|
قناة الجزيرة القطرية وتغطيتها للثورات العربية
يوسف فواضلة
الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 16:29
المحور:
الصحافة والاعلام
ليس بمقدور أحد أن ينكر ويقلل من الدور الذي قامت به قناة الجزيرة القطرية في تسريع ولادة الثورات العربية، وفتح المجال أمام المعارضة السياسية غير المسبوقة وقيامها بتأجيج مشاعر المناهضين للديكتاتوريات الجاثمة على صدور الشعوب العربية، ولكن ...
كان على قناة الجزيرة القطرية قبل أن ترفع سقف تغطيتها وتتبنى الثورة في مصر وتونس أن تكون على أستعداد مساو لتغطية باقي الثورات العربية على قدم من المساواة المهنية و الموضوعيةوليس تبعاً لمصالحها وأجندتها السياسيةوأرتباطاتها في المنطقة كما تبين فيما بعد.
في بداية الأمر، تعاملت قناة الجزيرة مع ثورة مصر و تونس بشكل اعلامي دقيق و مكثف، حيث خصصت قنوات بث مباشرة بشكل مستمر 24/24 ساعة لتغطية مجريات الأحداث في ميدان التحرير، بالأضافة الى أن جميع البرامج خصصت للثورة المصرية، مثل: شاهد على العصر، والاتجاه المعاكس،وقناة بث مباشر "الجزيرة مباشر"، كما كانت الجزيرة في بعض الأحيان توجه الثوار و تدعوا لمسيرات، حتى أصبح الكثيرين يعتبراها " راعية الثورات في الدول العربية ".
كما ونجحت الجزيرة في فبركة الوضع القائم في ليبيا ضد نظام العقيد معمر القذافي لصالح المعارضة والثوار، حيث لم تكن مجرد وسيلة اعلامية بل باشرت من اللحظة الأولى في عملية تحريض كبيرة ضد النظام، كما تعاملت مع تدخل حلف الناتو في ليبيا بذرائع أنسانية متناسية الاضرار الهائلة التي يسببها هذا التدخل الغربي، بالأضافة الى قنوات البث المباشر 24/24 و الحلقات المطولة، مثل: شاهد عيان و الاتجاه المعاكس و الخطوط المفتوحة للثوار لمتابعة أهم الأحداث.
ولكن مع إنتقال الثورات العربية الى دول أخرى بدأت مؤشرات وخفايا غير إيجابية تظهر على كون قناة الجزيرة تدعم ثورة على أخرى؟ وهذا كان واضحاً في تغطيتها الاعلامية لثورة مصر وتونس وليبيا واليمن، في المقابل عمدت الى التعتيم بشتى السبل والتقنيات الاعلامية الى حجب الثورات في دول الخليج ولاسيما الثورة البحرينية.
فثورة الشعب البحريني كشفت القناع عن قناة الجزيرة وبينت زيف حقيقتها في دعم الشعوب الثائرة، واستطاعت أن تبرهن وتؤكد أن قناة الجزيرة تعمل وفق أجهزة مخابرتية قطرية وأمريكية، فغطرستها في حجب مجريات الثورة في البحرين والتعتيم المقصود الذي إنتهجته كان يكفي لكشف الستار أمام الشعوب عن حقيقة هذه القناة.
فما حدث في الدول الخليجية وخاصة البحرين وضع قناة الجزيرة في مأزق كبير، حيث اصطدمت مصالحها بأجندة سياسية وخطوط حمر عندما وصلت الثورة الى دول الجوار الخليجية.
وانتقال الثورة الى سورية ساهم في إرباك الجزيرة التي مارست التعتيم و الاكتفاء بعناوين صغيرة في نشرتها في بداية الامر، فحاولت إبراز الثورة في ليبيا واليمن على حساب الثورة في سوريا، وعلى الرغم من اتساع تغطيتها للثورة في سوريا مقارنة مع الايام الاولى للثورة، الا أنها لم تصل لحد الان الى التغطية الحقيقية والموضوعية بناءاً على تفاعل الجزيرة مع ثورة تونس ومصر وليبيا واليمن، كما استخدمت التحريض والكذب والافتراء ففي واحدة من نشراتها استضافت الجزيرة متحدثا غير سوري عبر الهاتف لأكثر من خمس وثلاثين دقيقة، وطرحت عليه المذيعة كل ما خطر في بالها من أسئلة، كما عرضت صور مفبركة ولا تمس بأي علاقة بالوضع في سوريا.
ويمكن الافتراض استنادا إلى ما قدمته وتقدمه الجزيرة، أن المطلوب في سوريا كان الوصول بالأكاذيب والتهويل إلى استدعاء التدخل الغربي " حلف الناتو "الذي استدعته أكاذيب و افترءات الجزيرة في ليبيا وكان واضحاً ذلك بما اتبعته قناة الجزيرة.
فرغم حجم التأييد الذى حصلت عليه قناة الجزيرة مع اشتعال الثورات العربية، الا أن إنتشار عدوى الثورات الى مختلف الدول العربية كان الضربة القاسمة لقناة الجزيرة حيث كشفت عن زيف وكذب هذه القناة في دعم حرية الشعوب.
وتراجع دور إعلام الفضائيات وخاصة الجزيرة باعتبارها الناطق باسم الثورات العربية لصالح الإعلام التشاركي "الفيس بوك والتويترواليوتيوب"، الذي استطاع أن يخلق إعلام يُشارَك في صناعة الحدث مكانياً وزمانياً، والمقصود به الصور والمقاطع الملتقطة بواسطة هواتف المواطنين الموضوعة على اليوتيوب والفيس بوك حيث ساهمت في تقريب الثورات العربية الى المشاهد العربي والغربي وكسر احتكار الإعلام الكلاسيكي، خالقاً بذلك إعلاما لحظياً تفاعلياً يعبر عن إرادة جماعية عفوية وطوعية.
فلو كانت الجزيرة تدرك أن حجم الثورات العربية سوف يتسع ويضرب العديد من قلاع الملوك والدكتاتوريات العربية، لكانت قد انتهجت خطاً سياسياً اخر عن الذي انتهجته ؟!
#يوسف_فواضلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الفلسطينية، وحتمية المواجهة المباشرة مع الاحتلال الصه
...
-
استبدلوا أبطالها بمشاهيرها
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|