|
ألاف من علماء العراق أجبروا علي الرحيل منذ بدء الاحتلال
خالد محمد غازي
الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 06:56
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ما هو مصير العلماء العراقيين؟ هل أرهبتهم العصا الأمريكية فاستسلموا، أم طمعوا في جزرتها فضعفوا ؟! هل أضطروا للهجرة لأمريكا•• ودول الغرب•• أأنهم مازالواعلي أرض وطنهم يشاركون شعبهم نفس المصير؟ أم أهم قد قتلوا بعد أن تأكد الاحتلال الأمريكي أنهم أداة هامة فكان لابد من التخلص منهم؟ البحث عن مصير العلماء يبدو للبعض عبثاً، فبعد سقوط الجسد وانهياره لا يري البعض جدوي من البحث عن العقول، وعلي العكس يؤكد آخرون أهمية البحث عن العلماء العراقيين ومحاولة التواصل معهم وإنقاذ ثروة العراق العلمية والعقلية بقدر ما نستطيع، هذا إن كانوا مازالوا علي قيد الحياة! الأرقام المعلنة عن العلماء والأساتذة الذين تم اغتيالهم وإجبارهم علي الرحيل مفزعة، ويكفي أن نشير هنا إلي المعلومات التي ذكرت في ندوة عقدت بالقاهرة، تشير إلي أن فرق الاغتيالات الإسرائيلية اغتالت حوالي 310 من علماء وأساتذة العراق، ولاحقاً تم الكشف عن أن أكثر من 500 من علماء العراق، وأساتذته موضوعون علي قوائم الاغتيال الإسرائيلية، وتشير أيضاً إلي أن 17 ألفاً من العلماء والأساتذة أجبروا علي الرحيل عن العراق منذ بدء الاحتلال، هذه التصفية الجماعية لعلماء العراق وأساتذته، ليست سوي وجه واحد من وجوه محنة قاسية مؤلمة يعيشها أساتذة العراق اليوم، وتعيشها جامعاته ومؤسساته الأكاديمية• المصير المجهول من هذا المنطلق طرحنا التساؤلات•• وبدأنا البحث عنهم ، منذ البداية كان الهدف واضحاً وهو ما عبر عنه السيناتور الأمريكي جوزيف بايران الذي أقترح مشروع القانون صراحة بأن القانون يسعي لحرمان العراق من الكوادر الفنية والهندسية الضرورية لاستمرار برنامجه في إنتاج أسلحة الدمار الشامل وأن مشروع القانون سوف يساعد المفتشون مثل كل شيء في العراق، يبدو مصير العراقيين مجهولاً مبهماً، ويظل محلاً للتخمينات والتوقعات، هناك من يجزم بهجرة عدد كبير منهم إلي أمريكا بعد سلسلة من الضغوط الأمريكية مورست عليهم، تنوعت بين الترهيب والترغيب بدأتها أمريكا مبكراً أثناء عملية التفتيش، وقبل احتلال العراق بفترة طويلة، منها القرار الأمريكي الذي صدر بتسهيل منح العلماء العراقيين الراغبين في إفشاء أسرار أسلحة الدمار الشامل الجنسية الأمريكية، ووصل الأمر لسن قانون خاص لهجرة العلماء العراقيين صدق عليه مجلس الشيوخ لمنح العلماء العراقيين الذين يوافقون علي إفشاء معلومات مهمة عن برامج بلادهم التسليحية بطاقة الهجرة الأمريكية الخضراء، كان الهدف واضحاً وهو ما عبر عنه السيناتور بايران والذي أقترح مشروع القانون صراحة بأن القانون يسعي لحرمان العراق من الكوادر الفنية والهندسية الضرورية لاستمرار برنامجه في إنتاج أسلحة الدمار الشامل، واعتقد بايران أن مشروع القانون سيساعد المفتشون الدوليون، ويسهل مهمتهم في البحث عن الأسلحة، ورغم صدور القانون ومواصلة عمل المفتشين، وبالرغم من وجود آلاف المفتشين الأمريكيين الذين دخلوا بعد سقوط بغداد للبحث عن هذه الأسلحة، إلا أن أحداً لم يسمع عن وجودها! ولم نسمع أيضاً عن أسماء أعلنتها الإدارة الأمريكية لعلماء حصلوا علي بطاقة دخول الجنة الأمريكية؟ عقل العراق إذن كان مستهدفاً، وليس أدل علي ذلك من وجود عدد من علماء العراق النوويين والبيولوجيين علي القائمة الشهيرة التي وزعتها وزارة الدفاع الأمريكية للمطلوبين العراقيين• المطاردة القاتلة دليل آخر جاء في مواد القرار 1441 لمجلس الأمن والذي أصرت واشنطن علي أن يتضمن بنداً حول استجواب العلماء العراقيين، وكان بالطبع لديها كشوف بأسماء وعناوين هؤلاء العلماء، وتردد أنه تمت مطاردتهم بعد الاحتلال واعتقال بعضهم وتهديدهم لتسليم ما لديهم من أبحاث، مما دفع بعض هؤلاء العلماء للاستعانة من خلال البريد الإلكتروني لإنقاذهم من عمليات المداهمة والتحقيق والاعتقال وكشفوا أيضاً عن محاولات لإغرائهم ونقلهم إلي مراكز بحثية غربية• ويكشف حديث لجنرال فرنسي متقاعد عن جانب آخر من المأساة ، حيث أكد وجود عدد من وحدات الكوماندوز الإسرائيلي دخلت الأراضي العراقية بهدف اغتيال العلماء العراقيين، الأصابع الإسرائيلية يراها البعض واضحة تماماً فيما حدث ويحدث بالعراق، وهو ما يؤكده الدكتور باهر أيوب أستاذ العلوم السياسية حيث يري أن دخول قوات إسرائيلية أثناء عملية احتلال العراق أمر وارد، خاصة بعد ما تردد حول مسعي قوات التحالف للاستعانة بخبرة إسرائيل لقمع أي حركة تمرد داخل الشعب العراقي، ولأن إسرائيل أيضاً تعلم جيداً أن المشروع العراقي القومي لن يجهض إلا بإبادة القائمين عليه، وهم العلماء، فالاحتلال إلغاء الميزانيات لا يجهض المشروع، وإنما اغتيال العقول التي يكمن فيها الحلم والتي تسعي لتحقيقه• الاغتيالات المعنوية وعلي حد تعبير د• محمود بركات رئيس هيئة الطاقة الذرية العربية السابق فالظروف التي تعرض لها هؤلاء العلماء دمرتهم من الداخل، الحصار الطويل عليهم، ونقص الأدوية، والرعاية الطبية، ومعظمهم في سن تجاوز الخمسين مما عرضهم للإصابة بالذبحات والجلطات، ويؤكد علي أنه شخصياً يعرف أربعة من أهم رجال المفاعلات ماتوا بسبب نقص الأدوية، ويشير إلي أن هناك بالطبع آلاف ممن لا يعرفهم تعرضوا للاغتيال المعنوي النفسي بعد أن منعت عنهم المراجع والأجهزة والأدوات والمواد اللازمة لعملهم، بعد أن دمرت الجامعات، وفرض عليهم التجويع والحصار، وقبضة النظام العراقي السابق، التي أحكمت سطوتها خاصة بعد محاولات عدد محدود من العلماء السفر، والذي كان هدفه الخروج من الحصار والبحث عن مكان للعلاج إلا أن الحكومة العراقية السابقة تنبهت لذلك، وخشيت من هروب كوادرها العلمية ففرضت رسوماً باهظة لخروج العلماء وصلت إلي ما يعادل 40 ألف دولار كان هدفهم كما يقول الدكتور محمود الحفاظ علي الكوادر العلمية، لكن في ظل الظروف القاسية التي تعرض لها العلماء أنهاروا معنوياً وبالطبع علمياً، ووصل بهم الأمر لدرجة أنهم لجأوا لبيع مراجعهم وكتبهم للحصول علي ثمن الدواء، وأضطر آخرون لترك العلم والعمل في مجالات أخري من أجل الحصول علي القوت اليومي• بالطبع ازدادت الصورة بعد الاحتلال سوءاً، فبعد سقوط الدولة، وبعد انهيار النظام لم يعد لأي شيء قيمة، لا نتصور بالطبع وجود جامعة تعلم أو كوادر للبحث العلمي تواصل نشاطها، فالانهيار كان تاماً وشمل الجميع وانقطعت بالطبع الصلة بالعلماء العراقيين أيضاً فالتواصل معهم صعب ومثير للقلق أيضاً ووسائل الاتصال مقطوعة• كما يؤكد د• بركات، ومن ثم فقدنا الاتصال بالعلماء العراقيين وبالطبع لا تستطيع أي هيئة عربية دخول العراق إلا بدعوة مثلها مثل أي منظمة دولية خلاصة القول أصبح مصير العلماء العراقيين محزناً، وفي تصوري أن العدد الأكبر منهم مازال في العراق يعيش ظروفه القاسية، وهناك قلة نجحت في السفر لبعض البلاد العربية• عودة للعصور الوسطي أياماً كان المصير فالهدف تحقق في النهاية، وهو القضاء علي الصرح العلمي العراقي الذي ضم آلاف العلماء، ومن الصعب بالطبع حصر الأعداد بدقة فالنظام العراقي -علي حد تعبير بركات- كان عاشقاً للسرية•• إلا أنه يمكن القول أن هذا الصرح ضم مدرسة علمية متفردة، ومتعددة الجوانب في المجال الطبي والنووي والكيماوي والبيولو?ي، ويمكن القول أنه في مجال العلوم النووية فقط وصل عدد المتخصصين العراقيين إلي عدد يترواح ما بين 200 و300 عالم•• ويتميزون بمكانتهم العلمية وخبراتهم وتفوقهم، حيث تخرجوا من أكفأ المدارس العلمية الأمريكية والروسية والإنجليزية المتخصصة في هذه المجالات ومن ذلك يمكن اعتبارهم رأسمال بشرياً، كما وصفهم البعض، وكان الهدف بالطبع هو القضاء عليه والعمل علي إنهائه وانهياره، لإرجاع ليس العراق فقط، وإنما المنطقة كلها للعصور الوسطي، فالمنطقة كلها كانت وستظل مستهدفة، والهدف دائماً هو القضاء علي أية محاولة تقوم بها أي دولة عربية للاعتماد علي نفسها وإثبات تفوقها ووجودها• الهدف هو القضاء علي المشروع الوطني العراقي، هذا المشروع الذي سعي لتسخير العلم بهدف الحفاظ علي الأمن القومي،ولأنه يتعارض مع مصلحة إسرائيل ولأنه يتيح الفرصة للاعتماد علي النفس وعدم التبعية للغرب فكان من الضروري العمل علي إنهائه حتي لا يخرج عن المنظومة التي رسمتها الإمبراطورية الأمريكية لمشروعها الاستعماري والذي تدعم به حليفتها إسرائيل وليس هناك أدلة علي صدق ذلك من تصريح جاء علي لسان مستشارة الأمن القومي السابقة ووزيرة الخارجية الحالية كوندليزا رايس عندما قالت >أن القضاء علي نظام صدام أسهم في توفير الحماية والأمن لإسرائيلجرثومةحازم علي< العالم المتخصص في دراسة مرض الجدري، وأيضاً عالم الذرة مهدي العبيدي والذي يعقتد أنه علي دراية بمحاولات إنتاج الأسلحة النووية العراقية• قتل واعتقال وخطف ولم يسلم أساتذة الجامعات والمؤسسات التعليمية من الاضطهاد الأمريكي- فقد أصدرت رابطة الجامعيين العراقيين تقرير عن أشكال الأعتداءات عليهم في العراق كشف حقائق مأساوية سواء عن صور في أشكال الاعتداءات علي الأستاذة والجامعات، أو عن الجهات التي تنفذ هذه الاعتداءات من صور الاعتداءات التي يرصدها التقرير مثلاً: القتل والاعتقال والخطف الاقصاء القسري من المناصب الإدارية، وتدخل جهات أجنبية في إدارة الاحتفالات، واقامة معارض الكتاب وانتهاك حرمة الجامعات والمؤسسات التعليمية من قبل القوات الأمريكية والحرس الوطني وميليشيات خاصة، ويكشف التقرير أن هذه الاعتداءات وغيرها، لا تشملها فقط قوات الاحتلال، وإنما أيضاً قوي وجهات طائفية، وعصابات إجرام منظمة، هي إذن حملة تصفية وإبادة منظمة لكل علماء وأستاذة العراق وعقوله، وهي حملة تخريب شاملة لكل مؤسساته العلمية وجامعاته• ما حدث للعرق هو ردة علمية ولن يستطيع العلماء العراقيون تفريخ عدد آخر من العلماء إلا في ظل وجود مناخ علمي متمثل في وجود المكتبات والمراجع والأجهزة والأدوات، وقاعات البحث العلمي، والمعامل ، وكلها عوامل غير متوافرة وغائبة، واستعادتها ليس بالأمر السهل• ما حدث للعقول العراقية درساً يجب التنبه إليه، ولابد من التحرك لحماية هؤلاء العلماء والاستفادة منهم أثناء الحصار وقبل وقوع الإحتلال لكن لم يحدث ذلك، وبالطبع لم يحدث طالما أن هناك احتلال!! رئيس تحرير وكالة الصحافة العربية -
#خالد_محمد_غازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفقة عزام عزام : من الرابح •• من الخاسر
-
رحـيل •• ولا عـودة - قصة قصيرة
-
نساء نوبل
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|