اليهودية واوهام عبادة الاله الواحد

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3564 - 2011 / 12 / 2 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هذا المقال مأخوذ بتصرف من كتاب ( الديانة اليهودية ، وتاريخ اليهود .. وطأة 3000 عام ) , تأليف البروفيسور : إسرائيل شاحاك ، ترجمة : رضى سلمان ، قدم له أدور سعيد . إصدار شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ط 8 – 2004 ، بيروت , لبنان . والمعروف عن البروفيسور إسرائيل شاحاك انه يهودي إسرائيلي معاد للصهيونية . يتحدث شاحاك عن الأوهام الباطلة الشائعة في وسط عامة الناس ألا و هي ان الديانة اليهودية كانت و ما زالت ديانة تؤمن باله واحد . و الآن و كما يعرف العديد من علماء التوراة , فان وجهة النظر هذه لا علاقة لها بالتاريخ , و هي وجهة نظر خاطئة جدا . ففي العديد من أسفار التوراة , ان لم يكن في معظمها , هناك إقرار واضح بصحة وجود , و بقوة , (( آلهة آخرين )) , و لكن يهوه , و هو أقوى هذه الإلهة يشعر بغيرة شديدة من منافسيه, و يمنع شعبه من عبادتهم . و لقد اندثر الإيمان باله واحد بانتشار الصوفية اليهودية ( الكابالاه ) التي نمت في القرنين الثاني عشر و الثالث عشر و حققت مع نهاية القرن السادس عشر , نصرا كاملا تقريبا , في مركز اليهودية كافة . و بحسب الكابالاه لا يحكم الكون اله واحد بل عدة آلهة , لها شخصياتها و تأثيراتها المختلفة , منبعثة من العلة الأولى النائية و المعتمة . حيث انبثق أو ولد من العلة الأولى اله ذكر أولا , يدعى (( الحكمة )) أو (( الأب )) , ثم آلهة أنثى تدعى (( المعرفة )) أو (( الأم )) . و قد ولد من اقتران هذين الاثنين , زوج من الآلهة الصغار : الابن و يطلق عليه أسماء عديدة من بينها (( الوجه الصغير )) أو (( المقدس و المبارك )) , و الابنة و تسمى أيضا (( السيدة )) أو ( ماترونيت ) و هي كلمة مشتقة من اللاتينية . و ( شخينة ) و ( الملكة ) و ما إلى ذلك من أسماء . و على هذين الإلهين ان يتحدا , و لكن مكائد الشيطان , و هو شخصية مستقلة في هذا النظام , تمنع اتحادهما .أما الخليقة فقد تولتها العلة الأولى من اجل ان تتيح اتحادهما . و لكنهما يصبحان على شقاق اكبر من أي وقت , بسبب السقوط , و قد تمكن الشيطان فعلا , من الاقتراب كثيرا من الابنة الإلهية , و تمكن حتى من اغتصابها . أما خلق الشعب اليهودي فقد جرى من اجل إصلاح الكسر الذي سببه ادم و حواء . و قد أحرز ذلك لبرهة قصيرة تحت جبل سيناء : الإله الذكر الابن , الذي تقمص موسى , اتحد مع الآلهة شخينة . و لسوء الحظ فقد تسببت خطيئة العجل الذهبي مرة أخرى , بشقاق في الإلوهية : إلا ان توبة الشعب اليهودي أصلحت ذات البين . ان واجب اليهود الأتقياء ان يعيدوا بواسطة صلواتهم و طقوسهم الدينية , الوحدة الإلهية الكاملة بشكل اتحاد جنسي بين الإله الذكر و الآلهة الأنثى .و هكذا تتلى الكابالية التالية قبل أداء معظم الأفعال الطقوسية , التي ينبغي لكل يهودي ورع تأديتها عدة مرات في اليوم : ( من اجل المجمع ( الجنسي ) للمقدس المبارك و شخينته ... ) و قد رتبت صلوات اليهودية أيضا , بحيث تشجع على هذا الاتحاد . و هي مخصصة لخداع ملائكة مختلفين ( متخيلين كآلهة ثانويين يتمتعون بدرجة من الاستقلال ) يشغلون البوابة التي تدخل منها الصلوات إلى السماء . و يعتقد اليهود من أتباع ( الكابالاه ) بان بعض التضحيات التي تحرق في الهيكل هي تضحيات مخصصة للشيطان مثل الثيران السبعة المخصصة المخصية التي يضحى بها خلال الأيام السبعة لعيد الشهادة . يفترض ان تكون ثيرانا مقدمة للشيطان بصفته حاكما للاغيار كافة ( الأغراب ) .و هكذا نرى ان المهم عند اليهودي هو إتمام الطقس فالبسملة اليهودية التي تقول ( اسمعي إسرائيل , ان الرب إلهنا , و الرب واحد ) و التي يتلوها اليهودي بضع مرات في اليوم يمكن ان تعني حاليا أمرين متناقضين , إذ يمكن ان تعني بان الرب واحد حقا . و يمكنها ان تعني أيضا بان مرحلة معينة في اتحاد الإلهين , الذكر و الأنثى قد أحرزت . و هكذا نرى ان تفسير التوراة عند اليهود ليس تفسيرا توراتيا و اليهودية ليست ( ديانة توراتية ) بل ديانة تلمودية فمثلا :
1- تقول الوصية (( لا تسرق )) ( الخروج 20 / 15 ) يفهم اليهودي من التلمود أنها تعني عدم سرقة الشخص اليهودي الإسرائيلي حصرا . في حين يجيز التلمود سرقة الاغيار ( الأغراب ) .
2- الآية الشهيرة ( العين بالعين و السن بالسن ) ( خروج 21 / 24 ) تفهم تلموديا أنها تعني مال العين لقاء العين أي دفع غرامة عوضا عن القصاص .
3- الوصية التي تقول ( تحب قريبك كنفسك ) فهمت تلموديا بصحبة اليهودي الإسرائيلي و ليس الاغيار ( الغرباء ) . في الختام نستخلص
ان اليهود عندما يقراون التوراة , فإنهم يقراون كتابا مختلفا تماما , و يحمل معاني مختلفة اختلافا كليا عن التوراة كما يقراه غير اليهود من المسيحيين و المسلمين مثلا .

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات