أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - الانتخابات المقبلة جدلٌ بين الإستئثار والآمال الوطنية















المزيد.....

الانتخابات المقبلة جدلٌ بين الإستئثار والآمال الوطنية


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 1056 - 2004 / 12 / 23 - 07:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يمتد جوهر نجاح الانتخابات الى ما هو أبعد مما يتمخض عنه صندوق الاقتراع، وأبعد مما يسفر عنه من نتائج لاختيار صفوة من القادة السياسيين من المفترض أن تعتلي مقود السلطة وتحكم البلد في المرحلة الحالية لأمد محدد ومعروف، فمن خلال ما يرشح من سياقها العملي في الممارسة والسلوك، تنعكس معايير عديدة يمكن بواسطتها استجلاء ملامح رقي وحضارة وثقافة المجتمع، ما معناه أن الممارسة الانتخابية تعكس ماهية الوعي الانتخابي بشكل خاص، وخصائص منظومة القيم والعادات والتقاليد، والعلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع بشكل عام، ومن هنا يتوجب علينا تأمل وتملي راهنية البيت العراقي من الداخل، وإسقاط ذلك على مجريات العملية الانتخابية المقبلة.
لقد خرج العراق للتو من استبداد الحكم الديكتاتوري الشمولي بعد أن جثم على صدره ثلاثة عقود ونصف تقريباً، وعلى اثر سياساته الرعناء، وأساليبه التسلطية القهرية ونزواته المريضة وما جادت به من حروب عبثية وحصار مرير، ترتب تردي وانكفاء داخل بنية المجتمع وعناصره، ظلت تفاعلاتها قائمة مع ما نتج من تداعيات بسبب ظروف انعتاقه الاستثنائية من تلك الحقبة المعتمة، بعد أن جاءت عبر العمل العسكري الخارجي، الذي أفضى الى احتلال البلد، وانهيار الدولة، وغياب سلطة القانون، وتحطيم معظم البنى التحتية، وانفلات أمني أحال الأوضاع الى فوضى عارمة، وهذه مجتمعة تشكل تداعيات وافرازات يتوجب استحضارها عند استشراف التجربة الانتخابية الأولى، وفي صلبها النشاط التنافسي بين المرشحين، على المستوى الفردي والفئوي والجمعي، الذي تتمحور حيثياته النظرية والعملية على عديد من العوامل المؤثرة، وتجعله بنفس الوقت خاضعاً الى ترسباتها التراكمية، ومن خلال التأني في استقرائها يتم لنا معرفة وتحديد مستويات الوعي الانتخابي للفرد والمجتمع.
فمن غير المستبعد في ظروف البلد الحالية ( بعد الانقلاب الحاصل في بنية المجتمع العراقي زمن الحواسم)، بروز بعض البوادر غير الصحية في أولى بذرات الممارسة الديمقراطية، سواء كانت من أفراد أو كيانات، ناخبين أو مرشحين، إداريين أو مراقبين، ففي هذه الممارسة انعكاس حقيقي للواقع، ولذا فأن ظهور حالات مرضية بعيدة عن المثل المأمولة من أفعال وممارسات خاطئة تجسد نوايا انتهاك الضوابط والقواعد الانتخابية أمر متوقع في هكذا حال، وقد تمتد الانتهاكات الى ما هو أبعد من ذلك نتيجة لتوفر أرضية مناسبة، ومناخات ملائمة تساعد على الانسياق بأثر المكنونات التراكمية، والحاجات الآنية التي تنطوي على أنوية مستفحلة، واستقطاب حثيث نحو الأطر الضيقة، مما يؤدي الى تعاظم الاستئثار، والى تقديم الذات على الأخر بفضاضة من دون أي اعتبارات، وبذلك تنجر الى تفضيل المصالح الذاتية ومصالح الأطر الضيقة على المصالح العامة، استجابة الى النزوات والنزعات التي جبلت عليها الذات المنتفخة، وهذه حالة ملموسة، ( تبدو لي أكثر من فردية وأقل من ظاهرة)، وهي بلا شك نتاج طبيعي لحركية التاريخ، وصنيعة لجدلية تناقضات المجتمع، فالركون الى خيار اعتلاء صهوة نيقولو ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة، والانجرار وراء مكاسب مالية، أو وراء مغانم السلطة المأمولة، أو وراء نداء استغائة قبلي أو طائفي أو قومي، أو وراء تحزب بعيون معصوبة سيضعنا أمام حالات نتلمس منها أفعالاً وتصرفات تبتعد عن إطار التنافس الشريف، وتفرط بأساسيات ومبادئ الديمقراطية.
ومن هنا فأن بناء تصورات أو رؤى استشرافية من الآن عن سلبيات سترافق العملية الانتخابية أفضل من التغاضي عنها والتعمية عليها، لان هنالك الكثير من السلوكيات والانفعالات من المحتمل أن تطفو على السطح في غمار خوض التجربة الانتخابية المقبلة، قطعاً لا ترتقي بالممارسة الديمقراطية الى مصاف متقدم، بل على العكس تسوء اليها، وتخدش من مقومات نجاحها بهذا القدر أو ذاك، فتنال من قدر كان مأمولاً أن تخرج به مقبولية هذه التجربة من خلال ما ستحدده المعايير المتعارف عليها في الشفافية والمصداقية والنزاهة.
وبعيداً عن هاجس البحث عن مبررات، فأن هذا الأمر طبيعي لمجتمع يعيش راهنية استثنائية، يسعى لخوض أولى تجاربه الديمقراطية في ظرف استثنائي أيضاً، ويتعامل معها من أرضية هشة، وعبر ذاكرة خاوية، وارث فقير تشكل من تجارب انتخابية معدودة ومشوهه، كانت جميع نتائجها معلومة سلفاً، في خانة 99.9%، نسبة التسيد الأثيرة في معظم البلدان العربية. لذا فأن التعامل مع هكذا واقع يجعلنا إزاء تجربة انتخابية استثنائية فرضتها ظروف موضوعية، واستوجبتها حاجة ملحة، فلا ضير إذا ما كانت مقبوليتها بالحد الأدنى، دون الطموحات، كخطوة أولى على طريق إرساء مرتكزات النهج الديمقراطي، وتأمين انسيابية العملية السياسية للمرحلة الانتقالية الثانية، للخروج بالبلد من تعقيدات مأزقه الحالي، لتكون نقطة انطلاق لإفشال مخططات العنف والإرهاب التي تعصف بكل مقدرات البلد.
وعلى السياق الأنف الذكر بكون الانتخابات تحدياً مفصلياً، واجتيازها بالدرجة المقبولة، يمثل تعميقاً لمديات النجاح الضرورية في بداية المسيرة الطويلة على طريق بناء العراق المستقل الديمقراطي التعددي الفيدرالي الموحد، لابد من التذكير ببعض البديهيات، التي تعزز من ثقة العراقيين بالوصول الى الهدف المنشود، وتبقي جذوة أمل النجاح المرتقب متقدةً، لتشع بريقاً متوهجاً يمتد على سماء أرض الفراتين، يعلن للعالم أجمع كون العراق قادراً على تخطي مأزقه التاريخي في قوادم الأيام رغم كل العقبات والمعوقات.
ومع كوننا ندرك جيداً بأن الانتخابات المقبلة قطعاً لن تفتح لنا باب الجنة، لكنها ستضع مسيرة البلد على سكة الصواب، وبذلك ستكون بداية سليمة لإرساء أسس النهج الديمقراطي، ووضع الحلول الناجعة لمعاناتنا، ولا ريب في ذلك تقصير لأمد الاحتلال، وأمد معالجة كوارثنا الكثيرة، فهذه التجربة سترفد أولى صفحات سفر العراق الديمقراطي بالكثير من الدروس والعبر، وعلينا أن نتذكر دائماً بأن ما يليها من تجارب لاحقة ستكون أفضل من سابقاتها، وأن الديمقراطية خيار إنساني مضمون، يغني الحياة السياسية بالحيوية، ويجعلها حافلة بالمتغيرات الكيفية، وأن الأغلبية والأقلية حالة غير ثابتة، وأن منظومة القيم الاجتماعية متحركة، والوعي الانتخابي قابل للتطور، كما السلوك الإنساني قابل للتشذيب من الغرائز ومن الصفات النكوصية.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوات جدية على طريق إنجاز الانتخابات
- ديمومة الحوار المتمدن مفخرة لكل الحالمين بغد أفضل
- راهنية الانكفاء في العراق ما بعد انهيار الدولة
- لاعنون لإحتلال العراق وقانعون بالتواجد الأمريكي في الخليج عب ...
- أضواء على ندوة مركز الحوار الديمقراطي التي استضاف فيها مكتب ...
- وقفة مع قرار نادي باريس
- المؤتمر الدولي عن العراق في شرم الشيخ بين الذاكرة والطموح
- عرفات الوجدان الفلسطيني المُوَحِدْ
- مشاركة الناخبين العراقيين في الخارج نجاح للمفوضية في أول اخت ...
- مقاطعة الانتخابات تضع مستقبل العراق في متاهات اللاأفق
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق- إضاءات على دكة عاكف في م ...
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق- إضاءات على دكة عاكف في م ...
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق- إضاءات على دكة عاكف في م ...
- نثار من ذكريات طريق الشعب لإشراقة العدد الألف من الحوار المت ...
- التحالفات.. خيار ستراتيجي أم مناورة تكتيكية
- من أجل انتخابات شاملة في موعدها المقرر
- الانتخابات المقبلة.. تطلعات مشروعة.. وأفاق رحبة
- مناشدة لإطلاق سراح الكاتب السوري جهاد نصره
- مهمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والدور الإعلامي ال ...
- ما بين حجب الحوار المتمدن وحكاية جحا


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - الانتخابات المقبلة جدلٌ بين الإستئثار والآمال الوطنية