محمد حسين الأطرش
الحوار المتمدن-العدد: 3572 - 2011 / 12 / 10 - 22:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إذا كان لكل زمن مسيح ولكل حقيقة درب فها هي حمص تحمل صليبها على درب الجلجلة. كبرت هذه المدينة فجأة شبّت خلال أشهر فقط لتكتب لسوريا ولكل ثورة تبحث عن غد أفضل درب جديدا يوصل للحرية. حمص لا تترك مجالا للتفكير، لا تترك متسعا للسؤال، حمص صارت أكثر من مدينة وأهلها أكثر من عدد. حمص اليوم فعل إرادة. وأي إرادة غير تلك التي لا تقهر. حمص تتقدم والدماء تسيل منها إلى الحرية. للحرية الحمراء حمص بكل يد مضرجة تدق.
مع حمص سقطت أسطورة الثائر الشخص. مع حمص صار الثائر يحمل اسم مدينة. لم نعد بحاجة لبطولات فردية صارت البطولة مدينة إختلط دم أهلها بلحم التراب. مع حمص صار تشي غيفارا مجرد ثائر، صارت الثائرة إسمها حمص.
لم يعد الفرد أسطورة. لم يعد الفرد محركا للثورة. صارت حمص أسطورة الثورة. قبل أشهر كان لحمص وقع النكتة اليوم صارت حمص دليلا يرشد لدرب الثورة.
كل يوم تُسقط حمص الكثير من الثوابت. مع حمص سقطت الفردية في الشخصية العربية. صار يمكن للجماعة أن تكون مدينة. صار يمكن لحمص أن تقول لموالاة الأسد يا حيف. صار يمكن لحمص أن تقول لبعض المعارضين الباحثين عن مكاسب شخصية، يا حيف.
حمص تحمل اليوم صليب سوريا. حمص تصرخ اليوم في وجه أصحاب لمصالح في دمشق وحلب وتقول لهم: يا حيف. مدينة تجلد لقيامة مدن آخرى. كل مسامير النظام لن تسقط عزيمة مدينة إتحدت لتكون إنسان العصر العربي الجديد. عصر حق الإنسان العربي في تقرير المصير.
شعرت بالآسى لأني لست شاعرا. حمص تستحق اليوم أن نكتب لها ملحمة أو أوبريت غنائية تحمل إسمها. أين يقف الشعراء اليوم من عظمة حمص الإنسان والتراب؟ هل يدرك الشعراء أن بيرتولد بريخت قال يوما: "لن يقول الناس كان الزمن رديئا بل سيقولون لماذا صمت الشعراء؟". لماذا ما زلتم صامتين؟ هل تنتظرون عطايا السلطان الحقيرة؟ اكتبوا لحمص لتعطيكم مفاتيح مجد الحرية.
حمص تكتب بالدم أسطورة زمننا القادم. حمص ستكون المدينة التي تمنح غدا أوسمة الكرامة. أي حمص هذه التي تكتب كل صباح أجمل الأغنيات لأعراس الشهادة. ربما حان الوقت لنستبدل الكوفية وقبعة غيفارا بشال يحمل صورة حمص. حان الوقت لنحمل أيقونة كتب فوقها اسم حمص. حان الوقت لنتعمد بماء حمص رمزا للبطولة.
غدا الآتي سيكون مدنا على قدر قامة حمص. غدا الآتي وطن للحرية عاصمته حمص. حمص الكبيرة ستبقى بعيدة عن القتل الطائفي لأنها حمص المثل للآيام القادمة.
ترددت في الكتابة، شعرت بأن هذا النص سيقرأ كنص عاطفي. تذكرت بأن الكتابة أقل شيء. إقرأ هذا النص بعقلك لا بقلبك. كتبته بعيدا عن العاطفة. كتبته كي لا أكون صامتا.
#محمد_حسين_الأطرش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