اساف اديب
الحوار المتمدن-العدد: 1055 - 2004 / 12 / 22 - 10:04
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
قرار مسجل الجمعيات، المحامي يارون كيدار، البدء باجراءات حل جمعية معًا، يهدد بوضع حد لمشروع مميز ينظم اكثر من 600 عامل وعاطل عن العمل من العرب، ويضمن الرزق الثابت للآلاف. الادعاء الاساسي لمسجل الجمعيات هو ان معًا لا تؤدي اهدافها المعلنة، وانها تشكل غطاء لحزب دعم. غير ان المسجل لا يأتي بدليل واحد على ادعاءاته، ويكتفي باتهامات عامة ذات طابع سياسي. اغلاق معًا على هذا الاساس يشكل سابقة خطيرة تهدد بحرمان اية جهة ذات رؤية سياسية معارضة من حقها في حرية التنظيم.
قرار الاغلاق
في نهاية تشرين اول (اكتوبر) 2004، تسلمت معًا قرار مسجل الجمعيات البدء باغلاقها في حال لم توافق على المطالب الاربعة التالية:
1. تعيين مراقب للجمعية، بمعنى اخضاعها لمدير خارجي يعينه مسجل الجمعيات وتدفع له جمعية معًا اجره.
2. الزام الجمعية باستعادة الاموال التي أُخذت منها بشكل غير قانوني.
3. الفصل التام بين جمعية معًا وحزب دعم.
4. اجراء اصلاحات في اوجه الخلل.
محامٍ خبير في قانون الجمعيات اكد ان مسجل الجمعيات لا يملك صلاحية تعيين مراقب للجمعيات. كما ان القرار لا يحدد اية اموال يجب على الجمعية اعادتها، ولاية جهة، علما انه ليست هناك اموال كهذه اصلا. بالنسبة للمطلب الثالث، الذي يشكل جوهر القضية، فان الجمعية تراعي الفصل التام الاداري والمالي بينها وبين حزب دعم. اما كون بعض الاعضاء سواء من النشيطين او المدراء في الجمعية منتمين لحزب دعم، فهو امر شرعي، وليس لمسجل الجمعيات صلاحية التدخل فيه. النقطة الرابعة لا تحدد ما المقصود باوجه الخلل على الاطلاق.
من الواضح ان مسجل الجمعيات يستخدم سوط الاغلاق ليفرض على الجمعية مديرا من طرفه. ولكن معًا لن تسلّم بمحاولته اتهامها بانها تنشط ضد القانون ولن تقبل بفرض الوصاية الخارجية عليها. وتصر معًا على مواصلة نشاطها واحقاق حقها الكامل بحرية التنظيم، وشنت لهذا الغرض حملة قضائية وجماهيرية للدفاع عن نفسها.
الجولة الاولى – عام 2000
في حزيران 1998 رفض عميرام بوغيت، مسجل الجمعيات السابق، تسجيل الجمعية. وكان الادعاء حينها شكليا واهيا، وهو ان مؤسسي معًا يعملون في مكاتب مجلة "الصبّار"! بعد ذلك غيّر تبريراته، وادعى ان "الجمعية تشكل غطاء لعمل غير قانوني"، مدعيا ان مؤسسي الجمعية نظموا مظاهرة غير قانونية لعاطلين عن العمل. واستخدم تبريرا اضافيا، وهو ان احد المؤسسين أُدين ب"الضلوع في احداث شغب" في الثمانينات.
المحكمة لم تقبل ادعاءات المسجل، والزمته بتسجيل معًا كجمعية رسمية. ولكن ما كاد عام واحد يمضي على تسجيلها، حتى اعلن المسجل عن البدء بالتحقيق معها. الذريعة التي استخدمها كانت شكوى وصلت الى مكتبه، حسبها تشكل الجمعية غطاء لنشاط سياسي ولا تؤدي اهدافها التي تشكلت لاجلها. توجهت معًا للمسجل بطلب توضيح اتهاماته وكشف هوية المشتكي، غير انها قوبلت بالتجاهل التام.
بدل التأكد من الحقائق ومطالبة الجمعية بالرد على الاتهامات المنسوبة اليها، اختار المسجل تعيين مدقق الحسابات يومطوب بيلو للتحقيق مع الجمعية. لمدة ثلاث سنوات حقق بيلو في كل مستندات الجمعيات ودفاترها المالية، واستجوب بعض مديريها بالاضافة لمديرة ومدقق الحسابات. في آذار 2004 نشر المحقق تقريره الذي لم يتضمن اي دليل على ادعاءاته قيام الجمعية بتمرير اموال لحزب دعم.
وكان المفروض ان تلغي هذه الحقيقة الاساس الذي اعتمد عليه التحقيق، وتوقف الاجراءات المتخذة ضد معًا. وكان المفروض ايضا ان يلاحظ المحقق ان نفس الشخص الذي بسببه رفض المسجل تسجيل معًا عام 2000، هو الذي قدم الشكوى الكاذبة ضدها وبالمقابل حصل على رخصة من المسجل لتشكيل جمعية منافسة. اذا كان المحقق موضوعيا لاعاد ملف التحقيق لمسجل الجمعيات، واعلمه انه لا مبرر للتحقيق وان مقدمي الشكوى ضد الجمعية هم اشخاص ذوو مصالح ولا يمكن الاعتماد على شهادتهم. ولكن المسجل الجديد يارون كيدار قرر تبني تقرير بيلو والبدء باجراءات الاغلاق.
في ظل انعدام الادلة على تهمة نقل الاموال للحزب، لجأ المسجل للادعاء بان "قياديين في الحزب واشخاص مركزيين فيه يتقاضون اجورا من الجمعيات (معًا والجمعيات المربوطة بها)، بعضهم حصل على سيارة، هواتف نقالة وسافر على حساب الجمعيات لخارج البلاد".
على هذا الادعاء الجديد ترد الجمعية بان تقاضي الاجور، واستخدام سيارة وهواتف الجمعية امر مشروع لمن يعمل فيها. ولا يذكر المحقق ان كل من يحصل على الاجور في الجمعية يحصل على حد ادنى للاجور يعادل 3.335 شيكل. الحقيقة ان بعض العاملين في معًا تنازلوا عن وظائف في مجالات اخرى حيث تقاضوا مبالغ اعلى، وذلك بقرار منهم توظيف قدراتهم لخدمة الرسالة الاجتماعية التي يؤمنون بها.
جمعية معًا وحزب دعم
الادعاء الاضافي الذي ورد في التحقيق هو ان معًا تشترط العضوية فيها بالانتماء لحزب دعم. هذا الادعاء هو الآخر لا اساس له من الصحة. مع هذا ولاثبات ادعائه يحرّف المحقق تقريرا قدمه صندوق الماني "BW" الذي يدعم معا ماليا منذ عام 2002. تقرير الصندوق يحدد ان 98% من اعضاء الجمعية غير منتمين لحزب دعم، ويؤكد انه لا يتم اشتراط تقديم الخدمات للاعضاء بالانتماء السياسي للحزب. مئات المتوجهين للجمعية في مكاتبها بالناصرة، ام الفحم والقدس الشرقية لم يُسألوا ابدا عن هويتهم السياسية.
ورغم ان المحقق حصل حسب طلبه على قائمة باسماء وتفاصيل كل اعضاء الجمعية، ولكنه لم يبادر للاتصال باي من الاعضاء لاستجوابهم. التقرير لا يتطرق اطلاقا لحقيقة ان الجمعية تؤطر اكثر من 600 عضو، معظمهم عمال بناء عرب دخلوا في السنوات الاخيرة مجال العمل المنظم في شركات البناء الكبرى في اسرائيل، بدعم من جمعية معًا.
كما لا يذكر المحقق المكانة التي تتمتع بها معًا في الاوساط الرسمية، وتحولها لعنوان معترف به بكل ما يتعلق بقوة العمل العربية في اسرائيل. مندوبون عن معًا يشاركون بشكل دائم في جلسات لجنة الكنيست للعمال الاجانب، ولجنة العمال الاجانب التابعة لنقابة المحامين. كما تتم دعوة الجمعية لوزارة الصناعة التجارة والتشغيل للاستماع لتقاريرها في مجال اختصاصها، هذا بالاضافة للعلاقات التي تقيمها مع نقابات في انحاء مختلفة من العالم.
وبما ان المحقق لا ينجح في البرهنة على ادعاءاته، خاصة تلك المتعلقة بنقل الاموال من معًا لحزب دعم، فانه يلجأ لتحويل العلاقة الفكرية بين الجمعية وحزب دعم وانتماء بعض نشيطيها للحزب، الى امر غير شرعي، فيدّعي وجود "نوايا خفية لخدمة حزب دعم ونشر افكاره". تبني صيغة المحقق وتعميمها سيعنيان بالضرورة حرمان كل شخص عضو في حزب سياسي من حقه في النشاط في جمعية او ادارتها، الا اذا كان تابعا لحزب السلطة.
من المهم التأكيد على ان نشيطي معًا لم ينكروا ابدا العلاقة الفكرية بين جمعية معًا وبين حزب دعم. نشيطون مركزيون في الجمعية ينتمون لحزب دعم ويعلنون على الملأ تمسكهم بالفكر الاشتراكي الذي يحتّم دعم الطبقة العاملة. محاولة تصوير هذا الامر كما لو كان غير شرعي، ليست الا ملاحقة سياسية.
الدفاع عن العمال غير القانونيين
يعتبر المحقق دفاع معًا عن العمال الاجانب غير القانونيين، دليلا اضافيا على ان الجمعية تقوم بعمل مخالف للقانون، فيكتب: "يجب فحص اذا كان دعم الجمعية للعمال غير القانونيين امرا قانونيا". ويذهب المحقق لدرجة الادعاء ان الدفاع عن العمال الاجانب يشكل "تناقضا في المصالح مع اهداف الجمعية المعلنة – مساندة العاطل عن العمل الاسرائيلي".
وتكشف هذه النقطة جهل المحقق التام بقانون العمل المتبع في اسرائيل والمعترف به في مواثيق العمل الدولية بشأن العمال غير القانونيين. وتنص هذه المرجعيات على حق هؤلاء العمال بالحصول على الحماية القانونية الكاملة. وكل من يقدم لهم الدعم سواء محاكم العمل، محامون او اية جهة اخرى، انما يقومون بواجب ينص عليه القانون.
بالاضافة لذلك، ليس هناك اي تناقض بين الدفاع عن حقوق العمال الاجانب وبين الدفاع عن حقوق العمال من مواطني اسرائيل. العكس هو الصحيح: فقط من خلال تطبيق قانون العمل على جميع العمال دون تمييز، سيكون بالامكان ضمان حصول العمال المحليين على اجور وظروف عمل مناسبة كما ينص عليها القانون.
الخلاصة
الفجوة بين استخلاصات المحقق وبين استنتاجاته المبالغ بها، تثير الانطباع بان مسجل الجمعيات قرر اولا اغلاق الجمعية، ثم بعث المحقق للاتيان بالادلة على ذلك.
واضح ان إبعاد جمعية معًا عن الساحة سيخدم قوى السوق مثل شركات القوى البشرية والمقاولين، الذين يسعون لاستغلال العمال عديمي الحماية والقضاء على كل طرف يسعى لتنظيمهم للدفاع عن حقوقهم.
الالتفاف العمالي الكبير حول الجمعية الذي بدا واضحا في الاعتصام العمالي في تل ابيب في 8/12 وفي الاجتماعين بالناصرة وام الفحم (انظر الملحق العمالي)، يزيد من عزيمة الجمعية على مواصلة معركتها، حتى تحصّل حق العمال بالتنظيم النقابي المستقل. ويزيدها قوة الاحترام الذي تحظى به الجمعية من النقابات العالمية والفلسطينية ومن كافة الجمعيات العربية في البلاد وجمعيات اسرائيلية وشخصيات اكاديمية واجتماعية وسياسية هامة، اعربت جميعها عن دعمها لمعًا ورفضها للملاحقة السياسية ومحاولات كم الافواه.
#اساف_اديب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