أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الرازقي - الى متى سيكف الفيزازي عن استفزاز عقول المغاربة ؟















المزيد.....

الى متى سيكف الفيزازي عن استفزاز عقول المغاربة ؟


محمد الرازقي

الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما يعجز المرئ عن المقارعة الفكرية بالأدلة والحجج العقلية والمنطقية، وعندما تغشوا عينيه غشاوة الايدولوجيا والأحكام المسبقة، فانه لا يمكن أن يكون إلا على شاكلة المسمى "الشيخ الفيزازي" الذي لا يتورع في إطلاق الأحكام على مفكري هذا البلد ونعتهم بنعوت من قبيل القردة والببغاوات كما فعل مع "عبد الله العروي وغيره" في مقاله "حقيقة الحداثة" ، بالرغم من كونه لم يقدم الحجة التي بإمكانها ان تقنع القارئ بما ذهب اليه، بل اكتفى بالكلام الفضفاض والعموميات.
إن شيخنا الفيزازي أراد ان يتكلم في غير فنه فأتى بالعجائب، اذ لم يستطع ان يميز بين الحداثة كمفهوم حضاري يطال كافة مستويات الوجود الإنساني في السياسة والاقتصاد والتقنية و...الخ،وبين التحديث الذي يشير الى الدينامية التي تشمل هذه المستويات وطابعها التحولي حيث يكتسي مدلولا جدليا وتاريخيا، وهذا يتجلى في قوله: " وأنا من الدعاة إلى الحداثة، بل أمارسها يوميا باستعمال أرقى ما وصلت إليه التكنولوجيا المعاصرة: شبكة الإنترنيت " ، ففي كلامه هذا توحي لك كلمة"يوميا" وكأنه يتحدث عن اداء شعيرة من شعائره الدينية يوميا ويمارسها، لكن الغريب انه يتحدث عن الحداثة، وهو في الحقيقة يتحدث عن "التحديث"، أي عن مجرد تمظهر لحداثة "برانية" وافدة لم يستطع مجتمعنا ان يستوعبها بسبب فكر امثال شيخنا، أي انها حداثة ليست "جوانية"، وهي حالة شبيهة مثلا بتمظهرات الحداثة في مجتمع كالسعودية، فان نظرت الى بنياتها التحتية وما دخل على حياة المجتمع السعودي من كماليات في العيش لم تكن معهودة لديهم، ومن سيارات فاخرة وادوات منزلية وتجهيزات أخرى قد لا تختلف كثيرا عن نظيراتها في الغرب، لكن مع ذلك لا ترتقي الى ان تجعل السعودية مجتمعا حديثا وتجعلنا نقول بالتالي السعودية تعرف الحداثة، بل هي حالة تحديث وتقليد واستيراد للقشور وفقط، وهذا ما فعله شيخنا، فهو يستعمل شبكة الانترنت، لكن هذا لا يمنحه تاشيرة المرور الى نادي الحداثيين كما يريد ان يسمي نفسه، ذلك ان فكره القائم على استلهام معايير الماضي وقيمه ، في عالم شبه اسطوري يصعب تصوره وفق منظار الحداثة.
لقد اعترف شيخنا وقال بان " الحداثة في جانبها التقني والآلي والعلمي ..الخ "هي التي يجب يأخذ بها الإنسان، وان لا يأخذ بها في ما يتعلق بالقيم واللغة والدين، لكي –كما يقول – "تزدهر فلاحة البلد، وينمو اقتصاده، ويتكاثر عمرانه وتتحسن معيشته، في السكن والتعليم والإعلام والتغطية الصحية وبناء البنية التحتية...إلخ"، لكن لم ينتبه الى مسالة اساسية وهي ان ازدهار هذه الاخيرة لا يمكن ان يكون بحال من الاحوال عبر الاخذ بقشور الحداثة ومنتجاتها، دون استيعاب منطقها، واستبطان روحها، لان الإنسان لا يمكن ان يحسن عمله في مجال من مجالات الحياة اذا ما كانت قيم معينة تقيد فكره وتمنعه من الإبداع والإنتاج بفعالية.
ان شيخنا الفيزازي لم يعلم ان الحداثة تبدأ من مساءلة تلك القيم نفسها باعتبارها منتوجا انسانيا نسبيا لا باعتبارها امورا نص عليها فلان ام ورثناها عن علان، ومن مساءلة اللغة التي تقاس بقدرتها التداولية ومدى مسايرتها لمستجدات العصر لا باعتبارها لغة كتب بها نص مقدس،ومن اعادة النظر في علاقة الدين بامور دنيانا والحدود التي يجب ان ترسم لكلا المجالين، ان الحداثة تعني اولا التفكير اعتمادا على الذات بعيدا عن فزاعة تلك القيم التي يحذرنا الشيخ من الاقتراب منها، فان تفكر قياسا على قيم معينة فهذا اعتقاد وايمان وهو مجال غير مجال الفكر واعمال العقل، وهي كذلك نتاج الاستعمال العمومي للعقل بحيث لا تغدو لأمثال رجال الدين من طينة الفيزازي اي حق في الاملاء على الناس ما يجب وما لا يجب ان يفكرو فيه او يجتنبوه، ولا كيف يجب وان يتقربوا بربهم او يعبدوه، فكل واحد شيخ نفسه ولا واسطة بينه وبين الله، هذا بالاضافة الى القطع مع كل الإيحاءات والإلهامات المعيارية للماضي التي هي غريبة عنها –اي عن الحداثة-.
ان الفيزازي عندما تغادره الحجة والدليل يحاول الصاق الحداثة بالفوضى الجنسية ونشر الإباحية والشذوذ الجنسي وتعاطي الخمور والمخدرات، ولو ان الحداثة لا تبالي بهكذا مواقف، الا انه من الواجب ان نشير الى هذا الخبث الذي تضمره مواقف كهذه، في تضليل الراي العام، فأن تجد مفكرين خصصوا حياتهم للبحث لدراسة ولفهم مجتمعنا، وخصصوا عمرهم لهاته الغاية، وياتي شيخنا وينعتهم بالقردة والببغاوات فهذا امر في غاية الخطورة، انه يفعل هذا في سياق عرف فيه المغرب ومحيطه الإقليمي صعودا ملحوضا للإسلام السياسي الى الحكم، ما دعاني الى محاولة تصور الامور كيف كانت ستكون لو حقا كانت هناك سلط حقيقية في يد امثال شيخنا الفزازي؟
ان الفيزازي وهو يحاول ان يجعل امور الحداثة والعلمانية هي امور لا تخصنا انما تخص الغرب وانه تم استيرادها، يقدم حلولا اخرى نسي هو الاخر ان ما يدعو اليه الناس هي الاخرى قيم استوردها من الشرق، فما الفرق اذن مادام ان الامرين، ما يدعوا اليه وما ينفر منه، هما معا مستوردان-طبعا اذا حكمنا على الشئ من كونه مستوردا كما يقول-؟
شيخنا يحاول ان يدخل من مدخل آخر بمقاله "هذه هي العلمانية" ويحاول ان يلصقها بالإلحاد واللادينية، ويناقض فيه ما قاله بالمقال السابق، فتجده ينكر على دعاة العلمانية نزوعهم نحو اقامة جنة وسعادة على الارض ، وهو نفس الهدف الذي اراد للحداثة ان تنحو منحاه، اي منحى دنيويا في العمل على ازدهار الفلاحة والاقتصاد وو... كما سبق ذكره، فكيف يمكن ان ادعو الناس الى العمل على الاخذ بالحداثة في مجال ، ثم اعيبه عليهم لاحقا.
ان كلام هذا الرجل لا يبشر بالخير ، اذ يخفي في ثناياه حقدا دفينا على كل المغاربة ممن لم يشاطره توجهاته او افكاره، فقبل ايام طالب بتطهير حركة 20 فبراير -التي ضهرت بالمغرب كتعبير عن مطالب لا تمس اي عقيدة ولا اي توجه في المجتمع- من الملاحدة والدخلاء، وهاهو الان لا يتورع في نعت كل من يخالفه الراي بالفسوق والفجور، والالحاد، مع ما يقتضيه لديه حكم كهذا من معاملات خاصة في الاسلام.
ان شيخنا الذي يقول عن نفسه انه حداثي لكونه يستعمل الشبكة العنكبوتية لهو أبعد عن هذه الحداثة كبعد إبليس عن الجنة، فكيف لإنسان لا يعرف لحقوق الانسان قائمة، ويناهض حريات الافراد والاقليات، ويفكر في المرأة بفكر القرون الوسطى...ان ينسب نفسه الى الحداثة؟
ربما هو يتهرب من مصطلح يبدو انه يقلقه كثيرا عند سماعه وهو مصطلح "الضلامي" فتجده لازمة على لسانه يذكره غير ما مرة في حديثه، وكان المصطلح يصيبه في مكمن الجرح، لكن يبدو وبالقياس الى ما ذكرت انه حقا يريد ان يطفأ ذلك النور -ولو على بساطته- الذي استطاع مفكروا ومعلموا الاجيال السابقة في بلدنا ان ينيروه.
وفي الختام نقول لشيخنا، بارك الله فيك ان لزمت مجالك، وتركت الخوض في غير فنك، فاللسياسة رجالها، وللفكر رواده، وللعلم اناسه، ولقد عرفناه من رجال الدين، ونتمنى ان تظل كذلك تعض الناس ، وتلقنهم القيم السمحة في الاسلام، عوض بث سموم التفرقة بينهم، وتعلمهم الرحمة والمودة والإخاء وخدمة الوطن، عوض ان تكفر الناس وتفرق التهم والالقاب عليهم بغير حق، وهذا السبيل الوحيد لان يحترمك الجميع، وتبقى مكانتك محفوظة لديهم ، فلقد استاء الناس منك، واستفزهم قولك، واعلم في النهاية ان المغرب للجميع ليس ملكك.



#محمد_الرازقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الگرمومة : السخرية كنقد للسلطة.
- ربيع الشعوب... وعولمة الثورة.
- وهم الصحوة الدينية بالمغرب ...والجبرية السياسية.
- الفساد والاستبداد يخوضان معركة وجود في المغرب
- في نهاية المطاف...نلتقي في المشترك.


المزيد.....




- وفد الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة يدعو لحماية المنشآت ال ...
- ولد في اليمن.. وفاة اليهودي شالوم نجار الذي أعدم -مهندس المح ...
- ماما جابت بيبي..أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على ال ...
- ماما جابت بيبي.. متع أولادك بأجمل الاغاني والاناشيد على قناة ...
- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الرازقي - الى متى سيكف الفيزازي عن استفزاز عقول المغاربة ؟