التيار اليساري الوطني العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 13:08
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
ورقة حوار مقترحة للقوى اليسارية العراقية : العراق بين الأمس واليوم من الفاشية والاحتلال الى الاحتلال التعاقدي المودي الى التقسيم
اعلنت اللجنة القيادية للتيار اليساري الوطني العراقي موقف التيار من تطورات الوضع في بلادنا, خصوصاً لناحية الانسحاب الأمريكي من بلاد الرافدين, وتداعيات الدعوة الى إقامة الاقاليم, وتصاعد الصراع بين القوى الطائفية الاثنية, ولمزيد من التفصيل والتقييم ورؤية سياسية مقترحة, يقدم المكتب الاعلامي ورقة للحوار بين القوى اليسارية العراقية بهدف الوصول الى رسم استراتيجية يسارية مشتركة لمرحلة ما بعد 31/12/2011, استراتجية تتخطى حالة التخندق الغير مبررة للقوى اليسارية في خنادق منفصلة بعضها عن البعض الأخر,استراتجية تُعلن كبرنامج مشترك لتطويرالحراك الجماهيري وصولاً الى الانتفاضة الشعبية من أجل تحقيق اهداف الشعب العراقي في الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم.
إذا كان النظام البعثي الفاشي قد أدى واجبه ازاء اسياده الامريكان, بدءاً بانقلاب 8 شباط 1963 البعث الفاشي الامريكي الاسود الذي اطاح بحكومة ثورة 14 تموز 1958 وقطع الطريق على امكاتية تطور الثورة من ثورة وطنية الى ثورة وطنية ديمقراطية بقيادة اليسار العراقي, فأن انقلاب البعث الامريكي الثاني في 17 تموز 1968 أدى الى تدمير الفرصة التأريخية الثانية لاستلام الحكم من قبل اليسار العراقي, ولم يكن أمام البعث من سبيل للاستمرار في الحكم سوى سبيل رفع الشعارات ما فوق اليسارية تماشياً مع المزاج الشعبي العام السائد, ومن ثم افراغها من محتواها على صعيد التطبيق العملي.أذن فأن محصلة المرحلة البعثية الفاشية هي تدمير كل ما هو حي في المجتمع العراقي عبر فرض نظام دكتاتوري فاشي وشن الحروب بالنيابة عن الامبريالية الامريكية ليسلم العراق الى الاحتلال الامبريالي المباشر.
إن استقدام المحتل ملحقاً بالقوى الطائفية الاثنية المناهضة لكل ما هو انساني, جعل من عراق الاحتلال, عراقاً ممزقاً متصحراً مدمراً, تمهيداً لتنفيذ المخطط الصهيوني في تقسيم العراق الى اقطاعيات طائفية اثنية, تشكل مدخلاً لتفتيت المنطقة العربية برمتها, وبالتالي توفيرالظروف الملائمة لتحويل الكيان الصهيوني الى كيان يهودي عنصري يتحكم بالاقطاعيات العربية , وبالمحصلة القضاء على آمال الطبقة العاملة والفلاحين وعموم الشغيلة والكادحين في إقامة نظام العدالة الاجتماعية في الدولة الوطنية الديمقراطية.
