ابراهيم هيبة
الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 01:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كم أحسد المصلّي على ذالك الإمتياز الميتافيزيقي الذي يتمتع به، والذي يتمثل في قدرته على أن يتخلص من كل أعبائه عبر تعليقها على مشجب إله ما! عندما تُناصبه الحياة العداء وتُصد في وجهه كل الأبواب، لا يجد المؤمن من مخرج نهائي لأزمته أفضل من الصلاة؛ حسبه فقط أن يجثو على ركبتيه وأن يرفع أكف الضراعة إلى إله ما. حتى الوثني يمتلك نفس هذا الامتياز في أن يعرض مآسيه على مطلق ما، ولا يهم أن يكون هذا المطلق من الحجر أو الشجر؛ إنه كائن حزين، وهذا كاف لوحده بأن يجعله متدينا.
في العمق، نحن لا نصلي لأننا مؤمنون، بل لأننا متعبون ونريد أن نستريح؛ فالرغبة في طرح أثقال الحياة عن كاهلنا هي ما يبرِّر وجود الصلاة؛ والتي لولا الطابع العبودي للوجود لما كان لها من معنى. كل شخص يعيش في سعادة مطلقة لا يمكنه أبدا أن يستوعب مغزى الصلاة؛ وما الذي سيدفعه إليها ما دام لا يرزح تحت أي عبئ؟! وحدهم المثقلون بالأحزان والمثخنون بالجراح من يملأون المساجد والكنائس.
كلما ضاقت بالمرء الحياة وهزمته تدابير الأيام سيجد نفسه على حافة الصلاة، حتى وإن كان ملحدا؛ فالصلاة ليست فعلا تعبديا إلا في المظهر، أما في العمق فهي ممارسة طبية ـ أي ترياق ضد سموم الحياة. فعندما ينخرط المرء في الصلاة يخفف عنه بذلك قسوة القدر ومرارة الفشل؛ كما أن الطابع الحواري للصلاة ـ أي تمظهرها كحوار بين الإنسان والله ـ يوحي للمرء بأنه ليس وحيدا في الكون.
#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