|
مَن وراء تناقضات بنكيران
التهامي صفاح
الحوار المتمدن-العدد: 3573 - 2011 / 12 / 11 - 21:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الأسبوع الأخير الذي سبق إخراج الدستور المغربي الجديد ( يونيو 2011) للعموم قيل في الصحافة المغربية (من بينها جريدة الأحداث المغربية) أن االدستور يضم فصلا ينص على حرية العقيدة .و خرج الأستاذ عبد الإله بنكيران يقول أنه سيصوت على الدستور ب"لا" في حال ما إذا نص على حرية العقيدة لأن هذه الحرية تعني نهاية إمارة المؤمنين (و لا ندري كيف؟؟؟؟). وبعد ذلك علق الأستاذ إدريس اليزمي (رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان) في أحد البرامج التلفزية على أن اليسار لم يقم بدوره حينما خرج الإسلاميون يعارضون حرية العقيدة التي كان ينص عليها الدستور ليضغطوا لصالح هذه الحرية ..مما يعني أن الحذف "المفترض" (لأننا لم نر أي حذف) لهذا الفصل "المفترض" قد تم في اللحظات الأخيرة بهذه الطريقة الهيتشكوكية التي تضع علامات إستفهام كثيرة حول آلية و إعداد و إخراج هذا الدستور. و لقد علقت على الخرجة الإعلامية الآنفة الذكر للأستاذ بن كيران بمقال تحت عنوان "حرية العقيدة مرة أخرى" ضمنته نصوصا من القرآن تؤكد بكل وضوح حرية العقيدة . و بعد خروج الدستور للعلن تبين أن الدستور الجديد ينص : 1) في ديباجته على ما يلي : "إن المملكة المغربية ،الدولة الموحدة ،ذات السيادة الكاملة،المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد و تلتزم بما يلي : -..... -..... - حظر و مكافحة كل أشكال التمييز،بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الإنتماء الإجتماعي..أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان. 2) الفصل 25 حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. ورغم أن الفصل 3 ينص على أن "الإسلام دين الدولة و الدولة تضمن لكل واحد ممارسة شؤونه الدينية" ، فإن حظر التمييز بسبب المعتقد يجعل من المعتقد شيء ممكن أن يكون مخالفا للإسلام.كما أن معنى عبارة "وضع شخصي مهما كان" يذهب هو الآخر في هذا الإتجاه و بالتالي فلا يمكن فهم هذه النصوص الدستورية إلا بأنها تعني حرية العقيدة. و يمكن فهم "حرية الفكر و الرأي والتعبير" هي الأخرى حرية للإعتقاد و العقيدة .إذ لا يمكن للفكر أن يكون حرا إذا تم تسييجه بمجموعة من المتاريس و الخطوط الحمراء سواء كانت نظريات فكرية أو دينية أو أي أفكار دوغمائية ( الدوغمائية هي صفة لأفكار سائدة لا تقبل الجدال الفلسفي أو المنطقي و تُفرض بالقوة والتخويف والتهديد ) . و بما أن الفكر مكانه الدماغ الذي هو جزء من الجسم البشري ، فلا يمكن الإحساس بالإستقلال الذاتي للمواطنين و سيادتهم الكاملة على أبدانهم في حال ما إذا كان هناك من يشهر في وجهم ورقة التكفير حسب فهمه هو للتكفير الذي يجعل من تلك النصوص القرآنية و على رأسها الآية 99 من سورة يونس ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ،أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟") مجرد كلام لا يعتد به في تناقض صارخ مع ما يصرحون به من إيمان بالقرآن المتضمن لتلك الآيات. وبتاريخ 03/12/2011 أي بعد أربعة أشهر على تصريحاته المهددة بالتصويت ب"لا" على الدستور و بعد تعيينه رئيسا للحكومة ، أذاعت التلفزة المغربية (القناة الأولى) حوارا مع الأستاذ عبد الإله بنكيران قال فيه من بين أشياء أخرى في نفس سياق حرية العقيدة :"من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر" ليعني أن حرية العقيدة مكفولة في المغرب متناقضا مع تصريحاته السابقة للإستفتاء و المهددة بالتصويت ب"لا" على الدستور في حال ما إذا كان فيه فصل ينص على حرية العقيدة .ثم قال من بين ماقال في نفس الحوار التلفزي :"لا يمكننا أن نسأل شخصا بصحة جيدة يمشي في الشارع هل أنت مفطر أم صائم؟ لكن الإسلام يقول إذا أبتليتم بالمعاصي فإستتروا" إنني أتساءل هل الأستاذ بنكيران - الذي هو ليس مخبولا على كل حال- هل يجهل أن أؤلئك الناس الذين لا يؤمنون بالإسلام لا تعنيهم أحكامه و لا نصوصه...؟ و هل تحتاج حرية العقيدة التي هي حق إنساني لا يقبل المساومة لنصوص دستورية بشرية تضعها السلطة في المغرب و تحيطها بالغموض و الريبة في حين أن هناك نصوصا أقوى وضوحا في القرآن الذي يُدعى أنه الدعامة الأساس لهذه السلطة؟ أليس الأفضل العمل بالفهم المستنبر للإسلام و إراحة الناس عوض الفهم المظلم المتعب؟ و أخيرا إن كان للكلام معنى: مَن وراء تلك التصريحات المتناقضة للأستاذ ينكيران؟
#التهامي_صفاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في حرية العقيدة مرة أخرى
-
في الشرعية السياسية
-
حرية الإعتقاد و الدولة العصرية
-
أيها المستبد
-
أيها المستبد
-
متى؟
-
حيادية الدولة المنقذ للإصلاح السياسي
المزيد.....
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
-
سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق
...
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|