لم تكن مصادفة على الاطلاق ان يقوم نوح فيلدمان الصهيوني المساند علناً لتحويل الكيان الصهيوني الى كيان صهيوني يهودي فاشي عنصري، بكتابة صيغة الدستور
المؤقت «قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية» التي أُقرّت في آذار (مارس) 2004 والتي شكلت اساس الدستورالدائم بجميع مواده، والذي سُلقت وفقه وعلى عجل، مسألة إنجاز مسوّدة الدستور من لجنة موسعة شكلية، الذي تم عرضه للاستفتاء العام في 15 آب (أغسطس) 2005،دستورصهيوني ملغم بقنابل قابلة للانفجار في اية لحظة, فنحو 50 مادة دستورية ذيّلت: «على أن تنظم بقانون»، وذلك لتصبح نافذة، وكان من المفترض أن تتم التعديلات خلال فترة أربعة أشهر من تاريخ انعقاد أول جلسة للبرلمان، لكن الأمر لم يحصل وظلّت الغالبية الساحقة من هذه المواد مثل التعديلات غير منجزة، وجرت انتخابات 7 أذار 2010 التي جاءت ببرلمان مزيف من حيث النتائج , فقد هُربت شلة من الفاشلين في هذه الانتخابات الى البرلمان على اساس المحاصصة الطائفية العنصرية الفرهودية, شلة لم يحصل اعضائها سوى عشرات الاصوات, حيث بلغ الاستخفاف بالشعب العراقي حداً في تشكيل برلمان من الاسماء المهربة اليه باسم الديمقراطية, رغم حصول احدهم 55 صوتا فقط , ونقصد به فؤاد معصوم , ومن جهتها حيتان الاحتلال فقد وصل بها الاستخفاف بارادة الشعب العراقي حدا ينبئ بقرب هزيمتها ,فعلى السبيل المثال لا الحصر , أن يعلن عنصر طائفي عدواني متخلف مثل جلال الدين الصغير والحاصل على 201 صوت فقط , يعلن قبل ايام انضمامه للبرلمان التحاصصي نزولا منه عند رغبة ارادة المرجعية !.. اما اعضاء مهربون الى البرلمان من امثال (همام حمودي 188صوت - خضير الخزاعي 34 صوت - عبد القادر العبيدي 261 صوت - موفق الربيعي 44 صوت - محمود المشهداني 160 صوت - حاجم الحسني 78 صوت- قاسم داوود 97 صوت - سامي العسكري 123- عزت الشابندر 123 صوت - صادق المالكي 29 صوت - علي بن حسين 55 صوت -علي اللامي 66 صوت - ياسين مجيد 34 صوت - عامر عبد الجبار 34 صوت - عبد الصمد رحمن 76صوت ) فبينهم الوزير والمتحدث الرسمي والعسكري والامني من جميع الكتل المتخاصمة على مدى شهور , لتبدا فترة الصراع المخزي على تقاسم سلطة يفترض ان تكون منتخبة وفق ديمقراطيتهم المزيفة .
صُدم عملاء الاحتلال الذين اسموا احتلال العراق في 9 نيسان 2003 تحريراً , فبعد إن وجدوا بتسمية التحرير تبريراً لعجزهم في اسقاط النظام البعثي الفاشي , إذ انشغلوا على مدى عقود عن مقاتلة هذا النظام بالصراعات فيما بينهم , الصراعات التي وصلت في منعطفات عديدة شكل الصراع العسكري الدموي , كا جرى في الاعتداء الغاشم لمليشيات المجرم جلال الطالباني على قوات الانصار الشيوعيين في بشتىآشان في 1 ايار 1983 مما أدى الى استشهاد العشرات من خيرة شابات وشباب العراق ,هذا الهجوم الغادر التي تم بأوامر مباشرة من المقبور صدام حسين, مقابل وعد بتنصيب جلال الطالباني دمية بصفة نائب رئيس , ليستعر القتال مجدداً بين مليشيات البارازاني والطالباني في مناسبات عديدة, خصوصاً بعد هزيمة النظام البعثي الفاشي في حرب الكويت, وكان قتال 1996 قد كلف ابناء الشعب الكردي الألالف من الضحايا على مذبح المصالح الاقطاعية بين جلال ومسعود , القتال الذي حصل فيه جلال على الدعم الايراني, مما حدا بمسعود للأستنجاد بقوات صدام, التي نصرته على مليشيات جلال والحقت بها هزيمة منكرة .
ولعل ابرز شاهد على مدى قذارة القتال بين الغريمين بارازاني وطالباني ما كشفه مؤخراً انشقاق كتلة التغيير من حزب الطالباني والتي حملت المجرم جلال شخصيا مسؤولية قيام النظام البعثي الفاشي بقصف حلبجة بالقنابل الكيمياوية , القصف الذي جاء بسبب دخول مليشيات الطالباني مع قوات الحرس الثوري الايراني المدينة , والذي راح ضحيته الألاف من المواطنيين الاكراد , بالرغم تحذير صدام شخصياً للمجرم جلال من انه سيدمر المدينة عن بكرة ابيها على فعل كهذا .
من جهتها القوى الاسلامية الشيعية التي شكلت المجلس الاسلامي الاعلى في ايران باشراف وبقيادة استخباراتية ايراينة مباشرة , انشغلت هي الاخرى بالصراعت الثناائية, حتى اضطرار حزب الدعوة وغيره من القوى مغادرة ايران, ومن ثم هيمنة عائلة محسن الحكيم على فيلق بدر الذي خاض القتال جنباً الى حنب القوات الايرانية ضد الجيش العراقي الغازي للاراضي الايرانية, بقرار امريكي نفذه حسب تعبير الامريكان انفسهم.
انتفض الشعب العراقي ضد النظام البعثي الفاشي في اذار 1991, وتمكنت الجماهير الشعبية الثائرة من السيطرة على 14 محافظة عراقية من اصل 18 محافظة وطهرتها من القايدات البعثية الفاشية والاجهزة القمعية الدموية . ولم تقم المعارضة العراقية ائنذ والتي شكل بريمير لاحقاً منها, مجلس الحكم سئ الصيت , لم تقم آبان انتفاضة أذار, سوى بعقد اجتماع في بيروت خاضت فيه صراعاً طويلاً على محاصصة الحكم في العراق بعد انتصار الأنتفاضة, في وقت كان يقوم فيه صدام باستجماع قواته ولحظة حصوله على موافقة اسياده الامريكان باستخدام الطائرات السمتية , شن هجوماً بربريا على الجماهير المنتفظة العزلاء فاباد مئات الألالف, واستعاد السيطرة على البلاد.
لقد أُسقط بايدي هذه المعارضة الانتهازية اللصوصية, بعد اعلان امريكا بأنها محتلة وليست محررة بالقرار رقم 1483 الصادر في أيار 2003 عن مجلس الأمن الدولي, فاذعنت على عادتها للمحتل الاجنبي, وفبركة تسمية جديدة ليوم اسقاط النظام البعثي الفاشي واحتلال العراق, فقد أطلقت على 9 نيسان 2003 تسمية يوم التغيير, في محاولة يائسة منها لتزويق تخادمها مع المحتل الامبريالي لبلاد الرافدين العريقة في حضارتها الانسانية, المفتخرة بتاريخها الوطني ,بأنتفاضاتها وثوراتها التي توجت بثور 14 تموز 1958 المجيدة التي حررت العراق من الاستعمار البريطاني .
ومنذ فشل سياسة بوش العداونية التي اطلق عليها وصف واضطراره بسبب مقاومة الشعب العراقي المسلحة والسلمية للاحتلال , التي كبدته خسائر بشرية ومالية كبيرة , وبعد ان ايقن صقور البيت الابيض استحالة بقاؤهم في العراق والانطلاق منه لتنفيذ مخططهم الامبراطوري الشرير,اضطروا للانتقال الى< سياسة القوة الناعمة >, والتي تبلورت بابرام الاتفاقية الامنية العراقية الامريكية في اواخر عام 2008, اتفاقية بين قوي محتل مهزوم, وبين نظام ضعيف محتلة ارضه محاصر شعبياً برفض مطلق لكل اشكال الاحتلال , سواء كان احتلالاً عسكرياً ام احتلالاً تعاقدياً.
جاء انتخاب اوباما الرافض للحرب على العراق فرصة للامريكان للخلاص من ورطة احتلال العراق , إذ واصل اوباما <سياسة القوة الناعمة> في محاولة يائسة للبقاء في العراق تحت مسميات جديدة, منها التدريب والاحتلال الدبلوماسي ...الخ,غير ان اصرار الشعب العراقي على الرحيل الكامل لقوات الاحتلال,وضغط الرأي العام الأمريكي والعالمي, أجبر اوباما على اتخاذ قرار الانسحاب الكامل مقابل عقود نفطية سخية للشركات الامريكية وعقود تسليح الجيش العراقي وسفارة امريكية هي الاكبر في العالم . وهي المرّة الأولى التي تحتل فيها أمريكا بلداً وتخرج منه من دون الإبقاء على قواعد عسكرية، ففي ألمانيا واليابان وكوريا نحو12000جندي أمريكي موزعين على قواعد . وتاريخياً لم تنسحب الامبريالية الامريكية من بلد احتلته، الاّ بالقوة كما حصل في فيتنام. وهذا ما تم في العراق ايضاً على عكس ادعاء خدم المحتل من أن عمليتهم السياسية المحاصصاتية الفاسدة ,هي من وضع نهاية للاحتلال الامريكي في العراق .فقد كلّفت الحرب الاف القتلى الامريكان وعشرات الالاف من الجرحى ، ناهيكم عن الارقام غير المعلنة من القتلى والجرحى من المرتزقة والشركات الامنية التي تقدر بعشرات الألاف , إضافة الى الخسائر المالية الضخمة .
إن تكليف بايدن بالملف العراقي نتج عنه, الاعلان عن الاقاليم الطائفية التقسيمية وفق الدستور الصهيوني الاعداد المفصل لخدمة تحويل الكيان الصهوني الى كيان يهودي وتقسيم الدول العربية الى دويلات طائفية اثنية, هذا الدستور الملغم ب 53 قتبلة موقوتة حسب اعتراف حيتان الاحتلال أنفسهم, وتخندق قوى العملية السياسية المليشياوية طائفياً واثنياً, في خنادق محمية بالدول الاقليمية, والغموض الذي يلف مصير قوات مرتزقة الشركات الامنية والتي يتجاوز تعدادها 80 ألف مرتزق ,ووبقاء الألاف من الجنود الامريكان المنسحبين من العراق الى دول الخليج العربي في قواعد عسكرية هناك.ان كل ذلك يشير الى احتمال انفجار الوضع العراقي داخلياً واقليمياً ,خصوصا وان الشعب العراقي يمر في حالة غليان قد ينفجر باية لحظة بوجه الطبقة الطفيلية الحاكمة الفاسدة,والمنطقة العربية تعيش حالة ثورية تأريخية , ناهيكم عن اصرار الشعب على موقفه اصلاً , المطالب بملاحقة قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين واذنابهم ومعاقبتهم على الجرائم الكبرى التي ارتكبوها بحق الوطن والشعب.
ان استبدال الاحتلال الامريكي العسكري المباشر بالاحتلال التعاقدي وفق اتفاقية استعمارية تسلم العراق وسيادته وثرواته الى ما يسمى بلجنة التنسيق العليا بين العراق وامريكا, ما هو الا محاولة فشلة قطعاً, للابقاء على النظام الطائفي الاثني الفاسد كأداة للامبريالية الامريكة لمواجهة ثورة الشعب العراقي من اجل التحرير الكامل واسقاط النظام الفاسد وإقامة نظام العدالة الاجتماعية والدولة الوطنية العراقية الحرة.
إن مناضلي التيار اليساري الوطني العراقي الذين ناضلوا ضد النظام البعثي الفاشي , والذين اعلنوا عبر تياره اليساري رفض الحرب على العراق وسيلة لاسقاط هذا النظام الفاشي , وكافحوا على مدى سنوات الاحتلال ضد المحتل والقوى المرتبطة , يعاهد الشعب العراقي على مواصلة الكفاح بكافة اشكاله حتى التحقق من الانسحاب الكامل واستعادة سيطرة الشعب على ثرواته الوطنية والغاء جميع الاتفاقيات مع الامبرالية الامريكية وفي المقدمة منها الاتفاقيات العسكرية , واستخدام كل السبل القانونية المشروعة في ملاحقة بوش وعصابته وتقديمهم الى محكمة الجنايات الدولية على ما اقترفوه هم وخدمهم من جرائم بحق العراق والشعب العراقي.وسنواصل تصعيد الكفاح الجماهير وصولاً الى الثورة الشعبية للاطاحة بالنظام المحصصاتي الطائفي الاثني التقسيمي الفاسد.
التيار اليسار الوطني العراقي
المكتب الاعلامي
16/12/2011
#التيار_اليساري_الوطني_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