|
الله واللوح المحفوظ
بندر الفارس
الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 20:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الله يشكي ويفضفض لمحمد!
قال الله تعالى: شتمني ابن آدم؛ وما ينبغي له أن يشتمني، وكذّبني؛ وما ينبغي له أن يكذّبني، أما شتمه إياي فقوله: إن لي ولداً، وأنا الله الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد، وأما تكذيبه إياي، فقوله: ليس يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:4323 خلاصة حكم المحدث [صحيح]. تصوروا أن قائل هذا الكلام هو الله جل جلاله عبر حديث قدسي متفق عليه إسلاميا ولا تشكيك في صحّته! كم من مرّة قرأت هذا الحديث القدسيّ (وفطست) ضحكاً عليه! الله يتظلم ويشكوا للناس أنهم جعلوا له ولداً وصاحبة، وأن مخلوقاته تقول لن يعيدنا كما بدأنا، ويختم كلامه بقوله: وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته.
هل تخيّلتم شكل الله؟ لوهلة، أحسست أنه واقف تحت شجرة ودموعه تنهمر ويده على خدّه، يا حرام! ويبكي ويشكوا ويفضفض! والحديث القدسي يعني كلام الله بنسخته الثانية المنقول عن محمد، ويسنده إلى ربه مباشرة، وسُميَ بالقدسي نسبة للقدس والتقديس والقداسة، أي ما تحمل معاني التكريم والتعظيم والتبجيل والتنزيه ونستطيع تسميته كتاب فضفضة وخواطر خاصة بالإله ودفتر مسوّدة (شخابيط).
وقد اختلف الفقهاء بعدد الأحاديث القدسيّة، فبعضهم قال أربعمائة حديث، وآخرون قالوا ثمانمائة، وذهبت ثلّة منهم و أحصوها قرابة الألف حديث، وملاحظتي إن كان الحديث القدسي كلام الله الموحى إلى محمد، لماذا لم تُجمع الأحاديث القدسية مثلما جُمع القرآن؟ لماذا اختلفوا بكلام الله؟
وقد قرأت منذ سنة كتاب المناوي - الإتحافات السنيّة في الأحاديث القدسية - وفيهِ ما يُضحكني وما يزيدني كفراً وإلحاداً عن الدين. في الحديث المذكور أعلاه، يتحدث الله بشكل مباشر إلى محمد وكأنه يفضفض لنبيّه.. شتموني وجعلوا لي ولداً، وكذبوني هئ هئ هئ..الخ.. طيّب وبعدين؟ منطقياً يا رب محمد، ألم تخلقهم وتكتب باللوح المحفوظ أنهم سيحرفون كتبهم وسيجعلون لك ابن ويكذبوك؟
ولمن لا يعرف اللوح المحفوظ، هو كتاب إلهي فيه يُقدّر الله الخلق قبل أن يخلقهم، أي أنه يخلق إنسان ما ويختار له أن يكون كافراً، ولن يؤمن بالله ورسوله محمد وسيذهب للنار! ويخلق إنساناً آخراً كافراً، ولكن يختار الله أن يهتدي ويدخل الإسلام فيدخل الجنةـ ويخلق مسلم ويختار إن كان شقياً أم سعيداً بالدنيا، ويخلق مسلم يعبد الله وينحرف ويكفر ويدخل النار، وقس على ذلك على جميع خلقه، أي نستطيع أن نصف أنفسنا أننا على هذه الأرض لسنا سوى ممثلون في المسرح الإلهي، فنحن بحسب عقيدة اللوح المحفوظ نمارس أدواراً كتبها الله قبل أن يخلقنا وخلقنا لننفذها.
يقول ابن سعدي في تفسيره لهذه الآية، مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * {الحديد:22-23{
هذا شامل لعموم المصائب التي تصيب الخلق، من خير وشر، فكلها قد كتبت في اللوح المحفوظ، صغيرها وكبيرها، ومن تفسير سورة فُصّلت لـ" ابن كثير" لتروا هذا الإله غريب الأطوار والمتناقض.
يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين، وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته، وهو الحكيم في أفعاله، بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن: ( فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم ) أي: حسنوا لهم أعمالهم في الماضي ، وبالنسبة إلى المستقبل فلم يروا أنفسهم إلا محسنين، كما قال تعالى: ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً، فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) {الزخرف : 36 ، 37 } http://www.islamweb.net/newlibrary/d...no=41&ayano=25
الله أضل المشركين بإرادته ومشيئته، ويرسل شياطينه الإنسية والجنية إلى الكفار ليزيّنوا لهم كفرهم ويضلهم، ومن ثم يأتينا ليشتكي أنهم أشركوا به وكفروا وضلّوا على السبيل ويتباكى عندنا على شيء قدّره وصنعه بنفسه، وكأنه فقد السيطرة على خلقه وضعِف، أما جحودهم له ولم يتبق لهُ إلاّ أن يضع يده على خدّه ويبكي ويصيح ويتظلم ويشكوا!
