|
حقا انه فلم هندي
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 06:57
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تناقلت وكالات الأخبار أن المتهم علي حسن المجيد الملقب دون منازع ( بالكيمياوي ) ، تمكن ان يرسل رسائل الى أهله ويخبرهم أن ماصار معه يشبه الفلم الهندي . وحقيقة انه فلم هندي ماجرى على العائلة التي حكمت العراق بالحديد والرصاص والموت والنار ، العائلة التي صار العراق بأهله وخيراته وموارده وارضه وخزائنه ملكاً من أملاك العائلة تتصرف بها دون حدود او قيود . وصار لكل فرد من هذه العائلة وحواشيها حقوق تفوق حدود البشر في العراق ، فلا نصوص تنطبق عليهم ولاقوانين يتم تطبيقها عليهم ، ولاسلطة فوق سلطتهم . وصار الوليد الذي يولد في قرية ( العوجة ) له من الحقوق المالية والأعتبارية التي تنص عليها قرارات خاصة لايحلم بها حتى من أنفق عمره في خدمة العراق ، وصار الأمي الذي لايملك شهادة أو تحصيل دراسي يتم تجاوز شرط الشهادة في تقدمه لأي مركز أو منصب وظيفي ، ولعل العديد من القرارات لم تزل موجودة في العراق والتي منح بها الطاغية الشهادات الدراسية لأعداد من أبناء العوجة والدور لغرض دخولهم الكليات العسكرية ، مما يوجب الان على الجهات الرسمية أن تدقق هذه الشهادات وتلغي دخولهم الكليات العسكرية والعلمية ، وتبطل كل الحقوق التي أستندت على قاعدة باطلة . حقاً انه فلم هندي أن يكون ( علي حسن المجيد ) الذي لم يكمل الشهادةالاعدادية وزيراً للدفاع ويقود هيئة الاركان العراقية والفيالق والرتب التي تزدحم فوق الأكتاف ، وهو الذي لم يعرف الكلية العسكرية ولاتعلم مباديء فنون القتال ، ولم يصـــل في رتبته الا الى رتبة عريف ( رقيب ) في الجيش العراقي . وعلي حسن المجيد ابن عم الطاغية الذي يمتليء بالحقد والفكر الأجرامي كما وصفته ابنة الطاغية في حديث لها أقرب الى الحقيقة ، قبل أن تدربها المؤسسة الأعلامية التي تبنتها ، هذا النموذج من البشر لم تكن له كفاءة سوى انه كان أبن عم للطاغية العراقي ، وحاله حال العديد ممن يثق بهم الدكتاتور في سلطته من عائلته ، وبنتيجة ذلك تبوأ ارفع المراكز وأخطرها . بقي علي حسن المجيد ضمن أعداد القيادة العليا للسلطة ومسانداً للطاغية حقاً أو باطلاً ، وحين صار محافظاً لدولة الكويت بعد الاحتلال ، ارتكب من الجرائم مايندى له الجبين وتستحي القيم العربية منها . وحين استلم التابع والذليل عزيز صالح نومان الخفاجي منصب محافظ الكويت المحتلة ، صار علي حسن المجيد حاكماً عاماً للكويت المحتلة ، وأرتكب فيها من جرائم قتل الحرائر الكويتيات والشرفاء من أبناء الكويت ، ومارس فعل السرقة بخسة وأستولى على الأموال من الكويت تعبيراً عن جوع الروح الذي أبتليت به هذه العائلة . وبعد ملف الكويت ظهر علي حسن المجيد قاتلاً ومجرماً ارتكب جرائم القتل العمد بحق أبناء شعبنا بعد الأنتفاضة في 1991 ، وتباهى بعمليات القتل والتعذيب التي تعمد تصويرها ليتباهى بها أمام سيده وطاغية العراق . ولكون علي حسن المجيد من الأشخاص الذين ينفذون رغبة الدكتاتور بدقة ودون أن يرف له جفن أو يرتد ضميره ولكونه بلا أي نوازع ضميرية ، فقد قاد عمليات الأنفال المخزية التي هزت الضمير الأنساني العالمي ، وفي جرائم الأنفال مايعجز القلم والدموع والحسرات من سرد ماحصل للأبرياء من أبناء شعبنا الكردي ، وقد تسنح الفرصة للضمير الأنساني أن يستعيد ماجرى على شعبنا الكردي ضمن ماسمي حينه بجرائم الأنفال ، حتى يقترب العقل والضمير من التصديق لبشاعة القصص وغرابتها ، وبالنظر للأعداد الهائلة من الناس الذين تم قتلهم ودفنهم بأمر من الطاغية وبتنفيذ من المتهم علي حسن المجيد . وليس أخر الجرائم التي أرتكبها الكيمياوي جريمة ( حلبجة ) والتي ستبقى شاهداً من شهود الخزي والبشاعة التي تلطخ بها عقل الطاغية وعقل المتهم علي الكيمياوي . وخلال سطوة السلطة وهيمنة القوي الظالم على الضعيف المظلوم ، وخلال جبروت السلطة لم يكن الضمير والعقل موجود لدى علي الكيمياوي ، ولم يكن يعتقد انه سيقع في قبضة العدالة في يوم ما ، ولم يكن بحسابه أن يستطيع شعب العراق أن يحاسبة ويظهر له عظام الشهداء في المقابر الجماعية ، لم يكن يتصور انه سيقف في قفص للأتهام ، لأنه كان يعتقد انه سيحكم العراق مابقيت الحياة ، ولأنه يعتقد أن عين الله ستنام . يقول الله سبحانه وتعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) . ولم يكن يعرف الكيمياوي أن الفلم الهندي قادم ، وان الحياة هي نفسها مجرد فلم هندي ، وأن السجين الذي كان يقبع في زنازين الطاغية سيمكنه الله من القبض عليه ومحاكمته ، وأن جيل من ابناء المقابر الجماعية ينتظر قرار الحكم ، وأن أصوات الضحايا في الأنفال وحلبجة لم تزل تصرخ ، ويصل صراخ الأبرياء والمظلومين الى عنان السماء ، ولم يكن يعتقد الكيمياوي أن الله لن ينام ، فعين الله لن تنم أبداً . انتزاع السلطة والملك من العائلة ، والقيود الحديدية التي تثقل يدين المتهم علي الكيمياوي جزء من الفلم الهندي ، الذل الذي صار فيه الكيمياوي بداية التجسيد الالهي في العقاب . علي حسن المجيد المرعب والمتهم بقتل الالاف من العراقيين يبول على نفسه ، فأي مهانة وأي عذاب ، تزكم أنفه رائحة البول الذي يسيل دون أرادته ، ولاأحد يمسح عنه البول ، ويبتعد عنه المتهمين للقرف الذي تسببه الرائحة . ولم يكن يعرف كلمة الحق والصدق الا اليوم ، حين قال أن ماجرى له فلم هندي . الجبروت والطغيان وسلب ارواح العراقيين بأشارة صغيرة ، والمال والثروة وخزائن الكويت والعراق ، كلها لم تعد توقف سيلان البول على الملابس وهو سجين امام شعب العراق . من يشتكي على الكيمياوي ليس فقط الضحايا واهالي الشهداء ، يشتكي على الكيمياوي أطفال الأنفال الرضع الذين دفنهم أحياء ، وأطفال حلبجة الذين أحتضنتهم أثداء الأمهات فسكتوا تحت تأثير الكيمياوي ، وستشتكي عليه العصافير التي فرت من العراق ، والأشجار التي ماتت كمداً وظلماً ، وسيشتكي عليه هواء العراق الملوث ، وستشكي عليه الشهامة والنخوة والضمير الذي لم يكن يملك منه الجزء الصغير . حقاً انه فلم هندي السيناريو والحوار والأحداث لم تكن في بال أو في تصور الكيمياوي وعائلته التي عرف العالم حقيقتها وترديها وظلمها وخسـتها في جوع الروح الذي بقي يلاحقها ، فلم تكتفي بسرقة العراق لتمتد الى الجوار ، ولتمتد تنافس العراقيين في لقمة الخبز وفي تجارتهم ، وفي مشاريعهم وهم الذين يملكون مطابع النقد العراقي ومليارات الدولارات ، لكنها الروح التي بقيت جائعة لايشبعها شيء ، وهي أرادة الله . حقاً انه الفلم الهندي !! حين يتمكن متهم بحجم اتهامات علي الكيمياوي والطاغية البائد أن يتراسلوا مع أهاليهم ، وأن يتمتعوا بكل الحقوق التي حرموا منها الناس قي زمانهم البائد .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسيح يعتذرفي ذكرى ميلاده
-
لمن نعطي ثقتنا .. لمن نعطي صوتنا
-
ممدوح ياممدوح .. نودعك الى مصياف
-
مزقوا شهادة الجنسية العراقية
-
بيان تأسيس التجمع العر بي لنصرة القضية الكردية
-
ستبقى المسيحية خالدة خلود العراق
-
الأيزيدية تحت مطرقة الأرهاب
-
مأساة حلبجة الانسانية المغيبة
-
الأمة العربية الى الوراء در
-
حوار شفاف عن القضاء العراقي
-
حق الكرد في الأختيار السياسي
-
الكرد الفيلية مرة اخرى
-
تأجيل الأنتخابات
-
الطائفية المقيتة
-
الأغلبية والأقلية
-
القائمة الأنتخابية الموحدة
-
أغتيال الأيزيدية
-
مفارقات الزمن الأغبر
-
غلق التحقيق لمجهولية الفاعل
-
حرامية العراق
المزيد.....
-
هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي
...
-
هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
-
ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
-
محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح
...
-
إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
-
سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
-
الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
-
تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف
...
-
هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
-
نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|