|
منهجية جديدة للبعث في الإرهاب
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 1056 - 2004 / 12 / 23 - 07:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عشرة ساعات متواصلة وخلال يوم عمل عادي يقف الملثمون يقطعوا الطريق الخارج من بغداد من الناحية الشرقية، ليقطعوا الطريق المتجه نحو المحافظات الجنوبية بالكامل، وخلال هذه العشرة ساعات أدوا خلالها مهمتهم بالكامل، وهي قتل العراقيين على مرأى ومشهد من الجميع دون أن يعترض عليهم أحد، وكأن قوات الشرطة والدفاع المدني في إجازة عامة بالكامل. كان من يروي هذه التراجيديا الدموية هو أحد ممثلي الشعب العراقي في المجلس الوطني المؤقت، وليس مراسل لصحيفة، ربما صفراء أو خضراء، يقوله على الهواء بنقل مباشر على الفضائية العراقية اليوم، وجميع الناس يسمعون. يجب أن نعرف قبل كل شيء إن وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات والاستخبارات الجديدة، هي جميعها أجهزة بعثية بالكامل، حيث الوزراء وكوادر الوزارتين والضباط جميعهم من البعثيين، الذين يتشدق رئيس الوزراء المؤقت أن أياديهم بيضاء كالثلج، ولا ندري كيف عرف إن أياديهم بيضاء وهو لم يفتح لهم ملفا أو يعرف عنهم شيء سوى أنهم كانوا من أيتام النظام المقبور، فأدرج أسمائهم في وفاقه لكي يحملوا تزكية منه وينخرطوا بتشكيلة الجيش والشرطة الجديدة القديمة، فجميع هؤلاء من يمسك بالملف الأمني العراق حاليا، وهم بعثيين حتى النخاع، أي لابد ملوثين. وحين قطع الطرق الشرقي لبغداد على أيدي الملثمين البعثيين لم يظهر البعثيين من رجال الشرطة الجديدة ولا الدفاع المدني ولا الاستخبارات، وكأني بهم يريدون أن يقولوا لنا إن الذي يسيطر على الشارع العراقي هم الملثمون البعثيون، وعلى الشعب العراقي أن يستسلم إلى قدره المحتوم، وهو أن يكون تحت رحمة البعث الهمجي البهيمي، ولا خيار للعراقي بالعيش سوى بقيادة البعث، كل هذا يحدث وأمريكا تراقب فقط وكأنها تريد أن تقول لنا نفس الشيء، والأحزاب والمنظمات جميعها تقول لنا إننا جميعا متواطئون مع البعث في مؤامرته الكبيرة هذه، وأعضاء المجلس الوطني المؤقت يتكلمون بلغة دبلوماسية ويستدعون وزيرين بعثيين لكي يقولوا كلمتين ويمضوا بسلام، وكل ما يقولوه هو ""أن اذهبوا وأشربوا من البحر"" فنحن كبعثيين باقون رغما عنكم، كما قالوها في المرة السابقة بعد أن رفض الاثنين المثول أمام ممثلي الشعب حتى جاء بهم ""كبيرهم الذي علمهم السحر"" ليمثلوا ويقولوا ما استطاعوا أن يقوله وأن يتركون الباقي له، لكي يكمل عملية التسويف، ويستمر بعدها الجميع من البعثيين بإدارة الملف الأمني والتخريب الأمني في آن واحد. لا يمكن للبعثي أن يأمن سلامة البلد الذي هو من يخرب ويشيع الإرهاب فيه. دعوني أصارحكم جميعا من سياسيين ومسؤولين ورجال دين ورؤساء أحزاب وكتاب وشرفاء يشاركون بمشاعرهم وخيرين في العالم أجمع وأخيرا الأمريكان والبريطانيين، أنا هنا لا أستعمل المنطق العلمي السليم واستنتج كما كنت افعل، وذلك بعد أن تعالى الهمس بين العراقيين ليصبح صراخا في أغلب الأحيان، من أن الاجتماعات الحزبية البعثية تجري في كل ركن من بغداد وتحرسها قوات الأمن العراقية ويشارك بها الضباط والإرهابيين، وينسقون فيما بينهم وينفذون عملياتهم المشتركة بمباركة من الحكومة الحالية والبعثية قلبا وقالبا، فقد خرج هذا الأمر عن دائرة الظن، وهو الآن في حكم المؤكد بالنسبة لكل لبيب ويحمل ذرة ذكاء من أن ما يقوله الناس في الشارع هو عين الحقيقة، وإلا كيف نفسر أن الملثمين يقفون بوضح النهار لمدة عشرة ساعات، في وسط بغداد العاصمة، يقطعون الطريق ويمارسون القتل في أبشع صوره، وفي أحد أهم مداخل العاصمة العراقية، ولا يأتي شرطي أو مفرزة من مفارز الدفاع المدني أو دبابة أمريكية أو حتى فراش في وزارة الداخلية أو الدفاع!!! وكيف نفسر ما يجري في شارع حيفا من عمليات اغتيال بمنتهى الهدوء والروية؟ وكيف نفسر أن لا أحد يعترض الملثمين وهم يطرقون الأبواب في الدورة وجميع أحياء جنوب بغداد ويأمرون الناس بعدم التصويت في الانتخابات؟ وكيف نفسر أن الجوامع في بغداد ترعى عملية شراء الاستمارات الانتخابية دون أن يتدخل أحد؟ وكيف نفسر أن جميع مداخل بغداد يسيطر عليها البعثيين وهم من يطارد الشرطة فيما لو كان الضابط الذي يعملون بإمرته ليس بعثيا؟ أمور أغرب من أن يصدقها بشر!!! هل تحولت الشرطة إلى جهاز للدفاع عن البعثيين الذين يذبحون الناس كما تذبح الخراف على الطرقات وأمام بيوتهم ومنازلهم!!! وهل تحول رجال الدفاع المدني إلى الدفاع البعثي ضد الشعب العراقي!!!! الشعلان، ومن قبل أن ينجلي غبار التفجيرات في النجف وكربلاء، يقف ليقول إن وراء التفجيرات هم المخابرات الإيرانية والسورية!!!!؟؟ كيف عرف بالأمر من قبل أن يمسك بأحد أو يجري تحقيقا أو أن نرى المجرمين؟؟ هل يظن هذا الرجل أننا أغبياء لنصدق ما يقول؟ نحن من يكتب ويعلن للملأ أن إيران وسوريا تتدخلان في الشؤون العراقية، ولكن هل نحن من السذاجة لكي نصدق ما يقوله الشعلان هذه المرة؟؟ وبذات الوقت يجتمع رجاله مع البعثيين في بيوت العراق وينسقون لقتل العراقيين وكيفية تسهيل مرور السيارات المفخخة لقتل الناس، هذا إذا لم تكن تلك السيارات يتم تفخيخها في كراجات وزارتي الدفاع والداخلية، فلم يعد الظن إثما مع البعثيين، حيث هم من جعل الأخوين هابيل وقابيل يقتتلا. لقد استفاد المسؤولين عن الملف الأمني العراقي من حقيقة أن سوريا وإيران يتدخلان تدخلا سافرا في الشأن العراقي، وراحوا رجال البعث في أجهزة السلطة وخارجها يخططون لعمليات أوسع ضد الشعب ومن ثم يلقون باللوم على سوريا وإيران؟ إنها لعبة تنطلي بسهولة على الناس بعد أن أصبح تدخل هاتين الدولتين أمر مفروغ منه ولا أحد يكذبه بأي حال من الأحوال، ولكن في واقع الأمر هو أن البعثيين يعملون الآن وفق منهجية جديدة، وهي أن تتعاون أجهزة الأمن البعثية الجديدة من الملثمين وينفذون عمليات نوعية كبيرة كتلك التي حدثت في النجف وكربلاء والموصل وبذات الوقت تشير أصابعهم نحو سوريا أو إيران. إن جميع هذه العمليات ذات طبيعة خاصة ولا يقدر على تنفيذها سوى هذا النوع من التعاون بين هاتين القوتين البعثيتين، رجال الأمن والملثمين أو الذين أطالوا لحاهم، فهي بحاجة لقدر كبير من المعلومات وقدر أكبر من السيطرة على مداخل المدن والطرق ذات الأهمية الخاصة، وهذا ما جربوه في تفجيرات القصر الجمهوري ونجحت محاولاتهم، والآن قد دخلوا مرحلة أوسع وهي العمل وفق هذه المنهجية والتكتيك على كامل التراب العراقي. وهذا لم يعد ظنا، لأن الذي ينفذ هذه العمليات هم بعثيون، ومعظم رجال أجهزة الأمن الجديدة في العراق هم من البعثيين، هذه حقائق لا يمكن لوزيري الدفاع والداخلية دحضها أو التنكر لها بالقول إن أياديهم بيضاء، كما يقول رئيس الوزراء المؤقت. لا يمكن لبعثي أن يحمل مسؤولية في العراق اليوم، ومن يريد الأمن للعراق والعراقيين عليه أن يرفع صوته ويتحرك إلى إقصاء هذه العناصر البعثية من أماكنها وتطهير الجيش والشرطة والاستخبارات من كل رجس بعثي بأسرع وقت ممكن قبل أن يذهب العراق على الجحيم، ونحن الآن بحاجة إلى معجزة كي لا ننزلق نحو الهاوية. لا يجب أن يبقى البعث يعبث بمصير العراق ويجب أن يوضح حد لهذا الأمر بأسرع وقت وقبل فوات الآوان.
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمير الدراجي والانتحار انتخابيا
-
البعث، أس البلاء، ولعبة شد الحبل مع الذات
-
تيار ولاية الفقيه لا يهدد الديمقراطية في العراق
-
الديمقراطية لابد قادمة لأنها إرادة شعب
-
العراقي يستطيع أن يحمي صناديق الانتخابات
-
لدي اعتراض
-
حديث في الانتخابات، الكورد واليسار العراقي
-
حديث عن الانتخابات، قائمة الشيعة
-
فشلوا في الاختبار الأول، وتجاوزا على الدستور
-
المصالحة بين أطياف الشعب وليس مع البعث
-
مناورة تأجيل الانتخابات دعاية انتخابية
-
القصة الحقيقية لانتصار العراق في شرم الشيخ
-
مثلث الموت محاولة جديدة لإثارة حرب طائفية 2-2
-
مثلث الموت محاولة جديدة لإثارة حرب طائفية 1-2
-
رسالة مفتوحة للدكتور علاوي رغم مشاغله
-
رسالة من سيدة سعودية أبلغ من الجاحظ
-
أنقذوا الموصل قبل أن تسقط بأيد الإرهابيين
-
طلع تحليلهم --بوش--
-
رسالة مفتوحة إلى رئيس أعضاء المفوضية العليا للانتخابات في ال
...
-
سياسة تأهيل البعث الفاشلة هي السبب وراء تصاعد العنف في العرا
...
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|