|
الدولة وثورة الكومونة – 5-5
أنور نجم الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 16:15
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
وماذا تعني الكومونة؟
تعني بكل بساطة ان المجتمع قد خلق لنفسه تعاونيات اجتماعية -كومونات غير خاضعة لسلطة عليا- فاعلة للسهر على المصالح المشتركة لكل فرد من أفراده، وذلك بالتقسيم البسيط للعمل، حسب تعريف كارل ماركس، فالدولة توجد على رأس المجتمع، وسيدة له. أما الكومونة فهو جسم المجتمع نفسه، وهي بالأحرى خادمة له. وليس في النظام الملكي فحسب، بل في أكثر الجمهوريات ديمقراطية، في أمريكا كالسويد، في بريطانيا كفرنسا، في تونس كمصر، كما في الجمهوريات السوفيتية السابقة أيضًا، يشكل السياسيون جسمًا مستقلا عن المجتمع، ذا نفوذ أعلى وفوق كل فرد في المجتمع، ويتمتعون بامتيازات أرستقراطية -حكومية أو حزبية- والمناصب الرابحة واللصوصية. لذلك لم تقع على عاتق ثورة الكومونة سوى الخلاص من أوباش الدولة، ثم إفساح المجال أمام التطور الاقتصادي الحر للمجتمع وأفراده الذين كانوا يديرون شؤون حياتهم بأنفسهم لا ضمن قرارات فوقانية للسياسيين الطفيليين. ______________________________________________________________________
كومونة باريس، كارل ماركس - تعريب فارس غصوب
"أحلت الكومونة الحرس الوطني محل الجيش. وكان يكفي للشعب بأن ينظم هذه الميليشيا على المستوى الوطني ليتخلص من الجيش الدائم. وكان هذا أول شرط اقتصادي ضروري لكل تقدم اجتماعي .. وقد أزيلت (الشرطة المستقلة) وحل محل هؤلاء اللصوص خدام الكومونة، والاستفتاء العام الذي استعمل حتى الآن كعقاب برلماني من السلطة المقدسة للدولة أو كألعوبة في يد الطبقات المسيطرة والذي لم يستعمله الشعب إلا لمعاقبة (انتقاء وسائل ...) سيطرة الطبقة البرلمانية على مراحل متباعدة، هذا الاستفتاء مكيف مع هدفه الحقيقي وهو التوصل إلى انتخاب الكومونات لموظفيهم الاداريين والتشريعيين. والوهم كان بأن الادارة والحكومة السياسية هما سران، أو وظائف متعالية لا يمكن اسنادها إلا لايادي فئة مجربة من طفيليي الدولة، وشاة يدفع لهم بسخاء وكهنة وضغط في مراكز عالية فامتصوا ذكاء الجماهير وتوجيههم ضد مصالحهم في الصفوف التحتية من السلسلة. ولقد تخلصت الكومونة كليًا من التسلسل في السياسة وأحلت محل الاساتذة المتعالين .. وعززت تموين هذه المدينة الكبيرة وقامت بكل الاعمال التي كانت موزعة بين الحكومة والبوليس والادارة، كانت تعمل عملها علنًا وببساطة .. يعملون في وضح النهار دون الادعاء بالعصمة ودون الاختباء وراء بيروقراطية روتينية، وبدون أي خجل من الاعتراف بالخطأ لاصلاحها. فقد قامت معًا بمختلف الوظائف العامة – العسكرية، الادارية والسياسية – التي عملت منها وظائف عمالية فعليًا، بدلا من أن تكون منحة سرية لطبقة سرية مجربة .. ففضلها الأكبر كان في تنظيمها الذي فاجأ العدو الخارجي من جهة والعدو الطبقي من الجهة الاخرى. فقد برهنت بوجودها عن حيويتها وأكدت نظريتها بعملها. فظهورها كان نصرًا على أعداء فرنسا. ففرنسا المأسورة استعادت بانطلاقة جريئة توجيه أوروبا ليس استنادًا إلى القوة الهمجية بل بقيادة الحركة الاجتماعية وباعطاء جسم لتطلعات الطبقة العاملة في كل البلدان. ولو تنظمت كل المدن الكبيرة في كومونات على الشكل الباريسي لما استطاعت أية حكومة من قمع الحركة بمفاجأة رجعية. وهذه التصرفات التمهيدية كانت قد ساعدت على احتضان الحركة وكل فرنسا كانت نظمت نفسها بكومونات تدير وتحكم نفسها، الجيش الدائم بدل بميليشيا شعبية، وجيش طفيليي الدولة أزيح والسلطات الدينية حل محلها المدرس (قضاء الدولة حول إلى تنظيمات كومونية). ولم يعد الانتخاب الوطني وسيلة لتمرير حكومة قوية ولكن تعبيرًا صريحًا للكومونات المنظمة. ووظائف الدولة كانت حولت إلى وظائف تتعلق بأهداف عامة ووطنية. هذه هي الكومونة - الشكل السياسي للتحرر الاجتماعي ولتحرير العمل من الاغتصاب (الاستعباد) لهؤلاء محتكري وسائل العمل، الذي خلقها العمال أنفسهم أو هي عطاء من الطبيعة. كما ان الجهاز الاداري والبرلماني لا يكونان الحياة الحقيقية للطبقات المسيطرة بل المؤسسات العامة لسيطرتهما، الضمانات السياسية، الاشكال والتعابير للنظام القديم. وأيضًا الكومونة ليست الحركة الاجتماعية للطبقة العاملة وبالتالي الحركة الخلاقة لكل الانسانية ولكن الوسيلة العضوية للعمال. الكومونة لا تقضي على الصراع الطبقي الذي بموجبه تسعى الطبقة العاملة للقضاء على كل الطبقات وبالتالي كل (السيطرة) الطبقية (لانها لا تمثل مصلحة خاصة)؛ فهي تمثل تحرير (العمال) أي الشرط الاساسي والطبيعي لكل حياة فردية واجتماعية، التي كان الاغتصاب وحده والاحتيال والحيل المصطنعة تسمح للاقلية بالسيطرة على (الاكثرية) .. فقد بدأت تحرر العمل – هدفها الاكبر – بتكنيسها العمل غير المجدي والمسيء لطفيليي الدولة: فاستأصلت من جهة جذور الشر الذي كان يعطي قسمًا كبيرًا من الدخل الوطني لتغذية المخلوق العجيب للدولة ومن جهة اخرى فقد أكملت العمل الفعلي للادارة المحلية والوطنية لرواتب عمالية" (ص 132، 133، 134)
"ان التحويل الاقتصادي الواجب عمله، ليس فقط تحويلا في التوزيع بل تنظيمًا جديدًا للإنتاج أو بالاحرى تحرير الاشكال الاجتماعية كما هي موجودة في التنظيم الحالي للعمل (الذي خلقته الصناعة الحديثة) باقتلاعهم من روابط الاستعباد، إلى طابعهم الطبقي الحالي وعليه في النهاية تحقيق تجاوب هذه الاشكال على المستوى الوطني والاممي. وكانت تعلم بأن هذا العمل التجديدي سيخف وستعقبه المصالح التقليدية والانانيات الطبقية .. وهي تعلم في الوقت ذاته ان خطوات كبيرة يمكن القيام بها فورًا، بالنظر إلى الشكل الكوموني للتنظيم السياسي وان الوقت قد حان لبدء هذه الحركة ولذاتها وللانسانية" (ص 135).
"ان مباديء الكومونة أزلية ولا يمكن القضاء عليها؛ سوف تستمر بأن تفرض نفسها حتى تنتزع الطبقة العاملة تحررها" (ص 201).
"يعتبر الحركة المجيدة التي افتتحت في 18 آذار، فجر الثورة الاجتماعية الكبرى التي تحرر الانسانية إلى الأبد من حكم الطبقات" (ص 226).
"الكومونة التي اعتقدت قوى العالم القديم انها قد قضت عليها، تعيش، اقوى من اي وقت مضى، ويمكننا أن نهتف معكم: عاشت الكومونة!" (ص 228).
#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة وثورة الكومونة – 4-5
-
الدولة وثورة الكومونة – 3-5
-
الدولة وثورة الكومونة – 2-5
-
الدولة وثورة الكومونة – 1-5
-
مهزلة الليبرالية وضرورة الاشتراكية
-
كل شيء لأجل تطوير الحركة الاشتراكية العالمية: التضامن لا الج
...
-
الأخلاق الإسلامية والأخلاق الشيوعية
-
الاشتراكية بداية التاريخ
-
نقد الأخلاق عند لينين
-
الأزمة المعاصرة في تأملات الليبراليين الأخلاقية
-
رسالة من مصر: ما الأهمية التاريخية لانتفاضة مصر؟
-
الموجة اللاحقة: إسرائيل، السعودية، الصين، وقناة السويس
-
اشتراكية لينين صورة كاريكاتورية لرأسمالية الدولة
-
رسائل من تونس: ما الخطوة اللاحقة؟
-
السيد علي الأسدي: رأسمالية الدولة
-
تونس: هُبُّوا ضحايا الاضطهاد! هُبُّوا إلى العمل المجالسي!
-
تونس: هُبُّوا إلى السماء، هُبُّوا إلى المجالس!
-
التعاونيات الشيوعية والتعاونيات الصينية
-
لينين صانع رأسمالية الدولة الاحتكارية!
-
المجالسية: من إيران عبر كردستان إلى المغرب ومصر وتونس
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|