القدرة والرغبة في تقديم الذات، وهو يعني قبول المسؤولية بنفسك عن السعادة والحزن، وجميع الأفعال والآلام. كل إنسان في هذا الكون هو اللوحة الأصلية، وهو تحفة فنية فريدة من نوعها. وحينما يكون هناك تزيف وتشويه، فكن أنت النسخة الأصلية، ولا تكن تلك النسخة الباهتة المزيفة، والمشوهة عن الواقع. ولكن من الغريب، فأن معظمنا معرض للوقوع في هذا السلوك المتطرف. والذي هو سلسلة متصلة تبدأ بالغرور وتستمر إلى الأنانية ومن ثم النرجسية وقد لا نجد لها نهاية إلا بالجنون. ولكن، لنبدأ أولاً، ما هو الغرور(Egotistically) ؟ أن شرارة الحياة التي تتدفق في عروقنا تعطي لنا أحيانا الشعور خاص بالمتعة والحبور. سلوك الأنا الذي نملكه جميعا يتبنى معتقد ما، ومن وقت لآخر هناك حاجة إلى التعبير عن وجودنا من خلال عرض هذا المعتقد. في بعض الأحيان هذا المعتقد خاطئ، وأحياناً أخرى لا. أنها مجرد علامة، فنحن جميعا بحاجة إلى إظهار مخاوفنا وأفراحنا. بعض الناس أفضل بكثير من غيرها في نقل ما يشعرون به عن أنفسهم. وأنا لا أشير إلى الخجل أو الجرأة أو أي سمات الشخصية الأخرى. إنني أشعر بالقلق إزاء الطريقة التي نعالج بها حياتنا التي نعيشها يوميا. أنها دلائل على ثقتنا وطاقتنا وتقدمنا في مسيرتنا في هذه الحياة. الغرور(Egotistically) ظاهرة موجودة في كل مكان وزمان، بين أصدقاءك، زملائك، الموظفين، والزبائن، الطلاب، النساء. هو الاعتقاد أننا نستحق الحب على أساس ما، وذلك لكوننا تجسيد لمفهوم الكمال، كما أن جميع المثل العليا تتحقق فينا، على سبيل المثال، فإننا نعتقد بأنه ينبغي أن نكون محبوبين لأننا أذكياء للغاية أو نتمتع بجمال لا مثل له. أذن الغرور ليس حب الذات . للوهلة الأولى، قد يبدو أن وجود الغرور يحدث بعض الإشكاليات. لكن حينما تمتلك الناس الأنا المتضخمة(Swollen-Ego)غالبا ما تكون هذه الأنا محرك هائل للطموح. كما يمكن تسخيرها، بحيث يمكن لهذه الصفات من أن تُفعل عالم الخير الذي يوجد لدى هؤلاء الأفراد. ومع قليل من التفكير والعمل الماهر، يمكننا بناء علاقات عمل سليمة مع هؤلاء الأشخاص، وإدارة سلوكهم الأناني كي يبدو مثمراً. بمجرد اللقاء مع شخص يمتلك أنا متضخمة، فأن محاولتنا لفهم أصولها هي الخطوة الأولى، حيث أن ذلك يمكن أن يساعدنا على فهم وبناء علاقة جيدة مع هذا الفرد. لذا ابحث عن الضغوط في حياة هذا الفرد. لماذا نفقد علاقات الحب والصداقة مع الأشخاص الذين يتصرفون بغرور؟ ما هو الخطر بالنسبة لنا في هذه العلاقة ؟ قد تكون الإجابة على هذا السؤال وهي أننا من الطبيعي أن لا نحب الشخص المغرور. ولكن ما هو الخطر هنا ؟ هل هذا يؤدي إلى فقدان الشعور الايجابي بالذات، أو الأمن أو الحرية، أو السيطرة أو المتعة ؟ ربما أساء إلينا حينما لامس الأنانية التي في منطقتنا، والتي أنعكست لنا في سلوك الآخرين؟ إذا كان الآخرون أعمارهم خمس سنوات أو أكثر، هل سنشعر بالإهانة والغضب بسبب تصرفاتهم الأنانية ؟ أم سوف نتواصل معهم ونحبهم، وفي ذات الوقت نوضح لهم أن هذا السلوك ليس لطيفا وغير مرغوب به اجتماعياً، وأننا نفضل أن لا يتصرفوا بهذه الطريقة ؟ ونحن قد نتجاهل أنهم قد لا يعرفون أفضل من هذا السلوك. إذا كنا نشعر بهذا الخطر؟ لماذا لا نشعر من خطر الأنانية لدى البالغين؟ ما هو الخطر موجود بالنسبة لنا من أنانية الكبار، والتي لا وجود لها من طفل الصغير؟ والجواب هو على الأرجح: لا، ليس هناك خطر من أنانية الكبار. الأرجح أننا نفقد حبنا للأشخاص ذوي السلوك المتسم بالأنانية، لأننا نتصور بأنها سلوكيات سيئة، ولأنها تذكرنا بان لنا أيضاً جوانب خاصة من السلوك الأناني مشابه لها. يمكن أن نحبهم حتى مع وجود تلك الأنانية والبرودة وعدم الاكتراث، نحن ندرك أن هذا السلوك هو نتيجة لآلامهم، والخوف الذي يشعرون به، والفراغ والخواء الداخلي الذي يملئ ذواتهم، ويعشش هناك بكل ما هو لا معقول وخيالي وواهم. لا يمكن أن تكون سعيداً في الداخل وتتصرف بهذه الطريقة. فهم أشخاص يشعرون بالوحدة، ولكن لا يمكن أن تكون لهم علاقة حب مع أي من الذين حولهم. هم بحاجة إلى فهمنا وحبنا، وليس إلى الرفض والكراهية. نحن ننجتذب إلى الآخرين وفق ما نتصوره موجود في نفوسهم. المغرور شخص لدية أنات كبيرة(Big Ego)، لم تصل بعد إلى حد التضخم والأنانية المفرطة أو النرجسية. ولكنها الخطوة الأولى في سلم هذه الأنواع من الاضطرابات. هذا الشخص دائم المفاخرة، فهو يفتخر وبشكل متكرر بالإنجازات المتفوقة. الإفراط في التحدث المتواصل محاولاً الهيمنة على المحادثة، أو توجيه الحديث إلى نفسه أو عن نفسه. يسلك دائما سلوكاً مبالغا فيه، محاولة فرض نفسه في مركز أي النشاط. يسعى للتعبير عن وجهات نظره أو اتخاذ الإجراءات دون اعتبار لأفكار أو مشاعر الآخرين. سلوكه يتسم بالأنانية البسيطة غير المفرطة. فهو يصرخ وبأعلى صوته ( "انظروا لي، أنا رائع جدا" و "مهلا، أنا فعلت هذا وذاك" أو "أنا ذكي جدا!!!" ). انعدام الأمن والثقة بالنفس هي الجذور الأولى لهذا السلوك. معظم الناس يمكن أن تتجاهل تضخم الأنا الذي لديها، ولكن المشكلة تنشأ عندما يفعلون ذلك على حساب مشاعر شخص آخر. هؤلاء الناس لديهم عادة قلق وخوف، تتطور لحماية أنفسهم عن طريق اتخاذ هذا النمط من السلوك. على الأقل أنهم لا يدركون أن غرورهم الطفولي يدفع أحبائهم بجنون بعيدا عنهم في بعض الأحيان. هناك خط رفيع بين الغرور والثقة بالنفس والسلوك الأناني. فإذا كان الشخص واثق من نفسه، ليس بحاجة لإخبار الآخرين، إذا كان مثير، أو ذكي، أو موهوب. فأنه لا يحتاج الذهاب إلى إخبار الناس حول من هو وما يمتلك، فمن خلال التعايش معه سوف يرى الناس كل ما هو موجد هناك. قلنا أن سلوك الشخص المغرور يتميز بالأنانية. • ولكن ما هي الأنانيةself-ishness ؟ عندما ننظر إلى أنفسنا وفي سلوكنا وتأثيره على الآخرين، حينما نتوقع أن يسلم الآخرون لنا أنفسهم، ويفعلوا ما نريد نحن منهم أن يفعلوه، بدلا من أن نفعل ما يجلب لهم الفرح والسعادة، حينما نصغي فقط إلى ما نقول نحن، في حين نعجز عن الاستماع إلى ما يقوله الآخرون، حينما نسعى إلى معاقبة الآخرين حينما يحاولوا التفكير أو الشعور بشكل مختلفا عما نفعله، حينما نسعى إلى إيذاء الآخرين من اجل أغراضنا الخاصة. ليس من الخيارات المطروحة أمامنا السعي لإغضاب الآخرين، نحن مسئولون عن مشاعرهم بطريقة أو بأخرى. فقد تعلمنا أننا إذا واصلنا القيام بأمر محزن لآخر، فنحن مخطئون، وسيئون، وأنانيون. فالكثير من الآباء لديهم رغبات للسيطرة على أطفالهم بحيث يريدون أن يفعلوا كل ما يطلب منهم، وحينما يرفضون ذلك يوسمون بأنهم أنانيون. ولكن في الحقيقة من هو الأناني، هؤلاء الأطفال أم الآباء. من أجل أن تكون لنا قدرة على ممارسة السيطرة الداخلية، نحتاج إلى تجاوز الاعتقاد الخاطئ بأن محبة الذات نوع من الأنانية. واحدة من أعظم الهدايا التي يمكن أن نهديها لأحبائنا وكذلك للعالم هي شعورنا بالسعادة، بمحبة أنفسنا. وبذلك نسهم في رفع وتيرة الشعور بالفرح والسلام والسعادة لدى كل من يحيط بنا. تخيل عالم كيف سيكون حينما يتخذ كل منا مسؤوليته بتوفير السعادة وإشعار الآخرين بالفرح والسرور، بدلا من السعي إلى إيذاء الآخرين، لذا أبدا بخلق السلام والتسامح والمغفرة من داخلك أولاً. وذلك من اجل أن يصبح عالمنا مكاناً آمناً. الأنانية كلمة تستخدم وبشكل شائع كصفة تعريفية للشخص الخاطئ، فهي كمصطلح تخدم أساسا للتعبير عن سوء المعاملة. فالشخص حين يتصرف يتجاهل تماما عواقب تصرفاته على الآخرين. فهذا الشخص على استعداد لعمل أي شيء لمجرد إرضاء نزواته. عادة الأنانية توصف بأنها المصلحة الذاتية. وهي أن الأفراد يتصرفون وفقا لرغباتهم الخاصة المنبثقة من تصوراتهم وخيالاتهم. حينما ندرك ذلك فإننا نكون على بصيرة ودراية ونظرة ثاقبة بسلوك الآخرين والدوافع أو الرغبات الكامنة خلف ذلك السلوك، إلى جانب معرفتنا واكتشافنا لعالمنا الداخلي. فهمنا بان الناس تتصرف وفقا لقيمها الخاصة، شيء ايجابي يتيح لنا فرصة التعاطف معهم، بدلا من افتراضنا أن ما يحدث هو نتيجة لعاطفة الإيثار أو نكران للذات. الأناني هو الشخص الذي لا يشعر بأي قيمة للآخرين، الشخص الذي يسعى لتفضيل نفسه على الآخرين، الشخص الذي يريد كل شيء وبدون مقابل، الذي لا يفكر أبداً لماذا يريد من الآخرين خدمته، شخص يستغل الآخرين بغمضة عين، يضع متعته قبل متعة وراحة الآخرين، يشعر بالغيظ حينما يشعر بان الآخرين يشعرون بالسعادة، يمكن التعويض عن كلمة أنانية بعبارة عدم وجود قيمة للحياة الإنسانية في نظر الشخص الأناني. فالأناني يعمل كل شيء من اجل مصلحته، فهو يعمل من اجل أرضاء عواطفه بدون النظر إلى الكيفية أو مصدر ذلك، كما انه يسعى لتحقيق غاياته وأهدافه بدون النظر في طبيعتها، هو رجل يقوده قلق مزن، محاولا إرضائه من خلال تدمير سعادة الآخرين. بالرغم من انه قد يفسر كل ما يقوم به بالمصلحة العامة. الأنانية تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة، ففي حياة ذلك الكائن(طفل) الصغير تدور جميع أفكاره حول تنفيذ رغباته، " أريد هذا " و" أعطني ذلك ". يتم استخدام كلمة "أنانية" ضمن سياقين. الأول ما هو شائع حول هذه الكلمة، ويشير إلى استخدام الأفعال التي تنتهك أو تتجاهل التزام الشخص الخلقي اتجاه الآخرين. على سبيل المثال، إذا كان أحد الأصدقاء قد ساعدني خلال ساعة حاجتي، فأنا أرفض أن أساعده عندما يحتاج لي، والتي من شأنها أن تكون حقا "أنانية" من جانبي. أما كمصطلح فلسفي، "الأنانية" كلمة تشير إلى أكثر من ميل النفس للعمل وفق هذه الطريقة بحيث يستفيد الشخص في نهاية المطاف، وليس بالضرورة على حساب الآخرين. أنها أشبه بالهدف الاستراتيجي في نهاية المهمة. فلا حرج من القيام بهذا السلوك. وبالتالي، إذا كان صديقي ساعدني في الماضي لغرض ما، فانه لا يتوقع تلقي مساعدتي له في المستقبل عند للزوم حاجة، فان ذلك من شأنه أن يكون عملا أنانياً من جانبه. ومن الواضح، فان رفضي تقديم المساعدة شيء لا بأس به. كما وجدت هذه الكلمة(الأنانية) في أحاديث(أرسطو) فقد أشار إلى الأنانية ترمز إلى السعي الذاتي وراء منصب سياسي عن طريق وسائل غير عادلة. اثنين من الأعراف لا تتفق مع بعضها البعض. يمكن أن نطلب من الآخرين الذين يعملون معنا العمل بتفان، والثاني هو أن لا يكونوا أكثر أنانية. فالنفكر في الأمر لبعض الوقت، إذا كنت أسأل صديقي مساعدتي دون أن يتوقع هو أي مساعدة مني عندما يحتاجها، وفق قانون الإيثار والصداقة، وبالتالي، ونيابة عن الصديق، يمكن أن يتهمني هذا الصديق بالأنانية، وهذا شيء وارد أصلاً. وهكذا، عندما يسال احدنا الآخرين للعمل بتفان، فنحن نكون في حالة انغماس في الأنانية من نوع معين، وهي، التخطيط المسبق للتراجع عن الالتزامات اتجاه الآخر. فالأناني لديه إحساس بالغرور مفرط، أي أنها(أي الأنانية) سلوك متضخم من الغرور، منشغل صاحبها دائما بتخيلات النجاح اللامحدود، يمتلك القوة، والتألق، والجمال، والحب المثالي. أنه يطلب أو يستجدي أو يتوسل الإعجاب المفرط من الآخرين، يفتقر إلى التعاطف، مستغل للآخرين في انجاز حاجاته الخاصة، في اغلب الأحيان هو شخص حاسد للآخرين، إلى جانب ذلك يعتقد بان الآخرين حاسدين له. أنه احترام للذات متضخم(منتفخ). الهدف من وراء الأنانية جعل حياتنا سهلة وممتعة وخالية من الصعوبات على حساب راحة ومصلحة وسعادة الآخرين. ويتم تعريف الأنانية أساسا بأنها رعاية المصالح الخاصة، أو واحدة من أشكال الراحة مقابل تجاهل رغبات الآخرين والقيم الاجتماعية أو غيرها من المعايير والأعراف، نتصرف بأنانية لأننا نفرض مصالحنا فقط ونسعى لتحقيقها. أنانية الإنسان، من ناحية أخرى، تأخذنا بعيدا عن الحب. عندما تتركز هذه الأنانية على رغباتنا نحن البشر، فنحن نعيش في خوف، ونسعى لمحاولة الحصول على اكبر قدر نستطيع الحصول عليه من تلك النتائج التي تتصل بها، بدلا من الرغبة في تقديم كل ما نستطيع لمساعدة الآخرين الذين هم في حاجة لها. الأنانية من ناحية أخرى يعني انك تركز الرعاية فقط عن نفسك والعمل من أجل تلبية الاحتياجات الخاصة، وتريدها من دون أي اعتبار للآخرين وحاجاتهم. الأنانية هو الموقف المتطرف. فمن المهم لبقائنا هو تلبية احتياجاتنا الخاصة، والاهتمام بأنفسنا. مما يجعل هذه الأنانية السلبية أن تدفع المرء إلى إلحاق الأذى بالآخرين أو إهمال الآخرين وبدون محاباة. فالرجل الأناني هو الذي لا يفكر، أو يشعر، أو يحكم أو يفعل. الأنانية هي أن يجعل الإنسان ذاته هي المركز والبداية والنهاية لكل ما يدرك أو يشعر أو يسلك. فهو شديد التفاخر بنفسيه بخيل على من حوله. الأنانية هي القلق على المصالح الخاصة للفرد. وهي مصطلح مرادف للشر. ولاحظ توماس هوبز (1588-1679) أن الطبيعة البشرية هي في الأساس مصلحة ذاتية. فالأنانية النفسية أداة وهمية لتحقيق دوافع الإنسان. ولذلك يمارسها البعض باعتباره النتيجة المنطقية للوصول إلى الأهداف، حينما تكون تلك الأهداف غير منطقية، أو أنها ليس من ضمن حقوقهم. والأنانية تعرف بأنها القلق الزائد عن النفس، أو هي الحب أو الرغبة الجنسية للشخص بجسده، أو هي القلق على المصالح الشخصية. هذه المفاهيم لا تتضمن التقييم الأخلاقي، فهي لا تقول لنا ما إذا كان قلق على النفس أو المصالح الشخصية أو الرغبة بالجسد هي الخير أو الشر، كما أنها لا تقول لنا ما هي مصالحنا الفعلية. وتتمثل مهمة الأخلاق للرد على أسئلة من هذا القبيل. كل منا لديه أحلام وأهداف ولكن البعض منا يعتقد أنها قد لا تكون قادرة على الوصول إلى تحقيق تلك الأهداف أو الأحلام. وهذا هو السبب في أنها توفر كل مواردها لأنفسها فقط لتخفيف بعض من مشاعر انعدام الأمن التي يمرون بها. كما أن الإيثارAltruism هو سلوك معاكس للسلوك الأناني. والإيثار يعتبر من الخصائص الشخصية العليا لإنسان والذي يستهدف التضحية بحياة واحدة لضمان حياة الجماعة. وهناك من يشير إلى أن الإيثار هو شيء في جيناتنا الوراثية، وفي الجانب الآخر هناك من يؤمن بان طبيعتنا الوراثية تحمل جينات الأنانية. في حين هناك من يعارض الطرفين ويعلن بان كلا من هذين السلوكيين هما نتيجة للتنشئة الاجتماعية التي يمر بها الطفل. فالأبوين هما من يجعلان الطفل ذو سلوك أناني أو إيثاري(يهودانه أو ينصرانه). كما أن هناك جدلا حول الإيثار والأنانية، فهناك من يقول بان الإنسان كائن ذو طبيعة أنانية، فما يقول الآخرون بأنه ذو طبيعة إيثارية. وكل مجموعة لديها أدلتها التي تؤيد آرائها وتفند آراء المجموعة الثانية. وهو جدل عقيم لا يمكن أن ينتهي ولا نستطيع الخوض فيه ضمن سطورنا هذه. ولكننا نقول، الإنسان بسبب طبيعته البيولوجية والاجتماعية هو أناني وإيثاري بذات الوقت، وتفضيل احد الطرفين على الآخر هو من نتائج التربية والخبرات التي يمر بها الشخص. والذي يتحكم في ذلك منظومة من القيم والأفكار والعقائد والمشاعر قد تربى عليها الشخص منذ نشأته الأولى. إلى جانب طبيعته الفلسجية التي تجمع النقيضين فهو يرغب بالبقاء حيا ويسعى للبحث عن الخلود الأبدي وفي ذات الوقت هو لا يستطيع الوصول إلى هذه الدنيا بدون الآخرين ومساعدتهم وفضلهم، فهو من تكونه كنطفة إلى أن يصبح رجلا يمكنه الاعتماد على نفسه. فهي عملية جدلية بين الضرورة والحرية. فحينما يتصرف الإنسان بوحي من الضرورة أو الحرية من اجل الحفاظ على حياته. فان عليه إدراك أن بقائه حيا لا يتم دون وجود الآخر، وهذا ليس فقط الأشخاص القريبين منه، ولكن كل إنسان في هذا الوجود هو جزء يعمل في استمرارية هذا الوجود. وكل ما نراه يحدث من سلوكيات ذات طابع أناني مدمر هي بسبب البيئة التي يعيش بها ذلك الفرد. أن كانت عوامل اقتصادية أو ثقافية أو صحية أو اجتماعية...