أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - مأوى العجـــزة















المزيد.....

مأوى العجـــزة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1057 - 2004 / 12 / 24 - 08:28
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في بداية المشهد التراجيكوميدي يافطة مكتوب عليها:"أهلا بكم في أكبر مأوى للعجزة في العالم."

فحين تجول بنظرك المتعب, والمرهق, والمنهك على هذه البقع الجغرافية الديناميتية وال تي.إن.تية القنبلاتية المترهلة والشائخة, والمصابة بالخرف, والتهالك ,والعجز, والشلل التام, تدرك حجم الكارثة وعمق الشرخ, واستحالة التعافي, والشفاء, والبراء. ولقد كانت, وعلى مدى زمن ليس بقصير, مسرحا لكل أنواع الفجور السلطوي, والسفورالسياسي ,والإستفشار الإستبدادي, والتناحر, والتقاتل, والصراع, والتناحة العمياء,والبلاهة الخرقاء, وممارسات المجون والانحلالات والعربدات الأخرى, وتلاوة مزامير العربنجيات المدمرة. ولقد كانت الفرمانات القراقوشية, واستعراضات القمع والإقصاء الفاجرة والمتحللة من كل مبدأ أو رباط ,كفيلة بأن تصيب الجميع بالشلل والخدر والفالج الجماعي العام الذي ليس له علاج أو دواء.وقد أصيب هؤلاء المنحوسون وخائبي الرجاء والآمال بالكساح الحضاري, والعرج العقلي, والخلع الولادي البشري الشامل, والمراوحة والمكوث في المكان لقرون كاملات, وصارت أمة مقعدة وعرجاء.وستدرك, يقينا قاطعا, بأن عصر الديناصورات مازال ماثلا و في أوج قمتة وتألقه.

وأصبحنا بحاجة للآخرين ليس فقط ليجروا لنا عربة الموت والوداع الأخير, وحمل النعوش والأكفان بل أيضا" ليحلقوا" لنا شعورنا وذقوننا , وغسل الصحون, وقلي الفلافل,والرد على التليفونات, وإعداد أطباق الحمص والفول و"المجدرة" تلك الأكلات الشعبية الشامية اللذيذة والمتوارثة عبر أجيال, ورد الغطاءات في الفراش,ومناولتنا كؤوس الشاي والماء والدواء, بل لينظفوا لنا الجحور والأوكار ويخرجوا منها الصراصير والخنافس والجرذان. وأصبحنا بحاجة لشركات تنظيف أجنبية لكل شيء ,الشوارع, والبيوت, والمحلات, والمطاعم, والحظائر, والعقول, والأجسام, والقنوات الفضائية العقائدية المتحجرة البلهاء , والقصور الرئاسية, والبلاطات الملكية,والاحزاب الثورية والقومجية وتلك التي ليس فيها أي أعضاء ,وتبييض الأفكار الظلامية, بعد أن فشلت "البلديات" الشمولية الكأداء من تنظيف "وترحيل" أي شيء حتى حاويات القمامة والحمامات, والسراويل, والشراويل, والبلاليع, والأيادي القذرة, والصدور السوداء المتسخة, والقلوب "المليانة", والأثواب والبذات, والياقات الرسمية التي تلطخت بكل الأوحال والأدران والملوثات النتنة الاخرى.

وإذا عرفنا وعلمنا ,وحسب الإحصائيات الصادرة من قمعستان وإحصاءات الأمم المتحدة المختصة وذات الصلة ,بأن نسب البطالة الحقيقية وانعدام فرص العمل هي الأعلى في العالم, ناهيك عن البطالة المقنعة التي تشكل أرقاما مرعبة وكارثية. وأصبح الكثيرون يفخرون ويتبجحون و"يتبخترون" بتيه وخيلاء, وغطرسة استفزازية حمقاء بأنهم يتقاضون رواتبهم دون القيام بأي نشاط يذكر. وهم في أحسن الأحوال وفي الواقع لايجيدون عمل أي شيء يذكر سوى النوم أثناء ساعات الدوام الرسمي, في الوقت الذي يدخل فيه الملايين من الشباب سوق العمل سنويا وباطراد. وإذا عرفنا وعلمنا بفشل كل الخطط والمشاريع التنموية والإستثمارية والإنهيارالتام والفساد للقطاعات التي تشرف عليها الحكومات العاجزة, أدركنا على الفور أننا فعلا في داخل مأوى كبير للعجزة والمشلولين "المكرسحين" الجالسين على الأرصفة والمقاهي ينفثون النارجيلة بتكاسل وبلادة حتى أصبح الجو كله ملبدا و "معسلا". في الوقت الذي صنع فيه "أغبياء اليابان" ساعات فيها أعشارو أعشار الثواني لقياس والتحكم الدقيق بالزمن وبالتالي استغلاله جيدا.فتأملوا حجم "الترف" الذي هم فيه. ويضاف إلى هذه المهازل أن دولة من مثل اسبانيا يفوق حجم انتاجها القومي انتاج هذه المنظومة المتعبة السلحفاتية جمعاء أضعافا وأضعاف.وبرغم تبجحنا وافتخارنا"وعنطزتنا" بالذهب الأسود الذي لم يزد حياتنا الا بؤسا وشقاء, وكان وبالا وشؤما في كثير من الأحيان. وفي الوقت الذي يذهب فيه "فرسان" الأعمال,ولصوص الشموليات الكبار بخوابي الذهب المنهوبة من الخزائن المستباحة للإستثمار في ما وراء البحار والمحيطات.

هذا العجز والشلل, هو ما جعلنا غير قادرين على فعل أي شيء , مما زاد وعمق من اعتمادنا على الآخرين في كل شيء, وبدا واضحا وجليا مع الأيام بأننا لانستطيع القيام بأي شيء على الإطلاق. وظلت أنظارنا محدقة للخارج بانتظار قادم غريب ليمد لنا يد المساعدة والعون حتى في قضاء الحاجات الطبيعية. ففي ظل عجز الحكومات وعجز الميزانيات ,وعجزالخطط, وعجز العقول ,وعجز الجيوش و العروش ,و عجزالنظريات, و"العنة والعجز الحركي العام", و"عقم الرجال", وفشل المحاولات, وقحط المشروعات, وندرة الإستثمارات, وشلل الاقتصادات, وبدائية النظريات, وشح الدولارات, وجفاف الضمائر والأخلاق, أصبحنا بحاجة لأي كان في أي شيء, والى "فياغرات" ومقويات في كل فعل ونشاط. فنحن بحاجة للأمريكان ليحاربوا عنا وضدنا, وليفصلوا بيننا وبين أنفسنا ,ويحمونا من بعضنا البعض ,ويمنعوا القبائل العربنجية من التعارك بالأيادي والأرجل والرفسات , والغارات, والغزوات, والهجمات, والكمائن كل ضد الآخر .وليقدموا لنا خارطات للطريق وخارطات للحمامات - لأنها أصبحت بحاجة الى دليل- ومشاريع وحلول إصلاحية واستراتيجية من شرق أوسط,largeوشرق أوسط x-large,وشرق أوسط small ,وشرق أوسطbaby, و شرق أوسط" للسن المحير" ليناسب كل الأذواق, ولكل من يفكر يوما أن ينام في هذا الفراش المستباح. كما فعل من زمان مبضع الدكتور كيسنجر في هذا الجسد المنهك التعبان.وكما احتجنا سابقا للاتحاد السوفيتي المقبور سيء الصيت والذكر, والكتلة الشرقية لاستيراد الستالينية ,والشمولية, والاستبداد, والقبضات الحديدية, والفولاذية,وبقية الفلزات المعدنية الأخرى. ولم نفكر باستيراد الحرير الهندي بتاتا للبس القفازات الحريرية ومد الأيادي والمصافحة بها ولو لمرة واحدة بالعمر. وكيف كانت قوافل البعثات ورسائل الدكتوراه الخلبية الكاذبة والمزيفة-- والتي لم يعترف بها أحد بعد ذاك-- تتردد إلى تلك الأصقاع للتزود بآخر ما توصلت إليه ماكينات الفرم المجرمة وفنون وأباطيل كم الأفواه من أساليب ووسائل قمعية . وكيف كنا بحاجة لتركيا العصملية لاستيراد فقه القرارات القراقوشية الرعناء المثيرة للضحك والسخرية والإشمئزاز.وإيطاليا للتزود بالأساليب والخبرات المافيوزية الرهيبة وممارساتها الإجرامية نظرا لرواجها الكبير والإقبال المنقطع النظير عليها في أسواق وبازارات الحقب الشمولية المصابة بالكساح.وإلى سويسرا وبنوكها وسريتها المصرفية وحيادها التاريخي لإيداع ما أمكن حمله و ماتمت سرقته وشفطه و"لهطه" من بيوت المال المفتوحة والخزائن المستباحة والعملات الخضراء الفاتحة لشهية الثوار الأبرار والذين لايخضعون "للريجيم والدايت" في هكذا مجالات . وإلى بريطانيا العظمى لتعلم لغتها الأممية العولمية, وإعطاء التصريحات والكلام عن الإصلاح,من قبل الزعماء, والرطانة بها عن حقوق الإنسان والاصلاحات للرأي العام الغربي المتنور والإبتسامات الصفراوات أمام الكاميرات, فيما توجه أقذع الشتائم والألفاظ والتهديد والوعيد بلغة الضاد للمعارضين والثرثارين الأوغاد.ومن فرنسا عطورها الباريسية الأشهر لإزالة روائح العفونة والوساخات السياسية المزمنة وطبقات الصدأ المتأكسدة فوق الأجساد الهرمة .ومن ألمانيا السيارات الشهيرة المصفحة ذات الأبهة والفخامة التي يركبها التجار والساسة والفجار خوفا على حياتهم من الفناء والإندثار, لأنهم ظواهر تاريخية "حقيقية"وطفرات جينية نادرة لا تتكرر في كل زمان أومكان.ومن الصين الأسوار العظام, والقلاع المحكمات, لرفعها أمام رياحات التغيير, وعواصف الإبداعات, عملا بالفتاوى الثورية المعروفة والمحفوظة آنذاك, لتجذير الأحادية والإنفصام والأنا المتضخمة عند بني العربان.ومن أفريقيا السوداء لون الليل والظلام لنوشح به هذه الأيام الداكنات المظلمات, وفكرها الغيبي, وفنون وطقوس الإبادات الجماعية الهوجاء عند قبائل بني الهوتو والتوتسي وأبناء عشائر كابيلا وموبوتووتايلور وغارانغ في السودان.ومن إسبانيا الأندلسية تراث وتاريخ ملوك وأمراء ولوردات الطوائف والأديان ولإثنيات والحروب المشينة نظرا للحاجة الماسة اليها في زمن التشرذم والتشظي والفلتان. ومن هولندا الأرض الواطئة ورودها, وزهورها, وزنابقها الحمراء لتزيين القصور والبلاطات, وإحياء الليالي الملاح, في أعراس وحفلات وزفافات أبناء الأكابر والذوات. ومن شرق آسيا الخدم والحشم والعمال والسائقين والطباخين والبياعين والمرافقين والعتالين والمغسلين والمنشفين والبنائين والهدامين والحاضنين والفيليبيين.

ومن خلال هذا الإستعراض المحزن بعد التجول في أروقة وردهات وزواريب هذا السيرك الكبير ومأوى العجزة الضخم بكل نزلاءه المساكين, وزواره المتعبين, وجدرانه الآيلة للسقوط والإنهيار, تبين اننا لم نفعل شيئا على الإطلاق وكان الشلل والسكون الواضح, والفشل الذريع, والاخفاقات الكبرى هي المحصلة والحقيقة الصارخة والواضحة الواحدة. فلا الخطط نفذناها, ولا التنمية حققناها, ولا الأوطان حميناها, ولا الأجيال ربيناها, ولا الإقتصادات دعمناها وقويناها, ولا الحكومات والزعامات انتخبناها, ولا البرلمانات رعيناها, ولا الشوارع والزواريب "زفتناها", ولا الأرض حررناها, ولا الأوطان سورناها, ولا الإتفاقيات احترمناها, ولا الثروات استثمرناها,ولا الحقول زرعناها, ولا الشموليات نسيناها,ولا الأصوليات افتقدناها,ولا السياسات والاستراتيجيات البعيدة احتضناها , ولا العلوم والاختراعات والحضارات واكبناها,ولا الأمم الحية العظيمة قلدناها, ولا "ثوابت" الجامعة العربنجية تركناها,ولا الحياة طورناها أودفعناها وأصبحنا وبكل أسى وقسوة خارج كل الحسابات والمعادلات وصرنا بدون أية بهجة أو رهجة. وكل ماننتظره هو لقاء وجه ربنا ذي الإكرام والجلال .ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

إنهم العجزة..........ساعدوهم.

نضال نعيسة صحفي سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضغــاث أحـــلام
- البــدون
- الأمـــــوات
- -هرطقات عربنجية-
- صـــــــح النوم يامو
- يوم للذكرى
- المعصومون
- الحضاريون الجدد
- اللعب في الوقت الضائع
- الحوار المتمدن ........عفوا
- الثورة العالمية الثالثة
- سوق عكاظ .........الالكترونية
- اللعب مع الكبار
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - مأوى العجـــزة