|
الانتخابات في تونس والمغرب ليس انتصارًا كاسحًا للإسلام السياسي
وليد العوض
الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 16:06
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
تواصل الشعوب العربية حصد ثمار الربيع العربي التي فجرتها ثورة الياسمين في تونس أواخر العام الماضي وامتدت لتشمل العديد من البلدان الأخرى ، وما من شك يمكننا القول أن تلك الثمار لم تكن كما إرادتها وعملت من اجلها الشعوب الثائرة فقد شابت المرارة وما تزال بعض من تلك الثمار نظرا لتداخلات متعددة حاولت وما تزال حرف الثورات عن مسارها في محاولة لامتطاء موجتها وقيادتها باتجاهات معينة تقود في النهاية إلى إعادة إنتاج نظم الاستبداد البائدة. وقد جرى التعبير عن تلك المحاولات وما زال في البلدان التي هبت شعوبها وتمكنت من خلع ثوب الاستبداد الذي كبلها لما يزيد عن نصف قرن. ومع ذلك فقد بدأت الشعوب التي انتصرت فيها الثورات وتلك التي تأثرت برياحها بحصد ثمار تضحياتها من خلال البدء في انتخابات ديمقراطية نزيهة شهدتها تونس في 23 أكتوبر 2011 كما شهدتها المغرب في الخامس والعشرين من نوفمبر الماضي، و بدأت مصر المرحلة الأولى منها في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي أيضًا، المتابع لهذه العملية الديمقراطية في البلدان المذكورة يلحظ دون عناء أن محاولات هائلة تشترك فيها وسائل إعلام متنوعة تصدح ليل نهار وجميعها تؤكد على فوز كاسح للإسلام السياسي في هذه البلدان ، يأتي ذلك في محاولة دءوبة للتقليل من شأن القوى الديمقراطية واليسارية والمجموعات الشبابية التي كان لها شرف زرع القيم الديمقراطية النبيلة والمطالبة بالتحرر والتقدم والعادلة الاجتماعية الأمر الذي أسهم في إطلاق هذه الثورات وتمكنها من الإطاحة بنظم الاستبداد ، في نظري ان هذا التهويل الإعلامي لفوز كاسح مزعوم في من كل من تونس والمغرب وقادم في مصر أيضا ما هو إلا محاولة لفرض الخضوع لهذا الانتصار المبهر الواهم والتسليم بتوجهات رموزه كما ويهدف أيضا للتأثير على عقول وقلوب الشعوب الأخرى التي تستعد بدورها لجني ثمار الربيع العربي عبر إجراء الانتخابات في بلدانها خلال الفترة المقبلة . إن الحقيقة الموضوعية تؤكد بدون شك، إن تقدمًا ملموسًا للإسلام السياسي قد تحقق في الانتخابات التي جرت في كل من تونس والمغرب ومن الواضح أنها كذلك في مصر، لكن ليس بالقدر الذي يجري الترويج له لتحقيق الأهداف المشار لها أعلاه، وبنظرة بسيطة لنتيجة تلك الانتخابات في تونس التي تنافس فيها ثلاثون حزبًا للفوز بمقاعد الجمعية التأسيسية البالغ عددها 217 نرى أنها جاءت على النحو التالي النهضة (إسلامي معتدل) 89 مقعدًا، أي 41% من مجموع المقاعد، وكما حصل المؤتمر من أجل الجمهورية (يساري عروبي) 30 مقعداً، و حصلت العريضة الشعبية المقربة من الحزب الدستوري المنحل 19 مقعداً، و التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (يسار) 21 مقعداً الحزب الديمقراطي التقدمي ( يسار) 17 مقعداً. وحصل القطب الديمقراطي الحداثي (يسار) 5 مقاعد، وحزب المبادرة ( ليبرالي، كمال مرجان) على 5 مقاعد، وحصل أفاق تونس ( ليبرالي ـ محمد الوزير) على 4 مقاعد والبديل الثوري ( يساري ـ حمة الهمامي، الوطني الديمقراطي عبد الرزاق الكيلاني ) 3 مقاعد وحركة الوطنيين الديمقراطيين( يسار ـ شكري بلعيد) مقعدان وحركة الشعب (ليبرالي) مقعدان والصوت المستقل (مستقلون ليبراليون) مقعدان 3 والوفاء للشهداء (شباب مستقلون) مقعدان، وقائمة من أجل جبهة وطنية تونسية ( مستقلون) مقعدان. والنضال الاجتماعي ( ليبرالي) مقعد واحد. و المستقلة (ليبرالي) مقعد واحد. و الأمل (مستقلون) ليبرالي مقعد واحد. وحزب الأمة الثقافي الوحدوي (محمد الحامدي عروبي إسلامي) مقعد واحد. حركة الديمقراطيين+ الاشتراكيين( بولحية ـ ليبرالي) مقعد واحد. الحزب الدستوري الجديد (أحمد منصور من بقايا الحزب المنحل وسط) مقعد واحد. كما حصل أيضا الاتحاد الوطني الحر ( ليبرالي . سليم الرياحي) مقعد واحد. وحصل العدالة والمساواة (تيار إسلامي) مقعد واحد. وحركة الشعب الوحدوية التقدمية (خالد الكريشي ناصري) مقعد واحد وحصلت قائمة قيم العدالة تيار إسلامي ( مقعد واحد) كما حصلت النضال التقدمي (يسار ماركسي) مقعد واحد، والحزب الليبرالي المغاربي (بوصيري بو عبداللي ـ ليبرالي) مقعد واحد. وحزب الأمة الديمقراطي الاجتماعي (يسارـ منصف الشابي) مقعد واحد. في ضوء النتائج المشار لها أعلاه نلاحظ القول إن هناك كتلتين رئيستين في المجلس هي: 1 ـ حزب النهضة 89 مقعدًا ويعتبر حزب الحركة الإسلامية، 2-والكتلة الأخرى تمثل اليسار وحازت 81 مقعداً في مقدمها القوى الرئيسية الأربعة (المؤتمر/ منصف المرزوقي/ 30مقعدا) التكتل الديمقراطي (مصطفى بن جعفر/21 مقعدا)، الديمقراطي التقدمي (أحمد نجيب الشابي/17 مقعدا) والقطب الديمقراطي الحداثي (حزب التجديد/ أحمد إبراهيم، الحزب الاشتراكي اليساري محمد الكيلاني، المجموعة المستقلة/ رياض بن فضل/5 مقاعد) ولهذا المجموع الرباعي الرئيسي 73 مقعداً. يضاف إلى ذلك البديل الثوري (حزب العمال الشيوعي، الحزب الوطني الديمقراطي/عبد الرزاق كيلاني/3 مقاعد) + حركة الوطنيين الديمقراطيين 2 مقعد + حركة الديمقراطيين الاشتراكيين 1 مقعد + النضال التقدمي 1مقعد + حزب الأمة الديمقراطي الاجتماعي1 مقعد. أي أن مجموع اليسار 81 مقعداً، بما يشكل كتلة وازنة جدا مقابل كتلة النهضة. وإلى جانب هاتين المجموعتين توجد كتلة ثالثة هي المجموعة الليبرالية، وبينها كتلة العريضة الشعبية 19 مقعدا. مع الإشارة إلى أن الأغلبية من هذه المجموعة هي تجمعات ليبرالية حداثية أيضا تعمل من اجل الديمقراطية والتقدم في تونس. ومن هنا يمكن القول أيضا أن تشتت قوى اليسار والقوى الديمقراطية هو من ساهم في إبراز الأمر و وكأن حزب النهضة قد حظي بفوز كاسح ا في الانتخابات كونه حصل حزب على أكثر الأصوات بيمنا في حقيقة الأمر أن التكتلات الأخرى نالت ما يزيد عنه لذلك سيجد الموطن التونسي نفسه أمام حكومة تعكس التعددية السياسية لهذا الطيف الواسع، كما أنه يمكن أن نلاحظ أن توزيع السلطات في تونس قد لحظ في تركيبته حجم وفاعلية هذه الكتل الثلاث حيث ستتولى حركة النهضة رئاسة الحكومة بينما سيتولى اليسار (مصطفى بن جعفر) رئاسة الجمعية التأسيسية، ومن الواضح ان منصف المرزوقي سيكون المرشح القوي لرئاسة تونس. أما البلد الأخر الذي شهد في الخامس من نوفمبر انتخابات عامة وفقا للدستور المعدل فكان المغرب وما أن بدأت النتائج بالظهور انخرطت وسائل الإعلام خاصة تلك المقربة من الإسلام السياسي بكثافة وبدأت ادعاءاتها بأن نتيجة الانتخابات المغربية هي بمثابة اكتساح للإسلام السياسي بينما حقيقة الأمر غير ذلك فقد جاءت نتيجة الانتخابات التي تنافس عليه خمسة وعشرين حزبا على النحو التالي : 107العدالة والتنمية الحزب مقعدًا أي 27% من المقاعد، وحصل حزب الاستقلال على 60 مقعدا وحزب التجمع الوطني للأحرار على 52 مقعدا، وحزب الأصالة والمعاصرة على 47 مقعدا وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 39 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية على 32 مقعدا وحزب الاتحاد الدستوري على 23 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية على 18 مقعدا، و الحزب العمالي على 4 مقاعد، وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية على مقعدان، وحزب التجديد والإنصاف: مقعدان، وحزب البيئة والتنمية المستدامة على مقعدان ،وحزب العهد الديمقراطي: مقعدان، وحزب اليسار الأخضر المغربي على مقعد، واحد حزب الحرية والعدالة الاجتماعية: مقعد واحد، وحزب جبهة القوى الديمقراطية: مقعد واحد، وحزب العمل على مقعد واحد، وحزب الوحدة والديمقراطية على مقعد واحد. وبنظرة أخرى نلاحظ إن مجموع ما حصلت عليه الحركة الإسلامية ممثلة بحزب النهضة هو 107 مقاعد أي 27% من المقاعد، بينما حصلت أحزاب الكتلة الديمقراطية على 117 مقعد وبذلك يتضح بشكل جلي أن الإدعاء بفوز كاسح للحركة الإسلامية في الانتخابات في كل من تونس والمغرب إدعاء غير دقيق وهو يهدف إلى زرع مفهوم الاكتساح لدى الجمهور والأمر غير ذلك ، بالرغم من فوزها كحزب بالعدد الأكبر من الأحزاب قياسا مع الأحزاب والقوائم الأخرى. أما الملاحظة الثانية والمهمة فتتمثل بتشتت القوى اليسارية والديمقراطية التي تخوض الانتخابات بشكل متفرد مما يفتح المجال لتحقيق قوى الإسلام السياسي لهذه النتائج بالرغم من أن لقاعدة الاجتماعية لقوى اليسار والقوى الديمقراطية والتقدمية هي أوسع بكثير من قاعدة الإسلام السياسي والذي بدأت رموزه بالتبشير من خلال بعض خطاباتها بمرحلة جديدة نخشى أن تكون عودة لأنظمة الاستبداد البائدة التي ثارت عليها الشعوب . *عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
#وليد_العوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين عضوا منظمة اليونسكو نجاحات فلسطينية وردود فعل عدوانية
...
-
الاسرى الابطال في احضان شعبهم
-
قرارالبرلمان الاوروبي نصرسياسي جديد للشعب الفلسطيني
-
خطاب الرئيس الى الامم المتحدة عبر بوابة مجلس الامن
-
التصعيد الاسرائيلي الى أين ؟؟؟
-
قرار الكونغرس إبتزاز أمريكي رخيص
-
ذكرى النكبة المؤلمة ... يوم العودة المنشودة
-
الذكرى 63 للنكبة سرقة وطن وتشريد أصحابه
-
اتفاق المصالحة فلننظر للنصف المملوء من الكأس
-
وداعا فكتور ستبقى ذكراك طيبة في قلوبنا
-
تهدئة تتأرجح في ميزان المصالح
-
نحو جبهة مقاومة موحدة للتصدي للعدوان وإحباط أهدافه
-
نهى كلارا سماح ،،،،،،شتمائهم وعصيهم عار عليهم
-
إحذروا فخ الاستدراج الاسرائيلي الخطر
-
ردأ على مقال: فصائل بدور شاهد الزور , جوقة الردح من يحيا ربا
...
-
شباب وصبايا فلسطين ... الورد الّي فتح في آذار
-
الثامن من آذار يوم المرأة العالمي يوم مجيد في تاريخ البشرية
-
مكالمة أوباما للرئيس ابو مازن والموقف الفلسطيني الثابت ضد ال
...
-
العاشر من شباط ذكرى تأسيس حزب الشعب الفلسطيني الحزب الذي طال
...
-
انتفاضة الخبز والكرامة في تونس نموذج قابل للتكرار
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|