الخ. كما أن للإنسان طيعتين احدهما بيولوجية والثانية اجتماعية. الأولى ما قبل التعلم والثانية ما بعد التعلم. والإنسان كلما توافر له العلم والمعرفة، وسيطر على مشكلات حياته كلما كان ذو إرادة حرة، في تقرير سلوكه. أي حينما يكون قادرا من الداخل على القيام بالسلوك الصحيح وتحمل نتائج ذلك. بشرط أن يكون سلوكه محدد وفق معيارين، هما: عدم أحداث الضرر بالآخرين ولا بالنفس، هذه من المسلمات الأساسية في الحياة الاجتماعية الإنسانية السليمة. كما أن الأنانية تظهر واضحة في سلوك الشخص المغرور وكذلك في السلوك النرجسي. أذن، ما هي النرجسية Narcissism ؟ لدى الإنسان مخاوف كبيرة تتعلق بالشعور بالرفض من قبل الآخرين. لذا فأن الإنسان يعيش في حالة شوق واحتياج للتواصل وبناء علاقات إنسانية مبنية على الاحترام والقبول والتقدير والثقة المتبادلة مع كل من يحيط به. لكن البعض منا لا يستطيع ممارسة هذه الطبيعية البشرية. إذ لازال يحمل على أكتافه عبء الماضي الذي عاشه ضمن فترة طفولته، ولا يستطيع الخلاص من هذا السفر المملوء بالمرارة والحلاوة. احترام الذات هو الخاصية الأكثر هشاشة في الطبيعة البشرية، فانه يمكن أن يتلف نتيجة لتعرضنا إلى حادثة بسيطة جداً، كما أن إعادة بنائه من جديد صعبة في اغلب الأحيان. حيث لا يمكن أن تطرد الظلام بالظلام، ولا الكراهية بالكراهية، ولا الخوف بالخوف، فالضوء هو من يطرد الظلام. فكن تحت نور الشمس لتصطع الأنوار الداخلية فيك. فالحب هو من يطرد الكراهية. فابدأ البحث بذاتك لتتمكن من طرد الكراهية والضغينة التي تكمن في داخلها، لكي تتمكن من طرد مشاعر الكراهية التي تحملها نحو أي شيء خارج نفسك. أما خوفك فيمكنك طرده من خلال زرع الثقة بنفسك، ومن ثم نقلها للثقة بالآخرين. النرجسية، اضطراب في الشخصية أمر نادر الحدوث. أنه يؤثر على الرجال أكثر من النساء. والنرجسي Narcissisticالشخص الذي يتعرض لاضطراب في الشخصية، غالبا ما يبدأ في سن البلوغ المبكر. على الرغم من أن بعض المراهقين قد يبدو أن لديهم بعضا من صفات النرجسية، وهذا قد يكون ببساطة نتيجة لطبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها، وهي المراهقة، والتي تتميز بكونها فترة العواطف والمشاعر الجياشة وبداية الشعور بالاستقلالية، والتميز عن الآخرين وخاصة الأسرة، ولكن هذا لا يعني أنهم سيذهبون إلى تطوير اضطراب الشخصية النرجسية. وعلى الرغم من أنه لا يعرف سبب هذا الاضطراب في الشخصية، إلا أن بعض الباحثين يعتقدون أن نتيجة لسلوكيات الوالدية المتطرفة، مثل الإهمال أو المديح المفرط المتسامح، فأنها قد تكون مسئولة ولو جزئيا عن ظهورها. النرجسية كما هو معروف، إعجاب وافتتان مفرط بالذات، وغالبا ما تستخدم في وصف حب الذات. والشخص النرجسي لا يحب بطريقة صحية أو تقليدية. أنه يعلن الحب فقط من اجل أن يكون محبوبا، وهذا هو الحب النرجسي. في العلاقة الصحية، الحب يعتمد على تبادل المشاعر والعواطف. النرجسيون يحبون بسبب الانشغال الفكري الدائم بأنفسهم والإعجاب بها، لذا فهم لا يمكنهم معرفة حب الذات، لان ذواتهم فارغة لا يشعرون بوجود أي قيمة من المشاعر فيها. يحاولون إظهار الصورة التي يعجبون بها داخلهم إلى الآخرين والتي تشغل وتستحوذ على تفكيرهم. أنهم أشخاص أذكياء جداً، أغنياء، يمتلكون جمال فاتن، محبوبون من الجميع، هم أشخاص منجزون، هذا هو اعتقادهم بنفسهم. وحينما يرسلون تلك الصورة البراقة والمخادعة للآخرين، يعملون بعد ذلك على شراء تلك الصورة منهم، ويقومون باسترجاعها ووضعها كحقيقة لهم، والعودة للبدء بالتفكير ثانية كأشخاص نرجسيين. كما أن شريك النرجسي شخص لديه فهم مشوه لذاته أيضاً، وإلا سيتخلى بعضهم عن الآخر في وقت مبكر. سلوك النرجسي هو الحط من قدر الشريك، في حين يوجه الحب والتعظيم لذاته. وبذلك فان الشريك قد وضع نفسه في موقف الضحية الأبدية. فهو شخص لا يستحق، يجب معاقبة، وهو كبش فداء لكل الأخطاء التي يقوم بها النرجسي. وعلى الشريك النظر إلى شريكه النرجسي بكونه متفوقا في العديد من المجالات(الفكرية، والجمالية، والأخلاقية، والعاطفية، والمادية)، كما أن عليه أن ينكر أو يتخلى عن رغباته، وأحلامه، وطموحاته، وحتى احتياجاته الجنسية والعاطفية، وحتى الحاجات المادية، كل شيء، من اجل استمرار تلك العلاقة ومن اجل أن يكسب رضا الشريك النرجسي. وحينما تعتبر النرجسية اضطراب في الشخصية، فأنها تسمى اضطراب الشخصية النرجسية(Narcissistic Personality Disorder (NPD، وهو نمط من السلوك يتميز بالغرور(egotistical behavior) والأنانية(self-centered)، يظهران في السلوك والتفكير، وفي الكثير من الحالات والنشاطات. والأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب: لا يريدون أو لا يتغير سلوكهم حتى عندما يتسبب بمشكلات في العمل، أو عندما يشتكون الآخرين من الطريقة التي يتصرفون بها، أو عندما يتسبب سلوكهم بالكثير من الاضطرابات العاطفية مع الآخرين أو أنفسهم، فهم لا يكترثوا لنتائج سلوكهم، في حين هم دائما يوجهون اللوم للآخرين عن أي مشكلات قد تحدث. هذا النمط من السلوك الأناني أو المغرور ليس سببه استخدام العقاقير، أو تناول الكحول، أو إصابات الرأس، أو نوبات ذهانية حادة، أو أي مرض آخر، لكنه يستمر وبثبات على الأقل منذٌ فترة المراهقة أو سن الرشد المبكر. وهناك أدلة بحثية تشير إلى أن النرجسية المرضية تحدث في شكلين: (أ) حالة من التكلف أو المبالغة في السلوك والتفكير، من الممكن تصحيحها في مرحلة الشباب عن طريق خبرات الحياة، و(ب) اضطراب مستقرة وصفت في DSM - IV، والذي تم تعريفه بأنه شعور بالعظمة لكنه اقل من اضطراب البارانويا(جنون العظمة). أن الشعور بالفخامة أو التكلف أو العظمة، هو نمط سائد من السلوك، وهو السمة المميزة في تشخيص النرجسية المرضية، والعظمة في الخيال والسلوك، والحاجة إلى الإعجاب، والافتقار إلى التعاطف. وقد ظهرت (NPD) في العدد(DSM - III)( DSM هي مختصر إلى Diagnostic and Statistical Manual) في عام1980، قبل ذلك التاريخ لم يكن هناك أي وصف رسمي لتشخيص هذا الاضطراب. وهذا النمط السائد من العظمة (في الخيال أو السلوك)، والحاجة إلى الإعجاب، والافتقار إلى التعاطف، بدايته في مرحلة البلوغ المبكر، تكون موجودة في مجموعة متنوعة من السياقات، يمكن تبينها في خمسة (أو أكثر). هذا الفرد: لديه شعور متكلفا وأهمية الذات مبالغ بها (على سبيل المثال، يبالغ الإنجازات والمواهب، يتوقع أن يكون المعترف بها من دون إنجازات متفوقة تتناسب مع ذلك القبول والاعتراف)، مشغول بأوهام غير محدود من النجاح، والطاقة، والتألق، والجمال، أو الحب المثالي حيث يعتقد أنه أو إنها "شيء خاصة ومميز" فريد من نوعه ولا يمكن فهمه من قبل الشريك أو الآخرين، أو أنه ينبغي أن يقترن بغيره من الناس من ذوي المكانة الخاصة أو العالية (أو يشغل منصب ذو مكانة رفيعة في إحدى المؤسسات) يطلب الإعجاب المفرط، ولديه شعور بالاستحقاق أي توقعات غير معقولة من معاملة تفضيلية خاصة، أو الامتثال التلقائي في حياته الخاصة. سلوك استغلالي، أي يستفيد من الآخرين لتحقيق غاياته، يفتقر إلى التعاطف، هو غير مستعد للاعتراف أو التماهي مع مشاعر واحتياجات الآخرين، وغالبا ما يغار من الآخرين، في حين يعتقد البعض الآخر من النرجسيين بأنهم محسودون. له أو لها مظاهر سلوكية تتميز بالغطرسة، أو السلوكيات والمواقف المتعجرفة، والشعور بالعظمة. ومشاعر العظمة تلك هي واحدة من آليات الدفاع التي يستخدمها لإخفاء المشاعر الدونية التي تتواجد في داخله. انه مملوء بكراهية الذات والشعور بالحاجة إلى الشفقة. العظمة تحدث عندما يكون الشخص لديه تضخم في احترام الذات فارغ أي ليس حقيقي، ويعتقد أن لديه صلاحيات خاصة، وصلات روحية أو علاقات دينية، وهذا ما صرح به (جورج بوش الابن) من أن الرب قد هيئه لمهمة إنقاذ ربانية، وهي تحقيق عودة المسيح. في حين أن احدهم كان يتصور نفسه كاتب عظيم وشاعر موهوب بشكل مدهش، ومؤلف موسيقي وكاتب أغاني، وما إلى ذلك حتى اعتقد بأنه يمكن أن يفعل أي شيء. ويذكر انه في إحدى المرات خطرة له فكرة بان الله كان يتحدث معه في الرؤى. وشعر بأنه على اتصال خاصة بهذا الكون. حتى اعتقد بأنه ربما سيصبح كبوذا. يعتقد المختصون بان النرجسية تتطور لدى الأطفال الصغار، الذين لم يحصلوا على الرعاية أو الإعجاب الذي يحتاجونه من الأشخاص القائمين على رعايتهم. فهذا الطفل الصغير يتعرض إلى تجربة تتسم بالإهمال العاطفي، وحب غير كافي، يستلمون رسائل بأنهم لا يستحقون الحب والاهتمام. لذا فأنهم يتعلمون كيفية الدفاع عن ذواتهم من خلال تضخيمها مقارنة بأقرانهم. فهم ينسجون القصص الرائعة التي تمثل أحاسيسهم المتضخمة ومشاعرهم الواهية بالقوة والأهمية. فهذا الشخص يسعى لخلق كل ما كان يفتقده في طفولته، ويعمل على تعويض كل ما فقده سابقا. فهؤلاء يعتقدون بأنهم أكثر ذكاءً، وفريدين من نوعهم، وأكثر جاذبية من غيرهم. غالبا ما يظهرون هذه المشاعر من خلال السعي والتعبير عن التفوق أو الهيمنة على الآخرين. النرجسي شخص لديه نفور من الاعتماد على شريك، لذا فهو يسعى إلى التضليل والخداع في كثير من الأحيان، لان ذلك يسمح للنرجسي بالحفاظ على السلطة وحكمه الذاتي على حساب شريكه. وهم غالبا ما يحصلون وبسهولة على الشركاء، ولكن نادرا ما تكون علاقاتهم طويلة الأمد. والنرجسية كمصطلح لها حكاية. أن حكاية نرجس وصدى هي أسطورة من الأساطير الإغريقية. حيث يحكى أنه كانت هناك صدى حوريةnymph Echo جميلة جداً، كان لها صوت ذو عذوبة وكأنه أنغام موسيقى حينما تغنى. عاشت في بين الحوريات، ولعبت بعقول الكثيرين لجمالها، وبذلك اجتذبت غضب وكراهية الكثيرين، بما في ذلك آلهة الحب. ونتيجة لذلك حكمت الآلهة بمعاقبتها، وكانت العقوبة بأنها لا تستطيع الكلام أبدا، ويحق لها فقط ترديد الكلمة الأخيرة، للكلام الذي تسمعه من شخص آخر. أما نرجس Narcissus فأنه طفل جميل، في سن السادسة عشر من عمره، كان قد ترك وراءه العديد من القلوب المكسورة. رفض أن يتشارك الحب مع العديد من العشاق ومن كلا الجنسين. أراد نرجس أن لا يقيم علاقة حب مع أي شخص. ورفض كل المحاولات الرومانسية الرامية للإيقاع به. مما أدى إلى غضب الآلهة علية، وقررت بان نرجس لن يعيش طويلا. في احد الأيام وعندما كان نرجس خارجا للصيد، رأت الحورية صدى الشاب الوسيم يتجول عبر الغابات، فأخذها افتتانها به أن تعترض طريقة ولكنها غير قادرة على الكلام أولاً. سمع نرجس أصوات حفيف الأشجار تتردد في الغابة، فظن بان هناك شخصا ما. فصرخ نرجس( من هناك ؟)، فحثت صدى خطاها لتذهب هناك، وأظهرت نفسها عبر ارتدادات صوت نرجس، وقالت:(هناك ؟)، وهرعت إلى ملاقاة ذلك الشاب الجميل. تلفت نرجس حوله ولكنه لم يرى شيئا،(لماذا لم تظهر لي) قال نرجس، فرددت صدى ذات السؤال (لي). ثم أضاف الشباب(دعنا ننضم إلى بعضنا)، فإجابات الحورية ومن كل قلبها ذات الكلمة، وسارعت إلى مكان الحادث، وهي على استعداد لتطويق ذراعيها حول عنقه. لكنه انسحب عنها بعيدا وصرخ( ارفعي يديكِ عني!!! أود أن أموت بدلا من أن يكون هذا لي). فقالت صدى:( هل لي)، ولكن ذهبت محاولتها تلك عبثا لأنها لم تستطع الكلام سوى أن تكون تكرارا لصوت نرجس. تركها نرجس، واختفي في أعماق الغابة. منذ ذلك الوقت وقضت صدى بقية حياتها في الوديان، وحيدة، حزينة، بعيدة، متلهفة، لأنها لم تعرف الحب، عاشت صدى في الكهوف وبين المنحدرات الجبلية، وتلاشى شكل جسدها بسبب الحزن، واختفت عظامها بين الصخور ولم يبقى هناك سوى صوتها. أنها لا تزال مستعدة للرد على أي واحد يدعوها، وتحافظ على عادتها القديمة بإعادة الكلمة الأخيرة. وها هو صوتها الذي لا يزال يتردد في الوديان. ونتيجة لهذه القسوة بقى نرجس على هذه الحالة وحيدا. وتجنب كل ما تبقى من الحوريات. وكانت هناك بحيرة، ماءها مثل الفضة. كان الرعاة يسقون قطعانهم منها. كانت تغطيها الأوراق المتساقطة وفروع الأغصان، وقد نما العشب المخضر حولها. وفي يوم جاء نرجس إلى هذا المكان مرهق من الصيد، وسخونة الجو والعطش يكاد تقتله، انحنى لكي يشرب منها. لكنه رأى انعكاس صورته في الماء. فاعتقد بان هناك روح جميلة تعيش في مياه النافورة. وقف مشدوها يحدق بإعجاب في تلك العينين المشرقتين، والرقبة العاج، والخدود والشفاه. فسقط في حب تلك الصورة المنعكسة على سطح الماء. حاول الاقتراب من تلك الصورة، فاقترب بشفتيه لينال قبلة منها، وهم بذراعية لاحتضان ذلك الكائن المحبوب. لكنه تراجع وسحر الشوق يمزقه، وهو لا يستطيع الابتعاد عن تلك الصورة. فهجر الطعام وغادرة الراحة، في حين تحلق على حافة النافورة يحدق بصورته. وحينما لم يقوى على شيء سقط في الماء ومات، ونمت في مكان جثته زهرة، داخلها ارجواني، ومحاطة بأوراق بيضاء. وهي تحمل اسمه للحفاظ على ذكرى الشاب نرجس. فالنرجسي شخص لا يعشق ذاته وإنما يعشق الخيالات والصور والأوهام والأفكار والتصورات التي يكونها الشخص عن نفسه. فالشاب نرجس لم يعشق ذاته الحقيقية، وإنما عشق انعكاس صورته على سطح ماء البحيرة. فالنرجسي شخص غير واقعي. يعشق الأوهام والخيالات التي يكونها عقلة ويقع أسيراً لها، وليس حب الذات كما يتصور الكثيرين. وبذلك فهو لا يحب ذاته، وإنما يحب الصورة المنعكسة أي الأوهام التي يخلقها حول نفسه أو الصورة التي يتمناها لنفسه ولكنها غير حقيقية، هذا هو النرجسي. هذا احدهم يقول (اعرف أنني أفضل من معظم الذين يحيطون بي، على الرغم من أنني لست متأكدا تماما ما هي نقاط الخلاف بيني وبينهم، ولكن فقط اعرف أنني أفضل بكثير منهم. هؤلاء يبدون ضعفاء، عاجزين، معظمهم لا يمتلك الذكاء الكافي، الغالبية العظمى منهم تعاني من الاكتئاب، والباقي لا اعرف كيف تسير حياتها. أنا لست مثل هؤلاء الناس، ولهذا السبب أني يجب أن أكون على القمة، وان احصل على كل الاهتمام، ويجب أن أكون متفوقا). هناك خط رفيع بين النرجسية والثقة الأكثر بالنفس. الثقة بالقدرات والمهارات تأتي من النتائج والممارسات والتجارب الماضية الإيجابية أو النجاح السابق. في حين النرجسية ليس هناك نجاح ولا نتائج ايجابية وإنما أوهام اختلقت للتعويض عن مشاعر سيئة يسعى ويعمل الشخص على إخفائها. فالنرجسي يلعب لعبة التعويض، ويسعى للحصول على ما ينقصه. لديه هناك داخله مشاعر تتسم بالدونية، جروح وآلام وندبات من الماضي موجودة في العمق، ولهذه السبب فانه يشعر بعدم الأمان، لذا صنع درع متمثلا بنمط من السلوكيات من أجل حماية ذاته الحقيقية. وبالرغم من جميع الصفات والخصائص التي يمنحها لذاته إلا انه لا يزال يفتقر إلى أمرين، التوازن وتقدير الذات الصلب أو المتماسك. أنه عبارة عن شوارع ذات اتجاه واحد(One Away)، المشهد النفسي داخله قاتم، يفتقر إلى القدرة على التعاطف مع الآخرين. النرجسية عبارة عدسة ولكن ذات رؤيتين حين ينظر النرجسي فيها إلى نفسه فانه يري نفسه عملاقاً، ولكن حينما ينظر بها إلى الآخرين فأنه يراهم أقزاماً مقارنة به. النرجسي يعتقد انه فوق الفهم البشري، النرجسي يحب أن يعتقد الآخرون انه فريد من نوعه، لكنه فنان مخادع، محتال، الكثير من الناس يعتقدون بسذاجة أنهم يستطيعون معالجة النرجسية التي تجتاحه، من خلال الحب والتعاطف والقبول. الأمر ليس كذلك. المرة الوحيدة في عملية الشفاء التحويلية التي يجب أن تحدث، هو عندما يواجه نرجسي إصابة شديدة وأزمة في الحياة. وجود أخطاء في التفكير هي التي تمنعهم من رؤية الأشياء على حقيقتها. أنهم يحولوا العالم إلى دمار وكتلة من الآلام حينما يتواجدوا فيه، وإذا ما ترك هذا السلوك دون رادع، فإن هؤلاء سيصبحون، محتالين، متلاعبين، مضطربين اجتماعيا ونفسيا، وطغاة. فالكثير من السياسيين هم نرجسيون، وساديون، فهم المفكرون عنا وما علينا سوى الاستجابة وترديد ما يقولون، عقولنا ليست كعقولهم، يُعيرونا بضعفنا وفقرنا، ويتلذذوا بآلامنا وقتلنا بحروبهم ونزواتهم، وهكذا هم رجال الدين، فأنهم يعتقدون بأنهم الوحيدون القادرون على فهم الدين، وليس لنا أي دور أو قدرة في فهم ما موجود في الكتب السماوية لكونها طلاسم لا يفقها سوى حفنة من الجهلة، لان هذا الطريق هو الأسهل للفاشلين، لا يعرفون سوى ما تم تلقينهم إياه ليس هناك شيء جديد، ما قيل قبل ألف عام ها هم يرددوه. تشير البحوث إلى أن هناك حوالي(0.7-1%)من مجموع المجتمع تعاني من هذا الاضطراب. على الرغم من أن كلا من الرجال والنساء يمكن أن يطور شخصية نرجسية. إلا أن هناك من يشير إلى أن معظم النرجسيون (50-75 ٪ )، وفقا لـ(TR - DSM IV) هم من الرجال. وليس هناك سوى قدر ضئيل من البحوث المتعلقة بالنرجسية. ولكن هناك ما لم يثبت أي ميل عرقي واجتماعي وثقافي، واقتصادي، وجيني، أو مهني. كان السبب وراء هذا الاضطراب. أول وصف للنرجسية المرضية بالتفصيل كان من قبل (فرويد). فالنرجسية اضطراب في الشخصية تتسم بأنماط ثابتة من التجربة الداخلية والسلوك الجامد بما فيه الكفاية، والعميق الجذور في النفس، ويسعى الشخص لإحضارها في صراعات متكررة مع بيئته الاجتماعية. وبما يتسبب بالألم العاطفي الشديد والصعوبات في بناء واستمرار تلك العلاقات وفي الأداء المهني. قد تكون هذه السلوكيات الإشكالية التي تتضمن تصورا غير ملائم لأنفسهم والآخرين، وكثافة وقوة في المشاعر خارج قدرة الشخص، ومشاكل في السيطرة على الدوافع، وصعوبة الحفاظ على علاقات صحية. النرجسيون هم رجال لكل الفصول، يقلد بشكل ثابت، هو إسفنج إنساني، مرآة مثالية، حرباء، كلها جمعت في كيان واحد ووقت واحد. هو، أن يكون أو العدم. والنرجسي لدية مبالغة في الشعور بأهمية شخصيته حيث يبالغ بالإنجازات والمواهب، ويتوقع أن يكون المعترف بها من دون إنجازات متفوقة تتناسب معها وحقيقية على ارض الواقع. النرجسيين لا يبقون على اتفاقيات، ولا يلتزمون بالقوانين أو المعايير الاجتماعية والأخلاقية، وحتى الدينية. هكذا هو النرجسي، نشاط بلا معنى واستثمار عقيم بلا هدف. النرجسيين، كل يوم بداية جديدة، صيد جديد، دورة جديدة في التمثيل، كل ساعة يخترع نفسه من جديد، ليس هناك تراكم في الخبرات، أو النية الحسنة، لان النرجسيين ليس لهم ماضي ولا مستقبل، فهو يتصور نفسه هدية أو هبة من السماء باقية وخالدة، متحجر يمسك بتراب بركاني جامد من مرحلة طفولته، ولا يريد رميه بعيدا. أن نمط سلوكياته وصفاته تدل على الافتنان والهوس الذاتي، والى استبعاد جميع الآخرين، والسعي الأناني والقاسي للهيمنة الواحدة أو القطب الواحد في العلاقة الإنسانية. من اجل إرضاء غروره وأنانية وعقده المرضية. فالنرجسي يتميز بالمبالغة في الشعور بالأهمية الذاتية، على سبيل المثال، يبالغ بالإنجازات والمواهب، ويتوقع أن يكون معترفا بها من دون إنجازات حقيقية تذكر. أي أن طموحاته اكبر من القدرات التي يمتلكها. النرجسي يعيش في عالم من الأوهام، وهو منشغل بشكل غير محدود بالنجاح، والتألق، والجمال، والحب المثالي. النرجسي يعتقد بأنه كائن خاص، لا يمكن أن يكون مفهوما من قبل الآخرين، كما انه يجب أن يقترن بأشخاص ذوي مكانة خاصة وعالية. يطلب الإعجاب المفرط، انه يريد الثناء والمديح، واحترام، والتعبير عن الحسد في كل وقت، ويريد أن يقال أن كل ما يفعلونه هو أفضل من الآخرين. لديه شعور بالاستحقاق عالي، إنه يتوقع من الآخرين الامتثال التلقائي مع رغباته أو معاملته معاملة تفضيلية خاصة. يقوم باستغلال الآخرين من اجل تحقيق أغراضه الخاصة. يفتقر إلى التعاطف، إنه غير مستعد للاعتراف أو التعاطف مع مشاعر الآخرين واحتياجاتهم. انه "لا يكترث" عندما أشخاص آخرين يريدون التحدث عن مشاكلهم الخاصة. غالبا ما يحسد الآخرين أو يعتقد أن الآخرين يحسدنه. يبدي سلوكيات، مثل، التعجرف، والتعالي، أو الازدراء، إنه يتعامل مع الأشخاص الآخرين مثل التراب. انعدام الضمير الناضج، وامتثاله للضبط هو نتيجة للخوف من العقاب، أو من أن أضراراً قد تلحق بسمعته. عدائي وشرس في رده فعله على الآخرين والأحداث. ساذج ضعيف، مثير للشفقة، مهما كان قويا ومتغطرسا. متكلف وسلوكه رغبي. لديه شعور قليل بالفكاهة. لديه شعور غريب اتجاه الزمن، فهو لا يشعر بمروره، لذا فانه يعتقد بأنه اصغر سنا مهما تمر السنين. هو شخص سلطوي، يتمنى أن يكون من رموز السلطة، أو قريب منهم، كذلك متمسك برأيه لحد التعصب. لديه عادات أكل غير عادية تصل إلى حد الشره. اهتمامه المبالغ بالمظهرية. غامض ومتحفظ بشكل غير عادي على خصوصياته، وغيور جداً. هو ليس فقط لا يعترف بمشاعر الآخرين، ولكن مشاعره هو مثل الطقس وأوامر الله، على الآخرين الانصياع لها. هو سلبي، ومتشائم، وذو نظرة قاتمة، ساخر، جبان، متسرع، لا يدرك عاقبة أعماله. وحينما يتراجع عنها، يتراجع وفق سلوك غريب، يظهر وكأنه شخص غبي. يكره الوحدة، فهو لا يريد أن يكون عالق مع نفسه. وهو بخيل، ومتصلب. والنرجسيون أشخاص موجود في كل مكان وخاصة أن التطور التكنولوجي في الاتصال يوفر لهم بيئة حاضنة، فإذا أردت البحث عنهم فستراهم متواجدون دائما ضمن برامج القنوات الفضائية في برامج الواقع، وبرنامج(Arab Idol) حلقته الأولى خير مثال على ذلك. كذلك تراهم متواجدون على شبكة التواصل الاجتماعي من اجل إشباع غرورهم ونرجسيتهم. ولكن هل يتوقف الأمر على هذا، أم هناك مشاعر أخرى اتجاه أجزاء أخرى من الشخصية. وخاصة أعضاء الجسد. فكثيرا ما نرى الأشخاص يبذلون الاهتمام الكبير بأجسادهم، مثلما رأينا هناك من يسعى لإيقاع الأذى به. أذن، ما هو حب(عشق) الجسد المفرط ؟ أن الإفراط في حب الذات أو الإعجاب بها، هو حالة نفسية تتميز بالانشغال الذاتي والافتقار إلى التعاطف والعجز في اللاوعي عن تقدير الذات. وحب الذات المفرط لا يقف عند الغرور والأنانية والنرجسية، وإنما هناك أبعادا كثيرة أخرى من حب الذات. ومن بينها حب أو عشق الجسد، وهنا حب الذات وسيلة لمعرفة كل مناطق المسطحة وانثناءات والبقع اللينة والصلبة، وكل ما هو مثير وقابل للإثارة، ومتخفي في جسدنا. حينما تعرف ذاتك وتعشقها، فان عليك أن تحب جسدك، لأنه الوعاء أو الحصن الذي يحتضن تلك الذات، ولذا عليك أن تراهما وتشعر بهما، وبطرق مختلفة، بمجرد وصولك إلى هذا الانسجام والتناغم معهما، فان ذلك خطوة للشعور بالبهجة وقبول المزيد من مشاعر الحب من الشخص الآخر وإعطائه أيضا وبشكل سهل ويسير كل ما يرغب به ويحتاجه. وبما يؤدي إلى خلق أفراد يعيشون حياتا تتضمن علاقات أكثر شوقا وإثارة، فيكونون قادرين على مواجهة علاقاتهم برغبة متجددة عاطفيا وعقليا وجسديا، ومستوى عالي من المشاعر الرومانسية. فحينما يتصور الرجال بأنهم وسيمون ومطلوبون من قبل الإناث، والنساء بأنهن جذابات ومرغبات من قبل الذكور. حينما نتصور هذه الأشياء داخل أنفسنا فإننا سوف نجدها هناك مختفية. أن رؤية أنفسنا بهذه الطريقة يسمح لنا بمنح وتلقي الحب لأنفسنا وللآخرين. أنها تسمح لنا بإيجاد الجمال في كل الشيء، وفي كل ما نفعله. ولكن عندما تكون غير راضي عن بعض مناطق جسدك وتشعر بأنها تفتقد للجمال، تذكر بأنك فريد وما