رعد حميد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 16:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل إن الأوان لسكان عشوائيات حب الوطن الرحيل ، وحمل حقائب السفر ومغادرة العراق ؟ فما عدنا تحمل العيش فيه ... نحن سكان عشوائيات حب الوطن .
هم ، لن يسمحوا لعشوائياتنا ان تواصل الحياة ، طردونا من مدن وطنيتنا، الى اقصى اقصى بقاعها . انهزمنا ، نحن ، الحالمون بمدن الحب والسلام والموسيقى . مدن ، لا نضيع في متاهات المنكر والمعروف ، مدن ، القوي لا يأكل الضعيف.
رحلونا من مدننا بالرغم من انفنا المتواضع ، بالرغم من كونها مدننا ، وكل رصيف من أرصفتها ، يشهد لنا بأننا كنا قد نمنا عليه مرارا وتكرارا. بالرغم ، ايضا ، من كل لوحات الرسم وكل التماثيل و المسارح والمقاهى و البارات ، كانت كلها ملكنا ، كانت مدننا الجميلة ، مدن العشق ،تحت اشجار الزوراء ، وحشائش ابو نؤاس ، وبحيرة الحبانية وجزيرة الاعراس وغيرها. كنا نسرق القبل من شفاه مدننا ، فكانت كطعم العسل .
مدننا ... نوتات الموسيقى والرقص وأصوات الشعراء والليالي الملاح . لقد رموا، بكل قسوة، ادوات إنسانيتنا الى خارجها ، من العود والكمان وفرشاة الرسم ومنصة المسرح وقاعة الباليه ، إلى التيه والظلام .
مدننا ، ذات الألفية الثالثة ، استبدلوها بالقرون الوسطى . كم تعبنا و أنهكنا ونحن نؤسس عشوائيتنا الوطنية ، في زمن الردة الى وراء،ونبنيها من إنسانيتنا ، التي يصفها البعض بأنها انكساراتنا وضعفنا . شيدنا من حولها الاسوار، كي تحمينا ، ومن من ؟ يا للحزن ، من سكان مدننا المحتلة !! من هجوم القرون الوسطى علينا. بكل بساطة، تنازلنا لهم عن كل شيء ، الا عن ألفيتنا الثالثة. ولكنهم لن يتركونا وشأننا ، فأجنة ازهار عشوائيتنا بدأت تنمو وتكبر، وبدأ عطرها الزكي يرعب محتلي مدننا .
هم ، الان ، على ابواب عشوائيتنا ، يشنون علينا الهجمات تلو الهجمات ، يحملون لهب النار ليحروقها. لقد اباحوا دماءنا وشي لحمنا ، وصدرت الفتاوي بإبادتنا .
نحن ، نسأل ، هل آن أوان الهجرة الثانية من العراق ؟ ولماذا تنتصر القرون الوسطى على الألفية الثالثة ؟
#رعد_حميد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