|
-معركة- النقاب: تحويل لوجهة اهتمام الشعب عن مشاكله الحقيقية
منصف القابسي
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 09:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
"معركة" النقاب: تحويل لوجهة اهتمام الشعب عن مشاكله الحقيقية وهجوم سافر على المرأة ومكاسبها. ظهرت القوى الظلامية بمختلف تلويناتها بعد 14 جانفي لتركب الموجة الثورية وشعارات الانتفاضة الأساسية مدعومة من القوى الامبريالية صانعتها عبر التاريخ، وهي اليوم وخاصة بعد وصولها إلى السلطة السياسية تكشر عن أنيابها وتعمل بكل ما في وسعها، بالوسائل الإعلامية والقانونية والثقافية وبالعنف الرجعي الممنهج كعادتها في الساحة الطلابية والشعبية على تمرير مشروعها الرجعي المعادي للشعب ولحركة التاريخ التقدمية. فبعد الاعتداءات العنيفة التي نفذتها تلك القوى في الساحة الشعبية وعلى الكليات بكل من سوسة وتونس والقيروان وقابس وعلى المدرسات والمدرسين الجامعيين والطلبة ها هي اليوم تستهدف كلية الآداب بمنوبة أحد معاقل النضال الوطني والاجتماعي التقدمي للحركة الطلابية مستعملة الحجز والتعنيف ومنع الطلبة من الدروس والقيام بالامتحانات وغيرها من الأساليب الإرهابية. إن تبرير قوى الردة عملياتها هذه بالدفاع عن حق الطالبات المنقبات في الترسيم ليس سوى واجهة لذر الرماد في العيون أما الأسباب الحقيقية لهذا الهجوم الشرس فهي أعمق من ذلك بكثير. لقد رفع شعبنا في انتفاضة 14 جانفي 2011 شعارات ضد التدخل الخارجي في تونس وضد الفساد والاستبداد وقمع الحريات العامة والفردية والتمييز بين الجهات والبطالة وغلاء المعيشة وضد ضرب المكاسب الجزئية التي حققتها الجماهير في قطاعات السكن والصحة والتعليم والنقل والتأمين والتغطية الاجتماعية وكذلك مكاسب المرأة، ودعا إلى حرية الإعلام واستقلالية القضاء وإلى تطهير أجهزة الدولة والإدارة من الفاسدين ومحاسبة الضالعين في الجرائم التي اقترفت في حق أبناء الشعب وطالب أيضا بمجلس تأسيسي يخدم مصالحه وقضاياه. ولم يقف الأمر عند حد رفع الشعارات بل قدم شعبنا من أجل تحقيق كل ذلك تضحيات جسام تمثلت في مئات الشهداء وآلاف الجرحى. ولكن "حركة النهضة" و"حزب التحرير" وكل السائرين في ركابهم يضربون بهذه المطالب والشعارات الشعبية عرض الحائط ويعملون على تحويل وجهة الصراع من نضال ضد الاستعمار الأمريكي الأوروبي لتونس الذي ينهب القطر وضد عملائه من قوى ليبرالية وظلامية باعت تونس بأبخس الأثمان، من نضال يهدف إلى التحرر الوطني وبناء الديمقراطية الشعبية الثورية التي تضمن العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي الوطني الحقيقي والعيش الكريم والحريات السياسية للجماهير الشعبية الكادحة، إلى صراع حول قيام الخلافة الإسلامية والنقاب والكفر والإيمان وتعدد الزوجات وإلى ممارسة مختلف أساليب الإرهاب لفرض الأمر الواقع على الشعب وقواه الوطنية التقدمية والديمقراطية المناضلة التي ساهمت بشكل فعال إلى جانب الجماهير في المسار النضالي الثوري للشعب ضد الاستغلال والظلم والنهب خلال مختلف الحقبات التاريخية. إن هدف "حركة النهضة" والقوى السائرة في نهجها من إثارة هذه القضايا المفتعلة ومن الزج بالجماهير في معارك هامشية هو تزييف وعي الشعب من أجل إبعاده عن الاهتمام بمشاكله الحقيقية وبالشأن السياسي العام ومن ثم حماية مواقعها في السلطة باعتبارها عاجزة كليا مثلها مثل بن علي على تحقيق مطالب الشعب وطموحاته. إن زيارة وفد من "النهضة" إلى أمريكا وأنجلترا في ماي الماضي وتكريم رئيسها مؤخرا في الولايات المتحدة والإمكانيات المالية الضخمة التي وظفتها في "الانتخابات" الأخيرة، ودعم الإدارة الأمريكية لنتائج تلك "الانتخابات" والسعي المحموم للسيطرة على جل المواقع في حكومة الائتلاف الطبقي الرجعي الذي لا يزال يمسك بالسلطة في تونس هي دلائل واضحة على أن لا هم لهذه الحركة ولحلفائها أيضا وللسائرين في ركابهم سوى اللهث وراء الكراسي والمواقع في السلطة السياسية من أجل تمرير المشروع الأمريكي الاستعماري العدواني النهاب المتمثل في ما يسمى بالسوق الحرة الكبيرة الممتدة من الشرق الأوسط إلى منطقة شمال إفريقيا في مواجهة "اتفاقات الشراكة" مع "الاتحاد الأوروبي". وليس من باب الصدفة أن تصل اليوم الحركات الإخوانية إلى السلطة السياسية في كل من ليبيا وتونس والمغرب ومصر والبقية تأتي وليس من باب الصدفة أيضا أن تدعم الامبريالية الأمريكية نتائج تلك الانتخابات. إن الخطر كل الخطر الذي يداهم الشعب اليوم بعد التضحيات التي قدمها هو سعي القوى الظلامية باسم الدين لاستبدال سلطة عميلة ومستبدة، تلك التي كان يقودها بن علي، بسلطة أخرى لا تقل عنها دموية وارتماء في أحضان القوى الاستعمارية. وإن تعهد قيادة النهضة اليوم باحترام كل اتفاقات تونس وتعهداتها الدولية هو دليل ملموس ليس فقط على ولائها للخارج بل وعلى عدم استعدادها لحل المشاكل الأساسية التي يعاني منها الشعب وانتفض من أجل حلها، هذه المشاكل التي يتسبب فيها الاستعمار وعملاؤه في الداخل. إن كل هذا يترجم اليوم عمليا من خلال الصراع على الكراسي والحقائب الوزارية داخل ما يسمى بالمجلس التأسيسي والذي يؤكد أن ذلك الصراع يتمحور حول السلطة وليس على بديل سياسي اقتصادي اجتماعي يخدم الشعب، ومن خلال الهجوم السافر على الكليات والمدرسين والمدرسات وهو هجوم على العلم والبحث الأكاديمي والمعرفة والنور والحداثة والتقدم وسعي محموم للعودة بهذا الشعب إلى عصر الظلمات والقرون الوسطى، ومن خلال افتعال معركة النقاب وهي تجسد بداية الهجوم السافر على المرأة ومكاسبها، ومن خلال التجييش لاستعمال العنف الرجعي وهو شكل من أشكال الإرهاب والقمع والاعتداء على الحريات الديمقراطية باعتبارها بدعة في نظرهم. إن هذا النهج الرجعي يهدف إلى ضرب وحدة الشعب التي تجسدت خلال الانتفاضة ويضعف إرادة الجماهير في مواجهة أعدائها الداخليين والخارجيين. إن الوطنيين الديمقراطيين *الوطد* يدينون بشدة هذه الهجمة الرجعية الشرسة التي تشنها القوى الظلامية وكل السائرين في نهجها والتي تهدف إلى الإجهاز النهائي على المسار الثوري لشعبنا بعد أن كالت له حكومة السبسي/المبزع خادمة الاستعمار وهيئتها العليا المنصبة والقوى الخارجية التي تدعمها ضربات موجعة أدت إلى تشكيل "مجلس تأسيسي" تتناحر أغلبية القوى داخله على الحقائب وعلى خدمة مصالحها الخاصة على حساب انتظارات الشعب، كما يعبرون عن دعمهم التام لكل ضحايا العنف الرجعي والإرهاب من مدرسات ومدرسين وطلبة وغيرهم في كل مكان ويدعون كل القوى المنحازة قولا وفعلا للشعب إلى توحيد الجماهير حول المطالب الوطنية والديمقراطية والاستعداد للدفاع عن مكاسب الشعب والمرأة وعلى مطالب الجماهير التي رفعتها على امتداد مسارها الثوري ولخوض المعارك الحقيقية الطبقية منها والوطنية ضد كل القوى التي تريد إحياء كل ما هو رجعي وتشد إلى الخلف وتعمل على مزيد إحكام ربط القطر بالدوائر الاحتكارية العالمية وعلى تأبيد عبودية الطبقات الشعبية الكادحة، وينبهون إلى خطورة السقوط في الصراعات الطائفية الدينية التي تسعى الامبريالية بواسطتها إلى تركيع الشعوب. كما يؤكدون على أن معركة التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي هي المعركة الرئيسية التي يجب خوضها اليوم بكل الوسائل الممكنة وهي تبدأ بالنضال بحزم ضد كل القوى خادمة الاستعمار وعدوة الشعب في تونس ليبرالية كانت أو ظلامية. الوطنيون الديمقراطيون *الوطد*
#منصف_القابسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دفاعا عن التعليم الديمقراطي الشعبي
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|