أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام














المزيد.....

العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3577 - 2011 / 12 / 15 - 16:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تعني فكرة العصيان المدني شكلا من المقاومة غير العنفية ضد سلطة قاهرة، استبدادية أو استعمارية. وهي شكل المقاومة الأنسب لمجتمع أعزل في مواجهة سلطات مسلحة، لأن من شأن مواجهة هذه السلطات بالعنف أن يعني مواجهتها في الملعب الذي تملك تفوقا حاسما فيه. فيما لا تحتاج مواجهة هذه السلطات القاهرة عبر الامتناع عن العمل وعن دفع الضرائب والتزام بأوامر السلطات، إلى مؤهلات خاصة يومكن لجميع الناس المشاركة فيه بأدنى قدر من المخاطرة.
لا يحتاج العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام إلى فلسفة لا عنفية بالضرورة. ولا هو يستبعد اللجوء إلى العنف في كل حال. هو وسيلة مقاومة مناسبة للأضعف لأنه أضعف. للشعب الفلسطيني مثلا في مواجهة المحتلين الإسرائيلي, للشعب السوري في مواجهة نظام الطغيان. وكان المصريون في ثورة 1919 من أوائل من مارسوا هذا الضرب من المقاومة، وكذلك الهنود أيام غاندي، وإن على أرضية من فلسفة اللاعنف هنا. وللشعب الفلسطيني خبرة طيبة في هذا المجال، وهناك فلسطينيون لاعنفيون، ولديهم أدبيات هي الأغنى عربيا في هذا المجال.
وفي سياق الثورة السورية اليوم للعصيان المدني ميزات أكيدة، منها:
1- يوسع قاعدة المشاركة في الثورة لأنه أقل خطرا، ويمكن أن يشارك فيه الجميع، الصغار والكبار، النساء والرجال، وبالتالي هو وسيلة مقاومة ديمقراطية؛
2- يضع قضية التغيير في سورية بين أيدي السوريين وحدهم؛
3- يخاطب قطاعات صامتة أو مترددة من الشعب السوري، ويجتذبها إلى المشاركة في الثورة أو يقلل من ترددها في المشاركة؛
4- متفوق أخلاقيا، وأكثر توافقا مع الهدف الديمقراطي الذي نتطلع إليه، وأقل إثارة للضغائن والأحقاد، وأدنى تسببا في تمزق النسيج الوطني.
5- قد يكفي وحده لإسقاط النظام إذا عم البلد، لكن حتى إذا لم يكف فهو فرصة طيبة للتضامن الوطني وللتدرب الديمقراطي. لكن الصعوبة الأساسية التي يواجهها هذا النهج تتمثل في إمكانية ضمان مشاركة عامة فيه، وإلا فإن ثمراته العملية ستكون محدودة. وبينما قد يتعذر أن يعم العصيان السكان جميعا في أي مجتمع، فإنه كلما اتسع نطاقه كانت فاعليته أكبر.
هل العصيان المدني الشامل ممكن في سورية؟ الواقع أن سياسية النظام الأسدي قامت على الدوام على النهج الاستعماري المجرّب: فرق تسد، أي اللعب على التمايزات الموروثة وصنع أزمة ثقة وطنية شاملة بحيث يخاف السوريون من بعضهم أكثر مما يخافون من النظام، بل بحيث يغدو النظام هو الحل. وطوال عقود كانت هذه السياسة ناجحة في منع تشكل أكثرية جديدة يمكن أن تواجه النظام، وتشكل أساسا لإجماع وطني جديد. الثورة اليوم، ومنذ تسعة أشهر، هي التجربة الكبرى للتخلص لا من الطغيان وحده، ولكن أيضا لتشكل إجماع وطني سورية جديد قائم على المواطنة والمساواة بين السوريين. ولذلك ينبغي لنا المراهنة على وسائل المقاومة المدنية الأفضل إسهاما في بناء هذه الإجماع أو تبطل نهج النظام التفريقي. ومن هذه الوسائل العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام.
قد لا ننجح تماما، لكن لا ينبغي أن نراهن على مشاركة 100% من السكان حتى نقول إن الإضراب ناجح. المهم مشاركة متوسعة، والمهم أن نبادر ونجرب ونتحرك، ونستخلص النتائج ونتعلم، ونكوّن تراثا من المقاومات المتنوعة. بمعنى أن فائدة الإضراب الوطني العام ليست مقصورة على نتائجه السياسية المباشرة، بل خصوصا على انعكاسه على المشاركين فيه، وعلى كونه تجربة وطنية مهمة من أجل التحرر والتضامن.
ولعل من عوامل النجاح النسبي انطلاق مبادرات محلية باتجاه الإضراب وقيام أنشطة احتفالية موازية إذا أمكن، وبناء شبكات تكافل محلية تضمن الحد من الأضرار المحتملة للإضراب العام، والشرح السياسي الواضح لفوائد الإضراب، بما في ذلك المساهمة في تجنيب البلد عواقب مسالك أخرى أكثر كلفة إنسانيا ووطنيا. فالعصيان المدني، رغم أنه مقاومة سلبية للسلطات القاهرة، إلا أنه يقتضي ويعني أقصى قدر من الإيجابية من قبل عموم الناس حيال بعضهم. فالوجه الآخر للعصيان المدني هو المزيد من التشابك الاجتماعي ومن التعاون والتواصل بين الناس. والمهم دوما هو أكثر ما يمكن من المبادرات القاعدية، والتعود على معالجة وحل المشكلات التي تعرض في أوساطنا المباشرة، دون انتظار أوامر أو توجيهات عليا من أي كان.
العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام ليس بديلا عن السياسة، هو نفسه سياسة وأداة سياسية مفيدة. وفي شروطنا السورية العيانية من غير المتوقع أن يكون هو الخطة الكبرى الوحيدة للثورة السورية. لكن من المهم المثابرة على العمل في هذا الاتجاه، بحيث يكون العصيان سلاحا بين أسلحتنا، وربما السلاح الأهم بقدر ما نضمن مشاركة أوسع فيه.




#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطنيّتان: من الوطنية الممانعة إلى الوطنية الاجتماعية
- الطغيان والأخلاق في -سورية الأسد-
- اليسار موقع وعمل ودور، وليس نسبا أو هوية!
- نظرة من خارج إلى الأزمة السورية
- في شأن سورية وإسلامييها والمستقبل
- الثورة السورية تنظر في نفسها
- من الشخصي إلى العالم الواسع: حوار في شأن الثورة السورية
- ملامح طور جديد للثورة السورية...
- في أصول انقسامات المعارضة السورية وخصوماتها
- المبادرة العربية والمعارضة السورية
- -قنطرة-...
- جوانب من سيرة المجتمع المفخخ
- حوار في شؤون الثورة السورية
- حوار في شان السجن والثورة والمثقفين
- الثورة السورية بوصفها كثورة وطنية
- جبهات عمل المجلس الوطني السوري
- في الكذب والخوف وصناعة الطبيعة... والتمرد
- -دولة البعث- و-سورية الأسد- والحروب السورية
- حوار في شأن الثورة السورية والمجلس الوطني...
- المجلس الوطني السوري وتحدياته الملحة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام