أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبدالله خليفة - لماذا لم يتطور التنظيم؟














المزيد.....

لماذا لم يتطور التنظيم؟


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3572 - 2011 / 12 / 10 - 09:24
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


مع سيطرة المتضخم على التنظيم المناضل (اليساري)، امتلأت الجدران بصور المناضلين الذين ضحوا في معارك التحرر الوطني، فلماذا لم يستفد من تضحياتهم؟ تحاول أن تحفر في جمجمته الأثرية عن مواد فكرية ثقافية متجذرة في الأرض والإنسان فتجدها فارغة.
لماذا خطفوا ولدنا الصغير في الريف وحولوه إلى أراجوز سياسي يتفجر بالشعارات والمفرقعات اليسارية ويختبئ في دولاب الثياب؟
الصورُ واللوحاتُ التي ترونها على الجدران أُفرغت من محتواها، غدت تاريخاً مجرداً وإن امتلأت بالتفاصيل الصغيرة، مثل كاتب فاشل يملأ الرواية بالكثير من التفاصيل، ونسغُ الأرضِ وروحُ الإنسان وإرادةُ التحدي البطوليةِ مفقودة.
الشمولي الذي هيمن على التنظيم لم يكن يرى تسرب الأعضاء من بين أصابعه السياسية، ذاته فقط محمية في علياء المكتب السياسي، ثمة معادلات دولية كبيرة تجعل سيادته موجوداً على كرسي السكرتير العام، أو القائد، سمها ما تشاء لكن المنصب الحقيقي هو الذكر المهيمن، سليل الأسر المتحكمة في الأرزاق والعباد. هو ميراثنا الشرقي الأزلي تمظهر وتجدد قوميا ودينيا وشيوعيا ووطنيا، الحيةُ المتعددةُ الجلود وسمُها واحد.
التنظيم اتخذ الأفراد كأدواتٍ للتحريك السياسي، مجرد أسماء سرية، لكن أن يكون ذا مظهر خاص، وعائلة معينة، وموهبة خاصة، فهذه تفاصيل لا تدخل في الرواية، التنظيم في عمله السري (ثم بعد ذاك العلني والزمن الحقيقي التنظيمي لم يتغير) له مهمة تأجيج التمرد، ومن هنا لن يتابع الأعضاء كأشخاص حقيقيين، كأناس لهم عائلات ومواهب وشخوص محددة، ولهذا لن يفهم الشعب في تحولاته.
حتى لو قُتل العضو فإن تاريخَهُ سيكون تاريخ التنظيم، ووقائع استشهاده هي الوقائع الرسمية، أما زوجته أو زوجاته ونقاط ضعفه وبعض الكتابات التي ألفها فهي ستوضع في الظل. تعبرُ هذه عن جدليةِ المثقف والشعب المفقودة، عن غياب تحليله للتاريخ، والبنية الاجتماعية، واندماجه الحقيقي العميق في هذه المواد، وليس باعتباره عضو مكتب سياسي، بل بإعتباره عضو تجديد فكري سياسي.
فيظهر تاريخ الضحايا الذي يسمى تاريخ الشهداء. فهذا هو تاريخ «الشهداء» في التاريخ العربي الديني: كائناتٌ نورانية، بذلوا دماءهم لكي تصعد قوى معينة، حتى ترتفع كراسي وسلطات، ولهذا فإن نقاطَ الضعف في الشهداء وحالاتهم الإنسانية العادية وسلبياتهم سوف تُطمسُ لحساب حالاتهم النورانية الدينية التي سوف تظلل التنظيم وتحيله إلى دكتاتور يرفض النقد وتحليل تاريخه.
التنظيمُ في حالة أمية ثقافية، وسوف يسيجُ تاريخَهُ بطقوس دينية وتقديسية، ولن يحلل هؤلاء البسطاء العاديين الجهلة الذين انضموا إليه، سيرفعهم لأمكنة القديسين، ولكنهم كانوا مناضلين لأنهم تحسسوا آلامَ الناس وظروفَ العمل الصعبة وآمنوا بشعارات معينة وضحوا، ولم يتوافر للتنظيم في البنية الشمولية المحافظة المتخلفة أن يطور مشروع الشهيد الدائم هذا ليكون مشروع المناضل، والباحثة، والفيلسوف، والراقصة، والنحات، والضابط، وأن يفهم البنية الاجتماعية وأن يشكل نضالات ديمقراطية حديثة تصل إلى الجدات اللاتي يحكين تواريخ النساء المعذبات، تنظيمٌ هو رد فعلٍ ناشئ كرد سلبي على مركزية سلبية أخرى، ولم يكن بإمكانه أن يرى أن «الشهيد» هذا كاتب له عمق فكري خاص، أو مخرجة لها نتاج مفيد، أو عامل له شخصية خاصة، ولهذا تغدو السلطات الشمولية الحاكمة والمعارضة في حالات استنساخ لبعضها بعضا، والجانبان يحاولان القضاء على بعضهما بعضا، ولهذا كلما جاءت معارضة لعنت أختها، والبنى الاجتماعية تزداد تدهوراً، وتفسخاً من الداخل. الدولةُ تقوى بالمعارضة والمعارضةُ تقوى بالدولة هذا حلم.
التنظيم لم يستطع أن يحول هذا الكويتب أو ذاك الرسام القتيل إلى نموذجين عميقين، وإلى نماذج مزدهرة، وهو الذي ترأسهُ مجموعةٌ من الأميين الثقافيين، فلماذا نستغرب أن تكون كل ثورة أسوأ من سابقتها؟
حتى وصلنا إلى أن يقودنا ويحكمنا ويعيث فساداً في أدمغتنا وأراضينا الطائفيون؟
من جمال الدين الأفغاني وسلامة موسى إلى الخميني والغنوشي والقادم من؟
الدول والتنظيمات نسخٌ كربونية من بعضها بعضا، التفاصيل المهمة والجوانب المضيئة تنحل في الآلات المتحكمة، فيما الأراضي البور تحن إلى الاختلاف والتنوعات والكتل الرفاقية المتصارعة من أجل الحقيقة، الهياكلُ السلطويةُ تمتصلا كلَ ما هو إيجابي وتتعفن من خلال السنين، مثل اليساري/اليميني يظهرُ في آخر حقبته منتج جمل فارغة، أسطوريا، شعاراتيا، لم يراكم وعياً موضوعيا عميقا، يرى جهة واحدة سياسية إجتماعية، وهي التي تفيده، ويتحلل مع السنين، وتعصره في خاتمة المطاف كليمونة يابسة صفراء، وكانت واعدة بالألوان.
التنظيم أنتج الشعارَ وتوقف، في حقبة الإنتاج الحرفي، الزراعي، في عالم المواد الخام، في زمنية ربطنا الحديثة بالإنتاج الرأسمالي الغربي، العربُ غيرُ قادرين على إنتاج ثورات تصنيعية علمية اجتماعية تغور في البشر خاصة، التنظيماتُ السياسيةُ والحكومية إعاداتُ إنتاجٍ لما هو سائد، إنها القرونُ الوسطى مع مسحةٍ خفيفة حداثية، السكرتيرُ العامُ والطاغيةُ لحظتان تتبادلان المواقع، والرفيق المناضل أداة لم تتعمق أو تتعملق، بن علي والغنوشي وجهان لميدالية واحدة، القطاعُ العامُ المهيمن والقطاعُ الخاصُ المستغِّل، الحداثي إقطاعي «مودرن»، والديني ربُ عملٍ إقطاعي، والرفيق العامل إما حرقَ نفسه، وإما حرقَ تاريخَهُ الطبقي الحقيقي.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلانةُ بين الانفتاحِ والجمود
- العودة للجذور بشكل حديث
- صراعٌ طائفي إقليمي عالمي
- نماذج مستقبلية للتطور
- تعاونٌ شمولي ضد الثورة السورية
- شبابُ الثورةِ.. شبابُ الخسارةِ!
- هواجس خليجية
- تطرفُ اليسارِ واليمين
- خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير
- مذهبيو المشرقِ والتوحيد
- من أسبابِ الجمودِ السياسي
- الحربُ وسيناريو التفتيت
- روحُ الأمة!
- غربة شباب
- الثوراتُ العربيةُ: التقاربُ الفكري أولاً
- التحالفات في زمن الاضطرابات
- الربيع من دون يسار
- لماذا لا تتشكل عقلانية سياسية؟
- الصراعاتُ الفكريةُ بدلاً من التغيير
- تناغمُ التطورِ بين المذهبين


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبدالله خليفة - لماذا لم يتطور التنظيم؟