أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - في مواجهة إقتصاد السوق















المزيد.....

في مواجهة إقتصاد السوق


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 11:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لاشك في أن الدور الإقتصادي للدولة، المتمثّل في الإستثمار المباشر عبر شركات " القطاع العام "، و كذلك عبر التخطيط و ضبط حركة التجارة، قد تعرّض للتشكيك بعد الأزمات العميقة التي بات يعيشها الإقتصاد السوري، و بعد النهب الذي تعرّضت له مؤسسات " القطاع العام "، و الفساد الذي كان يربك وضع الشركات الحكومية و يحمّلها أعباء كبيرة.
و لاشك في أن " القطاع العام " كان بمثابة القاعدة الإقتصادية للإستبداد السياسي، و حيث أن هدف الإستبداد هو تسهيل و تغطية النهب الذي كان يعانيه هذا القطاع. و لقد أدى نهب الدولة إلى تحقيق التمايز الطبقي الواسع خلال العقود الأربعة المنصرمة، حيث أفضى إلى تحقُّق تراكم رأسمالي هائل لدى فئة قليلة هي التي تمسك بزمام السلطة. و بالتالي أفضى إلى إفقار كل الطبقات الشعبية، و وضع جزء هام منها تحت خط الفقر، و ضخّم من الفئات التي باتت دون عمل. و من ثَمّ أوجد وضعاً إقتصادياً و مجتمعياً صعباً و يتّجه نحو الإنفجار. و بات في حاجة إلى حلول جدّية.
لكن نلحظ بأن سياسة النهب هذه باتت تتحوّل إلى سياسة لإلغاء " القطاع العام " و تدميره، و الإفادة من العثرات و المشكلات و أيضاً الأزمة التي يعانيها، و التي كان النهب و سوء التخطيط و عدم الكفاءة سبباً أساسياً في نشوئها، من أجل التخلّي عن هذا القطاع الذي يعيل مئات آلاف الأسر و يشكّل القاعدة المحرّكة لمجمل العملية الإقتصادية، لمصلحة مافيات تحتكر الإقتصاد من أجل أن تكون سيّدة إقتصاد السوق، بعد أن نهبت المليارات و أصبحت هي الأكثر ثراءً، تحت حماية السلطة و بدعمها، و أن تصبح هي المتحكّمة بالعملية الإقتصادية و بنمط من التكوين الإقتصادي يقوم على أساس المتاجرة، دون إعتبار للإستثمار الحقيقي في القطاعات المنتجة الذي ثبت أن الرأسمال الخاص يهرب من التوظيف فيه. و بالتالي دون إعتبار لأهمية و ضرورة الدور الإستثماري للدولة الذي أصبح حاسماً في كل طموح لبناء قوى منتجة و تطوير الإقتصاد الوطني، و أصبح خياراً حاكماً لتحقيق تطوّر المجتمع في كل المجالات.
و أيضاً دون إعتبار لمئات الآلاف من العمال و العاملين الذين سوف يُلقى بهم في البطالة، و دون إعتبار للتخلّي عن ضمان التعليم و الضمان الإجتماعي و الصحّي، و عن دعم الفئات الشعبية، و ضبط العلاقة بين الأجور و الأسعار، و حماية الإقتصاد من المنافسة الخطرة التي تفرضها الشركات الإحتكارية الإمبريالية. و عن التحكّم العام بعملية التطوّر الإقتصادي من أجل بناء إقتصاد حديث و منتج.
و بالتالي حلّ أزمة " القطاع العام " بطريقة تنهي كل إيجابياته، و تعيد المجتمع إلى وضع تابع في إطار العلاقات الإقتصادية العالمية، و تعرّضه للنهب الشامل ليس من قِبل المافيات المحلية فقط، بل و أيضاً من قِبل المافيات العالمية في إطار مشاركة بين المافيات تحقيقاً لمصالح كلّ منها. الأمر الذي يقود حتماً إلى تفاقم الإفقار الذي تعانيه الطبقات الشعبية، و تصاعد البطالة و التهميش، و حتى الجوع.
و إذا كان من الضروري كشف النهب الذي تعرّض و يتعرّض له " القطاع العام "، و كشف المشكلات التي يعانيها نتيجة النهب و سوء التخطيط و تحكّم الكادرات غير الكفوءة. و أيضاً كشف أساس الإستبداد الذي يستوطن في مصالح الفئات الحاكمة في تحقيق النهب. فإن الخيار لا يكون في تصفية هذا القطاع، و لا في إنهاء الدور الإقتصادي للدولة، خصوصاً و أن سياسات العولمة المتوحّشة و فرض الليبرالية الجديدة كخيار مطلق، في عالم أصبحت الشركات الإحتكارية أضخم من الدول، تجعل الإمكانات المحلية أصغر من أن تواجه منافسة شرسة، و إحتكار محقَّق، و مصالح إمبريالية لا تهدف سوى إلى النهب من أجل تحقيق الربح الأعلى. و هي في كل ذلك لا تلحظ مصالح الشعوب المخلّفة و لا مصالح الفقراء، كما لا تولي أية أهمية لتطوّر تلك الشعوب و لا إلى تحسين أوضاعها.
الحلّ ليس في الخصخصة، و لا في إقتصاد السوق، و لا أيضاً في سيطرة المافيات على الإقتصاد، و هو ليس في إعادة البرجوازية القديمة التي لم تفكّر منذ البدء بتطوّر المجتمع، لهذا حرصت على تحقيق الأرباح و ليس على تطوير الصناعة و الزراعة، و لعبت دور الوسيط ( الكومبرادور ) بين الشركات الإحتكارية و السوق المحلّي.
و أيضاً ليس الحلّ في " الدفاع المستميت " عن " القطاع العام " في وضعه الراهن، فقد بات يحتاج إلى مراجعة شاملة على ضوء مشكلاته التي منها سوء الإنتاج و المنتج، و منها الخسائر التي يواجهها، و أيضاً التقادم. و كذلك يجب مراجعة طبيعة الدور الإقتصادي للدولة من زاوية المهام التي حاولت القيام بها، و سيطرتها المطلقة تقريباً على مجمل العملية الإقتصادية، من أجل تحديد الدور الضروري لنشاطها الإقتصادي، و من ثَمّ فتح المجال للنشاط الخاص في إطار السياسة العامة الهادفة إلى تطوير القوى المنتجة و ضبط حركة التجارة و الإستثمار بما يحقِّق ذلك. و بالتالي إعادة بناء دور الدولة الإقتصادي على أسس صحيحة تأخذ بعين الإعتبار الربحية و الدور الإجتماعي و الضرورة، بما يسمح بتحقيق التطوّر و تطوير الوضع المعيشي و الصحي و التعليمي لكل الطبقات الشعبية. و في أطار رقابة ضرورية للمجتمع عبر بناء نظام ديمقراطي.
الخيار هنا إذن، بين تعميم النهب و الإنتكاس في مجال الدور التطويري للدولة، و بين تعميق الدور التطويري للدولة لكن بعد أن تصاغ في تكوين ديمقراطي يسمح بالرقابة على نشاطها الإستثماري كما على كل نشاطها. و بغضّ النظر عن كل ما تعممه الآلة الأيديولوجية حول حتمية إقتصاد السوق و أيضاً ضرورته، و كونه الحلّ الوحيد في ظلّ الوضع القائم في " القطاع العام " و في " عصر العولمة "، فإن الأساس هنا هو أن هذا الحلّ لا يخدم سوى أقلية هي ذاتها التي نهبت الإقتصاد و أوصلت هذا القطاع إلى الوضع المزري الذي يشهده. و التخلّص من بقايا خدماته لمجمل المجتمع، الأمر الذي يقود إلى تعميق الإنقسام الطبقي عبر إفقار كل الطبقات الأخرى.
لهذا فإن الميل الراهن نحو إقتصاد السوق، الذي بات يُعلن بوضوح من قِبل وزراء و مسئولين، يفرض ربط الديمقراطي بالإجتماعي و رؤية ما هو مجتمعي، و التأكيد بأن أساس الإستبداد هو المصلحة في تحقيق النهب، و أنهما معاً قادا إلى الوضع المزري الراهن، في وضع باتت فيه سوريا " الهدف التالي "، و إن بطرق تختلف عما حدث في العراق. و الإشكالية هنا تتمثّل في أن مأساة الوضع السياسي و الوضع الإقتصادي طالت إمكانات مواجهة الخطر الأميركي الراهن. الأمر الذي بات يفرض مواجهة مشكلات و أخطار متعدِّدة في الوقت ذاته.
لكن تسارع الميل نحو فرض إقتصاد السوق يفرض العمل لتشكيل حركة إحتجاج شعبية، من أجل وقف ذاك الميل، و في سياق جدّي يقود إلى تجاوز " القطاع العام " لمشكلاته، و أن لا يعود حِكراً لفئة في ظلّ سلطة مستبدّة، و أن يعود له دوره التنموي الإجتماعي في ظلّ دولة ديمقراطية.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد عرفات، إحتمالات قاتمة؟
- ثورة اكتوبر ، محاولة للتفكير
- ما هي الماركسية؟
- الماركسية و الاشتراكية و حرية الانتقاد
- ممكنات تجاوز الرأسمالية عودة الى ماركس
- مأزق الحركة الشيوعية العربية ملاحظات حول عوامل الإضمحلال
- مشكلات اليسار في الوطن العربي - ما العمل؟
- مشكلات مفهوم المجتمع المدني
- حول الموضوعات من أجل نقاش هادئ لمنهجية و لرؤية - مناقشة لموض ...
- هل الرأسمالية باتت - إنسانية-؟ مناقشات حول العراق
- من أجل المقاومة العراقية الشاملة- 3 - الحركة الشيوعية و مشكل ...
- من أجل المقاومة العراقية الشاملة 2 -3 المقاومة العراقية و ضر ...
- (من أجل المقاومة العراقية الشاملة(1-3 - وضع أميركا في العراق
- الخطاب -الديمقراطي- الأمريكي في -الشرق الأوسط الكبير-
- -g8-ال
- مقدمات الشمولية
- - وعد بوش- و السياسة الأميركية تجاه الصراع العربي الصهيوني
- عفوية الجماهير و دور الحركة السياسية في الوطن العربي
- دراسة الآليات التي تسمح بتحقيق المقاومة والمواجهة
- آفاق الصراع و دور الماركسية بعد حرب الخليج


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - في مواجهة إقتصاد السوق