الثورات العربية نحو إعادة إنتاج الصحراء التفكير ضد الثورة

اليامين بن تومي

الحوار المتمدن-العدد: 3565 - 2011 / 12 / 3 - 12:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الثورات العربية نحو إعادة إنتاج الصحراء
التفكير ضد الثورة
لا أنوى البتة معارضة الإرادة التاريخية لكنني أريد أن أفكر ضد الثورات العربية ، أريد أن أنقلها من مجال الياسمين لأعرضها لأرض مليئة بالشوك ، هل حقا أن ما يحصل في عالمنا العربي هو عبارة عن ثورات أم استفاقة للإنسان ؟
لا أتفق كثيرا مع التهويل الذي يذهب إليه البعض أن ما ننتجه اليوم قد يكون ثورة لأن الثورة بنمطيتهم عبارة عن انفجار خارجي للصوت الذي ظل معتقلا ردحا من الزمن، فهي أقرب إلى تلك البكائيات العربية التي ما باتت أن استفاقت من وهم الحدث الذي يحصل الآن.. لذلك فهي أقرب إلى تلك الموسيقي العاطفية لحالة الاحتباس الداخلي في ظل تلك الأنظمة الاستبدادية ..فالثورة التي تحدث الآن عبارة عن صراخ عالي الصوت ما زالت لم تنتقل بعد من مجال الأسلوب القصصي العاطفي إلى مجال بناء اللوغوس ..لان التوصيف الذي نباشره يحاول ان يسحب البساط في الظرف الراهن من أنظمة كليانية لينصب أنظمة بديلة لا بالمفهوم الكلياني لكنها أنظمة ثيوقراطية وهي تعبير عن مكبوت سوسيو-تاريخي للمصادرة التي حصلت لكبت رغبة للشعبويات في أن يكون لها طريقها الخاص .
النافذ لما يحدث الآن لا يجد اتفاقا كليا بين النخب المشتغلة بالسياسية و الجماهير العريضة الباحثة عن سد الفراغ الطبيعي الناشئ أصلا من انهيار الجبروت الطبيعي للسلطان العربي وهو انهيار للمفهوم التقليدي للتمجيد للقبيلة للدولة ؛العشيرة لصالح الحراك التاريخ-سوسيولوجي الذي ما زلنا لا نحسن التعامل معه ، فالثقافة السياسية العربية تعاني في الظرف الراهن مأزقا حقيقيا متعلقا بمسألة الحسم السياسُ- ثقافي لطبيعة المرحلة القادمة ...
إن بناء مفهوم الدولة وطبيعة الخيار السياسي على أساس تحريك الشارع مسألة مغلوطة ذلك أن الفضاء العربي لا يسلم من حالة البلاهة وضعف المطالب الفهمية في تحقيق وعي جماهيري ، فهو وعي نمطي في اتجاه ديني طقوسي ولعل بروز الأحزاب المتشددة و غلبتها دليل على شعبوية المرحلة القادمة مما يدل على أن الثورة تبقي فعلا معزولا في التاريخ العربي ما لم تحصل أسباب فعل الثورة ؛ وهو فعل لا تحركه العصبية بالمفهوم التقليدي بقدر ما تستنبته مفاهيم المجتمعية المعاصرة من خلق الفضاء العمومي لخلق التعايش وتحقيق التواصل لذلك وجب أن نحرك أولا ضرورات الصدق الاجتماعي في شكل عقود وطنية تتجاوز مفاهيم الدين الهوية لأن المسألة تتجاوز التعقيدات الكلية، لهذه القنابل الموقوتة التي تعيد طرح نفسها بنفس قياسات الحدة في زمن الأنظمة الشمولية لنعود من حيث لا ندري إلى نفس الشمولية ونعيد كشعوب تنصيب أباطرة جدد .
إن تجاوز التقصيص الناتج عن اختراق المراحل السابقة يؤدي بنا إلى بناء مفهوم للدولنة خالية من عوامل الانتقام و يؤدي في النهاية تفادي نشوء طبقات اجتماعية أكثر أهلية في التاريخ من غيرها كما كان حاصلا في تاريخنا الوطني الجزائري مما يعني تراكم الفعل الانتقامي و اختزان روح الانتكاس و الاحتكام إلى مرجعيات زائفة نتيجة تلك الطبقية الممجوجة معرفيا و استيلابها لأكبر المفاهيم حضورا في الوعي من لحظة تثبيت الانتماء على الماضي مما يخلق عندنا مواطن موهوم تاريخيا بالمواطنة الزائفة المتشدقة بالماضي ونسيان فعل الراهن من تقديم العمل على القصة التاريخية ..هذا الاستيلاب الذي يشكل مواطنا من الدرجة الأولي و آخر من الدرجة الثانية أضعف المنظومة الدفاعية لأي ممكن تدافعي في المستقبل ...

#اليامين_بن_تومي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات