|
كاد المريب أن يقول خذوني.. خامنئي نموذجاً
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1057 - 2004 / 12 / 24 - 08:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يدر بخلدي يوماً أني سأتعرض إلى رجل دين بالنقد، خاصة وإني تربيت ونشأت وسط عائلة كانت ومازالت متدينة جداً حيث كنا ننظر إلى رجل الدين بمنتهى القداسة والاحترام. كان ذلك قبل أن يتم اختطاف الدين وتشويهه من قبل المتطرفين وإقحامه في السياسة وجعله "أحبولة لف واصطياد" على حد تعبير شاعر الشعب الراحل محمد صالح بحر العلوم. ولكن بعد أن حصل ما حصل وحشر رجال الدين أنفسهم في ألاعيب السياسة ودسائسها وتسلطوا على رقاب الناس واتخذوا من الإسلام سلماً للسيطرة والنفوذ، وراحوا يلهثون وراء المناصب ويدفعون الشباب إلى قتل الأبرياء بحجة الجهاد في سبيل الله حتى صار الإسلام مرادفاً للإرهاب، ويصدرون الفتاوى بتشجيع ذبح الأبرياء وتدمير حياة الشعب العراقي، عندئذ فمن حقنا، أن نقول كلمتنا بحق هؤلاء الذين قال عنهم الإمام الباقر: "أخاف على أمتي من أئمة ضالين". وإذا أراد رجل الدين ممارسة السياسة فعليه أن يتقبل أن نعامله كرجل سياسة وأن لا يتمترس بجلباب الدين في تمرير سياساته. في مقالة سابقة لي بعنوان (البعث يعمل لإشعال حرب طائفية) ذكرت فيها أن البعثيين يروجون أن التفجيرات وقتل المدنيين الأبرياء واغتيال العلماء والأطباء ومطالبتهم بمغادرة العراق لتفريغه من العقول، هي من صنع الموساد والأمريكان. وليس مستغرباً أن نسمع الإدعاء ذاته من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله على خامنئي عندما قال ان الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية هي التي تقف وراء الاعتداءات التي استهدفت مدينتي النجف وكربلاء اول من امس. وقال خامنئي في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الايراني «انني على يقين ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية تقف خلف هذه الاحداث».(الشرق الأوسط، 21/12/2004). ونحن إذ نسأل، لماذا سارع خامنئي إلى ترديد ادعاءات البعثيين الزائفة وما هي الأدلة التي اعتمد عليها ليكون "على يقين" من صحتها؟ تقول الحكمة (حدث العاقل بما لا يليق، فإن صدق فلا عقل له). فلو نظرنا إلى موقف التيار الديني المتشدد في إيران والذي يقوده السيد علي خامنئي، حاكم إيران المطلق، من تحرير العراق لعرفنا لماذا يطلق الرجل هذه التصريحات التي لا يمكن لأي عاقل تصديقها. فقد بات واضحاً أن سوريا وإيران تبنتا مخططاً استراتجيا ومصيرياً قبيل الحرب على صدام، غايتها تحويل العراق إلى "ضفة غربية كبرى" أو "فيتنام" ثانية، ضد أمريكا خدمة لأغراضهما وخوفاً على نظاميهما من المصير الذي لقيه نظام صدام حسين. ولذلك تم عقد (التحالف السوري -الإيراني - البعثي - الزرقاوي) لإفشال دمقرطة العراق على أمل إلحاق الهزيمة بالأمريكان عن طريق إغراق العراق بالدماء "وتحويله إلى مستنقع يمرغون فيه كبرياء أميركا كي لا تعيد هذه الغلطة ثانية" على حد تعبير البعض منهم. طبعاً هذه السياسية ناتجة عن قصر نظر سببها العقلية الضيقة المحصورة في كهوف الآيديولوجيات الشمولية المظلمة التي تقضي على العقل وتمنعه من التفكير السليم، وبالتأكيد ستكون نتائجها كارثية عليهم وعلى شعوبهم المظلومة، تماما كما حصل لصدام حسين. فالعاقل من يتعظ بأخطاء غيره والجاهل لا يتعظ حتى من أخطائه. ومع الزمن، انكشفت المخططات الإيرانية السورية في دعم الإرهاب في العراق، سواءً من خلال الدعم الإيراني لمقتدى الصدر وجيش المهدي الذي كلف العراقيين آلاف الضحايا، أو تسهيل إيران وسوريا للإرهابيين الأجانب دخول العراق من حدودهما مع العراق. لقد أرسلت إيران الألوف من رجال مخابراتها والحرس الثوري والإرهابيين الأجانب للقيام بأعمال القتل والتخريب كما ثبت ذلك من خلال الذين وقعوا في الأسر. ونفس الكلام ينطبق على سوريا، حيث يقوم أئمة المساجد هناك بتحريض الشباب على الذهاب إلى العراق للجهاد، إذ تفيد الأنباء أن هذه المساجد تحولت إلى مراكز لتجنيد الإرهابيين وتدفع حوالي 1600 جنيه استرليني لكل متطوع. وكما يعلم الجميع أن سوريا كإيران، دولة بوليسية لا يمكن لهؤلاء الأئمة أن يقوموا بهذا الدور التحريضي ما لم تدعمهم السلطة البعثية. كذلك نعلم الآن أن قيادة حزب البعث العراقي هي في سوريا تقود الإرهاب من حلب. إيران التي تتباكى ليل نهار على الشعب العراقي وتتهم أمريكا بالتفجيرات وبسرقة ثرواته النفطية وتطالب برحيل قواتها الفوري، هي نفسها التي أعلنت على لسان الناطق باسم وزارة خارجيتها، احمد رضا آصفي (.... ان ايران ستطالب الحكومة العراقية المقبلة بتعويضات لما لحق بها من دمار خلال الحرب التي دارت بين البلدين (1980- 1988). ويقدر الايرانيون الاضرار التي لحقتهم بسبب الحرب بنحو الف مليار دولار. بينما أمريكا شطبت كل ديونها على العراق والبالغة 4.1 مليار دولار وتبرعت بما يقارب العشرين مليار دولار لإعمار العراق. فمن الحريص على مصلحة الشعب العراقي يا سماحة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية؟ إيران الإسلامية أم أمريكا "الشيطان الأكبر"؟ أفتونا يرحمكم الله!. ولماذا هذا التستر على الإرهابيين الحقيقيين والخوف من فضحهم؟ إن تستر على خامنئي على الإرهابيين البعثيين وحلفائهم من الزرقاويين الذين يتلقون مباركته ودعمه، من تهمة التفجيرات في كربلاء والنجف هو من باب (كاد المريب أن يقول خذوني).
نعم، لدى الحكومة العراقية أدلة ثبوتية ومستمسكات تدين ضلوع إيران وسوريا بدعم الإرهاب في العراق، تؤكدها تصريحات رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ووزير الداخلية عن دور هذين البلدين في تخريب العراق والعمل على منع الانتخابات فيه وأن لإيران عملاء من العراقيين يعملون لصالحها على حساب وطنهم وربما سيتم فضحهم في المستقبل القريب. وهذا هو رجل الدين العراقي المتنور السيد أياد جمال الدين يقول: «نعم هناك تدخل كبير من دول الجوار وخاصة التأثير ماليا على الناس وكذلك بالنفوذ السياسي. وهناك رغبة جادة لدى ايران لتكون هي المهيمنة في البرلمان العراقي من خلال أصدقائها الموجودين داخل العراق، ولا ننسى ان هناك قوى سياسية عراقية لها علاقة وثيقة بايران كونها تأسست على الاراضي الايرانية وهي على علاقة وثيقة بها، هناك بعض الاحزاب السياسية العراقية ينص قانونها الداخلي على ان القائد الأعلى لهذا الحزب او هذه الحركة هو المرشد الأعلى للثورة الاسلامية في ايران، ولم يتم تغيير الدستور او النظام الداخلي لهذه الحركات والأحزاب حتى هذه اللحظة، وهؤلاء دعموا من قبل ايران بأموال هائلة وتحت خدمتهم القنوات الفضائية والصحف والمراكز الإعلامية وباستطاعتهم التأثير بقوة على آراء الناس، وأنا برأيي ان الصراع الحقيقي هو بين قوى ديمقراطية وطنية وبين قوى اسلامية تفكر بانشاء اقليم اسلامي او بلد اسلامي كبير بنوع من التحالفات الايرانية والسورية تحديدا». (الشرق الأوسط، 22/12/2004). ومن كل ما تقدم، نعلم إن الذين يحكمون إيران باسم الإسلام لن يتورعوا لحظة واحدة عن مخالفة المبادئ الإسلامية وضربها عرض الحائط والتحالف حتى مع الشيطان وكافة أشرار العالم من البعثيين والقاعديين وغيرهم في سبيل تحقيق أغراضهم السياسية الدنيئة لضمان بقاء حكمهم المهزوز والمرفوض من قبل شعوبهم المظلومة وعلى حساب أمن وسلامة شعبنا. فعلي خامنئي وحكام سوريا البعثيون يريدون محاربة أمريكا على الأرض العراقية وبدماء العراقيين. ولكن للتاريخ منطقه، فجميع الحكام الظالمين انتهوا إلى مزبلة التاريخ. فرغم المصاعب التي يخلقها الإرهابيون ومن يدعمهم، فإن شعبنا لا بد وأن ينتصر، لأن هذا هو منطق التاريخ. وإن غداً لناظره قريب.
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعث يعمل على إشعال حرب طائفية
-
حول تصريحات السيد الشعلان الأخيرة
-
لماذا ينتخب العراقيون مرتين؟
-
الدين والسياسة.. مرة أخرى
-
شيخ الأزهر يوزع صكوك الغفران مقابل ذبح العراقيين
-
الانتخابات في موعدها انتصار للديمقراطية؟
-
متى ينال المجرمون جزاءهم؟
-
محنة سنة العراق
-
تأجيل الانتخابات العراقية انتصار لصدام والزرقاوي
-
في العراق.. الطائفية أقوى من الوطنية
-
الشرطة العراقية والموت المجاني؟
-
حذار من تكرار خدعة بن العاص في الفلوجة
-
ماذا يعني فوز بوش للولاية الثانية؟
-
لماذا نداء المجتمع المدني ضد التدخل الفرنسي في الشأن العراقي
...
-
المثقفون الأحرار في مواجهة فقهاء الإرهاب
-
متى تتوقف المجازر في العراق؟
-
دور الأردن في تخريب العراق
-
حول(عقلية التدمير) والدقة العلمية..!!
-
هل مازال صدام يحكم العراق؟
-
ازدواجية الموقف العربي من الإرهاب
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|