|
نشوء الفكر الإخواسلفي من رحم الوهابية
انيس البرازي
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 13:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الجميع متفقون وخاصة الأحزاب الإسلامية الآن ، على ما يسمونه الدولة المدنية ،دولة القانون والعدالة ، دولة تتعامل السلطة فيها مع الأفراد على أساس المواطنة
ماذا تعني الدولة المدنية وحقوق المواطنة في بلد كسوريا يملك فسيفساء طائفية وعرقية متنوعة ؟.
إذا سلمنا أن الليبراليين والعلمانيين والشيوعيين والإشتراكيين هم ضد الدين الإسلامي وملحدين وكفرة ، فكيف سنقيم دولة مدنية ترسخ حقوق المواطنة في بلد إسلامي أو ذو غالبية إسلامية سنية ، قد يكون الجواب هو ان نقيم دولة إسلامية سنية يحكمها إسلاميون سنيون ويكونون عادلين مع كل شرائح المجتمع ولا يتعاملون مع الفئات السابقة على انهم كفرة في بلد إسلامي ،هؤلاء الكفرةسيسقط عنهم مواطنيتهم ويصبحون منبوذين ولا يتم التعامل معهم على أساس المواطنة
في نفس المفهوم فإن الكفار غير المسلمين والشيعة بكل فئاتهم (الرافضة ) ،هم أيضا إما روافض كفرة او أهل ذمة ، يسقط حقهم في التعامل على أساس المواطنة ، أو وجب عليهم أن يتعايشوا مع وضعهم الجديد كمواطنين درجة ثانية ، فهل ستستطيع الأحزاب الإسلامية والإخوانية السلفية المدعومة من الوهابية ان ترسخ دعائم الدولة المدنية أم انهم سيسقطون في مستنقع التناقضات بين الطروحات والأفعال
في الإمتحان الكبير القادم الذي سياتي بهم الى سدة الحكم بعد نجاح الثورات في المجتمعات الإسلامية ،
لقد بدأت تظهر بوادر المخطط الوهابي الأمريكي للمنطقة عبر تعبيد الطريق أمام الإخوان والسلفيين ليصلوا وبسهولة الى الحكم في جميع الدول الإسلامية الساعية للحرية والعدالة ،عبر ثوراتها المباركة والمفبركة تحت مفهوم الإبتلاء الإلّهي . وفي المرحلة اللاحقة سيطال المخطط كل الدول في المنطقة ، ولكن المحزن أن الغرب الليبرالي يتفرج على المخطط ويراقب فقط دون تدخل فاعل ن لكون هذا المخطط مدعوم من المخابرات الامريكية والموساد ؟
أبناء الأقليات في سوريا بغالبيتهم العظمى يرفضون التغيير من منطلق الخوف من الإسلاميين وما قد ينتجوه من رداءة سياسية قد تؤدي الى تهميش الأقليات ومحاربتهم ، ولكنهم بالواقع لا يخشون المسلمين بشكل عام وهذا مفروغ منه ، بل يخشون الإسلام السياسي المتمثل بالإخواسلفية الجديدة تحت إمرة وقيادة الوهابية السياسية وآل سعود ومظلة الأمريكان
الظلامية السياسية الإسلامية هي الخطر وليس الإسلام والإسلاميين الملتزمين ، ولكن المشكلة برمتها تدور حول الخلط الغير عادل بين الإسلام كدين وعقيدة وبين الإسلام السياسي والإخواسلفية ، اللتان اثبتتا فشلهما الزريع على مدى التاريخ وفي جميع بقاع العالم من أفغانستان وباكستان وإيران مرورا بالسعودية والسودان ، هل أحد يصدق بعد ان الإسلام السياسي هو الحل لمشاكل الفقر والبطالة وفقدان العدالة الاجتماعية والسياسية ، والقهر والتسلط ، والتمييز بين فئات الشعب ؟
العجيب أن الإخوان في مصر أسسوا حزب سياسي جديد بإسم حزب الحرية والعدالة ! حرية لمن ،وعدالة على من ؟ وهو إسم ليبرالي اتخذته الليبرالية منذ نشوءها ، ولا يمت بصلة للإسلام السياسي ، هل هو نوع من التقية السياسية ليصلوا للحكم أم أنهم فهموا اللعبة الشرق أوسطية التحررية وسيرسخون مفهوم جديدة سياسي هو الليبرا-إخواسلفية ، أي ليبرالية بإسقاطات إسلامية ، وهذا مستبعد ! والأغلب ان هذه التسمية جاءت تماشيا مع ( البورصة ) السياسية الجديدة التي تتطلب طروحات جديدة مفبركة لتصل بسهولة للعامة من الشعب سهل الإنقياد والتسييس ،
المستغرب أكثر ، ان الإسلاميين الملتزمين المعتدلين ينقادون وبشكل آلي نحو الصفات الإسلامية للأشياء أي حزب الإخوان وصفته المسلمين ، الجمعية الفلانية الإسلامية ، البنك الفلاني الإسلامي ، العلامًة الإسلامي ، الفقيه الإسلامي ، الكاتب فلان الإسلامي ، وطالما هذه الصفة المسيطرة والوحيدة هي محترمة ومبجلة فإن نقد الموصوف أصبح مكروها وغير مستحب ، ويمكن أن يدخل في خانة المحرمات مهما كان الموصوف وشكله ، وهنا تكمن المعضلة ،
الإخوان المسلمين تسلحوا بهذه الصفة (المسلمين) ولكنهم وبخطأ كبير اظهروا انهم حزب سري بأفكار تكفيرية خطيرة على المجتمعات ،Brotherhood قاموا بتسمية حزبهم (الإخوان ) الذي هو إسم مترجم من الإنكليزية بحرفيته التي تعني إخوة أوأخوية وهي تستعمل فقط في التجمعات السياسية او الإجتماعية التي يكون نظامها الداخلي صارما وغير معلن على العامة ولا يتمتع أحدهم بمزايا الإنضمام إلا بعد إجراءات صارمة وحلف اليمين بعدم الإفشاء بأسرار التجمع الى الأشخاص الأخرين ، فهم إذا وحسب إسمهم المعلن ليسوا حزبا سياسيا بالمعنى العام ، بقدر ما هم أخوية سرية تكفيرية تخيف العامة بأفكار لا يمكن أن تنشر على الملأ ، في ذلك الوقت ، ولكنهم وبعد محاولة إغتيال عبد الناصر وهروبهم الى السعودية تم إحتضانهم وتمويلهم من قبل الوهابية السعودية عام 1954 وأصبحوا فعلا منضمة سرية مهمتها الإغتيالات والتجييش الطائفي وإثارة النعرات والتبشير بالأفكار الوهابية ، وهم بعد ستة عقود من الإغتناء المالي عبر البنوك الإسلامية التي أصبحت مملوكة لهم كبنك فيصل الإسلامي وبنك التمويل الكويتي وإنهالت عليهم الدولارات النفطية أصبحوا قوة شعبية وحزب سياسي مخضرم يملك قدرات فذة في شراء الأصوات حسب سعر السوق المحلي وقدرتهم على التمويل للعشائر والقبائل العربية التي تعمل على التهريب والمخدرات ورشوة الساسة والحكام ، لقد تسنى لهم إفساد المجتمعات العربية وتحويلها الى ظلمة ومظلومين ، كفار ومؤمنين ، متماشين مع مصلحة امريكا وإسرائيل في إفساد المجتمعات الإسلامية وبدعم واضح منهما ، وهم يجهرون بالعداء التاريخي للدولة العبرية ، ويلتقون في ذلك مع النظام السوري الذي يجهر بالعداء للدولة العبرية ويسايرها في الخفاء ويعمل على تنفيذ مصالحها حرفيا ،
في الستينات والسبعينات من القرن الماضي وفي سوريا كنت تستطيع ان تسأل أي شخص في الشارع حتى اليافعين ، من هم الإخوان المسلمين ؟ سيجيبك : إنهم (زلم الأمريكان ) كانت حقيقة هي صفتهم الوحيدة كان هذا قبل يصبحوا أخوية منبوذة ويسجنوا ويقتلوا بأيدي حكام سوريا العلويين ،
الآن وبعد اكثر من ثلاثين عاما من الإضطهاد والسجون ، أصبحوا هم الأمل الإسلامي الشريف الذي سيحقق العدالة والحرية للشعب الثائر ، لا لشيئ الا لأنهم أضطهدوا ووجب على الشعب السوري ان يكرمهم بتسليمهم السلطة ليعيسوا فيها فسادا بإسم الدين ، هذا يذكرنا بالهولوكوست الالماني ضد اليهود فهم ،أي اليهود فد أنتجوا المحرقة كي يجمعوا عطف العالم ،ودموعهم ويسارع الى إغداق المزايا عليهم والأراضي والوطن البديل ، الذي حولوه فيما بعد الى محرقة كبرى للفلسطينيين ، كما افتعل الإخوان المسلمين وعلى مدى تاريخم الأسود وقائع وأفعال أدت الى تقتيلهم وسجنهم وإضطهادهم إبتداءا بمحاولة إغتيال عبد الناصر وإنتهاءا بمجزرة مدرسة المدفعية الطائفية التي رسخت حكم العلويين بشكل كامل وأدت الى خنوع شعبي تام من قبل الشعب لمدة ثلاثين عاما كانوا كافيين للنظام للوصول الى نقطة اللاعودة وإلى هذا الطريق المسدود الذي نراه الأن ،
هل سيعود المطهدون الى ديارهم بدعم شعبي إسلامي أعمى غوغائي ليقيموا ، كما الصهاينة ، محرقة لكل المخالفين لهم في العقيدة
ولكل اللذين لا يعتبرونهم مواطنين أصحاء في الدولة المدنية المزعومة وكل أهل الذمة والروافض الإثنا عشرية ,كل المذاهب الإسلامية غير السنية ؟؟ ام انهم غيروا منهجهم مع تغيير إسمهم في مصر لحزب الحرية والعدالة ، ليكونوا مؤسسين لمذهب علماني جديد اسمه الليبرا_إخواسلفية ، ؟؟ ولله في خلقه شؤون .
#انيس_البرازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الجيش السوري يسقط 11 مسيرة تابعة للجماعات التكفيرية
-
بالخطوات بسهولة.. تردد قناة طيور الجنة الجديد علي القمر الصن
...
-
TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا
...
-
أنس بيرقلي: الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا
...
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|