يوجد لديك هو غريب ومرغوب به من الجانب الآخر لأنه غير متوفر لديه، فانظر لدى جسدك وشعر به في ضوء هذا الشعور وهذا الإيمان بفرادتك وتميزك عن الآخرين هو الخطوة الأولى للشعور بالمتعة والوصول إلى النشوة والنجاح بعلاقتك مع من تحب. فاجعل الحب يأتي من داخلك أنت ومن داخل شريك الآخر أولاً ومن ثم لتأتي أحاسيس الحب من الخارج من أجسادكم ثانياً. أن عشق الذات يمر من خلال مسارين الأول يتم من خلال الفعل التخيلي العقلي والنفسي، والثاني من خلال الفعل السلوكي المادي اللمسي. فالمسار الثاني قد يسمح بالمشاركة من قبل الشريك الآخر، أو قد يكون بدون شريك. فالسلوك الأول هو سلوك متشارك مع شخص من الجنس آخر، وهو يتم وفق الأساليب المتعارف عليها اجتماعيا وأخلاقيا ودينينا. ولكن حينما يكون بدون شريك فهو فعل فردي ذاتوي يمارسه الفرد ويسقطه على احد أعضاء جسده والمرتبط باستمالة تلك اللذة والوصول لها. والمتعة الجنسية هنا مستمدة من التأمل أو الإعجاب بجسم الشخص نفسه أو نفسها خصوصا أن كان هناك تثبيت أو تراجع إلى مرحلة الطفولة. كما أن الفرد من خلال هذا المسار غير قادر على الشعور بكل جسده ومعرفته وبناء تواصل إنساني معه، حيث أن التواصل بينهما رغبي لذي أناني سلطوي آني بالرغم من انه يمارس الفعل التخيلي ولكنه فعل سطحي غير ناضج نفعي وهمي غير حقيقي، لكونه متمحور ومتمركز حول الوصول إلى اللذة، والتي تنتهي نهاية ميكانيكية. ولكن حينما يمارس الشخص فعل الحب لذاته وجسده فانه يقيم علاقة تواصل واكتشاف أبداعي، للخفايا النفسية والمادية(الجسدية) لذاته. أن السلوك الذي يمارسه الفرد مع جسده يسمى بالاستمناء (masturbation) أو العادة السرية، أو يسمى المتعة(السرور) الانفرادية( solitary pleasure). فالاستمناء هو فعل حب الذات، ولكن لدى الكثيرين أن حب الذات وفي هذه الممارسة شيء صعب. أو هي وسيلة للتعويض عن عدم وجود علاقة الجنس مع شريك. أو هو طاقة فائضة تبحث لها عن منفذ من اجل تصريفها. هناك تعارف مختلفة للاستمناء تختلف تبعا لتغاير الأشياء المختلفة. الاستمناء أو العادة السرية تعني أفعال جنسية جوهرها السلوك الانفرادي، لكن هناك الاستمناء المتبادل(mutual masturbation)، أي وجود شخصين يستمني بعضهم البعض، وبمعنى آخر هو شكل من الاتصال الجنسي، حيث ليس نشاط ذو طابع جنسي(تناسلي). وهذا يشير إلى أن الاستمناء يتخذ معنى أوسع، لا ينحصر في الأفعال الانفرادية. ولكن في حالة غياب علاقة التواصل بين القضيب والمهبل فان لا توجد هناك علاقة جنسية حقيقة أو جنس صحيح. والاستمناء هو مصطلح يستخدم للدلالة على أي نوع من التحفيز للشبق الذاتي. كل من الذكور والإناث تنغمس في تحفيز الأعضاء التناسلية للإشباع الجنسي. ويطبق أيضا على المدى الذي يصل إليه الطفل الصغير أثناء التلاعب بأعضائه التناسلية، وهو سلوك استكشافي في السنوات المبكرة. وخلال فترة المراهقة. وخلال مرحلة المراهقة يصبح الاستمناء واحدا من أهم وسائل الإشباع الجنسي. ويطلق البعض عليه بالجماع الناقص(Onanism)، ويطلق فرويد على الاستمناء بـ"الاستمناء باليد" Onanism ، وهو إشارة إلى Onan اونان الذي ورد ذكره بعض المرات في الكتاب المقدس، وهو التمثيل الفني للشبق ذاتي أو الانفرادي. الاستمناء في القرون الماضية كانت يعتبر من المحرمات والمعاصي، ولكن مع التنوير جاءت الموافقة على أجزاء مختلفة وجوانب تتعلق بتكنيكات الفعل(الممارسة) الجنسي، هذا بالنسبة للمجتمع الغربي، ونحن المسلمون لازال التحريم قائما، بالرغم من أن هناك البعض قد يصرح بالموافقة على هذا السلوك. وهناك القول الشائع والذي ينسب إلى شخصيات نافذة في مجال الدين، مفاده(من نكح يده جاء يوم القيامة ويده حبلى) فكثيرا ما كنا نسمعه يتردد عندما كنا صغار. والاستمناء اليوم يتمتع بصفة ملتبسة ومتناقضة جدا بين الخطابات الثقافية المتعلقة بالجنس. هناك الموقف الذي يعلن وبصراحة بان الاستمناء مكروه أدبيا ودينيا وصحيا، فهو سلوك شرير وخاطئ، ولا خلاقي، ومثير للشفقة أو عديم الجدوى. وهو سلوك أدنى من ممارسة الجنس، بالرغم من وجود بعض التشابه في الآليات. فالاستمناء عادة يتم استحضار صورة للشريك ذهنياً والقيام تخيليا بالسلوك الجنسي الفعلي مع الشريك المتخيل. وكذلك في الممارسة الجنسية الفعلية أو ما يسمى بالجنس الصحيح فان هناك الكثير من الخيالات ترافق تلك الممارسة السلوكية ومن كلا الطرفين، من اجل الوصول إلى النشوة، وهذه الخيالات قد تتمركز حول الشريك أو قد تنبع من ذكريات أو رغبات لم تتحقق لدى الطرفين أو إحداهما. وهذا السلوك يكون واضحا حينما تكون العلاقة قد استنفذت السلوكيات والممارسات إبداعياتها وأصابها الملل نتيجة لتكرار والروتين القاتل وغياب التجديد في العلاقة. أو حينما يكون الزوجين أو إحداهما غير قادر على الوصول أو إيصال الشريك إلى الذروة في العلاقة الجنسية، وهنا تلعب الخيالات والتصورات دورا فاعلا في الوصول إلى النهاية المرغوبة. أو هي رغبات موجودة لدى بعض الأفراد، فالإنسان كائن يصعب وضع محددات يمكن من خلالها التعرف على سلوكه، فالسلوك الإنساني سلوك متنوع جدا، ويتميز بالرغائبية. الاستمناء ينتشر حينما تكون هناك عاطفة عامة ذات طابع جنسي تتميز بالاستثارة لدى الشخص وقد لا تكون موجهة لشخص محدد، مع غياب تام لعنصر التقارب العاطفي مع شريك ما. في بعض الأحيان يصل الشخص إلى حالة الاستمناء الكامل ويتم القذف بدون الوصول إلى الأعضاء التناسلية قد تكون رؤية لمشهد ما أو مسك عضو خارجي لشخص تكفي لإكمال هذه العملية. أنها عملية تجعل الفرد أكثر تواصلا مع جسده ومشاعره. هناك قول مشهور لماركس يقول بان(الفلسفة تقف في دراستها للعالم الواقعي، في نفس علاقة الاستمناء من الحب الجنسي). وهنا يمكننا من تشبيه السلوك الإستمنائي بالسلوك الفلسفي والذي هو (تحليل تصوري لفكرة ما) يجعلنا أكثر تواصلا مع الكثير من المفاهيم التي نستعملها، والبديهيات التي نعتمد عليها، والقيم التي نتصرف بناء لمعطياتها الأخلاقية المتعارف عليها. فهل وراء الاستمناء فلسفة ما يمكن تبريرها بما تقدمه من متعة للفرد أم أنها أفكار وألفاظ تتجاوز المتعة الآنية إلى عوالم تتمحور حول( الأفكار الكونية، والذوات الإنسانية، والجسد الإنساني). ولكن هناك من يشير إلينا ويقول توقفوا فان هذا النمط من الفلسفة يمكننا اعتباره، فلسفة تضليلية فهي تفقد الإنسان مساره الطبيعي الذي وجد من اجله، عاجزة عن المشاركة الإنسانية واستحضار الشريك فعليا في عالمها المادي، غبية لا تتجاوز لحظتها الآنية فقط فكيف لها أن تصل إلى تلك العوالم. ففي جميع الأحوال فان الاستمناء هو نشاط العقل من خلال فعل التخيل. ومن كل ذلك نستطيع الوصول إلى عدد من وجهات النظر والتي هي: الاستمناء ممارسة غبية وعديمة الجدوى. الاستمناء فلسفة حياتية تؤمن بحرية الفرد والسعادة الفردية. أنه نشاط مساعد يهدف إلى إزالة التوتر وإعادة الاسترخاء والانتظام لحياة الفرد. انه تسلية بريئة طفولية تهدف إلى استكشاف مخيال الشخص وتضاريس جسده. أو هي عالم من الرومانسية والخيال الفنطازي للهروب من روتين الحياة الممل ومشاكلها التي لا تنتهي. أم هو فعل شيطاني محرم يؤدي بالفرد إلى الجنون والإثم. ككلها تساؤلات والإجابة لدى الشخص المعني بها. وفقا لدراسة أجريت مؤخرا على عينة ممثلة من البالغين في الولايات المتحدة، أوضحت بان(38%) فقط من النساء لديهم استمناء جنسي خلال السنة الماضية، في حين كانت نسبة الرجال(61%)، وقد شملت الدراسة عينة قوامها(3116) أمريكيا تضمنت(1347) رجلا و(1769) امرأة، تراوحت أعمارهم بين(18-60) عاما. والاستمناء هو أول عمل جنسي يمارسه معظم الناس في بدء حياتهم وخاصة عند سن البلوغ. لدى الأطفال الصغار، الاستمناء هو جزء طبيعي من الاستكشاف الذاتي للطفل للأجزاء والمعارف المتنامية. في حين هناك دراسة أخرى، أفادت 95 ٪ من الذكور و 89 ٪ من الإناث أن لديهم فعل استمنائي. وقد أظهرت دراسات سابقة أن الرجال هم الأكثر احتمالا في ممارسة الاستمناء من سن المراهقة إلى منتصف العمر. وهذا صحيح جزئيا في هذه الدراسة. وينخفض معدل الاستمناء لدى الرجال نوعا ما بعد سن (50). كما أظهرت أبحاث سابقة أن الاستمناء يصبح أكثر احتمالا مع ازدياد التعليم، وزيادة تواتر الأفكار الجنسية، والتجريب الجنسي قبل سن البلوغ، ووجود عدد كبير من العلاقات الجنسية في حياة الشخص، وهذا لدى الجنسين. في الواقع يجب أن يكون المرء قادرا على القيام ..... من أجل تقاسم الذات مع الآخر. كيف يمكنك أن تتوقع أن يقوم الآخر بإطلاق مشاعرك الأقرب إلى الجسم والعقل والنفس، إلا إذا كنت قد فعلت هذا لنفسك وعرفت ما هي وكيف تتم ؟ كيف يمكنك تجربة الحب إذا كنت لا تعلم ما هو الحب ؟ كيف يمكنك أن تصل إلى النشوة مع الآخر، إذا كنت لا تعرف ما هو نوع الشعور الذي ينبع من تلك العلاقة. من ذلك كله نستطيع القول مثل أي ظاهرة في عالمنا هذا، هناك من هو مؤيد، وهناك من هو معارض. فالأشخاص الذين يبدون رضاهم عن هذا السلوك، وخاصة المتخصصين في شؤون السلوك الجنسي وعلاج الجنس. يصرحون بأن الجنس هو جانب صحي وطبيعي من تكويننا البيولوجي والنفسي. الجنس يتم التعبير عنه بأشياء كثيرة، بما في ذلك ممارسة الجنس مع أنفسنا والآخرين. والاستمناء هو تعبير عن الجنس لدينا وكذلك التعبير عن المشاعر العاطفية للآخرين. ويشمل النشاط الجنسي أفكارنا ومعتقداتنا حول المتعة الشخصية والتعبير عن الذات بالطرق الحميمية. والجنس هو تعبير من خلال الجسد والعقل والنفس. والعلاقات مع الذات ومع الآخرين هي أساس الوجود في هذا العالم. وأن بناء علاقة صحية مع نفسك تساعدك على تطوير علاقات صحية مع الآخرين. ومعرفة نفسك جيدا بما تحب أو تكره، ومعرفة القيم والمعتقدات الخاصة بك، كلها تسهم في بناء مفهوم إيجابي لاحترام الذات سوف يساعدك في تعزيز علاقات صحية وذات مغزى مع الآخرين. فالكثيرين يشعرون بالسرور من لمسهم الجسدي. إلى جانب التقارب العاطفي والحميمية والمتعة، وخاصة حينما تتم مع الشريك. الاستمناء هو شكل صحي للتعبير الجنسي عن الذات. هو استكشاف وتمتع بجسمك خاصة، وهو واحدة من المتع الأساسية والتي لم تواجها أي وقت مضى. أيا كان نوع الجنس الخاص بك، يسمح لك الاستمناء لمعرفة والتمتع جسديا. الاستمناء هو أيضا أفضل وسيلة لتطوير الجنسي ومعرفة الذات، والتعلم الطرق التي تجلب المتعة الجنسية للعقل والجسد والروح. معرفة ما يشعرك بالمتعة كما يتيح لك هذا الاتصال معرفة رغبات الشريك الجنسي. الاستمناء هو الطريق السليم لاحتضان مشاعرنا العاطفية والجنسية. هو تعبير عن الحب والرعاية لأنفسنا، قد يكون البعض يفكر في الاستمناء كأساس للحياة الجنسية بأكملها. وبالنسبة للكثيرين، ووفقا لآراء للباحثين، فأن الاستمناء يسهم في خفض الضغط، وزيادة الاسترخاء، ويساعد على النوم بشكل أفضل. الاستمناء هو أيضا الأكثر أمانا حول الجنس. فإنه يوفر لك حماية مائة بالمائة من الحمل والأمراض المنقولة جنسيا. هناك العديد من الأساليب المختلفة للاستمناء يمكن استخدامها من أجل الحصول المتعة، ولكن الشيء الأكثر أهمية للتمتع وبشكل كامل هو الشعور بالراحة والاسترخاء. أكثر من أي شيء آخر، فالتوتر الجسدي يجعل من الصعب الوصول إلى الذروة الجنسية. لأن الغرض الأساسي من الاستمناء هو تحقيق الانفراج الجنسي، ويبدأ من خلال التأكد من الاسترخاء التام. الاستمناء يستمر عادة طوال فترة البلوغ. ولكن تواتر الاستمناء يميل إلى الانخفاض تدريجيا بالتقدم بالعمر وكتساب الخبرة وتوسع العلاقات، ولكن لا يزال البعض ومنهم رجال متزوجين يمارسونها. بعض هؤلاء الرجال يعتقدون بأنهم لا ينبغي أن يتفعلوا ذلك عندما يكون لديهم فرص لممارسة النشاط الجنسي مع شركائهم، وبالتالي ليس لديهم محاولة لممارسة العادة السرية، في جزء من علاقاتهم، لأنهم يعتقدون أن الاستمناء يعني رفض شريك. يمكن أن يكون الاستمناء المتبادل نشاط مثيرة للغاية ومحببا للرجال والنساء. كما يمكن أن يكون القيام بشيء ما من هذا السلوك وبشكل منتظم في المراحل الأولية من صنع الحب(عملية الجماع بين الشريكين). هذا السلوك يمكن أن يكون تجربة حميمة للغاية، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا يشعرون بأنهم مستعدون لممارسة الجنس. وعلى الرغم من أنه سلوك طبيعي، فأن البعض يشعر بالخجل أو بالحرج حيال ذلك. هذا يرجع جزئيا لاعتقاده بأن الاستمناء صفة تشير إلى السلوك الخاطئ، وبأنها منحرفة وخطيرة وآثمة، وعلى مر السنين وهناك العديد من هذه الأساطير العتيقة والتي لا تزال موجودة إلى اليوم. والشباب، اليوم تشعر بالتوتر لأن هناك الكثير من المظاهر في أجسامهم النامية التي تستثير مشاعرهم الجنسية، إلى جانب وجود للعديد من الرسائل المختلطة والمعلومات الخاطئة حول العادة السرية من الأهل والأصدقاء ووسائل الإعلام تجعلهم أكثر قلقا. الاستمناء لا يؤدي إلى تقليل من الثقة بالنفس، ولكن يمكن مواقفكم حيال ذلك هي التي تثير هذا القلق، فليس الحدث هو من يؤدي إلى القلق ولكن تفكيرنا وتصورنا، أي إدراكنا لهذا الحدث هي التي تؤدي بنا إلى ذلك القلق. إذا كنت تعتقد أن الاستمناء خطأ أخلاقيا، أو أنه بديل مثير للشفقة عن ممارسة الجنس "الحقيقي"، أو فعل غير طبيعي، فانك ستشكل آراء سلبية عن نفسك نتيجة الجذب الطبيعي الخاص لهذا النشاط ممتع، لأن الحياة العصرية التي نعيشها ملئا بالمثيرات الجنسية المتاحة وللجميع. الاستمناء عادة طبيعية، أنها مجرد شكل مثل غيرها من أشكال التعبير الجنسي. ولكن متى ما يصبح الاستمناء مرضا نفسيا، ذلك حينما يصبح هاجسا مرضيا، وهو ما يسمى بالاستمناء القهريcompulsive masturbation أو المرضي وهو سلوك إلزامي في تكرار عملية الاستمناء، وغالبا يتم بدون استخدام الإباحية. والذين لديهم هذا العارض في اغلب الأحيان لا يعرفون أو يفهمون هذا السلوك. وغالبا ما يرتبط هذا السلوك بصدمات خفية سابقة في حياة الفرد أو ظروف أسرية واجتماعية وحضارية، أو معتقدات دينية تدور حول ارتباط الجنس بالخزي والإثم. هؤلاء تشير معتقداتهم الداخلية حول أن الاستمناء فعل قذر مخزي وشرير. كما أنهم يشعرون بالقلق والعزلة والهوس وعدم القدرة على بناء علاقة حب أو الاستمرار بها مع الشريك. فالاستمناء القهري هو حياة خالية من الحميمية، مليئة بالعار المخيف، بعيدة عن المشاعر. هذا النوع من السلوك يؤدي إلى إصابات في الأعضاء التناسلية نتيجة للوقت والطاقة المخصصة لهذه العملية، بما يؤدي استمرار هذا السلوك إلى ألحاق الألم والضرر بالفرد وازدياد شعوره بالعار والقذارة وعذاب الضمير. لذا تراهم يطلبون المساعدة وخاصة حينما يسيطر عليهم ذلك السلوك ويصلون إلى تلك النتيجة. أو حينما يتمكن هذا السلوك من الفرد ويصبح هو الوسيلة الوحيدة للإشباع الجنسي، وبذلك يعزف عن السبيل الطبيعي لممارسة الجنس. في الواقع، العديد من المربين في مجال الصحة الجنسية كثيرا ما يشيروا إلى أنها واحدة من الركائز الأساسية للصحة الجنسية والنمو العقلي. وهناك العديد من الدراسات التي تظهر لآثار العاطفية للاستمناء، إلى جانب الفوائد المادية والنفسية. بالإضافة إلى كونها ممتعة جسديا، والاستمناء وسيلة جيدة لتخفيف الضغط والتوتر الجنسي الذي يمكن أن تتراكم مع مرور الوقت، خاصة بالنسبة للأشخاص دون شركاء. وبغض النظر عن الفوائد الفعلية للاستمناء، والتي منها:1)الاستمناء يخفف من التوتر، فهو يتح لك التركيز على شيء واحد. مما يمكنه أن يساعد على الاسترخاء.2)الاستمناء يخفف آلام الطمث لدى الأنثى، حيث أن قوة وشدة النشوة الجنسية يمكن لها من أن تخفف التشنجات التي ترافق تلك العملية.3)الاستمناء يضعك في اتصال مع حياتك الجنسية، ومعالجي الجنس توصي بشدة أن النساء اللواتي لم تتح النشوة تبدأ البهجة بنفسها أولاً، وهذا يتيح لها الاتصال مع المتعة التناسلية التي تحلم بها، كما أنها طريقة آمنة، وهذا الوضع يسمح للمرأة لتحديد ليس فقط ما تتمتع وترغب به، ولكن أيضا ما قد تخشاه من العلاقة الجنسية.4) الاستمناء يمكن أن تساعد على تحقيق النشوة الجنسية أثناء الجماع، خاصة حينما تكون هناك صعوبة في تحقيق الإشباع الجنسي مع الشريك.5)الاستمناء يبقي دوافعك الجنسية في حالة إثارة. 