أنا أسمح للناس أن يشتموني وبنفس الوقت أتضايق من شتائمهم وبذاءاتهم، من المسؤول؟ أنا أم الشتّامين؟ وهل أنا عاقل بنظركم؟ أم سفيه أتحمّل نتيجة أخطائي! لنفترض جدلاً، أن رجلاً صنع إنساناً آلياً وبرمجه على الشر والخير من تلقاء نفسه، وبإمكان هذا الصانع أن يتحكم به ويسيره، ولكن برمجه على سلوك أراده الصانع وأطلقه، وبرمجه على أن يجرم ويفتري ويقتل ويدمر كل من حوله مثلاً ويرحم ويشفق ويسعى للسلام وو..الخ. وفجأة وجدنا هذا الإنسان الآلي يسب صانعه ويعتدي عليه ويستهزئ به بشكل أو بآخر، وجاءنا المخترع الصانع يشكو حزينا قائلا للناس: أنا حزين لأن الإنسان الآلي الذي صنعته بيديّ وتعبت عليه، يضربني ويشتمني ويعتدي عليّ ولا يطيعني ولم يقدرني ويحترمني .أي شخص سمع كلامه لا بد وأن يقول له: أنت من صنعته بنفسك فلماذا تشتكي منه؟ أنت من برمجه على الحقد والتدمير والضرب، تحمّل يا عزيزي ما صنعته يداك ولا تصدّع رؤوسنا، ولكونك الصانع المدبّر، فهذه مشكلتك وليست مشكلة الإنسان الآلي ولا مشكلتي لكي تأتيني باكياً وشاكياً، لأنك صانعه، وبيدك أن تسيّره على ما تحب، وأنت الوحيد القادر على ذلك.. سيجيب الصانع: صحيح صدقتم، هي غلطتي، وأنا من يتحملها، لا يحق لي الشكوى!
الله الخالق لا يختلف عن الرجل الصانع، إلا أن الرجل الصانع، عرف خطر حماقته على نفسه وعلى باقي الناس، وأراد أن يصلح ما ارتكبه من خطأ، فيغيّر من برمجة الإنسان الآلي ليصبح محبا لصانعه، خادماً له، مطيعاً لأوامره، ساعيا لنشر السلام والحب والوئام.
لماذا الله يشتكي ويتظلم؟ طالما كتب باللوح المحفوظ وقدر لمئات الملايين من البشر أنهم سيدّعون أن لله ولدا، وأنه لن يعيد الخلق من جديد، وأنهم سيكفرون، وأن أكثر البشر في الدنيا كافرين؟ أليس من المفترض أن يصمت ويتحمّل نتيجة خلقه؟
فالإسلام هراء وغير منطقي بتاتًا، والله كما تصوره لنا الكتب الدينية غير معقول وغير مُقنع على الإطلاق!
#بندر_الفارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولو كره المشركون! طريقة الحوار مع الآخر الكافر في القرآن
-
عاشوراء بين السنة والشيعة
-
تعليق على آية: ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النّ
...
-
اللهم أهلك اليهود والنصارى والعلمانيين والملحدين
-
سحر عيناكِ
-
الوهابية لا تمت للإسلام بِصلة!
-
الحب
-
كيف تعرف أنك مسلم؟
المزيد.....
-
الديمقراطية وتعاطي الحركات الإسلامية معها
-
فرنسا: الشرطة تداهم معهدا لدراسات الشريعة في إطار تحقيق للاش
...
-
نشطاء يهود يقتحمون مبنى البرلمان الكندي مطالبين بمنع إرسال ا
...
-
بيان جماعة علماء العراق بشأن موقف أهل السنة ضد التكفيريين
-
حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات
...
-
استطلاع رأي -مفاجىء- عن موقف الشبان اليهود بالخارج من حماس
-
ولايات ألمانية يحكمها التحالف المسيحي تطالب بتشديد سياسة الل
...
-
هل يوجد تنوير إسلامي؟
-
كاتس يلغي مذكرة -اعتقال إدارية- بحق يهودي
-
نائب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يصل موسكو
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|