|
هل /13000/ أو/ 17000/ جندي سوري يكفي لاحتلال لبنان .... علامة تعجب
منذر مصري
الحوار المتمدن-العدد: 1057 - 2004 / 12 / 24 - 08:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قامت سوريا، منذ أكثر من شهرين ، بسحب ما قدر عدده بـ 6000 جندي سوري من قواتها العاملة على الأراضي اللبنانية. كما أنها أعادت انتشار الباقي من هذه القوات، والتي بات يقدر عددها بـ13000جندي، أو ربما 17000جندي في أعلى تقدير، ليقتصر توضعهم على الأطراف الشمالية والشرقية للبنان. ورغم أن هذا الانسحاب قد تم بعد صدور قرار مجلس الأمن ( 1559 ) 2/9/2004 القاضي بسحب جميع القوات الأجنبية من الأراضي اللبنانية، فقد قامت كل من سوريا ولبنان بتفسيره على أنه، مثله مثل الانسحابات وإعادة الانتشار السابقة، لا أكثر من خطوة على طريق تطبيق قرارات اتفاق الطائف. وذلك توافقاً مع رفض البلدين للقرار، وعدم رغبتهما الظهور بمظهر المنصاع له بأية صورة. وإذا كان كل ما سبق وقلته معروفاً ومفهوماً من قبل الجميع، فأن كل ما أريد أن أضيف عليه لا أكثر من سؤال. لا أدري كيف لم يخطر على بال أحد، أو على الأقل على بال من قرأت لهم مقالات وتعليقات حول هذا الموضوع، وهم كثر، ومختصون، وأنا متطفل على السياسة ينصحني الجميع ألا أقترب منها ولا أكتب عنها. وسؤالي هذا، يمكن تقسيمه إلى عدة أسئلة، أو البدء به ثم تفريعه إلى عدة أسئلة، هكذا كالتالي :
1- هل يكفي /13000/ أو/ 17000/ جندي ليحتلوا بلداً بالكامل، وإن كان هؤلاء الجنود سوريين!! وإن كان هذا البلد لبنان؟ 2- هل العدد ليس هو الاعتبار، كما يمكن الإجابة السريعة على السؤال السابق. وذلك باعتبار أن القوات السورية، مهما بلغ عددها الآن وفي المستقبل القريب، وريثة القوات السورية ذاتها في أوج تعدادها عندما دخلت لبنان في أيار 1976( كنت من بينها ) وانتشرت في مدنه ومناطقه. وكانت وقتها، عدداً وعتاداً، تشكل احتلالاً عسكرياً بمعنى الكلمة! 3- أو، مرةً ثانية، هل العدد ليس هو الاعتبار، من وجهة نظر عسكرية، تقول إن هذه القوات مهما تدنى عددها وعدادها، تشكل رأس حربة للجيش السوري الرابض على بعد كيلومترات قليلة منها؟ مادامت الحدود الطبيعية وغير الطبيعية مفتوحة بين البلدين الشقيين، أقصد الشقيقين؟ 4- ترى إذا وصل تناقص عدد أفراد القوات السورية في لبنان إلى 5000 أو 1000 جندي، هل يمكن الاستمرار في اعتبار هذا العدد من الجنود جيشاً محتلاً ؟ 5- ما هو الحد الأدنى لعدد الجنود السوريين، كبقايا جيش احتلال، أو كرأس حربة، الذي يستطيع أن يقوم بدور الجيش المحتل للبنان؟ هل يمكن أن يصل إلى مائة جندي مثلاً؟ أو ربما جندي إجباري وضابط متطوع يكفيان؟؟ 6- قال لي صديق لبناني، إن الاحتلال السوري للبنان يتم بواسطة الطريق السالك مهما ساء الطقس ذهاباً واياباً بين بيروت ودمشق ، والخطوط هاتفية التي ترن كل دقيقة ولا تتعطل ابداً والهواتف النقالة الجديدة على أنواعها! 7- وماذا عن الوجود الأمني السوري في لبنان، ما هو تعداد جهاز الأمن السوري في لبنان؟ ما هي علاقته بجهاز الأمن اللبناني؟ ما هو تاثيره؟ كيف يعمل؟ ما هي صلاحياته؟ وإلى أين تصل حدود هذه الصلاحيات..؟؟ 8- هل يمكن أن نعتبر الاحتلال السوري للبنان احتلالاً أمنياً؟ ذلك لأن الأمن في سوريا صفة يمكن إطلاقها على كل ما يقوم به نظامها. ولأن إحدى أكبر حجج مؤيدي الوجود السوري في لبنان هو أنه يؤمن الأمن في لبنان، وبدونه سيعود لبنان إلى حرب أهلية لا محالة. 9- أم أن الاعتبار الحقيقي هو معنوي!! سياسي؟؟ نفساني!!؟؟ أي أنه ما دامت سوريا لا تعلن انسحابها الكامل من لبنان، فهي محتلة للبنان ! أو ما دامت الدولتان لا تقومان بتوقيع اتفاقية انسحاب، أو لا تطلب الدولة اللبنانية من سوريا الانسحاب فتقوم هي وتعلن موافقتها وتسحب جنودها بالكامل، مهما بلغ عددهم... فهي محتلة للبنان!. 10-إن القرار 1559لا يقصِّر فقط عن ذكر سوريا بالاسم في طلبه انسحاب كل القوات الأجنبية عن الأراضي اللبنانية، بل في فهم طبيعة هذه المشكلة بالأساس، وبالتالي يخطئ في ما يجده أساسياً كحلٍ لها، وهذه حقيقة يثبتها احتياج مجلس الأمن إلى قرار دولي آخر، جاء بعد الأول بفترة قريبة. ويبدو، مما آلت إليه الأمور، بعد تصويت النواب اللبنانيين بأغلبية مطلقة على التمديد للرئيس لحود / 96/ نائباً من أصل 125، لا أحد يستطيع أن ينكر شرعيتهم رغم انتخابهم تحت مظلة الاحتلال السوري، وبعد صدور تقرير عنان الذي أظهر تفهماً لصعوبة تطبيق أي مما نص عليه القرار، وبدا وكأنه يظهر تفهماً أفضل لأبعاد المشكلة، كل هذا سيؤدي إلى قرارات إضافية لاحقة، وسيبقي الأمر ولفترة طويلة قيد الأخذ والرد، والمعالجة والانتظار. ذلك لأن سحب القوات السورية ذات العدد الرمزي هذا، لا يشكل مشكلة حقيقية لسوريا إلا من حيث أنه انصياع ذليل لأمر ، أي من حيث أنه هزيمة معنوية وسياسية لها. فهي وبكل بساطة قادرة على تسيير الأمور، كما تفعل اليوم تماماً من مكانها في دمشق. إلا أن كسر الذراع هذا، أو كما يقال بالعربية الدارجة : كسر الرجل، ما لا تستطيع سوريا القبول به بهذه السهولة، وذلك لوقعه السياسي والمعنوي كما ذكرت، وهذا ليس بالشيء القليل، وخشية أن يلحقه تنازلات وهزائم تالية بذات السياق . 10- ورغم أن هذا يمكن أن يعتبر استطراد، فإني أجد أن لسوريا بعض الفائدة في صدور هكذا قرارات دولية، وزيادة الاهتمام بلبنان عالمياً، ومطالبة المجتمع الدولي أو دول كبيرة كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بخروجها منه. لأن هذا يعيد للبنان قيمته وأهميته كورقة سياسية على طاولة الشرق الأوسط، وفي مقايضتها به مقابل عودة جولانها لها-إذا صح هذا التفسير- بأفضل شروط ممكنة، وخاصة وإن سوريا تكاد تفقد الأوراق الأخرى كافة. 11- إذن اسمحوا لي بعد كل هذا أن أستنتج، بل أن أؤكد، بأن الاحتلال السوري للبنان ، بكل الاعتبارات، ومن كل الزوايا، ليس في المقام الأول ولا في الثاني ولا في الثالث، احتلالاً عسكرياً، وبأنه، معتذراً عما يبدو وكأنه بات تكراراًَ للكلام ذلك لأني لا أجد صفات أخرى أكثر ملاءمة، احتلال معنوي وسياسي ونفسي، وكذلك وقبل كل شيء.. أمني. فلأمن كما نعرفه نحن السوريين، أبو هذه الاحتلالات! يقوم به النظام السوري بدعم ومشاركة جزء كبير من اللبنانيين أنفسهم، من مختلف المستويات، ومن مختلف المشارب، يفوق تعدادهم، تعداد الجنود السوريين في لبنان بآلاف الآلاف، ارتبطت مصالحهم السياسية والاقتصادية بالوجود السوري في لبنان، مهما كان اسمه ومهما كان شكله .. وربما أيضاً ارتبطت به مصائرهم الحياتية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سوف أتبع هذه المقالة بمقالة آخرى عنوانها : ( هل الوجود السوري في لبنان وجود عضوي ؟ ) يرجى ممن لديه أي فكرة أو رأي أو اقتراح بما يخص هذا الموضوع أن يراسلني على عنواني الأليكتروني أعلاه. أو : [email protected] على أنه ستذكر كل المداخلات مع اسماء أصحابها ، إلا حين يشيرون بعكس ذلك .. مع شكري للجميع .
#منذر_مصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ـ ( الشاي ليس بطيئاً ): 8 والأخير - أَجري خَلفَ كُلِّ شَيءٍ
...
-
ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) -7 : خرائط للعميان
-
ـ( الشاي ليس بطيئاً ) 5- تَحتَ لِحافِ صَمتي
-
ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) 4- عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَر
...
-
الشاي ليس بطيئاً - 3-... حُلواً ومُرَّاً بِطَعمِ الصَّدَ
-
الشاي ليس بطيئاً - 2- هدايا البخيل
-
الشاي ليس بطيئاً ) 1- يَحسَبُني الدُّخانُ نافِذَة )
-
الشاي ليس بطيئاً ) بالمجان )
-
رامبو الأزعر بالعربية
-
( يوم التمديد 3/9/2004 - ( 2 من 2
-
هل إسلام تركيا... هو وحده طرفا المعادلة !
-
النص الكامل لمقابلتي مع عباس بيضون.
-
يوم التمديد 3/9/2004-( 1 من 2 )ـ
-
مهرجان ، مهرجون، مهرجنون !!
-
صاح الحشد : اقتلوه اقتلوه
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 6 – الأخير ) – لمن
...
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 5 ) – لمن العالم ؟
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث (4 ) - لمن العالم ؟
-
أطول وأَسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 3 ) لِمن العالَم
...
-
أَطول وأَسوأ قصيدة في الشِّعر العربي الحديث: ( 2 ) - لِمَن ا
...
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|