6)يمكن أن يساعد الاستمناء على إزالة الأرق.6) تحفيز الجهاز المناعي للمساعدة في بناء مقاومة للعدوى المشتركة.7) رفع نسبة هرمونات المزاج.8) تقليل حرج الانتصاب العفوي للذكور في سن المراهقة.9) تقليل من عدد مرات الاحتلام غير المرغوب فيها بالنسبة للشباب.10) تفريغ الطاقة الجنسية المتولدة نتيجة لعمل الغدد والهرمونات الجنسية لدى المراهق. هناك أيضاً من يشير إلى بعض المضار التي يمكن أن يتعرض لها الشخص نتيجة لممارسة لهذا السلوك وبشكل مفرط، فالاستمناء لديه تاريخ طويل من الخزي والعار وسوء الفهم. في الجنس الانفرادي:1) الشعور بالتعب طوال الوقت.2) الأم الظهر السفلى.3) ترقرق الشعر وسقوطه.4) سرعة القذف.5) الشعور بالرؤية الضبابية.6) ألم في الخصيتين.7) الم أو تشنج في تجويف الحوض. ولكن تلك الأعراض هي نتيجة للإفراط في ممارسة السلوك الإستمنائي، كما يمكن أن تكون بعض هذه الأعراض، تظهر في الإفراط في الممارسة الجنس الطبيعي مع الشريك. مثل الإرهاق والتعب وآلام الظهر والخصيتين. كما أن الاتصال الجنسي المتكرر أن كان طبيعيا أو عن طريق الاستمناء يؤدي إلى إفراز فائض بهرمونات الجنس(neurotransmitters) في الدماغ، وزيادة هذه المواد الكيميائية تؤدي إلى ظهور الإرهاق. كما أن التكرار يؤدي إلى ضعف في الانتصاب على المدى البعيد. أما بالنسبة للأعراض النفسية فإنها بسبب المعتقدات التي يحملها الفرد والشعور بالذنب والعار التي تغرس فيهم اجتماعيا ودينيا. أما العمى والجنون الذي كثيرا ما يروج له بعض رجال الدين فلا وجوده له، ولو كان ذلك صحيحا لكانت المجتمعات العربية تعاني من ظاهرتي الجنون والعمى، لان اغلب الشباب العربي، ومنهم من هو الآن يفتي بهذه المواضيع، قد مارس الاستمناء في فترة ما من مرحلة المراهقة. وأخيراً فالغرور والأنانية والنرجسية والسادية أو المازوخية، كلها سلوكيات تعتبر جزء لا يتجزأ من الشخصية الإنسانية. فهناك سلوك عابر أو مؤقت أو قصير الأجل يمكن أن يمر به أي الشخص. وقد يكون ردة فعل على أزمة أو حدث ما، أو انحدار أو تراجع في السلوك، فكل منا قد يكون نرجسيا أو أنانيا أو مغرورا أو ساديا أو مازوخيا أو يشعر بالنقص، ولكن هذا الشعور أو السلوك يكون مؤقت ولا يتسم بالثبات والتكرار، إلى جانب ضعف هذا السلوك وقوته. في حين أن السلوك المضطرب مهما كان نوعه يتميز بالشدة، والتكرار أو الاستمرارية. يقول شكسبير: (لقد أعطى الله لك وجها واحداً، وأنت تصنع لنفسك آخر). ولكن كيف تكون حالنا حينما تكون لنا وجوها أكثر من ذلك. لذا أنا لا أريدك أن تكون مثلي، بل كن كما تريد أنت. أنا لا أريد التفكير بان الآخرين يحتاجوني، ولكن باني احتاج إلى الآخرين. أنا لا أريد أن أخبر الآخرين كيف يعملوا أو لا يعملوا، ولكن لأعمل بنفسي كل ما هو مطلوبا مني وأن لا عمل ما هو المفروض مني أن لا اعمله. أنا لا أريد أن أكون على حقا دائما، لكي اعتذر حينما أخطأ. أنا لا أريد أن أكون في تنافس مع الآخرين، وإنما يجب أن أكون صديقا. أنا لا أريد أن أكون عديم الإحساس، ولكن أن أشعر بآلام ومعاناة الآخرين حينما يشعرون بذلك. أنا لا أريد احتقار ما يقوله الآخرين، ولكن حينما أتكلم أن اختار عباراتي بحيث لا تؤذي الآخرين. لماذا تقارن نفسك بالآخرين، لا يوجد في هذا الكون شخصاً يشبك، لأنك فريد وفرادتك تأتي من انك أنت وليس شخصاً آخر.ليس من أنت هو الذي يسيرك ويدفعك لممارسة حياتك، ولكن، ما تعتقد انك عليه. فليكن اعتقادك ايجابيا لتكون مسيرتك في حياتك جيدة جداً. حينما تقيم ذاتك بقيم واطئة وتبخسها حقها، فكن على يقين بان ليس هناك شخصا في هذا الكون يمكن أن يرفع من درجة تلك التقييمات التي وضعتها أنت. الثقة تأتي ليس من اعتقادنا بأننا على صواب دائما، ولكنها تأتي من اعتقادنا الدائم بأننا يمكن لنا من أن نقع بالخطأ. أنت يمكنك أن تتوسع بذاتك وتجعلها تتسع الجميع، ويمكن لك تركنها في إحدى الزوايا المظلمة، وتبقى تبحث عنها طوال حياتك، وقد يمر العمر كله، ولم تتمكن من العثور عليها، وتكتشفها، لذا قبل أن تبدأ أي مسرة لك، باكتشاف عالمك الخفي الذي هو الذات. يجب أن تكون لديك ثقة بقدراتك معقولة حتى تتمكن من أن تكون سعيداً وناجحاً. الكثير من الناس يعشقون ريش الطاووس المثير والمتنوع والساحر والخالب للنظر، ولكنه بالرغم من ذلك الزهو والتفاخر بريشه، فأنه حينما ينظر هذا الطاووس لإقدامه فانه يشعر بالخجل لقبحها. ليس من واجبك أو من مسؤوليتك أن تعمل لتجعل نفسك وفق آراء واعتقادات الآخرين بك، فكن ما تريد أنت وليس ما يعجب الآخرين. من لا يمتلك الإيمان بذاته وقدراتها والسيطرة عليها، فانه ضعيف جداً مهما كان قوياً. اعمل ما تستطيع القيام به، فانك سوف تدهش نفسك بنجاحك، فتلك هي الخطوة الأولى في زراعة الثقة في نفسك. مشكلتنا، هي إننا كثيرا ما نتمسك بعدم جدارتنا وضعف انجازنا، وذلك لكوننا، قريبين جداً من ضعفنا، وكثيرا ما يكون تعلمنا منه، في حين ننسى قوتنا ونهرب منها، والتي هي ذاتنا. أعر نفسك للآخرين، من خلال الحب، فحينما يريدون إعادة ما قد أعطيتهم فأنهم سيردون لك ذاتك وقد ممتلئة بالحب. أعطي لذاتك ثمن عالي ولا تبخسها، لأن تقادم الأيام والسنين بالرغم من أنها سوف تزيدك صلابة وخبرة وإدراكا متجددا، إلا إنها سوف تأخذ منك جمال المظهر، وتتركك وحيداً تعاني، ليس هناك من يملئ فراغك سوى تلك الذات التي لم تقدرها حق قدرها. الكثير من الناس تتزين بالذهب والماس من الخارج في حين ما تحمله من مجوهرات ولآلئ حقيقية مطمورة في أعماقها، لم تستطع من اكتشافها بعد، فنفض الغبار ومسح الصدأ الذي علق بجوهرك. نحن قد نؤذي الآخرين في أفعالنا وأقوالنا، ولكننا كثيرا ما نؤذي أنفسنا بأفكارنا وخيالنا وأوهامنا. حينما تريد أن تبني منزلا فانك تتقيد بالمساحة التي تملك، ولكن حينما تريد أن تزرع حباً فانك ستجد في داخلك فضاءات واسعة جداً لا يمكنك أن تملؤها بأي كمية من الحب، فهي فضاء لا نهائي. وأخيرا، كيف يمكن للفرد أن يتطور مفهوم ايجابي لحب الذات ؟
#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)
#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حب الذات (SELF-LOVE) طاقة ايجابية بين مشاعر متناقضة
-
الشخصية الإنسانية وسيكولوجية الألوان
-
الإنسان والحب الرومانسي Romantic Love
-
العرب بين التثوير والثورية
-
الشخصية الإنسانية من العناصر الأربعة إلى الأمزجة الأربعة
-
أنواع من الحب الإنساني والحب الأفلاطوني نموذجاً
-
الشخصية الإنسانية وفق مبدأ العناصر الأربعة
-
ما هو الحب
-
حرية الإرادة والحتمية في السلوك الإنساني
-
كيف نفكر ؟
-
نحنُ والأنظمة النفسية القسريّة
-
لماذا العنف ؟ كيف يصبح الناس فجأة أكثر عنفا ؟
-
سياسي الألفية الثالثة
-
اتفاق أَنصاف الرِجالْ
-
غزة والأصنام
-
قولٌ في الميزان
-
أنا والعراق والدجال
-
حذاء ولكن !!!!!
-
تكريم عراقي
-
الثورية على الطريقة العراقية
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|