|
السياسة الأمريكية الجديدة ما بعد الربيع العربي
زياد اللهاليه
الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 01:57
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يعيش العالم بأسره والعالم العربي خاصة وهو جزء هام من هذه المنظومة الدولية مرحلة تحول جذري على كل المستويات فهذه الفسيفساء التي كانت تتكون منها العلاقات والتحالفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية سواء كانت على أساس المصالح الخاصة للدول الكبرى أو على أساس المصالح المتبادلة والتي كانت ترتبط بها الدول ذات الاقتصاديات الكبرى إلى تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعسكرية متصارعة، ولا تزال هذه التحولات تحمل المزيد من المفاجآت، على كل المستويات فلم يبقى شيء ثابت فالكل متغير فالعلاقات تغيرت والتحالفات تبدلت والولائات سقطت والمبادئ والقيم تغيرت والاقتصاديات الامبريالية المبهرة انهارت ولم يعد ثابت إلا إرادة الجماهير .
لقد أدت سياسة أحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة إلى التدخل المباشر والتحكم في قضايا الشرق الأوسط وإثارة الكثير من النزاعات السياسية والطائفية والعرقية وإسقاط العديد من النظم السياسية وتشكيل كيانات سياسية جديدة ذات طابع طائفي وعرقي والغزو العسكري المباشر كما الحالة العراقية والأفغانية والتي أدت إلى إزهاق أرواح مئات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير البلاد وسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية أضف إلى ذلك الحرب على الإرهاب وما صاحبها من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في سجن أبو غريب وغوانتنمو والسجون السرية المنتشرة في إرجاء العالم وعمليات الخطف والاغتيال التي نفذتها وحدات الكوماندوز او الطائرات بدون طيار وتقييد الحرية الشخصية وحرية ممارسة الشعائر الدينية وكبت الحريات أضف إلى ذلك النظام الاقتصادي الجديد الحر أو ما يسمى نظام العولمة فهذه العولمة عملت على خلق حالة من الارتباط الشديد بين مختلف الوحدات وفق نموذج واحد يفترض الهيمنة ونشر النفوذ وفرض النموذج الليبرالي من طرف القوى المتحكمة في النظام الدولي مما أدى إلى انهيار المنظومة الاقتصادية العالمية الجديدة وانهيار التكتلات الاقتصادية وتحديدا منطقة اليورو وإفلاس العديد من الشركات المالية الضخمة وما ثورة احتلوا ويل ستريت التي اجتاحت العديد من العواصم الأوروبية واليونان خاصة الا نتيجة فشل هذه المنظومة الاقتصادية ان السياسة الأمريكية الخاطئة سالفة الذكر أدت إلى توحد واصطفاف كل القوى الوطنية والشعبية والديمقراطية والسياسية لمواجهة هذه الغطرسة وإسقاط المشروع الأمريكي القائم على التوسع والسيطرة على الثروات والاقتصاديات العالمية والنفط والسيطرة على الممرات والخطوط البحرية لتأمين وصول النفط للأسواق الأمريكية فتحت ضربات المقاومة العراقية والخسائر البشرية الكبيرة والفاتورة الباهظة خرجت من العراق وهي تحاول أيضا الهروب من أفغانستان والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي أضف إلى ذلك الربيع العربي الذي فاجئ كل توقعات السياسيين الاستراتيجيين وكل المخابرات الأمريكية والأوروبية على حدا سواء مما اجبر الساسة الأمريكيين والأوروبيين على التفكير في إستراتيجية جديدة للتعامل مع الواقع والمتغيرات الدولية فغيرت الولايات المتحدة من دعمها للدكتاتوريات السابقة واضطرت إلى الوقوف مع نبض الشارع الجديد والمطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولم تستطع الوقف بعكس التيار وأن الرئيس أوباما شدد في حطابة السياسي الأخير على أن الأولوية القصوى في السياسة الأمريكية الجديدة هي مساندة التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي ومساعدة الدول التي بدأت عملية التحول الديمقراطي. ولكن هذه المساندة تهدف إلى خلق الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية وتفكيك البنى الاجتماعية للمجتمع العربي الهش وإثارة النعرات الطائفية والعرقية والقبلية كما حدث في مصر ويحدث الان في سوريا وتقسيم بعض الدول العربية إلى كنتونات سياسية صغير ونرى أن بعض أطراف المعارضة العربية والتي ترعرعت في أحضان الولايات المتحدة وتنفذ أجندة خارجية بدل ان تطرح شعار إسقاط النظام السياسي بالوسائل الديمقراطية السلمية تطرح شعارات التدخل الأجنبي والحماية الخارجية وتستقوي بالخارج للوصول إلى السلطة وهذه السياسة تهدف إلى تدمير البنى التحتية للدولة وتدمير مؤسسات الدولة وتفكيك الجيش الذي يعتبر الحامي والملاذ الأخير للحفاظ على وحدة الأرض والشعب وليس إسقاط النظام فقط لكي تعيد الولايات المتحدة والأطلسي إعادة تركيب وبناء الدولة الجديدة وفق الرؤى والمصالح والأهداف الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة وما لم تستطع تحقيقه إسرائيل والولايات المتحدة بالحرب تحققه بالربيع العربي فما حصل في العراق من تفكيك مؤسسات الدولة وتفكيك اقوي وأفضل جيش في الوطن العربي وإدخالها في دوامة الحرب الطائفية وأخيرا تقسيمها إلى أقاليم طائفية وعرقية وما حصل في ليبيا من تفكيك الدولة ومؤسساتها يطرح هذا النموذج للتطبيق على سوريا . ولكن في نهاية المطاف اعتقد أن المشرع الأمريكي مجبر الآن على التعاطي مع الواقع الجديد وما افرزه من تحول ديمقراطي والاعتراف بإفرازاته السياسية الجديدة وعلية الجلوس على طاولة الحوار مع قياداته السياسية وتحديدا التيارات الإسلامية ونحن ندرك جيدا ان قيادات الإخوان المسلمين فتحت حوار منذ زمن مع البنتاجون ومع الأوروبيين وتوصلوا الى تفاهمات لم تفصح عنها أي من الجهتين وان المعرب لهذه الحوارات هو عبدالله غول ووزير خارجية قطر جاسم بن حمد وعلى الولايات المتحدة أن تدرك جيدا أن سياسة العصا لم تعد مجدية في التعامل مع الأخر وان سياسة الحوار والانفتاح وتقبل الآخر والعلاقات القائمة على المصالح المتبادلة والتعامل بندية والتركيز على الأساليب الدبلوماسية هي السياسة الوحيدة التي تستطيع تجميل الوجه الأمريكي في المنطقة وتقبلها من قبل المجتمع العربي والإسلامي وأخيرا اتفق مع المحلل السياسي الأمريكي البارز فرانسيز فوكوياما أن الولايات المتّحدة لم تعد تستطيع فرض هيمنتها على الشئون الدولية مثلما كانت تفعل في الماضي، وستجد واشنطن نفسها مستقبلاً مضطرة إلى تغيير إستراتيجيتها في التعامل مع مختلف القضايا الدولية وتركز على الأساليب الدبلوماسية والتعاون الأمني .
#زياد_اللهاليه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذاري من انهيار الدولة السورية وتدويلها
-
الوجه الآخر للديمقراطية الليبية
-
الوطن العربي ورياح التغيير
-
المفاوضات المباشرة بين الواقع والوهم
-
صراع الشرعيات الفلسطينية بين الوهم والواقع
-
احياء المنظمة والمصالحة الفلسطينية من أولوياتنا بعد فشل المف
...
-
سحب تقرير غولدستون دليل على التخبط السياسي
-
قمة الدوحة العربية اللاتينية قمة الضعفاء أم الأقوياء ؟
-
قراءة في نتائج الحرب على غزة
-
لغزة صرخة غضب
-
محرقة غزة والأرض المحروقة
-
محاكمة سعدات محاكمة سياسية بامتياز
-
لغة الحذاء ابلغ من لغة الرصاص
-
اوباما والسيناريوهات القادمة
-
حوار القاهرة بين التفاؤل والتشاؤم
-
أي العبثيات عبثيه المقاومة ام المفاوضات ؟
-
جورج حبش كان قائد بحجم الوطن وقائدا استثنائيا
-
من نتائج لقاء المأزومين إلغاء حق العودة وتعديل الحدود ويهودي
...
-
ظاهرة الحوار المتمدن شكلت ظاهرة إعلامية خارجة عن نطاق سيطرة
...
-
مؤتمر انابوليس بين الوهم وأولوية الوحدة الداخلية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|