أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - المنهج الماركسي والآفاق المفتوحة















المزيد.....

المنهج الماركسي والآفاق المفتوحة


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3569 - 2011 / 12 / 7 - 15:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مع بداية القرن الحالي يكون قد مرّ أكثر من قرن ونصف على صدور "البيان الشيوعي" الذي صاغه كارل ماركس وفريدريك انجلز ليعبًر عن موقف الشيوعيين الأوروبيين وبرنامجهم في أجواء تؤذن بانتشار الإنتفاضات الديمقراطية الثورية في القارة الأوروبية.

واليوم، بعد أكثر من 150 سنة على صدور "البيان"، لا يمكن نكران القيمة الراهنة للتشخيص الذي قدمه ماركس وانجلز للرأسمالية، تشخيصاً يكاد ينطبق حرفياً على التوصيفات التي تحاول في أيامنا تعريف ظاهرة "العولمة" وكأنها اكتشاف جديد .

جاء في "البيان الشيوعي":

"لا يمكن للبرجوازية أن تبقى في الوجود دون التثوير الدائم لأدوات الإنتاج، وهذا يعني تثوير علاقات الإنتاج، وبالتالي كافة العلاقات الإجتماعية ...-

"إن البرجوازية التي تحركها على الدوام الحاجة الى أسواق جديدة ، تجتاح الكرة الأرضية جمعاء، إذ يتوجب عليها ان تستوطن في كل مكان ، وأن تستثمر في كل مكان ، وأن تقيم علاقات في كل مكان".


رغم الراهنية المدهشة لهذا النص المأخوذ من "البيان الشيوعي" ينبغي التأكيد هنا على أن القائلين بموت الماركسية ينسون أو يتناسون أن المهم بالنسبة للماركسيين ليس قدسية النص. فليست الماركسية مجرد وصف للرأسمالية في زمن ماركس، رغم ما في هذا الوصف من نفاذ الى الجوهر. إنها منهج علمي وعملي تكوّن في النضال الديمقراطي الثوري للشيوعيين، وأثبت صلاحيته بهذه الصفة، ولا يزال، كدليل عمل وبحث ونضال.


والمنهج هو طريقة في التفكير، وثيق الصلة بالموضوع الذي يجري التفكير به، يتغير بتغيره. لذلك عندما يجري الحديث عن المنهج الماركسي، يقفز إلى الذهن مباشرة، الطريقة التي اتبعها ماركس في المعالجة النظرية للموضوعات التي كانت محط اهتمامه، وإن أكمل عرض له يمكن ملاحظته في كتاب "رأس المال" لماركس .
تتميز طريقة ماركس في التفكير، أي الطريقة المادية الجدلية والتاريخية بسمات جوهرية ثلاثة هي أنها مادية، وهذا يعني الإقرار بوجود الأشياء والظواهر موضوعيا، بغض النظر عن إرادة الإنسان ووعيه بها ، و أنها جدلية، بمعنى أنها تنظر إلى الأشياء والظواهر، على أنها ظواهر متناقضة، وفي تغير مستمر، وتخضع لنوع من الترابطات الشمولية، يؤثرويتأثر بعضها بالبعض الأخر ، و أنها تاريخية، وهذا يعني، من جهة، أن الوجود الموضوعي للأشياء والظواهر هو وجود تاريخي متغير، يختلف من حيث زمن وجوده، ومن جهة ثانية، إن معارفنا عن الأشياء والظواهر ذات قيمة تاريخية وحسب .

وماركس قد ألمح بفضل منهجه العلمي الى أن العولمة الرأسمالية تتم عبر انتشار نمط الإنتاج الرأسمالي، وبالتالي انتشار علاقات الإنتاج الرأسمالية، وذلك رغم أن تصدير الرأسمال كان في أيامه لا يزال جنينياً.
وهدا المنهج الماركسي العلمي هو الذي هدى لينين الى إدراك أهمية إكتشاف الإقتصادي الإشتراكي هلفردنغ بأن هناك "ظاهرة" جديدة في الإقتصاد هي الميل الى "تصدير الرأسمال" وليس تصدير البضائع فقط. وربط لينين هذا الإكتشاف الإقتصادي بنتائجه السياسية المنطقية على صعيد الحركة الثورية. فالظاهرة تعني أن الحركة الثورية ضد الرأسمال تدخل مرحلة جديدة بنهوض النضال التحرري في المستعمرات بمشاركة الطبقة العاملة مباشرة، حتى وإن كانت هذه الحركات التحررية لا تدرك مباشرة ارتباط النضال من أجل التحرر الوطني بالنضال من أجل التحرر الإجتماعي في العالم الحديث الذي يتوحد في خضوعه لسلطة الرأسمال المالي. وهكذا طور لينين شعار "البيان الشيوعي": "يا عمال العالم ويا أيتها الشعوب المضطهدة، اتحدوا !"


إن واقع المنهج العلمي الماركسي باعتباره منهجا متطورا باستمرار باستفادته من تطور العلوم و التقنيات من مناهجها، و النتائج التي يتم التوصل إليها يرفض الثبات و الاستقرار على حال واحدة حتى في المنهج نفسه. و لذلك فهو يستطيع أن يتلاءم مع الواقع المتجدد و المختلف باعتماده خصائص كل واقع على حدة إلى جانب اعتماده على قوانينه المنهجية. و لذلك، فهو يهدف إلى جعل أي واقع متحولا باستمرار من خلال اعتماد خصائصه المميزة له، لا من اجل إعادة إنتاج نفس الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي. بل من اجل جعله يتطور بإنتاجه هياكل مختلفة و متطورة عن الهياكل السابقة مما يجعل التشكلية الاقتصادية الاجتماعية القائمة تتطور إلى تشكيلة اقتصادية اجتماعية اكثر تطورا. و هو ما يعني أن المنهج الماركسي لا يقبل الواقع كما هو راكد آسن، لا يتبدل و لا يتغير، لأن هذا الواقع غير موجود أصلا، و ما هو موجود هو التحكم في حركة الواقع و توجيهها لاعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية من قبل من يستفيدون من استغلاله، من اجل تأبيد استغلاله. و تأبيد الاستغلال ليس إلا ممارسة صادرة من الطبقة الحاكمة التي توظف أجهزة الدولة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و القمعية لأجل ذلك. و المنهج الماركسي يعمل على أن لا تستغل السلطة في توجيه حركة المجتمع، و ان تترك هذه الحركة لجعل المجتمع يتطور إلى الأحسن، أي تحرير المجتمع من سيطرة توجيه الطبقة الحاكمة حتى يتحقق التطور كما يسعى إليه الماركسيون، و كما يتصوره المنهج الماركسي المتطور، الفاعل في واقع متطور.


وفي ضوء هذا المنهج نفسه يمكن التأكيد على أن سقوط التجربة الإشتراكية السوفياتية ـ الذي يتخذ منه دعاة "موت الماركسية" "برهاناً" على صحة إدعائهم ـ إنما يفتح المجال لتجارب أرقى، تستفيد من دراسة ونقد التجارب السابقة ـ مثلما استفاد لينين في تجربة ثورة أوكتوبر من تجربة كومونة باريس والثورة الفرنسية ودراستها واستخلاص الدروس منها ـ وذلك في ظروف جديدة مختلفة، لا يمكن التنبؤ بتفاصيلها سلفاً، ظروف يولّدها التطور الذي أثبت بسرعة فاجأت الكثيرين أنه يعمّق التناقضات التي لازمت التطور الرأسمالي، ويتكشّف عن تناقضات جديدة يمكن أن يؤدي تفجرها الى تهديد الوجود البشري في بيئته الطبيعية وطبيعته الإنسانية، إذا ما استمر إخضاع التقدم العلمي والتكنولوجي لمصالح رأسمالية فالتة من كل عقال وذات أحجام كونية لم تعهدها البشرية من قبل.

