ممدوح ياممدوح .. نودعك الى مصياف

زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1056 - 2004 / 12 / 23 - 08:35
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

مابين غوطة دمشق والصالحية ندفن أسرارنا بين أزقة الشعلان والجسر الأبيض ، وحين تحاول ياممدوح أن تكتم أشعارك التي تنطلق في ليالي الصيف الدمشقية تفيض علينا ويسرقنا الليل حتى الصباح .
في جلساتنا التي كان بندر عبد الحميد يحرسها بطيبته التي لم نشبع منها ، ومن أشعارة الأطيب التي جلجلت في زحام القصائد ، حينها كان زهير غانم وسحبان سواح من يمنحنا الدفء عبر الزمان الذي لن يموت ، وكان محمد الحوراني يرتلها عبر المذياع .
وأنت ياممدوح توزع روحك بين القصائد التي تنقشها قبل ان تكتبها على الورق فنقرأها في عيونك الصغيرة ، وتفيض على شفاهنا عذبة مثل مياه عين الفيجة ، وشفافة مثل بلودان ، ودافئة مثل بيوت مصياف .
سعالك الذي كان يشتت شملنا ويمنحنا الضحك فتلقى منك أحتباس النفس وأبيات من الشعر وكلمات تستلها من شكسبير أو من كتب الانكليز لكنك وحدك من تفهمها وتبتسم بعدها ثم تعاود سعالك الذي لايفارق أشتعال روحك مع السكائر .
ثلاث وستون عاماً وانت تحارب حتى هدأت خيلك وسكت صهيل الخيول بين المدن التي تمتد مابين دمشق وحماة لتعلن لنا ان مصياف هي الدنيا .
أحقاً ياممدوح ان ( مصياف ) هي الدنيا وأن ( قيرون ) جنة البشر ، وأنت تسرق كل هذا الليل البهيم الدمشقيلتحكي لنا عن كل هذا ، وتضيع مابين باب توما وركن الدين والمهاجرين وقاسيون ، ثم نلتقيك في مقاهي الصالحية .
يا أبن مصياف التي أصررت علينا أن نزورها لئلا نغادر دنيانا قبل أن نراها فتصير في قلوبنا حسرات بدل الحسرة ، وحين سافرنا دونك الى السويداء ، كنت غارقاً في الضحك والخمر والشعر .
ياممدوح عدوان أفترقنا مرات ومحبتنا لم تزل ، وفرقتنا المدن والبلاد ولم تزل قلوبنا طاهرة ، وباعدتنا سياسات حكامنا وليس لنا معهم خيمة أو جدار ، غير اننا بقينا نتسقط اخبار بعضنا ، ونبتسم حين ترسم شفاهنا أسماء أحبتنا .
ياممدوح عدوان هل لم يزل الرجل الذي لم يحارب دون محاكمة ؟

هل تريدنا ان نصدق أنك ذاهب دون رجعة ؟ والى أين ايها الشاعر الذي ملأنا بالقصائد والطيب والدخان والذكريات التي لاتفارق احلامنا وأيامنا ؟
هل تريدنا أن نصدق انك حقاً ممدوح عدوان الذي أكمل قبلنا كلية الأداب – قسم اللغة الأنكليزية ونصب نفسه زعيماً علينا ، وحين يحتدم بيننا النقاش تستل أبياتاً لشعراء أنكليز وتطرحها بيننا لاندري أن كانت حقاً لأنكليز ، ومن ثم تطلق حكمتك التي عودتنا عليها .
أين انت الان واين بندر عبد الحميد وسحبان سواح وزهير غانم واين نحن في زمن يباع فيه الشعر والشعراء بالكيلوغرامات .
الى أين ايها المسافر طوال العمر ؟ الى اين ؟
وفي ليل دمشق حين تهدأ الحركة وتعود الطيور الى أعشاشها ، وحين تنام الحبارى وطيور النوارس والوروار ويتوقف زعيق السيارات نــجدك هائماً في كل زاوية من زوايا الجلسات التي يختلط فيها الغبش بالمساء ، وتختلط فيها الأسماء فتميزنا أرقامنا وبلداننا .
لحياتك معنا طعم
ولشعرك معنا طعم
ولأغترابنا سوية طعم
ولرحيلك طعم يا أبن مصياف فلم تزل قصيدة في القلب .

#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات