|
صلاة جمعة الإسلامويّين إضطهاد لحقوق المسيحيّين
مايكل سيبي
الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 15:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سادت شرائح الشعـب العـراقي ذات الديانات المتباينة بعـد الحـرب العالمية الأولى حالة من الإستـقـرار والطمأنينة فـلم تسجّـل بـينها أية صراعات بارزة حـيث كانت المشاعـر الوطـنية بـين أبناء الشعـب أسمى من أية إخـتلافات عـقائدية ، أما الثـورات السياسية الداخـلية وتـداعـياتها السلبـية إنما كانـت من أجـل المناصب السلطـوية . إلاّ أنه منـذ سبعـينات القـرن الماضي بدأ ظـهـور التيارات الإسلامية في الشارع بصورة ملحـوظة ومحـظورة ، ولكـنه بتـقادم السنين وسقـوط النـظام السابق في العـراق بـرز المـدّ الإسلامي العـصري العـلني بمظاهـره العـنيفة في أرجاء العـراق التي هي تحـت سلطة بغـداد مما يدل عـلى عـجـز أو تهاون السلطة معـها ، وفي الوقـت نـفـسه ظـهـرَ هـذا المد في شماله أيضاً ولكـن بصورة ضعـيفة إشـتـدّت شيئاً فـشيئاً ، وبمرور الأيام ونحـن في القـرن الحادي والعـشرين صارت موجات البحـر الإسلاموية تهجُّ وتـنـتشر وتـنـشر أفـكارها بأساليـب وممارسات تحـريضية تـوّجـتْ بأعـمال تخـريـبـية وإغـتيال الأبرياء والسلطات تـتـفـرج عـليها أو ترفـضها بصورة ظاهـرية . فـمنذ أن بات إقـليم شمال العـراق تحـت الحـماية الأميركـية صار ينعـم بوافـر من الأمان والرخاء مما شجّع الكـثيرين من الساكـنين في المساحات الأخـرى من العـراق والذين تـعـرّضوا إلى أساليـب بشعة من الإضطهاد المباشر وغـير المباشر وبالأخـص المسيحـيّـين منهم إلى اللجـوء نحـو هـذه المناطق التي تـتمتع بالهـدوء والسكـينة بالإضافة إلى الحـرية والديمقـراطية النسبـيَّـين ، ولم يكـن يخـطر بـبال أحـد أن هـذا القاطع من العـراق سوف يشهـد أعـمالاً مماثـلة لتلك التي سبقـتها وهـرب منها ساكـنوها فإخـتاروا مدن الإقـليم الشمالي للنجاة بأرواحـهم فـيها . إن ما قام به روّاد الجامع المستمعـين والمنجـرفـين وراء خـطبة الإمام وفـتواه ، وبعـد خـروجـهم من صلاة الجـمعة 2 كانون الأول 2011 في مدينة دهـوك وضواحـيها هـزَّ كـيان المنـطقة لا بل الإقـليم الشمالي برمَّـته ، والتي كالعادة كان ضحـيتها الشريحة المسالمة من أبناء الشعـب العـراقي - المسحـيّـين - ومعـهم اليزيديّـين الذين لا يفـكـرون في مواجهة العـنـف بالعـنـف ولا بالإنـتـقام ولا بأخـذ الثأر ولا بأي رد فـعـل سلبي ، بل بالعـكس فإنهم دائماً ينادون بالسلام والغـفـران ونسيان الماضي المؤلم والبدء بحـياة جـديدة كـريمة ملؤها المحـبة والتعاون خالية من الظـلم ، ونبـذ الإعـتـداء عـلى حـقـوق ومقـدسات الغـير . إن هـذا السلوك المرفـوض والتـصرف المشين يمثل إشارة لا تبشر بالخـير ، فإذا يُـتـرَك بدون تحـقـيق ومحاسبة المقـصرين وتوضع ملفاته عـلى الرفـوف فإن مستـقـبلاً مظلماً ينـتـظر المنطقة الشمالية وأتوناً محـرقاً سيتـصاعـد دخانه إلى الأعالي ويكـون أبناؤه الأبرياء وقـوداً له . نعـم إنَّ المسيحـيّـين ملزمون عـلى إحـترام معـتـقـدات وعادات وتـقاليـد وقِـيَـم غـيرهم من أبناء الشعـب ! ولكـنهم ليسوا مضطرّين إلى إتــِّـباعـها وتـقـليدها وتـطـبـيقها عـلى أنـفـسهم بنـصوصها لأن لهم عـقائـدهم التي ليس المسلمون ملزمين بالتمسك والإيمان بها ، فـلهم دينهم ولنا دينـنا والإحـترام المتبادَل هـو الذي يجـب أن يسود بـينـنا . فإذا كان المسيحي يؤمن بقـول الرب يسوع : ( مَن ضربك عـلى خـدّك الأيسر فإعـطِ له الأيمن ) ! ليس المسلم ملزماً أن يتـخـذ منها نـصّاً ووصية يطـبقها عـلى نـفـسه لأنها ليست من صُـلب دينه ، مثـلما ليس المسيحي ملزماً عـلى تـجـنـُّـب الخـمر كالمسلم الذي يوصيه معـتـقـده بـذلك كـتشريع إلهي مفـروض عـليه . إن القانون يـؤَمِّـن الحـرية والديمقـراطيّة والحـقـوق المدنية للشعـب بكافة شـرائحه كـمكـتسبات بعـد كـفاح طـويل ودماء غالية ، وعـلى سلطات الإقـليم والمركـز تـقع مسؤولية حـماية تلك المكـتسبات ، وليس منـطقـياً أن يحـمي كـل فـرد بجـهـوده الفـردية حـقـوقه وحـياته في المجـتمع لأن ذلك مدعاة للفـوضى والتمزق وإنهيار هـيـبة القانون وكـرامته . إن السلطـتـين المركـزية والإقـليمية في العـراق مطالـَـبة بحـماية أرواح وممتـلكات الشعـب أينما كانوا يعـيشون داخـل أرض الوطن ، ومسؤولتان عـن مستـقـبل العـراقـيّـين كافة من شماله وإلى جـنوبه وبالأخـص السكان الأصليّـين المسالمين الهادئين المخـلصين ، وعـندها سـتـتـرجم الأقـوال إلى أفـعال خـدمة للشعـب وصيانة لكـرامته .
#مايكل_سيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى العزيز يونادَم كَنّا
المزيد.....
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|