إياد أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 20:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد لايستطيع أو لا يريد البعض قراءة و فهم تاريخ و جغرافية سورية أو يجهلها و يحاول أخرون استنساخ سيناريوهات غريبة عن مجتمعنا السوري بهدف تشويه حقيقة الواقع الذي عشناه و نعايشه بكل مكوناته منذ قرون مضت .و أحياناَ نقرأ .. نوّه و حذّر و صرّح وكتب وقال و تحدث الكثيرون عن انجرار سورية إلى حرب أهلية يدفع نحوها النظام السوري و أعوانهم
في محاولة يائسة منهم للخروج من أزمتهم التي لا حل ولا نتيجة لها سوى سقوط هذا النظام و محاكمة رموزه ..
لقد أمضيت في القراءة سنوات طويلة.. لكن كلمات التنويه إلى حرب أهلية في سورية جعلتني أحس أنني أقرأ شيئاً ليس منسجماً مع المنطق ..و لن يقبله التاريخ والجغرافيا ..وجعلتني هذه الكلمات أحس بشعور غريب مرعب ... مفردات لا أتقبلها متجمعة في مكان واحد ويشبه تنافر كلماتها تنافر الاقطاب المغناطيسية ذات الشحنة الواحدة ..
أمر هام جداً يجب علينا جميعاً وبلا استثناء, أن نعيه و نتذكره كل يوم وكل ساعة, ويجب على كل ثائر سوري مؤمن بالثورة أن يعتصم به دائما ألا وهو أحد الثوابت الأساسية لثورتنا المباركة هو سلميتها .. فالموضوع والحمد لله مازال معمول به . وإلى الآن و الإستمرار بسلمية الثورة وحتى سقوط النظام إلى ما بعد سقوطه لهو أمر ضروري جدا لمسقبل سورية من عدة محاور :
المحور الأول وهو الدعم و التأييد والتضامن العالمي مع ثورتنا.
والمحور الثاني وهو البعد من دخولنا في حرب أهلية يراهن عليه النظام والعديد من المحللين السياسيين.
والمحور الثالث وهو الحفاظ على الوحدة الوطنية والإبتعاد عن تقسيم البلاد في زمن الثورة و ما بعدها .
إن أهمية الحفاظ على سلمية الثورة يجعلنا نحقق إنتصارنا في جميع هذه المحاور, حاولوا أن تفكروا في هذا الموضوع بجدية وحيادية ونظرة ترى الموقف من الخارج (اي بشكل متجرد) لصعوبة رؤيته من الداخل المتألم, فستجدوا أن أهمية سلمية الثورة أمر يجب أن يكون من كيان الثورة ومبادئها وشعائرها أي من الأشياء التي لا يستغنى عنها ابدا, إن جميع من يتألم ويصرخ ويحاول أن يبتعد أو يفكر أن يحول هذه الثورة إلى ثورة سلاح فإنه يقوم بالإنتحار ليس انتحارا فرديا وإنما انتحارا جماعيا, سيحول التعاطف الدولي إلى ازدراء, وسيدخل البلاد إلى حرب اهلية لربما طال امدها إلى سنين عديدة, سيجعل من اقطابها دويلات متناحرة متجاورة تتخللها رياح التعصب والإنكماش العشائري فتتباعد مفاصلها واعضائها وتجزأها عصبيتها وأحقادها إلى أقسام عرقية واثنية, هل هذا ما نريد ؟
بالطبع لا... أنا لا أعتقد أن ثوار سوريا اليوم يطمحون إلى تقسيم البلاد والقضاء على الوحدة الوطنية, لذلك يجب علينا أن نتمسك بالسلمية وكأنها عقيدة لكل ثائر سوري حر يحلم بسوريا الغد الواعدة, وليس بأطلال دول منقسمة متباعدة متفككة.
بينما يزداد خطر الاتجاه إلى عسكرة الثورة السورية على نحو قد يفتح الباب أمام حرب أهلية في البلاد. وظهر هذا التغيير في بعض النقاشات التي جرت على الفضائيات التلفزيونية و عبر مواقع التواصل الاجتماعي و هنا و هناك ، إذ ازداد فيها التعبير عن اليأس من إمكان تحقيق التغيير السلمي، و ضعف الضغط الإقليمي و العربي و الدولي وتوسع الميل إلى تبرير العمل المسلح. وأصبح معتاداً أن يدعو ناشطون إلى إسقاط شعار سلمية الثورة للمطالبة بتسليح المحتجين للدفاع عن أنفسهم بالحد الأدنى. كذلك لا يمكن إغفال الأثر النفسي الخطير الذي ترتب على "روتينية" مشاهد قتل المتظاهرين وتشييعهم ومجالس العزاء يومياً. فقد أصبح الاستعداد للموت شائعاً في ظل شعارات من نوع "نريد أن نموت بكرامة".
و لكي نستطيع تفادي سيناريو الحرب الأهلية الخطير والمؤلم، في غياب حل سلمي، علينا العمل للدعوة إلى التوسع في أسلوب الإضراب العام والسعي إلى عصيان مدني في الأسابيع المقبلة. فقد اعتمدت ثورتنا المباركة على أسلوب التظاهر بالأساس، ونجح ناشطوها في ابتكار أدوات جديدة لتنظيم التظاهرات على مدى تسعة أشهر في ظروف شديدة الصعوبة وفي مواجهة قوات أمن تتسم بقسوة شديدة وتستعين بأعداد كبيرة من "الشبيحة" الذين لا يترددون في إطلاق النار على المحتجين ويمارسون القتل بدم بارد.
لكن الاعتماد على هذا الأسلوب دون غيره من أساليب الحراك الشعبي ، جعلها أشبه بعمل روتيني متكرر لا يحقق تراكماً سريعاً، غير أن الثورة بدأت تأخذ شكلاً جديداً بعد النجاح المعقول الذي حققه إضراب عام الشهر الماضي. فقد شل هذا الإضراب الحياة في مناطق متفاوتة ببعض المحافظات، وخاصة في درعا و حمص وحماة، حيث أُغلقت المحال التجارية، وخلت الشوارع من المارة .
وأدى ذلك إلى إثارة جدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول الارتقاء بالاحتجاجات السلمية لقطع الطريق على الاتجاه إلى العسكرة ، وذلك عبر توسيع نطاق الإضرابات العامة وبحث إمكانات جعلها أسبوعية، سعياً إلى خطة تقود إلى تنظيم عصيان مدني شامل قدر الإمكان.غير أن السباق الذي سيحدد مصير سوريا في الأسابيع القليلة القادمة قد يكون بين الحل السلمي ، والعصيان المدني الذي يسعى إليه الناشطون المتمسكون بسلميتها، والمواجهات المسلحة التي قد تضع هذا بلدنا الغالي الكريم على أعتاب حرب أهلية ربما يتجاوز خطرها حدوده.
نقول إننا سنواظب على سلمية الثورة وسندفع بملفات المحاسبة إلى العدالة لتقرر ما هي فاعلة بحق المجرمين فقط وأن يد العدالة ستحقق بأمر كل اللذين أرتكبوا جرائم بحق الأبرياء العزل وأن الشعب لن ينزل إلى الشارع ولن يسلح نفسه من أجل الثأر, فنحن شعب واعي مثقف متحضر نعرف تماما أن القضاء و الاقتصاص العادل هي مهمة الدولة الجديدة العادلة والتي نخطط لها.لنستمر معا كلنا يد واحدة ليس جيشا وشعبا فقط بل وأرضا أيضا ...لتحيا سوريا حرة أبية موحدة وليحيا شعب سوريا الراقي و لنبرهن للجميع أنهم أخطأوا عندما راهنوا على تقسيم سوريا وانجرارها إلى حرب اهلية طاحنة.ولنعمل من اجل اقامة دولة مدنية عصرية تتفاعل مع الحضارة الانسانية ، وتساهم في دفع عجلة التطور الإنساني في جميع الميادين ، وتضمن للمواطن السوري حريته وكرامته .
الدكتور إياد أبازيد
#إياد_أبازيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