أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل















المزيد.....

مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3569 - 2011 / 12 / 8 - 08:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مرّتْ البشرية بعدة مراحل تاريخية ، بدأتْ بصراع الإنسان مع قوى الطبيعة ، حتى استطاع تنظيمها ، ومع الحيوانات حتى تمكن من ترويضها . فى هذه المرحلة الأولى مات الآلاف فى هذا الصراع ، خصوصًا مع الحيوانات المفترسة. ثم انتقل الصراع إلى المرحلة الأخطر: أى الحرب بين الإنسان والإنسان ، وكان السبب الرئيسى هوالسيطرة على الموارد الطبيعية ، أى ما عُرف بعد ذلك فى العلوم السياسية بالغزومن أجل احتلال شعب ما لأراضى شعب آخر.
ورغم أنّ العهد القديم بكل أسفاره ليس كتاب تاريخ ، فإنّ العقل الحريضطرإلى الاستشهاد به ، طالما أنّ بنى إسرائيل الجُدد الذين احتلوا أرض الشعب الفلسطينى ، مُتمسّكون به كمرجعية إيمانية (من وجهة نظرهم) وليس كمرجعية تاريخية من وجهة نظرالعقل الحر. فإذا كانتْ الحركة الصهيونية التى برّرتْ احتلال فلسطين ، ترى أنّ فلسطين ملكٌ لبنى إسرائيل ، بل يذهب الشطط ببعضهم إلى درجة عدم الاعتراف – أصلا – بالشعب الفلسطسنى ، فإنّ العهد القديم – الذى يستندون إليه ويعتمدون عليه فى كتاباتهم وسياساتهم ، يُكذب إدعاءاتهم ، إذْ توجد الكثيرمن النصوص التى تعترف ب (أرض الفلسطينيين) من بينها النص التالى ((قام أبيمالك وفيكول رئيس جيشه ورجعا إلى أرض الفلسطينيين)) إلى أنْ يقول ((وتغرّب إبراهيم فى أرض الفلسطينيين)) (تكوين 21: 32- 34) ولأنّ احتلال أراضى الغير- فى العصورالقديمة كما فى عصرنا الحالى – سببه الاستيلاء على موارد الدولة المغزوة ، نجد نصًا فى العهد القديم يعترف فيه كاتبه بهذه الحقيقة فيقول ((وكان فى الأرض جوع غيرالجوع الأول الذى كان فى أيام إبراهيم فذهب إسحاق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين إلى جرار)) إلى أنْ يقول ((لإنى لك ولنسلك أعطى جميع هذه البلاد .. إلخ)) (تكوين 26: 1- 6) هنا نجد أنّ كاتب النص يعترف بأمرين : الأول وجود شعب اسمه الشعب الفلسطينى وله ملك اسمه أبيمالك . الأمرالثانى هوأنّ الإله العبرى المنحازلليهود يُوزع أراضى الغيرعلى شعبه المختار. وبعد عدة آيات رصد فيها الكاتب الصراع بين إسحاق وأتباعه وأبيمالك وشعبه ، فإنّ الأخيريُقرّرطرد بنى إسرائيل من أراضيه ، ووفقا لكاتب النص ((وقال أبيمالك لإسحاق اذهب من عندنا لأنك صرتَ أقوى منا جدًا . فمضى إسحاق من هناك ونزل فى وادى جرارإلخ)) (تكوين 26: 16، 17) وفى نص آخرقال كاتبه ((وكان لما أطلق فرعون الشعب أنّ الله لم يهدهم فى طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة)) إلى شعورهم بالندم والرجوع إلى مصر(خروج 13: 17) وفى سفريشوع يتكلم كاتب النص عن (كل دائرة الفلسطينيين) وأنّ الإله العبرى قال ((أنا أطردهم من أمام بنى إسرائيل . إنما أقسّمها بالقرعة لإسرائيل)) (يشوع 13) هكذا بكل بساطة : أراضى الشعب الفلسطينى المستقريُقسمها الإله العبرى بالقرعة لليهود وكأنها مجرد ذبيحة يُقسمها الأب على أولاده .
كانت فلسطين فى العصورالقديمة أحد بطون كنعان . وكما احتل الصهاينة فلسطين فى العصر الحديث بالقتل والدمار، فعل جدودهم نفس الشىء ، وهوما يعترف به كاتب النص العبرى ((كان بعد موت يشوع أنّ بنى إسرائيل سألوا الرب قائلين مَنْ منا يصعد إلى الكنعانيين أولا لمحاربتهم . فقال الرب يهوذا يصعد... وحارب بنويهوذا أورشليم وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار. وبعد ذلك نزل بنويهوذا لمحاربة الكنعانيين سكان الجبل والجنوب والسهل)) (سفر القضاة 1: 1- 10) وبعد عدة آيات يقول النص ((وأخذ يهوذا غزة وتخومها.. وضربوا المدينة بحد السيف .. وكان لما تشدّد إسرائيل أنه وضع الكنعانيين تحت الجزية ولم يطردهم طردًا)) (قضاة 1: 16- 29) فى هذا النص فعل اليهود – ببركة إلههم العبرى – مثلما فعل كل الغزاة على مرالتاريخ : احتلال الأرض وعدم طرد السكان الأصليين مقابل الحصول على الجزية. وكما رسخ معظم الغزاة لمنظومة (السبى) فعل اليهود نفس الشىء ، فيقول كاتب النص العبرى (سكن بنوإسرائيل فى وسط الكنعانيين والحيثيين ...واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساءً وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم . فعمل بنوإسرئيل الشرفى عينىْ الرب وعبدوا البلعيم . فحمى غضب الرب على إسرائيل)) ورغم غضب الرب على تابعيه ، فإنه- كما فى كل التراث العبرى – هوالقادر على العفو، فبعد صراخ بنى إسرائيل فى نفس النص نجد أنّ ((الرب قام مخلصًا لبنى إسرائيل)) (قضاة 3 : 5- 15) وآلية السبى والعبودية نجد جذرها فى سفرالتكوين أيضًا إذْ يقول النص (وأما بنوالسرارى اللواتى كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا) (تكوين 25: 1- 6) ونص آخرجاء به ((وأعطى لابان زلفة جارية لليسه ابنته جارية)) (تكوين 29: 21- 24)
استمرالصراع بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل فكتب كاتب النص ((وخرج إسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب .. واصطف الفلسطينيون للقاء إسرائيل واشتبكتْ الحرب فانكسرإسرائيل أمام الفلسطينيين .. وقال شيوخ إسرائيل لماذا كسرنا اليوم الرب أمام الفلسطينيين)) ورغم انتصار الفلسطينيين على اليهود ، فإنّ النص يلجأ إلى الميتافيزيقا فيقول إنّ الفلسطينيين خافوا بعد هذا النصر، لماذا ؟ لأنهم رأوا (تابوت الرب) وقالوا ((ويل لنا.. من يُنقذنا من يد هؤلاء الآلهة. هؤلاء هم الآلهة الذين ضربوا مصربجميع الضربات)) وبعد هذا النص مباشرة نجد تناقضًا مُلفتًا للنظر، إذْ يُحرض الفلسطينيين على مواصلة القتال ضد اليهود فيقول ((تشدّدوا وكونوا رجلا أيها الفلسطينيون لئلا تُستعبدوا للعبرانيين.. فكونوا رجالا وحاربوا . فحارب الفلسطينيون وانكسر إسرائيل وهرب كل واحد إلى خيمته. وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف رجل وأخذ تابوت الله.. زال المجد من إسرائيل لأنّ تابوت الله قد أخذ)) (صموئيل الأول 4: 1- 22) وتكون المفاجأة فى بداية الاصحاح الخامس فيقول ((فأخذ الفلسطينيون تابوت الله)) وفى بداية الاصحاح السادس يقول ((وكان تابوت الله فى بلاد الفلسطينيين سبعة أشهر)) ثم يعود ليقول (أعدوا قلوبكم للرب واعبدوه وحده فيُنقذكم من يد الفلسطينيين)) وخاف بنوإسرائيل من الفلسطينيين فقالوا لصموئيل ((لاتكف عن الصراخ من أجلنا إلى الرب إلهنا فيُخلصنا من يد الفلسطينيين.. وصرخ صموئيل إلى الرب من أجل إسرائيل فاستجاب له الرب)) ويستمرالخطاب الميتافيزيقى إلى أنْ يقول ((وبينما كان صموئيل يُصْعد المحرقة تقدّم الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل)) فماذا حدث ؟ ((فأرعد الرب بصوت عظيم فى ذلك اليوم على الفلسطينيين وأزعجهم فانكسروا أمام إسرائيل.. أعاننا الرب فذلّ الفلسطينيين . وكانت يد الرب على الفلسطينيين . والمدن التى أخذها الفلسطينيون من إسرائيل رجعت إلى إسرائيل)) (صموئيل الأول 7: 8- 14) وبعد ذلك ((تجمّع الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل)) (صموئيل الأول 13: 5) ثم ((أخذ شاؤل المُلْكَ على إسرائيل وحارب جميع أعدائه حواليه موآب وبنى عمّون وأدوم والفلسطينيين.. وكانت حرب شديدة على الفلسطينيين كل أيام شاؤل)) (صموئيل الأول 14: 47- 51) ويستمرالصراع إلى عصرالنبى داود الذى ((ضرب الأرض ولم يستبق رجلا ولا امرأة وأخذ غنمًا وبقرًا وحميرًا .. وهكذا عادته كل أيام إقامته فى بلاد الفلسطينيين)) (صموئيل الأول 27: 9- 11) ولكن الفلسطينيين لم يستسلموا وهوما نصّ عليه الاصحاح 28((وكان فى تلك الأيام أنّ الفلسطينيين جمعوا جيوشهم لكى يُحاربوا إسرائيل.. ولما رأى شاؤل جيش الفلسطينيين خاف واضطرب قلبه جدًا)) واللجوء إلى الميتافيزيقا لايتوقف فيقول كاتب النص ((فسأل شاؤل من الرب فلم يُجبه الرب)) لايُقدّم النص تبريرًا لعزوف الرب عن الاستجابة لدعوة شاؤل إلاّ النص على أنّ شاؤل خدع امرأة (صموئيل الأول 28: 6- 13) ثم حدث انتصارلليهود على يد داود فأخذوا ((يأكلون ويشربون ويرقصون بسبب جميع الغنيمة العظيمة التى أخذوا من أرض الفلسطينيين ومن أرض يهوذا . وأخذ دواد الغنم والبقر. وقالوا هذه غنيمة دواد)) (صموئيل 30: 16- 20) مرة أخرى لم يستسلم الفلسطينيون إذْ قال كاتب النص ((وحارب الفلسطينيون إسرائيل فهرب رجال إسرائيل من أمام الفلسطينيين وسقطوا قتلى)) والأكثرأهمية اعتراف النص العبرى بأحقية الفلسطينيين فى أرضهم إذْ يقول ((ولما رأى رجال إسرائيل الذين فى عبرالوادى والذين فى عبرالأردن أنّ رجال إسرائيل قد هربوا وأنّ شاؤل وبنيه قد ماتوا تركوا المدن وهربوا فأتى الفلسطينيون وسكنوا بها)) ونظرًا لحدة الصراع بينهم – ووفقا لمعايرعصرهم – فإنّ النص يذكر- إنْ صدق كاتبه- أنّ الفلسطينيين قطعوا رأس شاؤل (صموئيل الأول 31: 1- 9)
****
أمامنا إذن الكثيرمن آيات العهد القديم بها اعتراف صريح عن أنّ فلسطين بطنٌ من بطون كنعان ، وأنّ الأرض الفلسطينية أرضٌ للشعب الفلسطينى ، وأنّ الصراع فى مجمله هومحاولة اليهود الاستيلاء على أرض الشعب الفلسطينى ، بمباركة من الإله العبرى الذى يوزع أراضى كل الشعوب القديمة (وبالجملة) إلى شعبه المختارفيقول لإبراهيم ((اسكن فى الأرض التى أقول لك . تغرّب فى هذه الأرض فأكون معك وأباركك . لأنى لك ولنسلك أعطى جميع هذه البلاد)) (تكوين 26: 1- 5) وأيضًا ((وقال الرب لموسى اذهب اصعد من هنا أنت والشعب الذى أصعدته من أرض مصرإلى الأرض التى حَلفتُ لإبراهيم وإسحاق ويعقوب قائلا لنسلك أعطيها . وأنا أرسل أمامك ملاكا وأطرد الكنعانيين والأموريين والحيثيين.. إلخ)) (خروج 33: 1- 2) وكذلك يقول الرب لبنى إسرائيل ((كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمتُ موسى من البرية ولبنان هذا إلى النهرالكبيرنهرالفرات . جميع أرض الحيثيين وإلى البحرنحومغرب الشمس يكون تخمكم)) (يشوع 1: 3، 4) وأيضًا ((فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام (إبراهيم فيما بعد) ميثاقا قائلا لنسلك أعطى هذه الأرض من نهرمصرإلى النهرالكبيرنهرالفرات)) (تكوين 15: 18) كما أنّ كاتب النص لايعرف الفرق بين طول نهرمصر(= نهرالنيل) ونهرالفرات . ولعلّ ذلك ما جعل أكثرمن مؤرخ (رغم ديانتهم الموسوية) يرون أنّ العهد القديم لايُعتد به فى دراسة التاريخ . أمثال كارل ماركس وسيجموند فرويد وسبينوزا إلخ وكتب المؤرخ اليهودى ( أ. ج . هولزبوم) ((إنّ الرواية التوراتية حول خلق العالم مختلفة عن الرواية التى تطرحها العلوم الطبيعية.. وأنّ الادعاء الصهيونى بالعودة إلى ماضى ما قبل الشتات فى أرض إسرائيل ، كان فى الممارسة نقيض تاريخ الشعب اليهودى الحقيقى على امتداد أكثرمن 2000عام)) (دراسات فى التاريخ- دارالمدى- 2010- ج1 ص 6، 33) ونقل عن كاتب إسرائيلى أنه يجب فصل التاريخ عن الأسطورة القومية (لليهود) (ص21)
وإذا كان توزيع أراضى الشعوب على بنى إسرائيل تم فى العصورالقديمة بمشيئة الإله العبرى ، فهل يقبل العقل الحرأنْ يستمرمنهج الاحتلال لمجرد أنّ العهد القديم أباح ذلك ؟
تكمن مأساة الشعب الفلسطينى (بعد قرارالتقسيم رقم 181لسنة 1947وإعلان الدولة الإسرائيلية فى 15مايو1948) فى تلك العقلية الصهيونية التى رفضتْ اندماج اليهود فى الأوطان التى نشأوا فيها ، أى رفضوا فكرة (المواطنة) لصالح الانتماء للدين ، كما كتب ماركس فى كتابه (المسألة اليهودية) والنتيجة المزيد من القتلى من الجانبيْن الفلسطينى والإسرائيلى . وبدلا من التعاون المشترك لإقامة حياة إنسانية أفضل ، يستمرقتل المواطنين وتدميرالمنشآت . ورغم وجود دعاة سلام (فى فلسطين وإسرائيل وأوروبا وبعض الدول العربية) فإنّ حكام إسرائيل والزعماء الفلسطينيين (خاصة الجماعات الإسلامية) يرفضون السلام . المتطرفون فى إسرائيل (من حكام وحاخامات) يرفضون إقامة وطن فلسطينى مستقل ، ويُشجّعون بناء المزيد من المستوطنات ، بل والتوسع واحتلال أراضى الدول المحيطة بإسرائيل ، أما المتشدّدون من الإسلاميين والعروبيين ، فإنّ رفضهم للسلام مؤسس على رفض مبدئى لدولة إسرائيل ، التى يصفونها ب (الدولة المزعومة) وأنه يجب تدميرها ، وفق ما جاء ببيان القيادة السياسية الموحدة بجلسات مايو 1965وحضرها عرب برئاسة عبدالسلام عارف ومصريون بقيادة عبدالناصر، إذْ انتهى الاجتماع إلى أنه ((فيما يختص بخطة العمل العربى الجماعى فى تحريرفلسطين فإنّ الهدف العربى القومى هوالقضاء على إسرائيل)) (عبدالناصروتحريرالمشرق العربى – تأليف ضابط المخابرات المصرى فتحى الديب – مركزالدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام – عام 2000ص 688) أوترحيل الإسرائيليين إلى أوروبا كما نادى الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد والذى غيّر رأيه وانحازلفكرة التدميرالكامل لدولة إسرائيل .
العقل الحريلجأ لقراءة معطيات الواقع : موازين القوى لصالح إسرائيل (علميًا وتكنولوجيًا وعسكريًا) لدرجة أنّ إسرائيل أعلنتْ يوم 15/7/1986 أنها توصلت إلى انتاج قنابل عنقودية أكثرتطورًا من القنابل الأمريكية. وباعت طائرات بدون طيارلدول متقدمة مثل فرنسا. وأنّ الحكومة الأفغانة تقدّمت بطلبيْن فى عام 2004 إلى الحكومة الإسرائيلية للحصول على مساعدات إسرائيلية فى مجالىْ الطب والزراعة. كما ساهمت إسرائيل فى الحرب ضد دول البلقان بتزويد طائرات أمريكا وحلفائها بأنظمة توجيه كمبيوترية ، بحجة الدفاع عن شعب البوسنة (المسلم) مقابل تخلف عربى بسبب الأنظمة الحاكمة الرافضة دخول عصرالحداثة ، وتعتمد على أمريكا والغرب فى كل شىء بما فى ذلك تسليح جيوشها ، ناهيك عن القواعد الأمريكية فى أكثرمن بلد عربى ، وقد أكد وزيرالخارجية القطرية الشيخ حمد بن جاسم أنّ على دول الخليج ألا تخجل من الاحتماء بالولايات المتحدة الأمريكية. ولاتخجل لوجود القوات العسكرية الأمريكية فى المنطقة (أهرام 12/1/2004 ص8) وقال سيف الإسلام القذافى أنّ بريطانيا وافقت على تدريب الجيش الليبى فى إطارصفقة تاريخية مع تونى بلير(رئيس وزراء بريطانيا) ولم يُمانع سيف الإسلام فى منح قواعد عسكرية لقوات بريطانية وأمريكية قائلا ((إننا نتخلى عن أسلحتنا ومن ثم فنحن نحتاج إلى مظلة دولية لحمايتنا)) (نقلا عن أ. سلامة أحمد سلامة- أهرام 12/1/2004ص10) وكان تعليق أ. سلامة ((ولا أحد يعرف ضد من هذه القواعـد ، خاصة أنّ سيف الإسلام القذافى أضاف أنه لعب دورًا مهما فى التوسط بين أبيه وبريطانيا وأقام علاقات وثيقة مع المخابرات الأمريكية والبريطانية))
يتبين من هذه الأمثلة القليلة (وأرشيفى به الكثير) أنّ الشعب الفلسطينى يقف عاريًا من أية حماية عربية. وأنا أقول (الشعب) الفلسطينى عن تعمد ، لأننى أستبعد (الزعماء) الفلسطينيين المتاجرين بالقضية وفرحوا بالجلوس على كراسى السلطة ، وصدّقوا أنهم أصبحوا رؤساء دولة ورؤساء وزارة ووزراء ، ويركبون الطائرات ويُقيمون فى أفخرالفنادق إلخ فهل الأمل فى إيران وحزب الله كما يدّعى ويتمنى العروبيون والإسلاميون ؟ ولماذا لم يُفكروا فى أنّ إيران تضطهد شعب الأحواز وتحتل أراضيه وموارده الطبيعة بما فيها من بترول وتمنعه من الحديث باللغة العربية (شعب الأحوازعربى مسلم سنى) فكيف يُصدّق العقل الحرأنّ الدولة التى تُمارس ذات أساليب (الدولة الصهيونية) سوف تساعد الفلسطينيين فى تحريرأراضيهم واستقلال وطنهم ؟ أما الحزب النقيض للشيطان فيكفى أنه أعطى الفرصة لإسرائيل لتدميرالبنية الأساسية للبنان ، غيرآلاف الضحايا والمشردين ، فهل ينخدع العقل الحربمن عادى شعبه اللبنانى بأنه يُناصرالفلسطينيين ؟ أليستْ إيران وحزب الله يقفان مع النظام السورى القمعى ؟ فكيف يُصدّق العقل الحرأنّ من يؤيدون الإبادة الجماعية للشعب السورى ، سيقفون مع الشعب الفلسطينى ؟
أعلم أنّ كتاباتى أغضبتْ وستغضبْ العروبيين ، ورغم أننى أدعم كتاباتى بالوقائع وليس بالخطاب الإنشائى ، فقد اتهمنى أحدهم على موقع (دروب) الالكترونى بأننى أخطأتُ عندما رفضتُ فى مقال لى بصحيفة القاهرة (6/1/2009) كل أشكال الأيديولوجيا التى تعنى الدوجما (= التحجر) وأننى أحَمّلْ مسئولية الموت للضحايا لأنهم ينتمون للأيديولوجيات البائدة (رغم أننى لم أقل هذا الكلام) وأننى لا أدرك خطورة الصهيونية إلخ فى حين أنّ كل كتاباتى عن قضية الشعب الفلسطينى (سواء فى مجلة مختارات إسرائيلية- عدة أعداد - أوفى مجلة العربى الكويتية- عدد مايو2001دراسة بعنوان "الصهيونية : بذورسوداء داخل ديانة قديمة" أوعلى موقع الحوارالمتمدن) كلها إدانة للصهيونية المؤسسة على مرجعية دينية. وراهنتُ على أهمية دورالعلمانيين فى البلاد العربية ومصرللتضامن مع العلمانيين الإسرائيليين المؤيدين لحق الشعب الفلسطينى فى إقامة وطنه المستقل أوإقامة وطن واحد يعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون . فهل يقبل العروبيون تحدى طغيان اللغة الدينية والتعصب العنصرى ، لإنقاذ الشعب الفلسطينى من مصيرقد يكون أشبه بمصيرالهنود الحمر، خاصة أنّ إسرائيل تتمنى تنفيذ مخططها بترحيل الفلسطينيين إلى سيناء والأردن ؟ هل يملكون تحدى الثوابت فى العقل العربى ، ويتعاملون مع الواقع بعيدًا عن توهمات اليوتوبيا المريضة ، المتمثلة فى (تدميرإسرائيل) ؟ لماذا يرفض العروبيون البعيدون عن مشكلة الشعب الفلسطينى ، نداء السلام ؟ لماذا لايضعون أنفسهم مكان الشعب الفلسطينى المهدد بالطرد مرة أخرى (فكرة الترحيل الإسرائيلية) والواقع بين جحيم سلطة الإحتلال ونار(الزعماء) الفلسطينيين ؟ وإلى متى تستمرهذه المجزرة المنصوبة للشعب الفلسطينى ، ولماذا ينضم الكتاب العروبيون إلى الأنظمة العربية الدكتاتورية فى معاداتهم لقيم العلمانية ؟ لماذا يرفضون الأصوات الإسرائيلية المنادية بالسلام ، مثل الأديب عاموس عوزالذى ناصرالقضية الفلسطينية ونادى بإقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة . ووقف بكل قوة ضد سلطة الإحتلال الإسرائيلية وندّد بالتوسع وضم أراضى جديدة . وفى عام 1982قاد مظاهرة مكونة من 400ألف إسرائيلى فى تل أبيب ضد غزوإسرائيل لأراضى الشعب اللبنانى . وشبّه مناحم بيجين بهتلر. ويرى أنّ الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل(( ليس بين حق وباطل ، بل بين حق وحق)) وقال ما يرفضه كل المتغافلين عن موازين القوى الرافضين للسلام ولوكان الثمن هوالمزيد من القتل والتشريد للشعب الفلسطينى ، قال ((إنّ هذه الأرض وطن لشعبيْن . من الواضح أنه ليس لديهما وطن آخر، ولاخيارآخر)) (من مقدمة أ. رفعت فوده – فى ترجمته لرواية " حنه وميخائيل"- الدارالعربية للنشرعام94)
****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية
- لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
- كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
- رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
- المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
- سيناريو مُتخيّل عن استقالة شيخ الأزهر والمفتى
- قوى التقدم وقانون التغير الكيفى
- اذا كان المسيحيون مواطنين فلماذا الكتابة عن الجزية
- إرهاصات العالمانية فى مصر
- الحب والظلال للمبدعة إيزابيل اللندى
- الحرام بين النظرة الأحادية وتعدد المنظور
- الأدب التراثى وأنظمة الحكم وجهان لمنظومة واحدة
- جدل العلاقة بين البؤس الاجتماعى والميتافيزيقا
- دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين
- عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة
- انعكاسات الحرب والدمار على أهل الهوى
- الفلسطينيون بين العرب والإسرائيليين
- محمد البوعزيزى : الإبداع على أجنحة الحرية
- نجران تحت الصفر للكاتب الفلسطينى يحيى يخلف
- المبدعة الليبنانية هدى بركات وجدل العلاقة بين الحياة والموت


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل