|
الربيع العربي والعواصف المتوقعة
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 09:06
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
إن الانظمة السياسية القائمة على اساس الشرعية الثورية وغطرسة العسكر قلما يسايرون التغيير الاجتماعي والسياسي في العالم، بل ويتخذون من الوسائل الهمجية الية في مواجهة التغيير، ولكن يبدو ان سنة الكون تابى إلا أن يجد التغيير طريقة الى الفرد والمجتمع في الوقت ذاته، ان التحول من الحالة الاستبدادية الى الديمقراطية والمدنية تتطلب جهودا تتعلق بالعوامل الموضوعية المتعلقة بالمجتمع والمؤثرات الخارجية وكذلك الذاتية المتعلقة باستعداد الافراد في التحول والدينامكية الاجتماعية والسياسية، تواجه العالم الاسلامي اليوم تغييرات جوهرية افرزت معطيات سياسية غيرت به وجهة النظام السياسي والخريطة العامة للدول القومية التي قامت على اساس الإرادة الغربية والغطرسة الدولية، إننا اليوم امام حالة فرض الإرادة الشعبية وفرض مفاهيم قبول الاخر والتعايش مع النسيج المتنوع بعد ان كانت هذه الامور متعلقة بعملية التنشة السياسية ، ان الربيع العربي سوف تفرز صيفا مليئا بالمفاجاة وخريفا غاضبا تعبر عن ما تبقى من الاحلام التي راودتها النخبة المصطنعة في المجتمعات العربية، إننا امام حالة قد تفرز نظاما دوليا جديدا على الاقل في طبيعة التعاطي الدولي مع قضايا الشرق الاوسط من خلال تغيير الاستراتيجية التي يعتمدها القوى العظمى في إدارة الشرق الاوسط بكل تفاصيلها وتعقيداتها السياسية وهنا يبادر الى الذهن مسالة الاخر المختلف من حالة التهميش الى حالة الصدارة ومن الاستبعاد السياسي الى الادارة السياسية ومن المعارضة السرية الى الحكومة والسلطة السياسية، وهذا ما يمكن ان نسميها بالامتحان المصيري للتجربة الديمقراطية في المنطقة العربية، لان التغيير حالة ممكنة رغم صعوبتها في بعض الاحيان خاصة في المجتمعات التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية اي في الدول البوليسية إلا انها تظل عملية ممكنة في القاموس السياسي طبعا بتضحيات هائلة مثلما حدث مع النموذجيين الليبي والسوري ، اما الاصعب من وجهة نظري تكمن في المرحلة التي تلي التغيير، والبيئة السياسية بعد عقود من الاستبداد والفشل السياسي والهدم المبرمج من قبل السلطات الاستبدادية التي قامت على اساس الشرعية الثورية ولعبت بإرادة الشعوب تحت شعارات وهمية كالقومية والعلمانية ، ان المرحلة التي تلي الثورات العربية سوف تكون الاصعب لكثرة التحديات التي تفرزها المجتمعات المشوهة من جراء الحكم الدكتاتوري القائم على اساس العائلة والوراثة السلطوية، ومن ابرز تلك التحديات • قبول الاخر إن قبول الاخر ليس شعارا يرفع في الشوارع ويكتب في اللوائح الحزبية ويرددها الشعراء او الفنانيين، إنها بيت القصيد في قياس ديمقراطية النظام السياسي بل والاكثر من ذلك انها الفصيل بين الامس المظلم والغد الضبابي، ان العقود الماضية قد شهدت انظمة سياسية قامت على اساس الرفض الاخر من خلال ممارسة لغة الصواب المطلق مع تنظمياتها والخطأ المطلق مع الاخر المختلف، وعملت على تجريد المجتمعات من كل القيم الانسانية القائمة على اساس التعاون الانساني بل تمت اعتقال الكلمة في ظلها وقتل الفكر ومنع الاعتراض والمعارضة السياسية التي ظلت تعمل تحت الارض طيلة عقود من الزمن، إن قبول الاخر عملية تراكمية تحتاج الى فترة زمنية حتى يتجسد في فكر الافراد وتصبح قيمة مجتمعية، إلا أن النخبة السياسية الجديدة التي اتت عن طريق الثورات العربية لابد من جعل مفهوم قبول الاخر مبدا في الاجندة السياسية المتبعة في المرحلة القادمة. • الشرعية الثورية لابد وان يتحرر الثوار خاصة في البلدان التي اتخذت مجرى التغيير العمليات العسكرية من مفهوم الشرعية الثورية واحتكار المجتمع من كافة النواحي على اساس انهم الاولى في إلادارة وممارسة السلطة بالصورة التي يريدونه فهذا سيشكل بحد ذاته دكتاتوريات اخرى قد لا يتحرر منها الشعوب لعقود جديدة، ولكي يتحقق الشرعية الدستورية لابد من الاحتكام الى العقل واتخاذ صندوق الانتخابات الالية الوحيدة في التداول السلمي لللسلطة، ولابد من قبول الطيف التي ينتخبة الشعب لكونها المصدر الاساسي في تشكيل النظام السياسي. • استقلالية العسكر لابد من وضع الية جديدة للمؤسسة العسكرية وجعلها خاضعة لارادة الشعب والسلطة السياسية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال منع الاحزاب من امتلاك المليشيات والمكاتب العسكرية و ربط العسكر بالوطن من خلال جعل انتمائة للوطن فقط دون اي اعتبار اخر على اساس اللغة او الطائفة او ما شابه ذلك، واخيرا لابد القول بان زمن رفض الاخر قد ولت، وأن الوعي السياسي الشعبي قد وصلت الى المستوى التي يمكن من خلالها الحصول على كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتمنع الانظمة الجديدة من الانسلاق نحو الدكتاتورية وحكم العسكر من جديد
#زيرفان_سليمان_البرواري (هاشتاغ)
Dr.__Zeravan_Barwari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرقم التركي في الربيع العربي
-
طهران وتصدير الفوضى
-
تركيا من الطرف الى المحور -1-
-
جمهورية البطش العربية
-
الانتحار السياسي
-
ثورة العولمة
-
سياسة التردد
-
الشارع الكردي ودور الايدولوجيا
-
الزلزال السياسي ونهاية الاصنام
-
طبخة عراقية بأيدي أجنبية
-
صناعة الردع في بغداد!
-
أنقره وازماتها المتجددة
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|