أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب














المزيد.....

!الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1055 - 2004 / 12 / 22 - 09:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ديفيد بلانكيت .. شخصية فريدة بكل ما فى الكلمة من معنى.
فقد حرم منذ طفولته من نعمة الإبصار، لكنه تغلب على كف البصر، ولم يتعامل مع العمى على أنه "إعاقة" بل اعتبره مجرد "أمر مزعج". وكأن هذا "الأمر المزعج" لم يكن يكفيه، فقد ابتلى باليتم أيضا وهو فى سن الثانية عشرة عندما سقط والده فى "غلاية" ضخمة أثناء عمله ولقى حتفه على الفور، ورغم هذه المصائب أبلى "ديفيد" بلاء حسنا فى المدرسة وحصل على "مجموع" ممتاز من الدرجات كان كافيا لتأهيله للالتحاق بجامعة شيفيلد.
وفى هذه الجامعة أصبح ديفيد أصغر قيادات اتحاد الطلاب سنا، حتى أن هذا الاتحاد الطلابى أصبح مشهورا تحت قيادته "اليسارية" باسم "جمهورية جنوب يوركشاير الشعبية" ومن ثم أصبح أحد القادة الشبان لحزب العمال البريطانى، وتم انتخابه عام 1987 ليصبح نائبا فى البرلمان، وليصعد الى قمة الحزب الحاكم فى المملكة المتحدة.
ولم يصبح هذا الفتى العنيد أول مكفوف يحمل حقيبة وزارية فى وستمنستر، وإنما تولى أيضا خلال السنوات الثمانية الماضية أهم عملين فى الحكومة البريطانية.
فعندما تولى منصب وزير التعليم كان مسئولا عن تحويل وعد رئيس الوزراء عن إعطاء أولوية مطلقة للتعليم الى حقيقة.
وعندما تولى منصب وزير الداخلية كان مسئولا عن وضع سياسة لمكافحة ما يسمى بـ"الإرهاب" من وقت اصبح فيه الأمن هاجسا رئيسيا لبلاد الإنجليز بصورة لم تحدث من قبل.
هذا الرجل الذى حظى بتقدير هائل فى الأوساط الإنجليزية، وبتعاطف عظيم من كافة الدوائر لملحمة تغلبه على كف البصر – وهى ملحمة تذكرنا بملحمة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين – قدم استقالته منذ بضعة ايام، وترك منصب وزير الداخلية.
وليس المهم هو استقالته.. فالمناصب فى بلاد الإنجليز – وغيرها من الدول الأوروبية– ليست مخلدة، ومن يتولونها لا يلتصقون بكراسى السلطة ولا يستميتون للتشبث بها فى العادة.
المهم حقا هو السبب الذى جعله يقدم استقالته وهو فى أوج مجده وقمة عطائه.
السبب هو ان الصحافة كشفت النقاب عن أن الوزير، أو بعض العاملين فى مكتبه بوزارة الداخلية، "استعجلوا" مصلحة الجوازات والهجرة لمنح تأشيرة للمربية الفلبينية لابن عشيقته السابقة!
قرأت تفاصيل هذه "التهمة" ولم أصدق عينىّ!
فما هى "الجريمة النكراء" التى اقترفها هذا الوزير؟!
استعجال إدارة تابعة لوزارته لمنح تأشيرة لمربية!!
وماذا فى ذلك؟!
بإمعان النظر فى تفاصيل هذه "الفضيحة" نجد ان الصحافة أخذت "تحفر" وراء وزير الداخلية حتى اكتشفت – أولا – أنه تربطه علاقة غرامية بالسيدة كيمبرلى كوين منذ ثلاث سنوات، وان الوزير يعتقد أنه والد الطفل الذى أنجبته كيمبرلى وأصبح عمره الآن عامين.
المهم، ان السيدة كيمبرلى أرادت الحصول على تأشيرة دخول لمربية هذا الابن، وهى فتاة فلبينية تدعى "لوزكا سالم"، وليس فى هذا مخالفة لاى قانون.
لكن الصحافة كان لها رأى آخر.. فقد أكدت التقارير الصحفية ان الوزير بلانكيت "استعجل" منح التأشيرة للفتاة الفلبينية.
وردًا على هذه التقارير أدلى بلانكيت بتصريحات نفى فيها نفيا قاطعا حدوث أى استعجال.
لكن المسألة لم تنته عند هذا الحد، لأن مزيدا من "التنقيب" الصحفى، والتحقيق البرلمانى، اكتشف رسائل بالبريد الإلكتروني من مكتب بلانكيت الى إدارة الهجرة والجوازات تتضمن شيئا من هذا القبيل.
هنا .. قامت القيامة .. واصبح تقديم الوزير لاستقالته أمراً محتوماً .
لماذا؟ ليس لانه استعجل إدارة الجوازات والهجرة فى مسألة التأشيرة ، وانما لانه " كذب " على الرأى العام بهذا الصدد . وهذا – فى رأى المقال الافتتاحى لجريدة " ديلى تلجراف " البريطانية غير أهل للاستمرار فى تحمل مسئولية الأمن الوطنى ، والبوليس ، والسجون ، والهجرة والجوازات ، وباقى واجبات وزارة الداخلية " .
والسبب – مرة ثانية – هو انه "ضلل" الرأى العام فيما يتعلق بموضوع التأشيرة للفتاة الفلبينية !
أما السبب الثانى فهو ان رئيس الوزراء تونى بلير استبق نتائج التحقيقات واعلن تمسكه بالوزير بلانكيت ، الأمر الذى جعل بعض أعضاء مجلس العموم البريطانى ينتقدون " بلير " بشدة ، ويتهمونه بانه وضع صداقته الشخصية لبلانكيت فوق واجبه السياسى كرئيس للوزراء، وهو الأمر الذى أسهب فيه النائب بوب مارشال أندروز بقوله ان بلير قد " اخفق فى فهم الفرق بين الرجل من ناحية وبين المنصب من ناحية اخرى " وان بلير تصرف مثل الإمبراطور الرومانى كاليجولا باستباقه لنتائج التحقيقات . فقد قام الإمبراطور كاليجولا بتعيين حصانه عضوا فى مجلس الشيوخ . وهو لم يفعل ذلك بالتأكيد، لانه كان يعتقد ان حصانه يصلح لان يكون " سيناتور " جيدا.. ولكن، لانه أراد ان يظهر انه قادر على ان يفعل ما يريد .
ورأى النائب " اندروز " ان هناك اوجه تشابه بين سلوك الإمبراطور الرومانى كاليجولا الذى عين حصانه عضوا بمجلس الشيوخ وبين تمسك رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير بوزير داخليته مستبقاً بذلك نتائج التحقيقات.
والآن، استقال وزير الداخلية بلانكيت ، وحل محله شخص اخر بكل بساطة، ودارت العجلة بسلاسة ويسر ، فالصحافة أدت عملها ونجحت ، والبرلمان أدى دوره وقام بالتحقيق بشفافية ودون لف أو دوران ، والحكومة رضخت لمطالب الصحافة والرأى العام .. وهكذا يتقدم العالم.
ويبقى لنا – نحن أبناء العالم الثالث – ان نتابع هذه الحكايات ، وان نمصمص الشفاه ، ونتعجب من " تفاهة " هذه " الفضائح " التى تطيح بأكبر الرؤوس فى الغرب وبلاد تركب الأفيال .. بينما يظل وزراؤنا ملتصقين بكراسيهم لسنوات أطول من ليل المريض حتى لو حامت حول رءوسهم شبهات واتهامات تهتز لها الجبال !



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام.. قاطرة الاستثمار
- ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا
- مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية
- بوش وشارون .. أسوا أعداء الاستثمار فى العالم العربى
- !درس للعرب فى الديموقراطية .. باللغة الألمانية
- ! الاقتصاد غير السياسى
- ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..
- بيان شرم الشيخ.. الآخر
- أبو عمار: حاصروه فى الجغرافيا .. فحاصرهم فى التاريخ
- !الفنادق وشركات الطيران.. الرابح الوحيد في مؤتمر شرم الشيخ
- نصــف أمـــريكا.. الآخــــر
- شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟
- !تكريم وزير .. تحت الكوبرى
- العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب