|
لنرى كيف سيحكم الاخوان
جمال الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 20:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس من الحكمة..ولا الانصاف ان يجابه فوز الاسلاميين في الانتخابات النيابية المصرية بكل هذا التوتر والانفعال..وليس من اللائق ابداء مشاعر الخوف او التوجس او التشاؤم من اي نتيجة يأتي بها الصندوق..فالامر من قبل ومن بعد كلمة الشعب وخياره الحر..وأس العملية الديمقراطية وجوهرها هو القبول بما تمخضت عنه الانتخابات وما عبرت عنه الجماهير وارتضته غالبيتها طريقا ومسارا واسلوبا للحكم.. والاهم..هو ان النتيجة التي تمخضت عنها الانتخابات لم تكن مما يمكن عده بالطارئ والمفاجئ-او الفاجع-..ولا بالغريب عن طبيعة وتركيبة المجتمع المصري ولم تحد عن الاشارات الكثيرة المتناثرة على طول وعرض المشهد السياسي العربي والتي تسرف بالتلميح على النشاط والدأب المتقادم لحركات الاسلام السياسي وتمدده وتشعب خيوطه وتشابكها في افق واسع فضفاض من العلاقات المعقدة مع المجتمع .. يجانب الصواب كثيرا من يعزو التيارات الاسلامية الى نبت تساقى على هطل من تدخلات دول الجوار الجدب وما صنعته الجلاليب القصيرة وقضبان الاسر الطويل..كما انه سيكون من التساذج المؤسف النظر للاسلام السياسي المنظم على انه ناتج عرضي لما فاض من جيوب الوهابية او من مدخرات الثراء الصحراوي المتسلل في ساحات وبيوت وازقة المصريين..بل هو موجود في ضمير المواطن المصري الذي نبذته الانظمة الحاكمة والنخب السياسية في نفس الوقت ولم يجد الا حصيرة المسجد تحن على جبهته المتعبة..موجود في كل نظرة الى السماء وكل رجاء بغدٍ اقل وطأة وكل مفزع الى الوجه البكاء المتهدج الصوت بالدعاء..موجود في كل زاوية وتكية ومنبر مفتوح للناس بلا جزاء ولا شكورا..موجود منذ ان صحت الشعوب على قحطها مرمية على قارعة الوطن ومنذ ان استأثر الحكم بدنياهم تاركا لهم آخرة لا يملك مفاتيحها الا ذلك الشيخ القريب الهاش الباش المبتسم ولو على خصاصة والذي يعطيك دهورا من النعيم مقابل صوتك الذي استنكف السلطان ان يجعل له ثمنا.. والاكثر خطلا وارتباكا هو الظن في انها حديثة العهد بفئ القصور وظل السلطان..فلطالما كانت الجباه المعلمة بالسجود تتمطى تحت منبر الحكم زاعقة بفتاوى حرمة ان تقول أف للخليفة الحاكم برضا الله وحد السيف..ولطالما استفادت من عين النظام الحمراء وسوطه وابواقه على التيارات الليبرالية والعلمانية مقابل التواطؤ المقايض للمنبر والمسجد والحرية النسبية في التواصل مع فئات الشعب مقابل الزعيق بفتاوى ان لا ظل يومئذٍ الا لمن حفظ بيعة اولياء الامر.. عشرات السنين من تراكم القدرة على التلون والتلبس بكل ما يناسب الزمان والمقام والتقنع بدين محدثهم خصوصا ان كان من ذوي الشوكة والطول..وعقود من انتحال الوجوه والاقنعة تجعل من المنطق ان تمتد يمناهم الى الراية في خضم كل هذا الغبار والدخان واعقاب الجنود التي تملأ ميادين المحروسة..ولكن نفس هذا المنطق وهذا الغبار وهذا الدخان هو الذي سيجعلها تهتز في ايديهم مع اول تعارض ما بين صراخات المنابر ومطالب الناس بالحكم الرشيد.. ليس هناك من خيار ان يحكم الاسلاميون ام لا ..فلقد تكلم الصندوق..ولكننا نرى ان الشعوب بحاجة لأن ترى اللحى المخضبة بالدموع وهي تمر بمواكبها المظللة سريعا في شوارع المدن التي افتضتها الامال المضاعة..وان تكابد الحيرة في رؤية بقية الله في الارض يتنازعون المغانم التي افاءها الله والتفاهمات القديمة عليهم..والاهم..ان يسائلونهم عن الزعيق الضاج القديم عن القردة والخنازير والصراخ بانهم لن يعجزوك..وهل ستكون اجاباتهم عن معضلات العيش على الارض بقدر سهولة معرفتهم الدقيقة بدروب السماء..وكيف سيكون الاسلام هو الحل والغرب هو المفتاح في نفس الوقت.. القراءة السليمة للمسار الصحيح للاشياء تشي بحتمية ان تمر الشعوب العربية المنهكة من الاستبداد بمرحلة حكم الاسلاميين قبل ان تحظى بانعتاقها وتتحصل على فرصة اطلاق مشروعها الوطني المرتجى واي تنكب عن هذا الطريق لن يكون الا قفزة غير محسوبة في الفراغ وحرق لمسارات الثورة الشعبية المستمرة حتى ترث الشعوب الارض وما عليها..فثقيل على الثورات ان تمضي وهي مكبلة بمظلومية الاسلاميين وبكائياتهم على الحق المضاع والمحجة البيضاء التي سيقودون اليها العباد وخير الدنيا والآخرة الذي ادخره الله فيهم في محكم علمه القديم.. لسنا في محضر الحكم على النوايا..ولا في محل الافتراض المسبق بالاثرة واكتناز الحكم في القوى الاسلامية التي فازت بالانتخابات..ولا في موضع ان نتمنى لهم السوء..بالعكس..فان الوسادة قد ثنتها لهم اصوات الجماهير الحرة..ومن العدل ان يأخذوا فرصتهم في الحكم وان يثبتوا تمسكهم العلني بالديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان..ولكن على الشعوب ان تبقي يدها على زناد الساحات الثائرة وان تنام عن شوارد السادة الجدد بنصف اغماضة..فان فشلهم في الوفاء بتعهداتهم ..ونزاعهم المنتظر مع السلفيين ..وفشلهم في ايجاد تفسير واحد جامع لام متفق عليه للدين والشريعة والطريق الاقرب الى الله..ليس مما يمكن عده من الاضرار الثانوية ولا مما يتساقط من مسيرة الحكم العادل..
#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع شيخ الازهر في الطابور..
-
المشير يمر الى العرش على جثة الجنزوري
-
البحرين بعد تقرير البسيوني..كالبحرين قبله
-
الثورة المصرية تصحح مسارها
-
الربيع السلفي في الكويت..توجه جديد وهدف ثابت
-
مثقفو الدرك الاسفل
-
قرار الجامعة العربية..غطاء ثوري لخطاب زائف
-
ربيع الاخوان..خريف السلفية
-
الاقليم الضرار
-
أرغفة خبز طازجة لبثينة شعبان
-
الامن الاستباقي..وحقوق المواطن
-
تعدد سياسي..ام تعدد زوجات
-
مسدس ذهبي.. وشعر مستعار.. وشعب جاحد ملول
-
الاعلام المسيس والوحدة الوطنية
-
رحمة الله لا تسع ستيف جوبز..
-
الحماية الدولية..حق وواجب
-
ولاية امر يمنية حسب اشتراطات ياسين بقوش !!
-
المشاركة السياسية للمرأة السعودية..قرار صعب.. واسئلة اصعب
-
فتوى الشيخ البراك..ارتهان الدين بارادة السلطان
-
الدولة مطالبة..
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|