ولدلك نقول إن القصور الذي أصاب الماركسية في الأونة الأخيرة يقتضي إعادة النظر في الممارسة اليومية النظرية و العلمية للماركسيين، و في إعادة النظر، انطلاقا من مستجدات العلوم و التقنيات المتطورة، في المفاهيم و المقولات الماركسية المعتمدة في المنهج الماركسي، و توظيفها في إعادة قراءة الواقع العيني مع استحضار الخصوصيات المميزة لكل واقع على حدة تطبيقا للمقولة اللينينية "التحليل الملموس للواقع الملموس" حتى يتجنب الماركسيون عملية إسقاط ما يتعلق بواقع معين على واقع آخر. و حتى تصير الماركسية منتجة فعلا، حتى يصير العلم الماركسي، و الفكر العلمي الماركسي سائدا على المستوى المحلي، و على المستوى العالمي.

ولكي يكون المنهج الماركسي مالكا للقدرة الفائقة وقادرا على تجاوز كل السلبيات التي طالته يجب عليه العمل على الحرص على تمثل الماركسيين للقوانين، و المقولات العلمية للاشتراكية العلمية حتى يمتلكوا القدرة على التعامل العلمي مع الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي تعاملا علميا يتبين من خلاله ما يجب عمله من اجل الفعل فيه، و العمل على تغييره ، والحرص على امتلاك الخبرة بالواقع و على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و العمل على وضع برنامج اقتصادي و اجتماعي و ثقافي و مدني و سياسي يكون مرشدا للعمل على تغيير الواقع تغييرا مرحليا و استرتيجيا ، والرجوع في اتخاذ القرارات إلى الأجهزة التقريرية تجنبا لكل ما يمكن أن يؤدي الى فرض الممارسة البيروقراطية في التنظيم ، و استحضار الخصوصيات المحلية الدينية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية في التعامل المنهجي مع واقع معين حتى تكون النتائج متناسبة مع إمكانية العمل على تغيير ذلك الواقع ، و الحرص على ديمقراطية التنظيم الماركسي حتى نتجنب المقولات الجاهزة التي يمكن أن تقف وراء جمود التنظيم و عجزه عن مسايرة مختلف التحولات التي يعرفها الواقع ، و بناء الحركة الماركسية بناء علميا دقيقا يقتضي استحضار أسس قيام حركة ماركسية رائدة على المستويات الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية ....

و بذلك يتم بناء الخطوات التي تمكن الحركة الماركسية و المنهج الماركسي على أسس صحيحة تضمن الاستمرار و القوة، و التطور و الفعل في الواقع في نفس الوقت، مما يجعلها تتجاوز كل التحديات التي تحاول عرقلة سيرها، و تعاطيها مع الواقع من اجل إنسان حر و عادل و ديمقراطي و إنساني.



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخزن المغربي والرأسمالية الطفيلية وصيرورة التأسيس والتطور
- المشروع السياسي الدي قد تتجاوزه الظروف في حال ممانعة المخزن
- شعوبنا والحاجة لعزة النفس
- طوفان نوح والتفسير العلمي
- معيرة الطبقات الاجتماعية
- الانتخابات التشريعية وسياسة طحن الهواء
- ما بعد = الربيع العربي - هل هو مشروع سياسي أسوأ ؟
- الماركسية والشيوعية بين الحق والباطل
- العلمانية والحداثة
- الانتخابات البرلمانية الفاسدة ومشروع حكومة أفسد
- العلمانية الحقة ليس كما يشوش عليها مفكرو الظلام
- البرجوازية ، الرأسمالية ، الامبريالية والمستقبل المفتوح
- الفضائيات الدينية ورواج التخلف
- الاشتراكيون الجدريون ومقاطعة الانتخابات
- الضرورة الحتمية لديكتاتورية البروليتاريا في النظام الاشتراكي
- عظماء قالوا عن الإلحاد : الجزء الثاني
- عظماء قالوا عن الإلحاد
- الكارما ، منظومة الأخلاق البودية
- حكم دات مغزى عميق من أقوال بودا
- فلسفات الإلحاد في الفكر الهندي


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - المنهج الماركسي والآفاق المفتوحة