أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية















المزيد.....

الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 09:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



شهدتْ السنوات الماضية ظاهرة (المولات) التجارية الفخمة التى يتردّد عليها زباين من شرائح اجتماعية مختلفة. ويعمل بها موظفون وعمال ينتمون إلى أسفل سلم التراتب الطبقى. فى المواجهة بين الزباين والعمال ، يبرزالتناقض. وهومافعلته الكاتبة سارة شحاتة فى روايتها(خمس نجوم) الصادرة عن الدارللنشروالتوزيع عام 2010 فجسّدتْ التناقض بشكل روائى ، حيث البائعة فى محل للملابس الجاهزة ، وتحلم بامتلاك (بلوزة) أعجبتها. وتنحصرأمنيتها فى أنْ (تعمى) عيون الفتيات عن هذه البلوزة بالذات ، حتى يأتى موسم التصفيات ، فتستطيع شراءها. وأجادتْ تصويرمشاعرهذه البائعة الفقيرة ، كلما دخلتْ المحل إحدى الفتيات ، فمع صوابع (الزبونة) وهى تنتقل من بلوزة إلى أخرى ، نسمع دقات قلب البائعة وهى تخفق بترنيمتها الأثيرة ((يارب خليها ما تشوفش البلوزه اللى نفسى فيها)) وتكون نهاية العشق المتبادل بين البائعة وبلوزتها المفضلة ، عندما تختارها ابنة صاحب المحل. البائعة التى تتضاءل أحلامها فى إمتلاك بلوزة ، تتعامل مع فتيات يدفعن آلاف الجنيهات فى المرة الواحدة. هذه البائعة واسمها (أمل) نموذج للفتاة المصرية التى تحاول قهراليأس ، فهى تعمل بمؤهل متوسط ، ومنتسبة لإحدى الكليات ، وتتحدى عمها الذى سطا على حقها فى ميراث والدها. فتدخل فى صراع نفسى بين تحدى عمها وبين خوفها على شقيقتها المتزوجة من ابن لهذا العم الذى يُهدد بطلاق شقيقتها من ابنه. فهل تستمرفى مقاضاته؟ وهل تتحداه وتعود إلى القرية بعد أنْ طردها منها ؟ لاتضع الكاتبة نهاية محددة لصراعها وتكتفى بأنْ تترك للقارىء التفكيرفى مصيرهذه الفتاة التى تعيش فى مجتمع طبقى لايعترف بأبسط قواعد العدل الاجتماعى. وحيث أنّ المال هوالإله المعبود فى هذا المجتمع ، لذلك عكس قسوته فى شخصية العم الذى لم يرع صلة الدم.
وتنتقل (كاميرا) الكاتبة إلى شخصية الشاب (على) خريج كلية الآداب، الذى تمنى الحصول على وظيفة عامل أسانسيرفى المول ، لم يُسعده الحظ ، فقبل وظيفة عامل ينقل البضائع. لم تكن أزمته النفسية فى العمل غيرالملائم لمؤهله فقط ، وإنما (أيضًا) بسبب الاهانة التى يتلقاها من بعض الزباين ، فعندما تقع منه علبة مأكولات على الأرض يكون رد فعل الزبون على هذا الخطأ غيرالمقصود تجريحًا بالغ القسوة إذْ يقول ((أنا عارف التيران دى بيشغلوها ليه ؟)) يكتم غيظه وهويقرأ أسعارطعام القطط ، ويحاول مقاومة بشاعة الواقع بحلم أنْ تلتقى مشاعره مع مشاعر (سهام) التى لاتشعربه. وإلى أنْ يتحقق الحلم ، يهيم مع المطربة اللبنانية الجميلة فيروزفيترنم (لنفسه) بأغنيتها (دخلك يا طيرالوروار. رحلك من صوب المشوار. وسلم لى ع الحبايب. وخبرنى بحالهن شوصار) وهولايكف عن البحث عن وظيفة أفضل ، فيذهب إلى شركة (الوعد) التى أعلنت عن طلب موظفين ، ولكن طلبه يُرفض ، وبحسه الساخريلحظ أنْ حرف (العين) على باب الشركة تعلوه نقطة سوداء. وعندما يخرج من باب الشركة يتمنى لوتم نقل اسمه من سجل المواليد إلى سجل الوفيات ((لتخفيض عدد السكان ، الحجة الواهية لحالنا المرير)) ولكنه يُعاود المقاومة فيتمنى سماع صوت الكروان العذب المليىء بالأحاسيس. ثم يأتى الواقع الأشد شراسة من مقاومته. إذْ يكتشف أنّ أمه المريضة تترك البيت وتهيم فى الشوارع وقد فقدتْ القدرة على التذكر. وعندما يجدها أمام باب المسجد يحتضنها وهويُفكرفى ((الأربع وعشرين ساعة التى قضتها فى البرد والظلام والغربة)) ثم تشتد قسوة الواقع عندما تصدرالمحافظة قرارًا بهدم البيت الذى يعيش فيه مع أمه. مع ظلام حياته يبرزالنورفى شخص أحد الجيران الذى يعرض عليه استضافته فى بيته. فى هذا المشهد الإنسانى تُبرزالكاتبة المعدن الأصيل للشخصية المصرية.
ونتعرّف داخل المول على (زين) عامل الأسانسيرالذى يرى أنّ نشرة الأخبارأهم من أية مسرحية كوميدية ، فهويسمع المذيع يُكررالقول بإنشاء آلاف المصانع ، فى حين أنه فشل فى العثورعلى وظيفة دائمة. يتعلق قلبه بزميلته (مها) التى تعترف له أنها خريجة أحد الملاجىء. وبعد انتهاء السن القانونية وجدت نفسها فى الشارع بلا مأوى. عملتْ كفتاة ليل حتى دبّرتْ مبلغًا دفعته كمقدم لشقة. عندما أخرسته صراحتها قالت ((إنت ما جربتش تبقى جعان لدرجة إنك تدورفى الزباله)) فازداد تعلقه بها خاصة وقد صارحته بأنها قرّرتْ التوقف عن عملها كفتاة ليل بعد أنْ تعلقتْ به. وأحبها أكثرعندما رآها تتردد على الملجأ وفتحت (دفترتوفير) باسم طفلة من أطفال الملجأ كى تُجنبها نفس مصيرها. ولكن عمل (مها) فى المول لايُمكنها من سداد باقى أقساط الشقة. فقرّر زين السفرإلى السعودية للعمل بعد أنْ ظلّ يرفض ترك مصر، خاصة بعد أنْ استغنى المول عن عمال المصاعد. هذه العلاقة الإنسانية تنتهى بمشهد الوداع قبل السفر، إذْ تطلب مها منه أنْ يُغمض كلٌ منهما عينيه ويلعبا لعبة الأحلام ، فيكون حلم زين العودة سريعًا ومعه المال ويكون حلم مها الستروالشقة وأنْ تكون أمًا لثلاثة أطفال.
ومن داخل المول تلتقط الكاتبة نموذجًا للإنسان الذى شوّهته التغيرات الاجتماعية فى شخصية محمود فهومجرد (فرد أمن) ومع ذلك يتعالى على (عامل النظافة) وأنّ الأخيريجب أنْ يخشاه. ولكن عندما يهان ويُضرب فى قسم البوليس لأنه تشاجرمع أمين شرطة ، فإنه يتقبل الأمرالواقع مستسلمًا كأنه قضاء وقدر. ولأنّ التشوه أصابه حتى النخاع فهويقبل أنْ يعمل جاسوسًا لصالح قسم الشرطة ، ضد أهالى الحى الذى يعيش فيه.
ومن بين العاملين فى المول الست (عفاف) المريضة بالسكروبتضخم فى الساقين. رضيتْ أنْ تكون عاملة نظافة لدورات المياه لمجابهة متطلبات الحياة. تنشأ بينها وبين أمل (البائعة فى محل الملابس) علاقة إنسانية حميمة. تأتى أمل كل صباح وتحقنها بحقنة الأنسولين. تنحصرأحلام عفاف فى زواج ابنتها سهام الموظفة بمؤهل متوسط وإتمام دراسة الصغيرة أميرة وعودة ابنها محمد من السعودية بعد غياب ثلاث سنوات ، ليساعد أختيه فى الزواج والدراسة. وعندما تزداد حالتها الصحية سوءًا ويُعلن الطبيب ضرورة بترالساق ، تُشفق على ابنتها سهام التى تحاول تدبيرمبلغ العملية الجراحية. ومع تطورالأحداث يتضاعف الأمل فى سرعة عودة ابنها محمد من السعودية. يؤكد محمد أنه عائد على أول عبارة ذاهبة إلى مصر. تتمنى عفاف أنْ توافق ابنتها سهام على الزواج من (على) زميلها فى المول الذى يعشقها فى صمت. يركب محمد العبارة التى تسبب الانحطاط الأخلاقى والفساد السياسى فى غرق 1300مصرى. لم تُصدق الأم أنْ يكون ابنها الذى علقت عليه كل آمالها أنْ يكون من بين الغرقى. وفى المشرحة تنهارسهام وهى تسمع قصص الناجين عن أسماك القرش وعن المياه المثلجة لبحرهائج مظلم. تم دفن الأحلام مع جثة محمد ، وعلى سهام أنْ تتدبرنفقات علاج أمها. فى بداية الرواية عرضتْ عليها سمسارة زواج (= قوادة) الزواج من مواطن عربى ، رفضتْ سهام الفكرة ، وفى نهاية الرواية تُخبرسهام السمسارة أنها موافقة على الزواج من عربى كى تتمكن من علاج أمها. وبهذا المشهد تم إحكام الدائرة على المغضوب عليهم من أبناء شعبنا : من مول خمس نجوم إلى مذبحة العبارة التى حملتْ اسم (السلام).
شجّعتنى على الكتابة عن هذه الرواية مفاجأة فى الصفحة الأخيرة ، إذْ قرأتْ أنّ المؤلفة انتهتْ من كتابتها وعمرها 21سنة ، ومع ذلك فهى تجعل الست عفاف تتذكرحلاوة صوت الشيخ محمد رفعت. و(على) يترحم على مدينة السويس اللى كانت قبل الحرب. ويتذكرجمال المبانى وأناقتها ((فى عصركانت الأناقة هى السمة الغالبة لشعب قدّرمعناها)) و(زين) الذى ينتقد المتنطعين باسم الدين . وإذا كان هذا هو وعى فتاة مصرية كتبتْ روايتها الأولى ، فإننى أتوقع وأتمنى أنْ تكون علامة بارزة فى الابداع المصرى.
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
- كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
- رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
- المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
- سيناريو مُتخيّل عن استقالة شيخ الأزهر والمفتى
- قوى التقدم وقانون التغير الكيفى
- اذا كان المسيحيون مواطنين فلماذا الكتابة عن الجزية
- إرهاصات العالمانية فى مصر
- الحب والظلال للمبدعة إيزابيل اللندى
- الحرام بين النظرة الأحادية وتعدد المنظور
- الأدب التراثى وأنظمة الحكم وجهان لمنظومة واحدة
- جدل العلاقة بين البؤس الاجتماعى والميتافيزيقا
- دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين
- عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة
- انعكاسات الحرب والدمار على أهل الهوى
- الفلسطينيون بين العرب والإسرائيليين
- محمد البوعزيزى : الإبداع على أجنحة الحرية
- نجران تحت الصفر للكاتب الفلسطينى يحيى يخلف
- المبدعة الليبنانية هدى بركات وجدل العلاقة بين الحياة والموت
- عمارة يعقوبيان : الإبداع بين الأحادية والجدل الدرامى


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية